نقوس المهدي
كاتب
من كتاب النساء في عيون الأخبار
لابن قتيبة بإسناد عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: خير نسائكم العفيفة في فرجها، الغلمة لزوجها.
وبإسناده عن الزبير قال: ما دفع أحد نفسه بعد الإيمان بالله، بمثل منكح صدق، ولا وضع نفسه بعد الكفر بالله، بمثل منكح سوء.
ثم قال: لعن الله فلانة ألفت بني فلان بيضاً طوالاً فجعلتهم سوداً قصاراً.
وقال رجل: لا أتزوج امرأة، حتى أنظر إلى ولدي منها، فقيل كيف ذلك؟ قال أنظر إلى أبيها، وأخيها، فإنها تجيء بأحدهما.
وبإسناده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال ثلاث من الفواقر: جار إن رأى حسنة سترها وإن رأى سيئة أذاعها ونشرها، وامرأة إن دخلت لسنتك، وإن غبت عنها، لم تأمنها وخانتك، وسلطان إن أحسنت لم يحمدك، وإن أسأت قتلك.
قال خالد بن صفوان: من تزوج امرأة ليتزوجها عزيزة في قومها، ذليلة في نفسها، أدبها الغنى، وأذلها الفقر حصان من جاراها، ماجنة على زوجها.
وقال خالد بن صفوان: اطلب لي بكراً كثيب، أو ثيباً كبكر، لا ضرعاء صغيرة، ولا عجوزاً كبيرة، لم تنفر فتحنن، ولم تفتل فتمتحن، قد عاشت في نعمة، وأدركتها حاجة، فخلق النعمة معها، وذل الحاجة فيها.
وقال آخر: يعني امرأة لا تؤهل داراً، ولا تؤنس جاراً، ولا تنفث ناراً، يريد بذلك أن لا تجعل لدارها آهلة بدخول الناس عليها، ولا تؤنس الجيران بدخولها عليهم، ولا تنم، وتغري بين الناس، أنشد ابن الأعرابي: [الطويل]
إذا كنت تبغي أيِّماً بجهالةٍ ... من النَّاس فانظر من أبوها وخالها
فإنّهما منها كما هي منهمُ ... كقدك تغلاً أو أريد مثالها
ولا تطلب البيت الدَّنيئ فعالة ... ولا يدع ذا عقلٍ لرعناء مالها
فإن الذي ترجو من المنال عندها ... سيأتي عليهِ شومها وحيالها
البكر كالبر تصحنها، وتعجنها، وتخبزها، ثم تأكلها، والثيب عجالة كعجالة الراكب تمر وسويق.
ويقال أن المرأة غلٌّ فانظر ماذا تضع في عنقك.
وطلق أبو زياد امرأته حين وجدها لثغاء فخاف أن تجيئه بولد ألثغ، وأشد: [الكامل]
لثغاء تأتي بجليس ألثغٍ ... يميسُ في الموشَّى والمُصبَّغِ
تزوج علي بن الحسين عليهما السلام أم ولد لبعض الأنصار، فلامه عبد الملك على ذلك فكتب إليه، إن الله قد رفع بالإسلام الخسيسة، وأتم النقيصة، وأكرم به من اللوم، فلا عار على مسلم، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج أمته وامرأة عبده، قال عبد الملك بن مروان: علي بن الحسين يشرف من حيث يتضع الناس.
قال الأصمعي: كان أهل المدينة يكرهون اتخاذ أمهات الأولاد، حتى نشأ فيهم علي بن الحسين، والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله فقاموا أهل المدينة فقهاً، وورعاً فرغب الناس في السراري.. ولبعضهم: [البسيط]
لا تشمتن بامرئ في أن يكون له ... أمٌ ن الروم، أو سوداء عجماءْ
فإنَّما أمهات القوم أوعيته ... مستودعات وللأحساب آباءْ
ورب واضحةٍ ليست بمتجبة ... وربما أنجبت للفحل سوداءْ
وقال بعضهم لصديق له، وقد شاوره في التزويج، فقال: افعل وإياك، والجمال الفائق فإنه مرعي، فقال: ما نهيتني إلا عما أطلب، قال سمعت قول القائل: [البسيط]
وإن تُصادف مرعىً ممرعا ... إلا وجدت به آثار مأكول
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، فإنكم إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفسادٌ كثير".
وقال عليه الصلاة والسلام: "الحسب المال، الكرم التقوى".
وقال له أم حبيبة: يا رسول الله المرأة منا ما يكون لها زوجان في الدنيا فتموت لأيهما تكون في الآخرة؟ فقال: "لأحسنهما خلقاً يا أم حبيبة، ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة".
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تكرهوا فتياتكم على الرجل القبيح فإنهن يحببن، كما تحبون.
قيل لأعرابي: فلاناً خطب فلانة، أمن يسر من دين وعقل قالوا نعم، قال: فزوجوه.
أوصى الديان بن قطن الحارثي ابنته، فقال: يا بنية لا يعلون صوتك على صوت زوجك، ولا يكون أمرك على أمره، واعلمي أن كرام النساء المغلوبات لا الغالبات، فإن أعطاك يسيراً، فاستزيدي، ولا تحقري، وإن أكثر لك فاشكري، ولا تبطري، وإن ساءتك منه خليقة، فكوني به رقيقة، واعلمي أن جواداً معسراً خيراً من عشرة مياسر بخلاء.
