نقوس المهدي
كاتب
أعرفُ أن أحبّ. لا أعرف أن أعيش.
الحبّ ليس ميثاقاً دستوريّاً، ليس بنداً من بنود الواقع ولا يقع تحت أيّ من المسؤوليّات التي بمحض وجوده يُبدّدها.
الحبّ حالة مستقلّة عن «سَير الأمور». إنّه تَولُّع، تَعَلُّق، والتعلّق يلوذ بما يُهرّبه، التعلُّق فرار، لجوء، احتماء من جميع العالم.
والمحبوب إله. كلُّ محبوبٍ سماء. المحبوب إله. يعتصم العاشق بمعشوقه كما يعتصم الثلج بالأعالي.
■ ■ ■
غير مهمّ أن نعلن عاطفتنا أو نحجبها. حتّى لو خجلنا وكتمنا شغفنا، غير مهمّ. المهمّ ما يغلي بين الجوانح.
بخور الأعماق.
■ ■ ■
خذني بحلمك لا بالمنطق.
■ ■ ■
الجهة الأخطر على الحبّ هي المرأة.
الحبّ، الحبّ الكبير، يتجاوز حدود الحاجة الهورمونيّة. يصعد بالحاجة إلى الشوق وبالشوق إلى الحلم.
الامتحان الأصعب هو التجاسد. والتجاسد جوهره المرأة. هل يبقى الرجل بعد وصالها على حلمه؟ هل تبقى هي على انوعادها به؟
كلاهما هذه اللحظة في خطر.
الجهة الأخطر هي المرأة لأن أقلّ تنفيرٍ منها يدمّر العاشق. صورة الرجل عنها لا ترحم، لا ترحمها ولا ترحمه، لا تقوم من عثرتها. صورة طغيانيّة عمياء كليّة لانهائيّة التخيُّل لأنّها عظيمة الجهل وعظيمة الجهل لأنّ هذه هي واسطة القَدَر إلى الحياة وواسطة الحياة إلى ما يفوقها.
المرأة أيضاً معرَّضة، لكنّها أكثر احتمالاً. فرحتها بالرجل ممزوجة منذ البداية، منذ ما قبل البداية، بالألم، وحياتها به محفوفة من أوّل الدهر بالموت. لأنّها تلده. حتّى الطفلة أمّ.
مَن هي المرأة، هذه التي لا نملّ التغنّي بها، تمجيدها وتحقيرها، عبادتها وقَتْلها؟ مَن هي المرأة!؟
لا، ليست هي التي تنام قربك على سرير السقوط، على سرير الموت الذي نظنّه الحياة، بل هي تلك التي تُشْرِفُ عليك من خيالك! تُطلّ من حنين الزمان، من ضباب الماضي وأوهام المستقبل، أجل أوهام، أوهام، فالعطر كان وهماً، وشهرزاد كانت وهماً، والغناء كان وهماً، والفنّ والجمال والشعر والدين والألوهة كانت أوهاماً قبل أن يكثّفها التعلُّق، التعلّق بخشبة خلاص الجمال، ويجبلها من رعبه، من إيمانه المخلوق والمصطنع، من ذعره، من ضحكه على نفسه، من معجزات وحشته الهائلة المضطَهدة، ويخلق منها السحر الذي نحسبه معطىً بديهيّاً، والسراب الذي نحسبه غشاوة، والحقائق العظمى، حقائق الخيال التي نحسبها سراباً!...
وساعة تبطُل قدرتنا على إبقاء السراب، وهو في قبضتنا، سراباً، وساعة تبطُل قدرتنا على الإمساك بالسراب إمساك الروح والجنس وهو في مُطْلق انعتاقه من قبضتنا، ساعتها نهوي!
هذا هو السقوط، وليس الموت إلّا إبراماً لهذا السقوط.
■ ■ ■
الأزمنة تسير من فحولة إلى فحولة أقلّ.
لا بدّ من دورات التوازن الكونيّ.
كلّما ضعُفت فحولة الزمن تعاظمت الحاجة إلى تقوية الجاذبيّة في أنوثة المرأة.
■ ■ ■
يتماوج الحبّ بين الرغبة والحرص، التفاني والأنانية، الحنان والغيرة، الشبق والشفقة، القلق والأمان، يتماوج بين العناصر الأربعة، بين الإشراق والغروب، بين تصلّب الذات واضمحلالها.
