علقمة الفحل - هل ما علمتَ وما استُودِعتَ مكتومُ

هل ما علمتَ وما استُودِعتَ مكتومُ * أم حبْلُها إذ نأتْكَ اليوم مصرومُ
أمْ هل كبيرٌ بكى لم يَقضِ عَبرتَهُ * إثرَ الأحِبَّة يوم البيْنِ مشكومُ
لم أدْرِ بالبَيْنِ حتَّى أزمَعوا ظَعنا * كلُّ الجمالِ ، قُبيْل الصُّبْحِ مَزموم
رَدَّ الإماءُ جِمالَ الحَيَّ فاحتملوا * فكلُّها بالتَّزِيدِيَّاتِ مَعْكومُ
عَقْلاً ورَقْما تَظَلُّ الطَّيرُ تَتْبعُه * كأنَّه من دَمِ الأجْوافِ مَدْمومُ
يحملَن أتْرُجَّة ً نَضْجُ العَبيرِ بها * كأنَّ تَطْيابَها في الأنف مشمومُ
كأنَّ فارة َ مِسكٍ في مَفارِقِها * لِلباسط المُتعاطي وَهوَ مزكومُ
فالعينُ منِّي كأنَّ غربٌ تحُطُّ به * دَهْماءُ حارِكُها بالقِتْبِ مَخْزومُ
قد عُرِّيَتْ حِقْبة ً حتَّى استطفَّ لها * كِترٌ كحافة كِير القَينِ مَلمومُ
كأنَّ غِسْلَة خِطمِيٍّ بمِشفَرِها * في الخدِّ منها وفي اللَّحْيينِ تلغيمُ
قد أدْبر العُرُّ عنها وَهْي شَامِلُها * من ناصع القَطِران الصِّرف تدسيمُ
تسْقي مَذانِبَ قد زالتْ عَصيفتُها * حُدورُها من أتِيِّ الماءِ مطمومُ
من ذكر سلمى ، وما ذكري الأوان لها * إلاَّ السَّفاهُ وظنُّ الغَيبِ تَرجيمُ
صفر الوشاحينِ ملءُ الدِّرع خَرعبة ٌ * كأنَّها رَشأٌ في البَيتِ مَلزومُ
هل تُلحِقَنِّي بأُولي القوم ، إذا شحطوا * جُلْذِيَّة ٌ كأتان الضَّحل عُلكومُ
تُلاحظ السَّوط شزراً وهي ضامزة ٌ * كما توجَّس طاوي الكشح موشوم
كأنَّها خاضِبٌ زُعْرٌ قوائمُه * أجْنَى له بالْلِّوَى شَرْيٌ وتَنُّومُ
يَظلُّ في الحَنظَلِ الخُطْبان يَنقُفه * وما اسْتَطفَّ من التَّنُّوم مخذومُ
فُوهٌ كشَقِّ العَصا لأياً تبيُّنُهُ * أسكُّ ما يسمَع الأصوات مَصْلوم
حتَّى تذكَّرَ بيْضاتٍ وهيَّجَه * يومُ رذاذٍ عليه الرِّيحُ مغْيومُ
فلا تَزَيُّدُه في مَشيهِ نَفِقٌ * ولا الزَّفيفُ دُويَن الشَّدِّ مَسؤومُ
يكادُ مَنسِمُه يَختلُّ مُقْلَتَهُ * كأنَّه حاذِرٌ لِلنَّخْسِ مَشْهومُ
يَأوي إلى خُرَّقٍ زُعْرٍ قَوادِمُها * كأنَّهُنَّ إِذا بَرَّكْنَ جُرْثومُ
وضَّاعة ٌ كعِصِيّ الشّرع جُؤجؤه * كأنَّه بِتَناهِي الرَّوض عُلْجومُ
حتَّى تلافَى وقَرنُ الشَّمسِ مُرتفعٌ * أُدحيَّ عرسين فيه البَيْض مركومُ
يُوحي إليها بإنقاضٍ ونَقْنَقَة ٍ * كما تَراطَنُ في أفْدانِها الرُّومُ
صَعلٌ كأنَّ جناحَيه وجُؤجؤَه * بَيْتٌ أطافتْ بِه خرقاءُ مهجومُ
