نقوس المهدي
كاتب
بدأت القصة كلها وانتهت فى المطر ، تقابلا فى المقهى ، كانت إيرين تجلس وحدها خلف المنضدة و كان ثمة رجل داخلا إلى المقهى يحمل فى يده كوباً من القهوة و يمسك بسير جلدى فى نهايته كلب . كان من الواضح أنه يبحث عن مكان خال ، و لما كانت المقاعد كلها مشغولة ، عرضت عليه إيرين أن يجلس معها ، فهز رأسه موافقاً وجلس .
سألته إيرين :
- ما اسم كلبك ؟
فقال :
- بوكلى .
و بعد تقديم كل منها للآخر ، تحدثا لفترة قليلة ، عند ذلك ، أحبت إيرين جرس صوته الناعم ، على الرغم من رجولته ، كما أحبت طريقته فى الحديث إلى كلبه - ليس طريقة الحديث إلى شخص كبير أو حتى إلى طفل - كان يعمل محاميا، و ذا يدين قويتين و ابتسامة عفية . فجأة شعرت إيرين أنا على وعى بكل ما قالت وكيف يمكن أن تقوله أو تفعل ، فقالت أشياء تدل على المهارة فى التعارف و تحركت برشاقة أكثر من المعتاد. فجأة تحركت سحب سوداء فوقهما منذرة بنزول المطر .
قال شاد :
- حسناً إيرين ، من الأفضل أن تدخلى قبل أن تبتلى ، و سأنتهى بنفسى من تمشية بوكلى .
فقالت إيرين :
- أنا أحب المطر ... كما أننى لست مصنوعة من السكر.. لن أذوب .
و مع ذلك فالحقيقة أنها تكره المطر ، بيد أنها تريد أن تستمر فى الحديث معه .كان القسم الأصعب فى علاقتهما ذكرها أنها تحب المطر ، أما فيما عدا ذلك فسهل ، كان شاد جميلاً و لطيفاً ، تمشيا طويلاً ، و أمسك بيدها ، و لم يبادر هو بسحبها أولا ، و لكنه لم يكن ضيق الصدر أو متعجرفا أو مثاليا أيضا ، فكان عندما يضحك يلتوى لسانه فى فمه إلى أسفل و إلى أعلى بطريقة غريبة .، تجعله يشبه السلحفاة ، ومع ذلك أحبته. عندما حاصرهما المطر قمعت فطرتها الطبيعية فلم تدس ذقنها فى صدرها و تجرى بعيداً عن المطر ، و على العكس من ذلك دفعت رأسها إلى الخلف و تركت المطر يصفع وجهها . و بهذا استطاعت أن تخبر شاد بطبيعتها الميالة للانطلاق و المرح .
ظلا يتقابلان لما يقرب من شهرين حتى سألها ذات يوم أن تقوم بترويض الكلب بعد الدوام ، لأنه مرتبط بعمل و لن يستطيع العودة إلى المنزل إلا متأخراً ، فقالت بحماس نعم لأنها تريد أن تبدو مثل كل صديقة مخلصة على استعداد للقيام بكل ما يطلب . وكانت قد احبت الكلب ، والذى كان كبيراً ذا لون أسود وأذنين كبيرتين ، و لكنه لم يكن ميالاً للعقها أو القفز عليها ، مما زاد من تعلقها به .
قالت إيرين لزميلتها ساندرا وهى تعبر الصالة :
- سأقوم بترويض كلب شاد بعد الدوام .
- لماذا ؟
تساءلت ساندرا بوجه خائف ، ربما لأنها لم تهتم أبداً بالأصدقاء أو الكلاب .
- لأنه ألح على للقيام ذلك ، عنده مؤتمر أو شىء كهذا . أنا مثارة جداً ، آمل أن يسلك سلوكاً جيداً.
قالت ساندرا :
- من الكلب أم شاد ؟
- الكلب .
أجابت إيرين قبل أن تكتشف أن ساندراً تسخر منها
- هل تحبين أن نتناول غذاءنا فى محل البيتزا ؟
- لا . لن أستطيع ، سأصبغ شعرى بعد الظهر .