من نقاط الضعف في الحبّ، انخفاض منسوب الظُرف. ظرف المعشوق يعزّز سحره، وكلّما اشتدّت جديّة العاشق ورصانته ازداد توجّساً من مرح المعشوق.
الفَكِه هو الأقوى لأنّ له نافذة على الحريّة.
■ ■ ■
حبُّ ما كان هو علامةُ وفاء، ولو جرَّحَتْهُ الحسرة. الماضي، ورداً أو شوكاً، أبعثُ على الطمأنينة. ما نعشقه في الحاضر هو رَجْعُ صدىً لمحنونٍ إليه غابر، في وقتٍ مغمور أو مجهول أو شبه معروف.
■ ■ ■
بعض البخل أساسه بعض الكَرَم. تسخو بموهبتك في الرسم فتشعر أنّ من حقّك التباخل في ساحات أخرى. غريزةُ توازن غير أخلاقي وغير جميل.
الكَرَم حبّ والحبّ كَرَم. أكثر مَن يعرف ذلك، الفقير والقدّيسة والجامحون.
■ ■ ■
الحبّ الخالي من الشفقة يدوم ما دامت الشهوة. إذا شاغبت الشفقة (أو الحنان، أو المحبّة) على الشهوة، وغالباً ما تفعل وحتّى التعجيز الجنسي، فذلك أفضل من عدمها. المعشوقة تنصدم وتخسر بعاشق تطغى محبّته على حبّه، وقد تَزْورّ عنه ويفقدها، لا بأس: هذه ضرائب أطيب على القلب من الأرباح.
لا تُقِم حتّى في الغفوة. في موضعك، لا تجلس تماماً بل تقريباً. هذا المقام، هذه الغرفة، هذا الجسد، ليست لك.
أَخَفُّ الكائنات الحياة. أقم مثلها، إقامةَ الشوق إلى رجوعه، إقامةَ الهديّة في لامبالاتها.
■ ■ ■
كيف تدخل إلى حياة شخص؟
من باب الصدفة أو الألم؟
الباب الذي تدخل منه لن تخرج منه.
تسأل عن القدَرَ؟ كلّها أسماء للقَدَر. ما يحصل قَدَرٌ سائر وما لا يحصل قَدَر جامد. القَدَر اسم مسرحيّ لكلّ الأدوار.
كيف تدخل إلى حياة شخص حكاية في الغالب جذّابة. والبدايات مفعمة بالأمل مهما أثقلها التوجّس.
لا تُفتّش.
الذي أدخلك يُخرجك.
■ ■ ■
أَعرفُ أن أحبّ، لا أعرف أن أعيش.
الحبّ أكبر من الحياة. هو طفلها الأكبر منها. الحياة طقس، الحبّ عبادة.
اعبدْ محبوبك حتّى يصبح صَنَمك. الصَنَم المحبوب إلهٌ حيّ شَهيّ ضاحك.
أحبْبه ولو اخترَعْتَه. نخترع أصنامنا كي لا يحتلّنا ما لا نريد أن يحتلّنا. نخترع محتلّينا، فلا مفرّ من عبوديّة. الذهن الخالي غول. الأوثان ضرورة صحيّة.
مُحطّمُ أصنامه شخصٌ عديم الطفولة بنى لأنانيّته محراباً مطلقاً يرعى فيه اليباس.
اخترْ صنمك أو دعه يختارك ولا تتوقّع منه عرفان جميل.
ولا أحد يرغمك، إذا استطعت التحرّر منه تَحرّر. الأرجح أن المنذور للسكن سيُسْكن. الناس منازل تكره الفراغ.
طبعاً هناك أنت أيّها القويّ، أنت الفوق الضعف، أنت المفتول الرجولة، الريّس، المدير، الزعيم، أنت الناجح الواقعيّ الإقطاعيُّ الرغبات، سيّد السيّدات والخادمات، الفحل، الذي يكره أن تحتل امرأة أكثر من فراشه لأكثر من تصفية ضغط العمل.
لا تدع أحداً من هذه الطفيليّات تتأمبر عليك. احتقِر العواطف بالنيابة عن جميع المعتّرين. لا تَذُب إلّا في تراب قبرك. ما أقواك! ما أصلب جنسك! ما أسخر نظراتك! يا جلّاد! يا عتليت! يا هتلر! يا جنكيز! يا ستالين! يا قيصر! لعلّك آريّ أو من العمالقة. نحن معشر المنحلّين، نحن انحطاطُ الحضارة. عندما توحّدون صفوفكم رجاءً أَبيدونا.