تَحُفُّهُ هِقْلَة ٌ سَطْعاءُ خاضِعة ٌ * تُجيبُهُ بِزِمارٍ فيه تَرْنيمُ
بل كلُّ قوم ، وإِن عزُّوا وإن كثُروا * عَريفُهم بِأثافي الشَّرِّ مَرْجومُ
والجودُ نافِيَة ٌ لِلمالِ مُهْلِكَة ٌ * والبُخلُ مبقٍ لأهليه ومذمومُ
والمالُ صوفُ قرارٍ يَلعبونَ بهِ * على نِقادَتهِ وافٍ ومَجلومُ
والحَمدُ لا يُشتَرى إلاَّ لهُ ثَمَنٌ * مِمَّا تَضِنُّ بهِ النُّفوسُ مَعلومُ
والجَهلُ ذو عَرَضٍ لا يُستَرادُ لهُ * والحِلمُ آونَة ً في النَّاسِ مَعدومُ
ومُطعَمُ الغُنمِ يَومَ الغُنم مُطعَمُه * أنَّى تَوَجَّهَ وَالمحَرومُ محرومُ
ومَن تَعرَّض لِلغربانِ يَزجُرُها * على سَلامَتهِ لابُدَّ مَشؤومُ
وكلُّ بَيتٍ وإن طالَت إقامَتُه * على دَعائِمِه لا بُدَّ مَهدُومُ
قد أشهَدُ الشَّربَ فيهم مِزهرٌ رَنِمٌ * والقومُ تَصرَعُهم صَهباءُ خُرطومُ
كأسُ عَزيزٍ منَ الأعنابِ عَتَّقها * لِبعضِ أَربابِها حانِيَّة ٌ ، حُومُ
تَشفي الصُّداعَ ولا يؤذيكَ صالِبُها * ولا يُخالِطُها في الرأسِ تَدويمُ
عانِيَّة ٌ قُرقُفٌ لم تُطُّلَع سنة ً * يُجِنُّها مُدمَجٌ بالطِّينِ ، مختومُ
ظلَّت تُرقرِقُ في النَّاجودِ يَصفقها * وليدُ أعْجَمَ بالكَتَّان مَفدومُ
كأنَّ إبريقَهُم ظَبيٌ على شَرفٍ * مُفدَّمٌ بِسبَا الكَتانِ ملثومُ
أبيضُ أبرَزَهُ للضِّحِّ راقِبُه * مُقلَّدٌ قُضُبَ الرِّيحانِ مَفغومُ
وقد غَدَوتُ على قِرني يُشَيِّعُني * ماضٍ أخو ثِقَة ٍ بالخَير مَوسومُ
وقد عَلَوتُ قُتُودَ الرَّحلِ يَسعَفُني * يَوم تَجيءُ به الجوزاءُ مسمومُ
حامٍ ، كأنَّ أُوارَ النَّارِ شامِلُهُ * دونَ الثِّيابِ ورأسُ المرءِ مَعمومُ
وقد أقودُ أمامَ الحيِّ سَلْهَبَة ً * يَهدي بها نَسبٌ في الحيِّ معلومُ
لا في شَظاها ولا أرساغِها عَنَتٌ * ولا السَّنابِكُ أفناهُنَّ تَقليمُ
سُلاَّءَة ٌ كعصا النَّهدِيِّ غُلَّ بها * ذو فَيئة ٍ من نَوى قُرَّانَ معجومُ
تَتبعُ جُونا إذا ما هُيِّجت زَجِلتْ * كأنَّ دفاً على عَلياءَ مَهزومُ
يَهدي بها أكْلفُ الخدَّين مُختبِرٌ * من الجِمال كثيرُ اللَّحمِ ، عَيثومُ
إذا تَزَغَّمَ من حافاتِها رُبَعٌ * حنَّت شغاميمُ في حافاتها كُومُ
وقد أصاحِبُ فِتيانا طَعامُهُمُ * خُضرُ المَزادِ ولَحمٌ فيه تنشيمُ
وقد يَسَرت إذا الجوعُ كُلّفه * معقب من قِداح النَّبعِ مقرومُ
لَو يَيسِرونَ بِخيلٍ قد يَسَرتُ بها * وكلُّ ما يَسرَ الأقوامُ مغرومُ
 
أعلى