عند الثالثة بدأت السماء تمطر مطراً خفيفاً ، كانت إيرين و ساندرا فى البوفيه يشربان القهوة ، و يتطلعان عبر النافذة .
سألت إيرين :
- أتعتقدين أن المطر سيتوقف على الخامسة .
- غير مؤكد .. يبدو أنه سيكون شديداً .
- بسبب هذا المطر . من المحتمل أن يتصل شاد ليعرف إذا ما كنت سأقوم بترويض الكلب ؟
- لا تعولى على هذا . لقد وافقت أن تقومى بترويض الكلب ، و لا علاقة للطقس بذلك .
فى الرابعة كانت إيرين تجلس فى مكتب ساندرا ، قالت :
- لا أكاد أصدق أننى سأقوم بعد ساعة بتمشية هذا الكلب الملعون .
- ماذا جرى ؟ فى الصباح كنت سعيدة جداً لأنك ستقومين بترويض الكلب ، و الآن صار الكلب ملعوناً ؟
- إنها تمطر و أنا أكره المطر ، و فوق ذلك لابد أن أصبغ شعرى وستفسد الصبغة إذا تعرض للبلل .
و كانت إترين قد صبغت شعرها لتجعله أشقر ، و شاد لا يعلم بذلك ، فهو يعتقد أنها شقراء بطبيعتها .
قالت ساندرا :
- خذى معك مظلة .
- أوه ... هذا غير مفيد فيمكن وأنا أقوم بترويض الكلب أن يبتل شعرى ، لا يجب أن يعرف شاد أننى أصبغ شعرى .
- إذن أخبريه أنك نسيت أن تقومى بترويض الكلب ، متظاهرة أن الموعد غداً . و لن يموت الكلب فى هذه الحالة . ربما كان عليك أن تحضرى معك وسادة احتياطية ، تعلمين أن مثل هذه الوسائد تجعل الكلاب تتبول داخل المنزل .
- أتعتقدين أن الكلب يمكن أن يعمل ذلك ؟
- فى أسوأ الفروض .
ثم أضافت :
- و ربما يمسك نفسه حتى يعود شاد إلى المنزل .
الساعة الآن الخامسة ومازالت السماء تمطر . تمطر كلمة غير دقيقة ، إنها تصب المياه صباً فينزل على الشكل حبال إنها قوة حقيقة ، ديرت إيرين خطت ظنت أنها ذكية . فذهبت إلى شقة شاد . مستخدمة المفتاح الذى أعطاه له شاد أول أمس و تساءلت إذا ماكان عليها أن تعود و تستمر فى خطتها . يبدو على شقة شاد الذكاء و الرجولة ، فالأثاث كرومى اللون و المفروشات ذات لون أحمر كاتم و الأرض خشبية لامعة ، كما أن لديه خزانة مليئة بالبدل الثمينة مع أنه لايلبس غير الكاكى أو الجينز . أما بوكى فكان قلقاً و مثاراً فى الداخل ، كان يقفز فى مكانه و لكنه على بعد أمتار فيها . قالت إيرين و هى تربت عليه :
- هاى ... بوكلى الصغير .
كان المطر يضرب النوافذ فى غرفة المعيشة،و كانت ترى وميض البرق. عرضت الخطة على بوكلى ، فهز ذيله فقط ، فاعتبرت ذلك علامة على الموافقة ، ذلك أنه كان فى حالة توافق وثيق معها . شعرت إيرين بشكل عام أن بوكلى يحبها. وأنه لا يريد لشاد أن يعرف أنها امراة سمراء. وكأن بوكلى قد أقسم على حفظ السر. شعرت إيرين بالقلق على نفسها وهى تتحدث إلى بوكلى بصوت مرتفع .