كان عمر رضي الله عنه لا يجيز نكاحاً عام سنة، يقول: لعل الضيقة تحملهم على أن ينكحوا غير الأكفاء.
خطب رجل، فلم يرضيه، وكان في عام جدب، فأنشأ يقول:
قل للذين أتوا يبغون رخصتها ... ما أرخص الجوع عندي أم كلثومِ
الموت خير لها من بعد منقصة ... سيقت إليه أبا ياجلةٍ كومِ
خطب خالد بن صفوان امرأة، فقال: أنا خالد بن صفوان، والحسب على ما قد علمت وكثرة المال على ما بلغت، وفي خصال سأبينها لك، فتقدمي علي أو دعي، قالت: وما هن؟ قال: إن المرأة إذا دنت مني أملتني، وإن تباعدت عني أعلتني، لا سبيل إلى درهمي وديناري، وثاقي على ساعة من المال، لو أن رأسي بيدي لنبذته، فقالت: قد فهمنا مقالتك، ووعينا ما ذكرت، وفيك الحمد لله خصال ما يرضى بها لبنات إبليس فانصرف، أصلحك الله وقال لبعض العرب يخاطب امرأته: [المتقارب]
فإما هلكت فلا تنكحي ... ظلوم العشرة حسادها
يرى مجده ثلب أعراضها ... لديه وينغص من سادها
قال رجل للحسن: إن لي بنية، وإنها تخطب، فمن أزوجها؟ قال: من يتق الله، فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
قال إبراهيم بن ميسرة قال لي طاووس لتنكحن، أو لأقولن لك ما قال عمر لأبي الزوايد ما يمنعك من النكاح إلا عجزاً وفجوراً. قالت عائشة رضي الله عنها: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة كلب، فبعثني أنظر إليها، فقال: كيف رأيت؟ قلت: ما رأيت طائلاً، فقال: "لقد رأيت طائلاً، ولقد رأيت خالاً بخدها، حتى اقشعرت كل شعرة منك على حدة" فقلت: ما دونك ستر، ولا سر.
قال عون بن عبد الله: كان يقال من كان في صورة حسنة ومنصب لا يشينه، ووسع عليه في رزقه، وكان من خالصة الله تعالى ولبعضهم: [المتقارب]
تخبر من فيهم حسنة فتاةٌ ... وحق له أن يتيها
رائي نفسه ورائي غيره ... فلم ير فيه لشيءٍ شبيها
وفي معناه: ولما رآك العاذلون حجتهم، بوجهك، حتى كلهم لي عاذر.
قال الزبير بن بكار: قال جميل بن معمر: ما رأيت مصعباً يحتال بالبلاط، إلا غرت على بثينة بالجناب وبينهما مسيرة ثلاث.
قال العتبي: حدثنا أبو الغصن الأعرابي قال: خرجت حاجاً لبعض السنين، فلما مررت بقباء، تداعى أهله، وقالوا الصقيل، فنظرت فإذا جارية كأن وجهها سيف صقيل، فلما رميناها بالحدق، ألقت البرد على وجهها، فقلنا لها إنا سفر وقينا أجر فأمتعينا بوجهك فانصاعت، وأنا أغرق الضحك في وجهها وعينها، وهي تقول: [الطويل]
وكنت، متى أرسلت طرفك رائداً ... لقلبك يوماً أتعبتك المناظر
رأيت الذي لأكله أنت قادرٌ ... عليه ولا عن بعضه أنت صابر
ومر رجل فرأى فتاة من أحسن النساء، وأجملهن، فوقف ينظر إليها، فقال له عجوز من ناحية ما يقيمك على العراك النجدي، ولاحظ لك فيه، فقالت الجارية دعيه، يا أمتاه يكن لقول ذي الرمة: [الطويل]
وإن لم يكن إلا تعلل ساعة ... علي فإني نافع لي قليلها
قال جعفر بن محمد بن الجمال: مرحوم، قال: الأصمعي، خاصم رجل على امرأته إلى زياد فكأنه مال على الرجل، فقال له الرجل: أصلح الله الأمير، إن خير نصفي بني الرجال آخرهما يذهب حجله، ويثوب حلمه، ويجتمع رأيه، وإن شر نصفي بني الامرأة آخرهما يسوء خلقها، ويحد لسانها، ويعقم رحمها، فقال: اسفع بيدها.
وقد قال بعض الأعراب: [البسيط]
لا تنكحن عجوزاً إن أتوك بها ... وإن حبوك على تزويجها الذهبا
فإن أتوك، وقالوا إنها نصفٌ ... فإن أطيب نصفها الذي ذهبا
ذكر بعض الأعراب امرأة فقال: خلوت بها، والقمر يرنيها، فلما غاب أرتنيه.
طلق أبو الخندق زوجته، فقالت بعد صحبة خمسين سنة، فقال هذا ذنبك عندي لا غير.
قال ابن الكلبي خطب دريد بن الصمة، خنساء بت عمرو، فبعثت جاريتها إليه فقالت: انظري، إذا بال يقعر أم يبعثر؟ قالت الجارية: بل يبعثر، فقالت: لا حاجة لي فيه.