لم يجمعنا وإيّاكم هواءٌ واحد في التاريخ. آن لنا أن يحمينا عالمٌ آخر.
■ ■ ■
يلعبُ بنا القَدَر فلمَ لا نتلاعب به؟ التولُّع لعْبة من هذه الألاعيب. وسواء خضناها بحدّة أو بملائكيّة، لعبة على مستوى اللاعب الأكبر، وحين تلهبها تلك الشعلة المجنونة، أكبر من اللاعب الأكبر.
■ ■ ■
الشغف (عشقاً، تصوّفاً، قتالاً، خَلْقاً، حناناً، نسْكاً، مقامرة) الشغف انخلاعُ العنصر الإلهيّ على صفاقة الوقت. عندما تتوقّف الصدفة الباهرة عن افتداء حياتنا تكون الحياة قد جلست في الوداع الأخير.
الشغف إصعادٌ لمجد الحياة إلى سمائه القصوى، قَذْفٌ لطفلِ الحبّ إلى مصارعة الوحوش. العيون الشغوفة تنظر من الأعالي إلى المهاوي المخيفة فتصبح المهاوي المخيفة أعالي ذاتها.
■ ■ ■
... وأن يبقى أحد في عينيك عندما تغمضهما.
أن تجد في النَفَق الموحش مَن يومئ إليك.
في النهاية، حتّى النهاية، المهمّ هي تلك السنبلة المضيئة التي تُنْعِش حين تُعتّم الدنيا.
شعلةٌ صغيرة مالئة، شعلة وديعة ساطعة، شعلة حبّ تدعوك، تبتسم لك، تُشعرك أنّك من حياة إلى حياة...
أقولها لا أعرف إن هي حقيقة.
أقولها، يعني أنّها هناك.
أحببْ ولو فشلتَ في الحبّ. ولو فشلتَ دائماً. الغَرَق فيه ولا النصر بدونه.
اعبُدْ حتّى الموت.
الحبّ ليس ميثاقاً دستوريّاً، ليس بنداً من بنود الواقع ولا يقع تحت أيّ من المسؤوليّات التي بمحض وجوده يُبدّدها.
الحبّ حالة مستقلّة عن «سَير الأمور». إنّه تَولُّع، تَعَلُّق، والتعلّق يلوذ بما يُهرّبه، التعلُّق فرار، لجوء، احتماء من جميع العالم.
والمحبوب إله. كلُّ محبوبٍ سماء. المحبوب إله. يعتصم العاشق بمعشوقه كما يعتصم الثلج بالأعالي.
■ ■ ■
غير مهمّ أن نعلن عاطفتنا أو نحجبها. حتّى لو خجلنا وكتمنا شغفنا، غير مهمّ. المهمّ ما يغلي بين الجوانح.
بخور الأعماق.
■ ■ ■
خذني بحلمك لا بالمنطق.
■ ■ ■
الجهة الأخطر على الحبّ هي المرأة.
الحبّ، الحبّ الكبير، يتجاوز حدود الحاجة الهورمونيّة. يصعد بالحاجة إلى الشوق وبالشوق إلى الحلم.
الامتحان الأصعب هو التجاسد. والتجاسد جوهره المرأة. هل يبقى الرجل بعد وصالها على حلمه؟ هل تبقى هي على انوعادها به؟
كلاهما هذه اللحظة في خطر.
الجهة الأخطر هي المرأة لأن أقلّ تنفيرٍ منها يدمّر العاشق. صورة الرجل عنها لا ترحم، لا ترحمها ولا ترحمه، لا تقوم من عثرتها. صورة طغيانيّة عمياء كليّة لانهائيّة التخيُّل لأنّها عظيمة الجهل وعظيمة الجهل لأنّ هذه هي واسطة القَدَر إلى الحياة وواسطة الحياة إلى ما يفوقها.
المرأة أيضاً معرَّضة، لكنّها أكثر احتمالاً. فرحتها بالرجل ممزوجة منذ البداية، منذ ما قبل البداية، بالألم، وحياتها به محفوفة من أوّل الدهر بالموت. لأنّها تلده. حتّى الطفلة أمّ.
