ربوع جلّق للأوطار أوطان ... وليس فيها من النّدمان ندمان
كم لي مع الحبّ في أقطارها أرباً ... إذ نحن في ساحتي جيرون جيران
أيام تجرير أذيالي بها طرباً ... ولي مكان له في السعد إمكان
إذ بت أنشد في غزلانها غزلاً ... لما غزت كبدي باللحظ غزلان
سقياً لجامعها كم قد جمعن لنا ... فيه من الغيد أقمارٌ وأغصان
وكم حوى الحسن في باب البريد لنا ... فهل ترى عند ذاك الحسن إحسان
أغنت عن السمر فيه السمر إذ خطرت ... وسود أجفانها للبيض أجفان
أهلّةٌ تحت ليل الشعر تحملها ... لفتنة الصبّ قضبان وكثبان
جمالها وأخو الأشواق حين بدت ... إليه في الحبّ مفتونٌ وفتان
وبعدها ليس يحلو في الهوى أبداً ... يوماً لإنسانه في الخلق إنسان
نواحه في نواحي جلّق وله ... بالحسن لا بالنقا والحزن أحزان
فجلق جنةٌ تبدو جواسقها ... مثل القصور بها حورٌ وولدان
والسبت كالعيد تلقى الغيد سانحةً ... وقد حوى الغيد ميدانٌ وبستان
أنزه الطرف في الميدان من فرح ... والقلب مني لطفل اللهو ميدان
قم يا نديمي إلى شرب المدام بها ... من قبل يدرك بدر السّعد نقصان
فأنت في جنّة منها مزخرفةٍ ... وقد تلقّاك بالرضوان رضوان
وأنت فيها عن اللذات في كسلٍ ... انهض فما بلغ اللذات كسلان
أما ترى الأرض إذ أبكي السحاب بها ... آذارها ضحكت إذ جاء نيسان
والزهر كالزهر حياه الحيا فبدت ... في الروض منه إلى الأبصار ألوان
زمرد قضبٌ فيها مركبة ... جواهرٌ ويواقيت ومرجان
كأنما الورد خدّ الحبّ حين غدا ... له العذار سياجاً وهو ريحان
كأن منثورها إذ لاح مبتسماً ... جيش من الروم بانت فيه صلبان
كأنما البان أهدى المسك حين بدا ... فعطر الكون لما أورق البان
كأن ريح الصبا طافت بخمر هوىً ... من الرياض فكل الكون نشوان
كأنما حمرة التفاح خدّ رشاً ... لي في هواه عن السلوان سلوان
كأن نارنجها نارٌ وباطنه ... ثلجٌ وفيه لجين وهو عقيان
والطير تطرب بالعيدان نغمتها ... ما ليس يطرب بالأوتار عيدان
أبدت فنوناً فأفنت صبر سامعها ... بالنوح إذ حملتها فيه أفنان
بلابلٌ هيّجت منّا بلابلنا ... وهاج منّا صباباتٌ وأشجان
وهزنا الشوق إذ غنّى الهزار بها ... فلا تجفّ لنا بالدمع أجفان
وربّ صافية في الكأس مشرقةٍ ... كانت وما كان في العلياء كيوان
راحٌ أراحت لمن حلّت براحته ... روحاً لها القار والفخار جثمان
صبّت لنا فهي ماء في زجاجتها ... وأشرقت فهي في الكاسات نيران
يسعى بها رشأ بالسحر مكتحلٌ ... حلو الدلال لجند الحسن سلطان
عذب اللمى ناعس الأجفان منتبه ... مهفهف القدّ صاحٍ وهو نشوان
كأنما وجهه فيه لعاشقه ... بستان والخال في البستان جنّان
كأنما خاله لما بدا كرةٌ ... والصدغ جوكانها والخد ميدان
* ( عين بصل الحراني )