ولبعضهم هو أبو تمام: [الكامل]
أحلى الرجال من النساء مواقعاً ... من أشبههم بهن خدودا
آخر: [البسيط]
أرى شيب الرجال من الغواني ... بموضع شيبهن من الرجال
آخر:
كفى لذي الشيب ذنباً عند غانية ... وبالشباب شفيعاً أيها الرجل
وقيل كانت لبعض الأعراب امرأة تشاوره، وتؤذيه، وقال قد أسن وامتنع عن النكاح، فقال له صاحبه أما نصلح بينكما؟ قال: لا، قال له: ولمَ؟ قال: لأن لذي كان يصلح بيننا قد مات. يعني ذكره.
عوتب بعضهم على ترك لحيته بيضاء، فقال: [الوافر]
وقائلة لي اخضب فالغواني ... نوافر عن ملاحظة الفتير
فقلت لها الفتير نذير عمري ... ولست مسوداً وجه النذير
قال العتبي حدثني أبي عن الحكم بن صخر الثقفي قال: خرجت حاجاً متخفياً، فلما كنت ببعض الطريق لقيتني جاريتان من بني عقيل لم أر أحسن منهما وجهاً، ولا أظرف ألسناً، ولا أكثر علماً فقصدت لهما يومي وكسوتهما، ثم حججت من قابل معي ومعي أهلي، وقد أصابتني علة نصل حضابي، فلما صرت إلى ذلك الموضع، إذ أنا بإحداهما قد دخلت علي، فسألتني مسألة منكر، فقلت فلانة، فقالت فداك أبي أو تعرفني، وأنكرك؟ فقلت: أنا الحكم بن صخر، قالت إني رأيتك عام أول شاباً سوقة، وأراك العام شيخاً ملكاً، وفي دون هذا ما ينكر المرء صاحبه. قلت: فما فعلت أختك، قالت: تزوجها ابن عم لها وخرج بها إلى أضاح، فذلك حين أقول: [الطويل]
إذا ما قفلنا نحو نجد وأهله ... فحسبي من الدنيا قفول إلى نجد
فقلت لو أدركتها تزوجتها، قالت: فما يمنعك من شقيقتها في حسنها ونظرتها إلى جمالها، تعني نفسها، قلت بمعنى كثير: [الطويل]
إذا وصلتنا خلة لي يزيلنا ... أبينا وقلنا الحاجبية أول
قالت وكثير بيني وبينك أليس هو القائل: [البسيط]
هل وصل عزة إلا وصل غانية ... في وصل غانية من وصلها خلف
قال: فسكت عن جوابها.
حكى الأصمعي عن بعض أشياخ أهل البصرة: أن رجلاً وامرأته اختصما إلى أمير من أمراء العراق، وكانت المرأة حسنة المتنقب، قبيحة المسفر، وكان لها إنسان فكأن الأمير مال معها، فقال يعمد أحدكم إلى المرأة الكريمة، فيتزوجها، ثم يسيء إليها، فأهوى روحها، فألقى النقاب عن وجهها، فقال الأمير: لعنة الله كلام مظلوم، ووجه مظلوم.
وقال أعرابي يذم امرأة لها جسم برغوث وساق بعوضة ووجه كوجه القرد بل هو أقبح:
لها جسم برغوث وساق بعوضة ... ووجه كوجه القرد بل هو أقبح
تبرزق عينيها إذا ما رأيتها ... وتعبس في وجه الضجيج ويكلح
وتفتح لا كانت، فما لو رأيته ... توهمته باباً من الدرب يفتح
وما ضحكت في القوم إلا صننتها ... أمامهم كلباً يهر ويسنح
إذا عاين الشيطان صورة وجهها ... تعوذ منها حين يمسي ويصبح
وقد أعجبتها نفسها فتملحت ... بأي جمال ليت شعري تملح
ورأى أعرابي امرأة في شارة وهيئة، فظن بها جمالاً، فلما أسفرت إذا هي غول، فقال: [الطويل]
فأظهرها ربي بمن وقدرة على ... ولولا ذاك مت من الكرب
فلما بدت شحت من قبح وجهه ... وقلت لها الساجور خير من الكلب
قال عبد الملك بن عمير: قدم علينا الأحنف بن قيس الكوفة مع مصعب بن الزبير، فما رأيت خلة تذم إلا ورأيتها فيه، كان أصلع الرأس متراكب الأسنان أشدق، مائل الذقن، ناتئ الجبهة، ماحق العين، خفيف العارضين، أحنف، ولكنه كان إذا تكلم جلا عن نفسه، وقال له رجل يوماً (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) .
فقال له: وما ذممت مني يا ابن أخي، الدمامة وقصر القامة، ثم قال له: لقد عبت علي ما لم أومر فيه.
قيل لإياس بن معاوية بن قرة: فيك أربع خصال: دمامة، وكثرة كلام، وإعجاب بنفسك، وتعجيل بالقضاء، قال: أما الدمامة، والأمر فيها إلى غيره لم يكن من صنعتي، وأما كثرة الكلام فبصواب أتكلم أم بخطأ قالوا بصواب قال: فالإكثار من الصواب أمثل، وأما إعجابي بنفسي أفيعجبكم ما ترون مني؟ قالوا: نعم، قال: فإني أحق أن أعجب بنفسي.