أسرعت ايرين ببوكلى إلى المطبخ حيث كان من الصعب البقاء عند الباب . قالت له اجلس فجلس . سحبت خرطوم الرش من الحوض وأشارت نحو الكلب. وقف وهز ذيله وكانت النتيجة أن الأرض صارت أكثر بللا من الكلب. بعد ذلك حملته ووضعته فى الحمام. أطلقت عليه الماء فقفز على الفور إلى خارج الحوض ، لكنه كان قد ابتل بما فيه الكفاية ليبدو وكأنه كان في نزهة على الأقدام .أخذت منشفة مطوية بعناية من خزانة الملابس الكتانية، حيث كانت المناشف مرتبة فى نظام دقيق ومكدسة حسب اللون. نشفت بوكلي قليلا ومسحت أرضية الحمام، ثم علقت المنشفة على قضيب ستارة الحمام، تماما كما رأت تشاد يقوم بذلك بعد نزهة للكلب تحت المطر. ثم قدمت إليه الماء العذب والغذاء والعلاج في اللحظة الأخيرة، ولكى تكون أكثر تعاونا كتبت رسالة لتشاد بأن بوكلي قد تصرف بشكل جيد جدا ، و قد حاولت أن تجففه بعد المشي تحت المطر بأفضل ما تستطيع. وأنها ستعود فى الثامنة كماهو مخطط لكى تتناول العشاء.
فى السابعة و الخمس والخمسين دقيقة طرقت إيرين على باب شقة شاد . فكرت للحظة فى استخدام مفتاحها ، ثم قررت أن تفعل العكس . فتح شاد الباب وكان وجهه موردا .
- مرحبا
ومشى داخل إلى الشقة ، نظر إليها فى بوجه خال من التعبير ، عيناه باردتان ، وليست ممتلئة بالبهجة كالمعتاد ، سألته :
- هل كل شىء على مايرام ؟
- لا اأعرف أنت أدرى . قولى أنت .
شعرت بضيق فى صدرها وسرعة فى دقات قلبها.
- ماذا تقصد ؟
- هل أخذت بوكلى للترويض اليوم ؟
- بالطبع أخذته ؟ ألم تر الرسالة ؟
- حسناً ، إذا كنت قد أخذتيه للترويض كما قلت . لماذا يتبول ويتبرز فى جميع أنحاء سريرى؟
وقفت أيرين جامدة وفمها مفتوح على اتساعه . لقد ظنت حقا أن الكلب استطاع أنا يتحكم فى نفسه حتى يصل شاد إلى البيت ويأخذه للخارج مرة أخرى . رأيت آخر شهرين من الأحداث تومض أمام عينيها فى سلسلة من الصور المتحركة المتداخلة التى جعلتها تشعر بالدوار والغثيان . رأت إيرين كمال شاد ونقصها . كانت قد تحققت من أحمر الشفاه وهى نصعد السلالم لشقته . سوت الكسرات فى تنورتها قبل أن يفتح لها الباب ، وهى تحلم بأشياء بارعة وذكية تقولها ، ثم تحاول أن تفتعلل الحوارات لكى تدخل فيها العبارات . الكتب المقروءة والمقالات التى لم تكن مهتمة بها ، لكنها اعتقدت أنها يمكن أن تحوز على إعجابه . وملابس شاد التى لم تكن أبداً مكرمشة و الذى قال أشياء ظريعة تحلى بروح الدعابة بدون تكلف . رأت كل هذا بينما فمها مفتوح ثم انطلقت تتكلمت بدون تحكم .
- أنا أكره المطر ! أن وشأنك . أوكيه ؟ أنا أكره المطر وأنا أصبغ شعرى . وأنا لست فى الجقيقة شقراء .. هكذا الأمر . تلك هى الحقيقة .. أكره المطر ولقد صبغت شعرى اليوم و لم أستطع الذهاب للنزهة فى المطر أو يمكن أن يخرج كل ذلك . وأنت تعرف الحقيقة المرعية عنى : ذلك أننى أصبغ شعرى وأكره المطر .
- إذن أنت تكذبين ؟
- حسناً ، إذا أردت أن تقول ذلك .
وقف شاد هناك وحدق فى إيرين . التفتت حولها ومشت إلى الخارج ، أغلقت الباب خلفها . انتظرت على مضض لخمسة عشرة تانية لكنه لم يأت وراءها .
* المؤلفة : شاستا جرانت/ Shasta Grant: كاتبة قصة أمريكية ، حاصلة على درجة الماجسير فى الكتابة الابداعية من كلية سارة لورانس عام2005 ، تقوم بتدريس التاليف والكتابة الابداعية لأكثر من سبع سنوات فى جامعة بول سيت ، نشأت شاسا جرانت فى نيوهامبشاير و تعيش الآن بن سنغافورة وانديانابولس مع زوجها وابنها .