مَن هي المرأة، هذه التي لا نملّ التغنّي بها، تمجيدها وتحقيرها، عبادتها وقَتْلها؟ مَن هي المرأة!؟
لا، ليست هي التي تنام قربك على سرير السقوط، على سرير الموت الذي نظنّه الحياة، بل هي تلك التي تُشْرِفُ عليك من خيالك! تُطلّ من حنين الزمان، من ضباب الماضي وأوهام المستقبل، أجل أوهام، أوهام، فالعطر كان وهماً، وشهرزاد كانت وهماً، والغناء كان وهماً، والفنّ والجمال والشعر والدين والألوهة كانت أوهاماً قبل أن يكثّفها التعلُّق، التعلّق بخشبة خلاص الجمال، ويجبلها من رعبه، من إيمانه المخلوق والمصطنع، من ذعره، من ضحكه على نفسه، من معجزات وحشته الهائلة المضطَهدة، ويخلق منها السحر الذي نحسبه معطىً بديهيّاً، والسراب الذي نحسبه غشاوة، والحقائق العظمى، حقائق الخيال التي نحسبها سراباً!...
وساعة تبطُل قدرتنا على إبقاء السراب، وهو في قبضتنا، سراباً، وساعة تبطُل قدرتنا على الإمساك بالسراب إمساك الروح والجنس وهو في مُطْلق انعتاقه من قبضتنا، ساعتها نهوي!
هذا هو السقوط، وليس الموت إلّا إبراماً لهذا السقوط.
■ ■ ■
الأزمنة تسير من فحولة إلى فحولة أقلّ.
لا بدّ من دورات التوازن الكونيّ.
كلّما ضعُفت فحولة الزمن تعاظمت الحاجة إلى تقوية الجاذبيّة في أنوثة المرأة.
■ ■ ■
يتماوج الحبّ بين الرغبة والحرص، التفاني والأنانية، الحنان والغيرة، الشبق والشفقة، القلق والأمان، يتماوج بين العناصر الأربعة، بين الإشراق والغروب، بين تصلّب الذات واضمحلالها.
من نقاط الضعف في الحبّ، انخفاض منسوب الظُرف. ظرف المعشوق يعزّز سحره، وكلّما اشتدّت جديّة العاشق ورصانته ازداد توجّساً من مرح المعشوق.
الفَكِه هو الأقوى لأنّ له نافذة على الحريّة.
■ ■ ■
حبُّ ما كان هو علامةُ وفاء، ولو جرَّحَتْهُ الحسرة. الماضي، ورداً أو شوكاً، أبعثُ على الطمأنينة. ما نعشقه في الحاضر هو رَجْعُ صدىً لمحنونٍ إليه غابر، في وقتٍ مغمور أو مجهول أو شبه معروف.
■ ■ ■
بعض البخل أساسه بعض الكَرَم. تسخو بموهبتك في الرسم فتشعر أنّ من حقّك التباخل في ساحات أخرى. غريزةُ توازن غير أخلاقي وغير جميل.
الكَرَم حبّ والحبّ كَرَم. أكثر مَن يعرف ذلك، الفقير والقدّيسة والجامحون.
■ ■ ■
الحبّ الخالي من الشفقة يدوم ما دامت الشهوة. إذا شاغبت الشفقة (أو الحنان، أو المحبّة) على الشهوة، وغالباً ما تفعل وحتّى التعجيز الجنسي، فذلك أفضل من عدمها. المعشوقة تنصدم وتخسر بعاشق تطغى محبّته على حبّه، وقد تَزْورّ عنه ويفقدها، لا بأس: هذه ضرائب أطيب على القلب من الأرباح.
لا تُقِم حتّى في الغفوة. في موضعك، لا تجلس تماماً بل تقريباً. هذا المقام، هذه الغرفة، هذا الجسد، ليست لك.
أَخَفُّ الكائنات الحياة. أقم مثلها، إقامةَ الشوق إلى رجوعه، إقامةَ الهديّة في لامبالاتها.
■ ■ ■
كيف تدخل إلى حياة شخص؟
من باب الصدفة أو الألم؟
الباب الذي تدخل منه لن تخرج منه.