وأما قولكم أنك تعجل بالقضية فكم هذه، وأشار إلى أصابعه قالوا خمسة قالوا أعجلتم ألا قلتم اثنين وثلاثة، وأربعة وخمسة قالوا ما تعد شيئاً قد عرفناه، قال فكذلك لا أحبس شيئاً قد تبين لي فيه الحكم.
وفي رواية الحاجب بن العلاف عن الحمامي بإسناده عن موسى عليه السلام قال يا رب دلني على عمل، فأوحى الله إليه: عليك باللطف، بالصبيان فإني جعلتهم على فطرتي، وإن توفيتهم على رحمتي.
قال أبو الأسود الدؤلي لابنته إياك والغيرة، فإنا مفتاح الطلاق، وعليك بالزينة، والطيب، فإن أزين الزينة الكحل، وأطيب الطيب، إسباغ الوضوء، وكوني، كما قلت لأمك: [الطويل]
خذي العفو مني تستديمي مودتي ... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
ولا تنقريني نقرة الدف مرة ... فيا باك قلبي، والقلوب تقلب
فإني وجدت الحب في الصدر والأذى ... إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب
وأي فتاة لا توقر بعلها ... وتكرمه إلا ويوماً ستعطب
ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المرأة خلقت من ضلع عوجاء فإن تحرص على إقامتها تكسرها فدارها تعش بها".
وأنشد ابن الأعرابي: [الطويل]
هي الضلع العوجاء تقيمها ... إلا أن تقويم الضلوع انكسارها
أيجمعن ضعفاً واقتداراً على الفتى ... أليس عجيباً ضعفها واقتدارها
قال عمر رضي الله عنه النساء عورة فاستروا عوراتهن بالبيوت، وداووا ضعفهن بالسكوت.
وفي حديث آخر لعمر، لا تسكن نساءكم الغرف، ولا تعلموهن الكتابة، واستعينوا عليهن بالجوع، والعري فإنهن إذا جعن لا يمرحن، وإن عرين لم يتبرجن.
في كتاب (حلة الأولياء) عن يزيد الرقاشي عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لقم أخاه لقمة حلو صرف الله عنه مرارة الموقف يوم القيامة".
وبإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من خدم مؤمناً، أو خف له من شيء من حوائجه كان حقاً على الله أن يخدمه وصيفاً في الجنة".
قبل أبو المعيثل يد طاهر بن عبد الله، فقال له: قد أذت خشونة شاربك يدي، قال إن شوك القنفذ لا تضر ببرثن الأسد.
قال يحيى بن زياد لمطيع لا مرحباً بعيش أنفرد به عنك، ويوم لا أكتحل فيه بك.
حكى عن الرئيس الأجل الكافي أبو دلف محمد بن هبة الله ابن رهمويه قال: أهديت لبعض الصدور بطيخاً بعد أن بذلك الجهد في انتقائه وانتخابه فأخلف، ولم يكن كظاهره فعاتبني في ذلك فكتبت إليه: [الطويل]
لك الخير لم أترك مزيداً لناظرٍ ... فخير حسناً ظاهراً عن مغيب
خلقن كأمثال النساء فكم ترى ... جمالاً له ضد القلي، والتجنب
ومن منظر شينٍ وعند مراسه ... يسيغك في اللذات أعذب مشرب
ولو أني أستطيع فض ختامها ... لجاءك منها كل عنقاء مغرب
قيل كان عند الحجاج منجم، فأخذ الحجاج حصيات بيده، قد عرف عددها، فقال للمنجم: كم بيدي؟ فحسب فأصاب، ثم اعتقله الحجاج، فأخذ حصيات لا يعرف عددها، وقال للمنجم، كم بيدي فحسب فأخطأ، ثم حسب فأخطأ، فقال: أيها الأمير أظنك لا تعرف عددها في يدك، قال له الحجاج: فما الفرق بينهما؟ قال إن ذاك أحصيته فخرج عن حد الغيب، وإن هذا لا تعرف عدده فصار غيباً ولا يعلم الغيب إلا الله عز وجل: [البسيط]
لا تأمنن إلى هذا الزمان ولا ... أبنائه أبداً واستعمل الحذرا
فإن أبيت فجرب من تفضله ... حتى يقول لك التجريب كيف ترا
قال ميمون بن مهران: كنت عند عمر بن عبد العزيز، فقال لآذنه انظر من بالباب، فقال رجل قد أناخ قبيل رحل، قال سله من أين هو؟ قال ابن بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ائذن له، فلما دخل قام عمر، وأخذ بيده، وأجلسه معه، وقال حدثني ما سمعته من أبيك وسمعه أبوك من النبي صلى الله عليه وسلم، قال حدثني أبي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من ولي شيئاً من أمور الدنيا للمسلمين، ثم حجب عنهم حجب الله عز وجل عنه يوم القيامة".
فما رأى على بابه حاجب حتى مات.
في القيام للزائر قال أنس: استأذن علي عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فلما دخل عليه قام فاعتنق ودخل يمسح وجهه بوجهه صلى الله عليه وسلم.
*
المؤلف: سعد الله بن نصر بن سعيد الحنبلي المعروف بابن الدجاجي (المتوفى: 564هـ)
لابن قتيبة بإسناد عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: خير نسائكم العفيفة في فرجها، الغلمة لزوجها.