- شاستا جرانت - ترويض الكلب ت: د. محمد عبدالحليم غنيم
سألته إيرين :
- ما اسم كلبك ؟
فقال :
- بوكلى .
و بعد تقديم كل منها للآخر ، تحدثا لفترة قليلة ، عند ذلك ، أحبت إيرين جرس صوته الناعم ، على الرغم من رجولته ، كما أحبت طريقته فى الحديث إلى كلبه - ليس طريقة الحديث إلى شخص كبير أو حتى إلى طفل - كان يعمل محاميا، و ذا يدين قويتين و ابتسامة عفية . فجأة شعرت إيرين أنا على وعى بكل ما قالت وكيف يمكن أن تقوله أو تفعل ، فقالت أشياء تدل على المهارة فى التعارف و تحركت برشاقة أكثر من المعتاد. فجأة تحركت سحب سوداء فوقهما منذرة بنزول المطر .
قال شاد :
- حسناً إيرين ، من الأفضل أن تدخلى قبل أن تبتلى ، و سأنتهى بنفسى من تمشية بوكلى .
فقالت إيرين :
- أنا أحب المطر ... كما أننى لست مصنوعة من السكر.. لن أذوب .
و مع ذلك فالحقيقة أنها تكره المطر ، بيد أنها تريد أن تستمر فى الحديث معه .كان القسم الأصعب فى علاقتهما ذكرها أنها تحب المطر ، أما فيما عدا ذلك فسهل ، كان شاد جميلاً و لطيفاً ، تمشيا طويلاً ، و أمسك بيدها ، و لم يبادر هو بسحبها أولا ، و لكنه لم يكن ضيق الصدر أو متعجرفا أو مثاليا أيضا ، فكان عندما يضحك يلتوى لسانه فى فمه إلى أسفل و إلى أعلى بطريقة غريبة .، تجعله يشبه السلحفاة ، ومع ذلك أحبته. عندما حاصرهما المطر قمعت فطرتها الطبيعية فلم تدس ذقنها فى صدرها و تجرى بعيداً عن المطر ، و على العكس من ذلك دفعت رأسها إلى الخلف و تركت المطر يصفع وجهها . و بهذا استطاعت أن تخبر شاد بطبيعتها الميالة للانطلاق و المرح .
ظلا يتقابلان لما يقرب من شهرين حتى سألها ذات يوم أن تقوم بترويض الكلب بعد الدوام ، لأنه مرتبط بعمل و لن يستطيع العودة إلى المنزل إلا متأخراً ، فقالت بحماس نعم لأنها تريد أن تبدو مثل كل صديقة مخلصة على استعداد للقيام بكل ما يطلب . وكانت قد احبت الكلب ، والذى كان كبيراً ذا لون أسود وأذنين كبيرتين ، و لكنه لم يكن ميالاً للعقها أو القفز عليها ، مما زاد من تعلقها به .
قالت إيرين لزميلتها ساندرا وهى تعبر الصالة :
- سأقوم بترويض كلب شاد بعد الدوام .
- لماذا ؟
تساءلت ساندرا بوجه خائف ، ربما لأنها لم تهتم أبداً بالأصدقاء أو الكلاب .
- لأنه ألح على للقيام ذلك ، عنده مؤتمر أو شىء كهذا . أنا مثارة جداً ، آمل أن يسلك سلوكاً جيداً.
قالت ساندرا :
- من الكلب أم شاد ؟
- الكلب .
أجابت إيرين قبل أن تكتشف أن ساندراً تسخر منها
- هل تحبين أن نتناول غذاءنا فى محل البيتزا ؟
- لا . لن أستطيع ، سأصبغ شعرى بعد الظهر .
عند الثالثة بدأت السماء تمطر مطراً خفيفاً ، كانت إيرين و ساندرا فى البوفيه يشربان القهوة ، و يتطلعان عبر النافذة .
سألت إيرين :
- أتعتقدين أن المطر سيتوقف على الخامسة .
- غير مؤكد .. يبدو أنه سيكون شديداً .