تسأل عن القدَرَ؟ كلّها أسماء للقَدَر. ما يحصل قَدَرٌ سائر وما لا يحصل قَدَر جامد. القَدَر اسم مسرحيّ لكلّ الأدوار.
كيف تدخل إلى حياة شخص حكاية في الغالب جذّابة. والبدايات مفعمة بالأمل مهما أثقلها التوجّس.
لا تُفتّش.
الذي أدخلك يُخرجك.
■ ■ ■
أَعرفُ أن أحبّ، لا أعرف أن أعيش.
الحبّ أكبر من الحياة. هو طفلها الأكبر منها. الحياة طقس، الحبّ عبادة.
اعبدْ محبوبك حتّى يصبح صَنَمك. الصَنَم المحبوب إلهٌ حيّ شَهيّ ضاحك.
أحبْبه ولو اخترَعْتَه. نخترع أصنامنا كي لا يحتلّنا ما لا نريد أن يحتلّنا. نخترع محتلّينا، فلا مفرّ من عبوديّة. الذهن الخالي غول. الأوثان ضرورة صحيّة.
مُحطّمُ أصنامه شخصٌ عديم الطفولة بنى لأنانيّته محراباً مطلقاً يرعى فيه اليباس.
اخترْ صنمك أو دعه يختارك ولا تتوقّع منه عرفان جميل.
ولا أحد يرغمك، إذا استطعت التحرّر منه تَحرّر. الأرجح أن المنذور للسكن سيُسْكن. الناس منازل تكره الفراغ.
طبعاً هناك أنت أيّها القويّ، أنت الفوق الضعف، أنت المفتول الرجولة، الريّس، المدير، الزعيم، أنت الناجح الواقعيّ الإقطاعيُّ الرغبات، سيّد السيّدات والخادمات، الفحل، الذي يكره أن تحتل امرأة أكثر من فراشه لأكثر من تصفية ضغط العمل.
لا تدع أحداً من هذه الطفيليّات تتأمبر عليك. احتقِر العواطف بالنيابة عن جميع المعتّرين. لا تَذُب إلّا في تراب قبرك. ما أقواك! ما أصلب جنسك! ما أسخر نظراتك! يا جلّاد! يا عتليت! يا هتلر! يا جنكيز! يا ستالين! يا قيصر! لعلّك آريّ أو من العمالقة. نحن معشر المنحلّين، نحن انحطاطُ الحضارة. عندما توحّدون صفوفكم رجاءً أَبيدونا.
لم يجمعنا وإيّاكم هواءٌ واحد في التاريخ. آن لنا أن يحمينا عالمٌ آخر.
■ ■ ■
يلعبُ بنا القَدَر فلمَ لا نتلاعب به؟ التولُّع لعْبة من هذه الألاعيب. وسواء خضناها بحدّة أو بملائكيّة، لعبة على مستوى اللاعب الأكبر، وحين تلهبها تلك الشعلة المجنونة، أكبر من اللاعب الأكبر.
■ ■ ■
الشغف (عشقاً، تصوّفاً، قتالاً، خَلْقاً، حناناً، نسْكاً، مقامرة) الشغف انخلاعُ العنصر الإلهيّ على صفاقة الوقت. عندما تتوقّف الصدفة الباهرة عن افتداء حياتنا تكون الحياة قد جلست في الوداع الأخير.
الشغف إصعادٌ لمجد الحياة إلى سمائه القصوى، قَذْفٌ لطفلِ الحبّ إلى مصارعة الوحوش. العيون الشغوفة تنظر من الأعالي إلى المهاوي المخيفة فتصبح المهاوي المخيفة أعالي ذاتها.
■ ■ ■
... وأن يبقى أحد في عينيك عندما تغمضهما.
أن تجد في النَفَق الموحش مَن يومئ إليك.
في النهاية، حتّى النهاية، المهمّ هي تلك السنبلة المضيئة التي تُنْعِش حين تُعتّم الدنيا.
شعلةٌ صغيرة مالئة، شعلة وديعة ساطعة، شعلة حبّ تدعوك، تبتسم لك، تُشعرك أنّك من حياة إلى حياة...
أقولها لا أعرف إن هي حقيقة.
أقولها، يعني أنّها هناك.
أحببْ ولو فشلتَ في الحبّ. ولو فشلتَ دائماً. الغَرَق فيه ولا النصر بدونه.
اعبُدْ حتّى الموت.