وبإسناده عن الزبير قال: ما دفع أحد نفسه بعد الإيمان بالله، بمثل منكح صدق، ولا وضع نفسه بعد الكفر بالله، بمثل منكح سوء.
ثم قال: لعن الله فلانة ألفت بني فلان بيضاً طوالاً فجعلتهم سوداً قصاراً.
وقال رجل: لا أتزوج امرأة، حتى أنظر إلى ولدي منها، فقيل كيف ذلك؟ قال أنظر إلى أبيها، وأخيها، فإنها تجيء بأحدهما.
وبإسناده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال ثلاث من الفواقر: جار إن رأى حسنة سترها وإن رأى سيئة أذاعها ونشرها، وامرأة إن دخلت لسنتك، وإن غبت عنها، لم تأمنها وخانتك، وسلطان إن أحسنت لم يحمدك، وإن أسأت قتلك.
قال خالد بن صفوان: من تزوج امرأة ليتزوجها عزيزة في قومها، ذليلة في نفسها، أدبها الغنى، وأذلها الفقر حصان من جاراها، ماجنة على زوجها.
وقال خالد بن صفوان: اطلب لي بكراً كثيب، أو ثيباً كبكر، لا ضرعاء صغيرة، ولا عجوزاً كبيرة، لم تنفر فتحنن، ولم تفتل فتمتحن، قد عاشت في نعمة، وأدركتها حاجة، فخلق النعمة معها، وذل الحاجة فيها.
وقال آخر: يعني امرأة لا تؤهل داراً، ولا تؤنس جاراً، ولا تنفث ناراً، يريد بذلك أن لا تجعل لدارها آهلة بدخول الناس عليها، ولا تؤنس الجيران بدخولها عليهم، ولا تنم، وتغري بين الناس، أنشد ابن الأعرابي: [الطويل]
إذا كنت تبغي أيِّماً بجهالةٍ ... من النَّاس فانظر من أبوها وخالها
فإنّهما منها كما هي منهمُ ... كقدك تغلاً أو أريد مثالها
ولا تطلب البيت الدَّنيئ فعالة ... ولا يدع ذا عقلٍ لرعناء مالها
فإن الذي ترجو من المنال عندها ... سيأتي عليهِ شومها وحيالها
البكر كالبر تصحنها، وتعجنها، وتخبزها، ثم تأكلها، والثيب عجالة كعجالة الراكب تمر وسويق.
ويقال أن المرأة غلٌّ فانظر ماذا تضع في عنقك.
وطلق أبو زياد امرأته حين وجدها لثغاء فخاف أن تجيئه بولد ألثغ، وأشد: [الكامل]
لثغاء تأتي بجليس ألثغٍ ... يميسُ في الموشَّى والمُصبَّغِ
تزوج علي بن الحسين عليهما السلام أم ولد لبعض الأنصار، فلامه عبد الملك على ذلك فكتب إليه، إن الله قد رفع بالإسلام الخسيسة، وأتم النقيصة، وأكرم به من اللوم، فلا عار على مسلم، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج أمته وامرأة عبده، قال عبد الملك بن مروان: علي بن الحسين يشرف من حيث يتضع الناس.
قال الأصمعي: كان أهل المدينة يكرهون اتخاذ أمهات الأولاد، حتى نشأ فيهم علي بن الحسين، والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله فقاموا أهل المدينة فقهاً، وورعاً فرغب الناس في السراري.. ولبعضهم: [البسيط]
لا تشمتن بامرئ في أن يكون له ... أمٌ ن الروم، أو سوداء عجماءْ
فإنَّما أمهات القوم أوعيته ... مستودعات وللأحساب آباءْ
ورب واضحةٍ ليست بمتجبة ... وربما أنجبت للفحل سوداءْ
وقال بعضهم لصديق له، وقد شاوره في التزويج، فقال: افعل وإياك، والجمال الفائق فإنه مرعي، فقال: ما نهيتني إلا عما أطلب، قال سمعت قول القائل: [البسيط]
وإن تُصادف مرعىً ممرعا ... إلا وجدت به آثار مأكول
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، فإنكم إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفسادٌ كثير".
وقال عليه الصلاة والسلام: "الحسب المال، الكرم التقوى".
وقال له أم حبيبة: يا رسول الله المرأة منا ما يكون لها زوجان في الدنيا فتموت لأيهما تكون في الآخرة؟ فقال: "لأحسنهما خلقاً يا أم حبيبة، ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة".
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تكرهوا فتياتكم على الرجل القبيح فإنهن يحببن، كما تحبون.
قيل لأعرابي: فلاناً خطب فلانة، أمن يسر من دين وعقل قالوا نعم، قال: فزوجوه.
أوصى الديان بن قطن الحارثي ابنته، فقال: يا بنية لا يعلون صوتك على صوت زوجك، ولا يكون أمرك على أمره، واعلمي أن كرام النساء المغلوبات لا الغالبات، فإن أعطاك يسيراً، فاستزيدي، ولا تحقري، وإن أكثر لك فاشكري، ولا تبطري، وإن ساءتك منه خليقة، فكوني به رقيقة، واعلمي أن جواداً معسراً خيراً من عشرة مياسر بخلاء.