- بسبب هذا المطر . من المحتمل أن يتصل شاد ليعرف إذا ما كنت سأقوم بترويض الكلب ؟
- لا تعولى على هذا . لقد وافقت أن تقومى بترويض الكلب ، و لا علاقة للطقس بذلك .
فى الرابعة كانت إيرين تجلس فى مكتب ساندرا ، قالت :
- لا أكاد أصدق أننى سأقوم بعد ساعة بتمشية هذا الكلب الملعون .
- ماذا جرى ؟ فى الصباح كنت سعيدة جداً لأنك ستقومين بترويض الكلب ، و الآن صار الكلب ملعوناً ؟
- إنها تمطر و أنا أكره المطر ، و فوق ذلك لابد أن أصبغ شعرى وستفسد الصبغة إذا تعرض للبلل .
و كانت إترين قد صبغت شعرها لتجعله أشقر ، و شاد لا يعلم بذلك ، فهو يعتقد أنها شقراء بطبيعتها .
قالت ساندرا :
- خذى معك مظلة .
- أوه ... هذا غير مفيد فيمكن وأنا أقوم بترويض الكلب أن يبتل شعرى ، لا يجب أن يعرف شاد أننى أصبغ شعرى .
- إذن أخبريه أنك نسيت أن تقومى بترويض الكلب ، متظاهرة أن الموعد غداً . و لن يموت الكلب فى هذه الحالة . ربما كان عليك أن تحضرى معك وسادة احتياطية ، تعلمين أن مثل هذه الوسائد تجعل الكلاب تتبول داخل المنزل .
- أتعتقدين أن الكلب يمكن أن يعمل ذلك ؟
- فى أسوأ الفروض .
ثم أضافت :
- و ربما يمسك نفسه حتى يعود شاد إلى المنزل .
الساعة الآن الخامسة ومازالت السماء تمطر . تمطر كلمة غير دقيقة ، إنها تصب المياه صباً فينزل على الشكل حبال إنها قوة حقيقة ، ديرت إيرين خطت ظنت أنها ذكية . فذهبت إلى شقة شاد . مستخدمة المفتاح الذى أعطاه له شاد أول أمس و تساءلت إذا ماكان عليها أن تعود و تستمر فى خطتها . يبدو على شقة شاد الذكاء و الرجولة ، فالأثاث كرومى اللون و المفروشات ذات لون أحمر كاتم و الأرض خشبية لامعة ، كما أن لديه خزانة مليئة بالبدل الثمينة مع أنه لايلبس غير الكاكى أو الجينز . أما بوكى فكان قلقاً و مثاراً فى الداخل ، كان يقفز فى مكانه و لكنه على بعد أمتار فيها . قالت إيرين و هى تربت عليه :
- هاى ... بوكلى الصغير .
كان المطر يضرب النوافذ فى غرفة المعيشة،و كانت ترى وميض البرق. عرضت الخطة على بوكلى ، فهز ذيله فقط ، فاعتبرت ذلك علامة على الموافقة ، ذلك أنه كان فى حالة توافق وثيق معها . شعرت إيرين بشكل عام أن بوكلى يحبها. وأنه لا يريد لشاد أن يعرف أنها امراة سمراء. وكأن بوكلى قد أقسم على حفظ السر. شعرت إيرين بالقلق على نفسها وهى تتحدث إلى بوكلى بصوت مرتفع .
أسرعت ايرين ببوكلى إلى المطبخ حيث كان من الصعب البقاء عند الباب . قالت له اجلس فجلس . سحبت خرطوم الرش من الحوض وأشارت نحو الكلب. وقف وهز ذيله وكانت النتيجة أن الأرض صارت أكثر بللا من الكلب. بعد ذلك حملته ووضعته فى الحمام. أطلقت عليه الماء فقفز على الفور إلى خارج الحوض ، لكنه كان قد ابتل بما فيه الكفاية ليبدو وكأنه كان في نزهة على الأقدام .أخذت منشفة مطوية بعناية من خزانة الملابس الكتانية، حيث كانت المناشف مرتبة فى نظام دقيق ومكدسة حسب اللون. نشفت بوكلي قليلا ومسحت أرضية الحمام، ثم علقت المنشفة على قضيب ستارة الحمام، تماما كما رأت تشاد يقوم بذلك بعد نزهة للكلب تحت المطر. ثم قدمت إليه الماء العذب والغذاء والعلاج في اللحظة الأخيرة، ولكى تكون أكثر تعاونا كتبت رسالة لتشاد بأن بوكلي قد تصرف بشكل جيد جدا ، و قد حاولت أن تجففه بعد المشي تحت المطر بأفضل ما تستطيع. وأنها ستعود فى الثامنة كماهو مخطط لكى تتناول العشاء.
