النابغة الشيباني - أَضْحَتْ أُمَيْمَة ُ لا يُنالُ زِمامُها

أَضْحَتْ أُمَيْمَة ُ لا يُنالُ زِمامُها = واعتاد نفسَكَ ذِكْرُها وسَقامُها
ورأت سهامك لم تصدها فالتوت = واخْتَلَّ قلبُكَ إذ رَقَتْك سِهامُها
وغَدَتْ كأنَّ حمولَها وزُهاءَها = سحق النخيل تفيأت أكمامها
فاشتقت إذ شطت وهاج كآبتي = ذكرى ونفسي شفني تهمامها
وذَهابُ همّي وَصْلُ من عُلِّقْتُهُ = وَهْنانة ً يَشْفي السقيمَ كَلامُها
يُربي على حُسْنِ الحَوابي حُسْنُها = ويزيدُ فَوْقَ تَمامِهِنَّ تَمامُها
تخطو على برديتين بغابة ٍ = ممكورتين فما يزول خدامها
رُودٌ إذا قامتْ تداعى رَمْلَة ٌ = ينهال من أعلى الكثيب هيامها
فَوِشاحُها قَلِقٌ وشبَّ سُموطَها = نَحْرٌ عليهِ سُموطُها ونِظامُها
ولها غدائر قد علون مآكماً = يغذى العبير أثيثها وسخامها
ولها كهمك مقلتان ، وسنة ٌ = وبِها يضاءُ من الدجى إعْتامُها
=صفراءُ تُصْبِحُ كالعَرارة ِ زادَها حسناً - إذا ارتفع الضحاء - منامها
تجلو بأفنانٍ أغر مفلجاً = يجري عليهِ أَراكُها وبشَامُها
ريقاً يرفُّ كالاقْحُوانِ أصابَهُ = من صَوْبِ غادية ِ الربيعِ رِهامُها
وكأن مسكاً أو شمولاً قرقفاً = عَتَقَتْ وأَخْلَقَ بالسنينَ خِتامُها
يشفى بنفحتها وريح سياعها = عند الشروب من الرؤوس زكامها
شِيبَتْ بكافورٍ وماءِ قَرَنْفُلٍ = وبماء موهبة ٍ يسح فدامها
يجري على أنيابها ولثاتها = لما تكور وانجلى اعتامها
وتريك دلاً آنساً وتقتلاً = ويزين ذاك بهاؤها وقوامها
فرعاً مقابلة ً فلا تخزى بها == وهي التي أخوالها أعمامها
وهي التي كملت تشبه دمية ً = أو دُرَّة ً أَغْلى بها مُسْتامُها
وعدت عداتٍ حال دون نجازها = صَرْفُ الليالي بعدَها أَيامُها
فنأتك إذ شطت بها عنك النوى = وعفا لها دمنٌ وباد مقامها
مر الدهور مع الشهور تنوبها = ومن الرياح لقاحها وعقامها
غَرْبَلْنَها ونَخَلْنَ أَلْيَنَ تُرْبِها = وجلالها لما استثير قتامها
تربٌ تعاورها عواصف أربعٌ = عفى معارف دمنة ٍ تقمامها
خَمْساً تَعفّيها وكلُّ مُلِثَّة ٍ = ربعية ٍ أنفٍ أسف غمامها
دَلَفَتْ كأَنَّ البُلْقَ في حَجَراتِها = وحنين عوذٍ بعده إرزامها
غَرِقَ الرَّبابُ بِها وأبطأ مَرَّها = أحمال مثقلة ٍ ينوء ركامها
حتى إذا اعتمت ومات سحابها = حَفَشَ التِّلاعَ بَثجِّهِ تَسْجامُها
ووهت مبعجة ً تبعج عظمها = لما تزيد وادلهم جهامها
والماء يطفح فوق كل علاية ٍ = ويزيدُ فيه وما يني تَسْجامُها
حتّى إذا خَفَّتْ وأَقْلَعَ غيمُها = لَبِسَتْ تهاويلَ النَّباتِ إكامُها
والنَّقْعُ والرَّيّانُ جُنَّ نَبَاتُهُ = مُسْتَأْسِداً وَزَها الرياضَ تُؤامُها
وضعتْ بهِ أُدمُ الظِباءِ سخالها = عُفْرٌ تعطّفَ حولَها آرامُها
وَتَرى النِّعاجَ بِها تُزجّي سَخْلَها = رُجْناً يَلوحُ على شَواها شامُها
وترى أداحي الرئال خوالياً = منها سوى قَيْضٍ يجولُ نَعامُها
صُحْماً يطيرُ عَفاؤها وكأنَّها = شوه الحواطب رعبلت أهدامها

ومجال عونٍ ما تزال فحولها
فإذا أضرَّ بِعانة ٍ صَخِبَ الصُّحى = جَأْبُ النُّسالة ِ لم يَقِرَّ وِحامُها
صَرَحَتْ تَوالِيها وهاجَ ضَغائِناً = وَعَداوة ً ما حُمِّلت أَرْحامُها
سكنت بدارٍ ماتبين آيها = كانت بهن قبابها وخيامها
فتركتهن وما سؤالي دمنة ً = عِنْدَ التحيّة ِ لا يُرَدُّ سَلامُها؟
واجتبت تيهاً ماتني أصداؤه = تزقو ، وغرد بعد بومٍ هامها
عَذْراءُ لا إنسٌ ولا جِنٌّ بِها = وَهْي المَضِلَّة ُ لا تُرى أعلامُها
خلفتها بجلالة ٍ عيدية ٍ = مَضْبورة ٍ يَبْني القُتودَ سَنامُها
عَيْساءُ تغتالُ الفِجاجَ بِوُقَّحٍ = تنفي الحصى ويرضُّهُ تَلْثامُها
بعنطنطٍ كالجذع منها أسطعٌ = سامٍ يمد جديلها وزمامها
فإذا مشت مقصورة ً زافت كما = يجتاز أعظم غمرة ٍ عوامها
وكأن أخطب ضالة ٍ في شدقها = لمّا عَمى بعدَ الدؤوبِ لُغامُها
ويصيب بعد القادمين زميلها = ريان ناعم نبته إعقامها
كانت ضِناكاً فاستحلتُ سمينَها = حتّى تلاءَمَ جِلدُها وعِظامُها
وتركتُها مثلَ الهلالِ رَذِيّة ً = وكأنّما شكوى السَّليمِ بُغامُها
تنوي وتنتجع الوليد خليفة ً = يعُنى بذلك جُهْدُها وجِمامُها
ملكٌ أغر نمى لملكٍ كفه = خيرُ العطاءِ بُدورُها وسَوامُها
تندى إذا بخل الأكف ولاترى = تعلو براجم كفه إبهامها
وهو الذي يمسي ويصبح محسناً = شَتّى لهُ نِعَمٌ جَدا إنعامُها
وإذا قُريشٌ سابَقَتْك سَبَقْتَها = بقديم أولاها وأنت قوامها
وإذا قناة المجد حاول أخذها = فَبِطولِ بَسْطَتِهِ تَبُذُّ جِسامُها
أنت الذي بعد الإله هديتها = إذْ خاطرتْكَ بِأَقدُحٍ أقوامُها
فورثت قائدها وفزت بقدحها = وخصمت لداً لم يهلك خصامها
 
أعلى