كان عمر رضي الله عنه لا يجيز نكاحاً عام سنة، يقول: لعل الضيقة تحملهم على أن ينكحوا غير الأكفاء.
خطب رجل، فلم يرضيه، وكان في عام جدب، فأنشأ يقول:
قل للذين أتوا يبغون رخصتها ... ما أرخص الجوع عندي أم كلثومِ
الموت خير لها من بعد منقصة ... سيقت إليه أبا ياجلةٍ كومِ
خطب خالد بن صفوان امرأة، فقال: أنا خالد بن صفوان، والحسب على ما قد علمت وكثرة المال على ما بلغت، وفي خصال سأبينها لك، فتقدمي علي أو دعي، قالت: وما هن؟ قال: إن المرأة إذا دنت مني أملتني، وإن تباعدت عني أعلتني، لا سبيل إلى درهمي وديناري، وثاقي على ساعة من المال، لو أن رأسي بيدي لنبذته، فقالت: قد فهمنا مقالتك، ووعينا ما ذكرت، وفيك الحمد لله خصال ما يرضى بها لبنات إبليس فانصرف، أصلحك الله وقال لبعض العرب يخاطب امرأته: [المتقارب]
فإما هلكت فلا تنكحي ... ظلوم العشرة حسادها
يرى مجده ثلب أعراضها ... لديه وينغص من سادها
قال رجل للحسن: إن لي بنية، وإنها تخطب، فمن أزوجها؟ قال: من يتق الله، فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
قال إبراهيم بن ميسرة قال لي طاووس لتنكحن، أو لأقولن لك ما قال عمر لأبي الزوايد ما يمنعك من النكاح إلا عجزاً وفجوراً. قالت عائشة رضي الله عنها: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة كلب، فبعثني أنظر إليها، فقال: كيف رأيت؟ قلت: ما رأيت طائلاً، فقال: "لقد رأيت طائلاً، ولقد رأيت خالاً بخدها، حتى اقشعرت كل شعرة منك على حدة" فقلت: ما دونك ستر، ولا سر.
قال عون بن عبد الله: كان يقال من كان في صورة حسنة ومنصب لا يشينه، ووسع عليه في رزقه، وكان من خالصة الله تعالى ولبعضهم: [المتقارب]
تخبر من فيهم حسنة فتاةٌ ... وحق له أن يتيها
رائي نفسه ورائي غيره ... فلم ير فيه لشيءٍ شبيها
وفي معناه: ولما رآك العاذلون حجتهم، بوجهك، حتى كلهم لي عاذر.
قال الزبير بن بكار: قال جميل بن معمر: ما رأيت مصعباً يحتال بالبلاط، إلا غرت على بثينة بالجناب وبينهما مسيرة ثلاث.
قال العتبي: حدثنا أبو الغصن الأعرابي قال: خرجت حاجاً لبعض السنين، فلما مررت بقباء، تداعى أهله، وقالوا الصقيل، فنظرت فإذا جارية كأن وجهها سيف صقيل، فلما رميناها بالحدق، ألقت البرد على وجهها، فقلنا لها إنا سفر وقينا أجر فأمتعينا بوجهك فانصاعت، وأنا أغرق الضحك في وجهها وعينها، وهي تقول: [الطويل]
وكنت، متى أرسلت طرفك رائداً ... لقلبك يوماً أتعبتك المناظر
رأيت الذي لأكله أنت قادرٌ ... عليه ولا عن بعضه أنت صابر
ومر رجل فرأى فتاة من أحسن النساء، وأجملهن، فوقف ينظر إليها، فقال له عجوز من ناحية ما يقيمك على العراك النجدي، ولاحظ لك فيه، فقالت الجارية دعيه، يا أمتاه يكن لقول ذي الرمة: [الطويل]
وإن لم يكن إلا تعلل ساعة ... علي فإني نافع لي قليلها
قال جعفر بن محمد بن الجمال: مرحوم، قال: الأصمعي، خاصم رجل على امرأته إلى زياد فكأنه مال على الرجل، فقال له الرجل: أصلح الله الأمير، إن خير نصفي بني الرجال آخرهما يذهب حجله، ويثوب حلمه، ويجتمع رأيه، وإن شر نصفي بني الامرأة آخرهما يسوء خلقها، ويحد لسانها، ويعقم رحمها، فقال: اسفع بيدها.
وقد قال بعض الأعراب: [البسيط]
لا تنكحن عجوزاً إن أتوك بها ... وإن حبوك على تزويجها الذهبا
فإن أتوك، وقالوا إنها نصفٌ ... فإن أطيب نصفها الذي ذهبا
ذكر بعض الأعراب امرأة فقال: خلوت بها، والقمر يرنيها، فلما غاب أرتنيه.
طلق أبو الخندق زوجته، فقالت بعد صحبة خمسين سنة، فقال هذا ذنبك عندي لا غير.
قال ابن الكلبي خطب دريد بن الصمة، خنساء بت عمرو، فبعثت جاريتها إليه فقالت: انظري، إذا بال يقعر أم يبعثر؟ قالت الجارية: بل يبعثر، فقالت: لا حاجة لي فيه.