فى السابعة و الخمس والخمسين دقيقة طرقت إيرين على باب شقة شاد . فكرت للحظة فى استخدام مفتاحها ، ثم قررت أن تفعل العكس . فتح شاد الباب وكان وجهه موردا .
- مرحبا
ومشى داخل إلى الشقة ، نظر إليها فى بوجه خال من التعبير ، عيناه باردتان ، وليست ممتلئة بالبهجة كالمعتاد ، سألته :
- هل كل شىء على مايرام ؟
- لا اأعرف أنت أدرى . قولى أنت .
شعرت بضيق فى صدرها وسرعة فى دقات قلبها.
- ماذا تقصد ؟
- هل أخذت بوكلى للترويض اليوم ؟
- بالطبع أخذته ؟ ألم تر الرسالة ؟
- حسناً ، إذا كنت قد أخذتيه للترويض كما قلت . لماذا يتبول ويتبرز فى جميع أنحاء سريرى؟
وقفت أيرين جامدة وفمها مفتوح على اتساعه . لقد ظنت حقا أن الكلب استطاع أنا يتحكم فى نفسه حتى يصل شاد إلى البيت ويأخذه للخارج مرة أخرى . رأيت آخر شهرين من الأحداث تومض أمام عينيها فى سلسلة من الصور المتحركة المتداخلة التى جعلتها تشعر بالدوار والغثيان . رأت إيرين كمال شاد ونقصها . كانت قد تحققت من أحمر الشفاه وهى نصعد السلالم لشقته . سوت الكسرات فى تنورتها قبل أن يفتح لها الباب ، وهى تحلم بأشياء بارعة وذكية تقولها ، ثم تحاول أن تفتعلل الحوارات لكى تدخل فيها العبارات . الكتب المقروءة والمقالات التى لم تكن مهتمة بها ، لكنها اعتقدت أنها يمكن أن تحوز على إعجابه . وملابس شاد التى لم تكن أبداً مكرمشة و الذى قال أشياء ظريعة تحلى بروح الدعابة بدون تكلف . رأت كل هذا بينما فمها مفتوح ثم انطلقت تتكلمت بدون تحكم .
- أنا أكره المطر ! أن وشأنك . أوكيه ؟ أنا أكره المطر وأنا أصبغ شعرى . وأنا لست فى الجقيقة شقراء .. هكذا الأمر . تلك هى الحقيقة .. أكره المطر ولقد صبغت شعرى اليوم و لم أستطع الذهاب للنزهة فى المطر أو يمكن أن يخرج كل ذلك . وأنت تعرف الحقيقة المرعية عنى : ذلك أننى أصبغ شعرى وأكره المطر .
- إذن أنت تكذبين ؟
- حسناً ، إذا أردت أن تقول ذلك .
وقف شاد هناك وحدق فى إيرين . التفتت حولها ومشت إلى الخارج ، أغلقت الباب خلفها . انتظرت على مضض لخمسة عشرة تانية لكنه لم يأت وراءها .
* المؤلفة : شاستا جرانت/ Shasta Grant: كاتبة قصة أمريكية ، حاصلة على درجة الماجسير فى الكتابة الابداعية من كلية سارة لورانس عام2005 ، تقوم بتدريس التاليف والكتابة الابداعية لأكثر من سبع سنوات فى جامعة بول سيت ، نشأت شاسا جرانت فى نيوهامبشاير و تعيش الآن بن سنغافورة وانديانابولس مع زوجها وابنها .
- شاستا جرانت - ترويض الكلب ت: د. محمد عبدالحليم غنيم