ولبعضهم هو أبو تمام: [الكامل]
أحلى الرجال من النساء مواقعاً ... من أشبههم بهن خدودا
آخر: [البسيط]
أرى شيب الرجال من الغواني ... بموضع شيبهن من الرجال
آخر:
كفى لذي الشيب ذنباً عند غانية ... وبالشباب شفيعاً أيها الرجل
وقيل كانت لبعض الأعراب امرأة تشاوره، وتؤذيه، وقال قد أسن وامتنع عن النكاح، فقال له صاحبه أما نصلح بينكما؟ قال: لا، قال له: ولمَ؟ قال: لأن لذي كان يصلح بيننا قد مات. يعني ذكره.
عوتب بعضهم على ترك لحيته بيضاء، فقال: [الوافر]
وقائلة لي اخضب فالغواني ... نوافر عن ملاحظة الفتير
فقلت لها الفتير نذير عمري ... ولست مسوداً وجه النذير
قال العتبي حدثني أبي عن الحكم بن صخر الثقفي قال: خرجت حاجاً متخفياً، فلما كنت ببعض الطريق لقيتني جاريتان من بني عقيل لم أر أحسن منهما وجهاً، ولا أظرف ألسناً، ولا أكثر علماً فقصدت لهما يومي وكسوتهما، ثم حججت من قابل معي ومعي أهلي، وقد أصابتني علة نصل حضابي، فلما صرت إلى ذلك الموضع، إذ أنا بإحداهما قد دخلت علي، فسألتني مسألة منكر، فقلت فلانة، فقالت فداك أبي أو تعرفني، وأنكرك؟ فقلت: أنا الحكم بن صخر، قالت إني رأيتك عام أول شاباً سوقة، وأراك العام شيخاً ملكاً، وفي دون هذا ما ينكر المرء صاحبه. قلت: فما فعلت أختك، قالت: تزوجها ابن عم لها وخرج بها إلى أضاح، فذلك حين أقول: [الطويل]
إذا ما قفلنا نحو نجد وأهله ... فحسبي من الدنيا قفول إلى نجد
فقلت لو أدركتها تزوجتها، قالت: فما يمنعك من شقيقتها في حسنها ونظرتها إلى جمالها، تعني نفسها، قلت بمعنى كثير: [الطويل]
إذا وصلتنا خلة لي يزيلنا ... أبينا وقلنا الحاجبية أول
قالت وكثير بيني وبينك أليس هو القائل: [البسيط]
هل وصل عزة إلا وصل غانية ... في وصل غانية من وصلها خلف
قال: فسكت عن جوابها.
حكى الأصمعي عن بعض أشياخ أهل البصرة: أن رجلاً وامرأته اختصما إلى أمير من أمراء العراق، وكانت المرأة حسنة المتنقب، قبيحة المسفر، وكان لها إنسان فكأن الأمير مال معها، فقال يعمد أحدكم إلى المرأة الكريمة، فيتزوجها، ثم يسيء إليها، فأهوى روحها، فألقى النقاب عن وجهها، فقال الأمير: لعنة الله كلام مظلوم، ووجه مظلوم.
وقال أعرابي يذم امرأة لها جسم برغوث وساق بعوضة ووجه كوجه القرد بل هو أقبح:
لها جسم برغوث وساق بعوضة ... ووجه كوجه القرد بل هو أقبح
تبرزق عينيها إذا ما رأيتها ... وتعبس في وجه الضجيج ويكلح
وتفتح لا كانت، فما لو رأيته ... توهمته باباً من الدرب يفتح
وما ضحكت في القوم إلا صننتها ... أمامهم كلباً يهر ويسنح
إذا عاين الشيطان صورة وجهها ... تعوذ منها حين يمسي ويصبح
وقد أعجبتها نفسها فتملحت ... بأي جمال ليت شعري تملح
ورأى أعرابي امرأة في شارة وهيئة، فظن بها جمالاً، فلما أسفرت إذا هي غول، فقال: [الطويل]
فأظهرها ربي بمن وقدرة على ... ولولا ذاك مت من الكرب
فلما بدت شحت من قبح وجهه ... وقلت لها الساجور خير من الكلب
قال عبد الملك بن عمير: قدم علينا الأحنف بن قيس الكوفة مع مصعب بن الزبير، فما رأيت خلة تذم إلا ورأيتها فيه، كان أصلع الرأس متراكب الأسنان أشدق، مائل الذقن، ناتئ الجبهة، ماحق العين، خفيف العارضين، أحنف، ولكنه كان إذا تكلم جلا عن نفسه، وقال له رجل يوماً (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) .
فقال له: وما ذممت مني يا ابن أخي، الدمامة وقصر القامة، ثم قال له: لقد عبت علي ما لم أومر فيه.
قيل لإياس بن معاوية بن قرة: فيك أربع خصال: دمامة، وكثرة كلام، وإعجاب بنفسك، وتعجيل بالقضاء، قال: أما الدمامة، والأمر فيها إلى غيره لم يكن من صنعتي، وأما كثرة الكلام فبصواب أتكلم أم بخطأ قالوا بصواب قال: فالإكثار من الصواب أمثل، وأما إعجابي بنفسي أفيعجبكم ما ترون مني؟ قالوا: نعم، قال: فإني أحق أن أعجب بنفسي.
وأما قولكم أنك تعجل بالقضية فكم هذه، وأشار إلى أصابعه قالوا خمسة قالوا أعجلتم ألا قلتم اثنين وثلاثة، وأربعة وخمسة قالوا ما تعد شيئاً قد عرفناه، قال فكذلك لا أحبس شيئاً قد تبين لي فيه الحكم.
وفي رواية الحاجب بن العلاف عن الحمامي بإسناده عن موسى عليه السلام قال يا رب دلني على عمل، فأوحى الله إليه: عليك باللطف، بالصبيان فإني جعلتهم على فطرتي، وإن توفيتهم على رحمتي.
قال أبو الأسود الدؤلي لابنته إياك والغيرة، فإنا مفتاح الطلاق، وعليك بالزينة، والطيب، فإن أزين الزينة الكحل، وأطيب الطيب، إسباغ الوضوء، وكوني، كما قلت لأمك: [الطويل]
خذي العفو مني تستديمي مودتي ... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
ولا تنقريني نقرة الدف مرة ... فيا باك قلبي، والقلوب تقلب
فإني وجدت الحب في الصدر والأذى ... إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب
وأي فتاة لا توقر بعلها ... وتكرمه إلا ويوماً ستعطب
ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المرأة خلقت من ضلع عوجاء فإن تحرص على إقامتها تكسرها فدارها تعش بها".
وأنشد ابن الأعرابي: [الطويل]
هي الضلع العوجاء تقيمها ... إلا أن تقويم الضلوع انكسارها
أيجمعن ضعفاً واقتداراً على الفتى ... أليس عجيباً ضعفها واقتدارها
قال عمر رضي الله عنه النساء عورة فاستروا عوراتهن بالبيوت، وداووا ضعفهن بالسكوت.
وفي حديث آخر لعمر، لا تسكن نساءكم الغرف، ولا تعلموهن الكتابة، واستعينوا عليهن بالجوع، والعري فإنهن إذا جعن لا يمرحن، وإن عرين لم يتبرجن.
في كتاب (حلة الأولياء) عن يزيد الرقاشي عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لقم أخاه لقمة حلو صرف الله عنه مرارة الموقف يوم القيامة".
وبإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من خدم مؤمناً، أو خف له من شيء من حوائجه كان حقاً على الله أن يخدمه وصيفاً في الجنة".
قبل أبو المعيثل يد طاهر بن عبد الله، فقال له: قد أذت خشونة شاربك يدي، قال إن شوك القنفذ لا تضر ببرثن الأسد.
قال يحيى بن زياد لمطيع لا مرحباً بعيش أنفرد به عنك، ويوم لا أكتحل فيه بك.
حكى عن الرئيس الأجل الكافي أبو دلف محمد بن هبة الله ابن رهمويه قال: أهديت لبعض الصدور بطيخاً بعد أن بذلك الجهد في انتقائه وانتخابه فأخلف، ولم يكن كظاهره فعاتبني في ذلك فكتبت إليه: [الطويل]
لك الخير لم أترك مزيداً لناظرٍ ... فخير حسناً ظاهراً عن مغيب
خلقن كأمثال النساء فكم ترى ... جمالاً له ضد القلي، والتجنب
ومن منظر شينٍ وعند مراسه ... يسيغك في اللذات أعذب مشرب
ولو أني أستطيع فض ختامها ... لجاءك منها كل عنقاء مغرب
قيل كان عند الحجاج منجم، فأخذ الحجاج حصيات بيده، قد عرف عددها، فقال للمنجم: كم بيدي؟ فحسب فأصاب، ثم اعتقله الحجاج، فأخذ حصيات لا يعرف عددها، وقال للمنجم، كم بيدي فحسب فأخطأ، ثم حسب فأخطأ، فقال: أيها الأمير أظنك لا تعرف عددها في يدك، قال له الحجاج: فما الفرق بينهما؟ قال إن ذاك أحصيته فخرج عن حد الغيب، وإن هذا لا تعرف عدده فصار غيباً ولا يعلم الغيب إلا الله عز وجل: [البسيط]
لا تأمنن إلى هذا الزمان ولا ... أبنائه أبداً واستعمل الحذرا
فإن أبيت فجرب من تفضله ... حتى يقول لك التجريب كيف ترا
قال ميمون بن مهران: كنت عند عمر بن عبد العزيز، فقال لآذنه انظر من بالباب، فقال رجل قد أناخ قبيل رحل، قال سله من أين هو؟ قال ابن بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ائذن له، فلما دخل قام عمر، وأخذ بيده، وأجلسه معه، وقال حدثني ما سمعته من أبيك وسمعه أبوك من النبي صلى الله عليه وسلم، قال حدثني أبي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من ولي شيئاً من أمور الدنيا للمسلمين، ثم حجب عنهم حجب الله عز وجل عنه يوم القيامة".
فما رأى على بابه حاجب حتى مات.
في القيام للزائر قال أنس: استأذن علي عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فلما دخل عليه قام فاعتنق ودخل يمسح وجهه بوجهه صلى الله عليه وسلم.
*
صورة مفقودة
كتاب: سفط الملح وزوح الترحالمؤلف: سعد الله بن نصر بن سعيد الحنبلي المعروف بابن الدجاجي (المتوفى: 564هـ)