الواقدي - كتاب الردة

خَبَرُ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ وَمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ
قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ حَرْبِ بَنِي أَسَدٍ وَغَطَفَانَ وَفَزَارَةَ، وَأَمْكَنَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ، أَقْبَلَ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ خَلِيفَةَ رَسُولِ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ أَمَرَنِي بِالْبِطَاحِ [1] مِنْ أَرْضِ بَنِي تَمِيمٍ إِلَى مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَأَنَا سَائِرٌ، فَمَا الَّذِي عِنْدَكُمْ مِنَ الرَّأْيِ» ، قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ الأَنْصَارُ: «يَا أَبَا سُلَيْمَانَ، إِنَّكَ لَسْتَ عِنْدَنَا بِمُتَّهَمٍ، غَيْرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا عَهْدًا فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ أَمَرَكَ بِالْمَسِيرِ إِلَى بَنِي تَمِيمٍ فَسِرْ رَاشِدًا، فَإِنَّاَ غَيْرُ سَائِرِينَ» ، فَقَالَ خَالِدٌ: «لَسْتُ أُكْرِهُكُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَأَنَا سَائِرٌ بِمَنْ مَعِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى أُنْفِذَ أَمْرَ أَبِي بَكْرٍ» .
قَالَ: ثُمَّ سَارَ خَالِدٌ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ يُرِيدُ أَرْضَ بَنِي تَمِيمٍ، وَأَقَامَتِ الأَنْصَارُ فِي مَوَاضِعِهَا، حَتَّى إِذَا سَارَ خَالِدٌ يَوْمَهُ ذَلِكَ كَأَنَّهُ اغْتَمَّ عَلَى تَخَلُّفِ الأَنْصَارِ عَنْهُ.
قَالَ: وَتَلاوَمَتِ الأَنْصَارُ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: (وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ غَدًا عَلَى هَذَا الْجَيْشِ مُصِيبَةٌ فَإِنَّهُ لَعَارٌ عَلَيْنَا، لَيَقُولَنَّ النَّاسُ بِأَنَّكُمْ خَذَلْتُمُ الْمُهَاجِرِينَ وَأَسْلَمْتُمُوهُمْ لِعَدُوِّهِمْ، وَلَئِنْ أَصَابُوا فَتْحًا فَإِنَّهُ خَيْرٌ حُرِمْتُمُوهُ، وَلَكِنْ سِيرُوا والحقوا [2] إخوانكم) .
قَالَ: فَسَارَتِ الأَنْصَارُ حَتَّى لَحِقَتْ بِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَصَارَ الْقَوْمُ جَمْعًا وَاحِدًا، وَتَوَسَّطَ خَالِدٌ أَرْضَ الْبِطَاحِ [1] ، وَبِالْبِطَاحِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ (الْجُفُولُ) [2] ، لأَنَّهُ جَفَلَ إِبِلَ الصَّدَقَةِ وَمَنَعَ الزَّكَاةَ، وَجَعَلَ يَقُولُ لِقَوْمِهِ:
(يَا بَنِي تَمِيمٍ، إِنَّكُم قَدْ عَلِمْتُمْ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ قَدْ جَعَلَنِي عَلَى صَدَقَاتِكُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَقَدْ هَلَكَ مُحَمَّدٌ وَمَضَى لِسَبِيلِهِ وَلا بُدَّ لِهَذَا الأَمْرِ مِنْ قَائِمٍ يَقُومُ بِهِ، فَلا تُطْمِعُوا أَحَدًا فِي أَمْوَالِكُمْ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِكُمْ) ، قَالَ: فَلامَهُ بَعْضُ قَوْمِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَحَمِدَ بَعْضُهُمْ وَسَدَّدَ لَهُ رَأْيَهُ، فَأَنْشَأَ مَالِكٌ يَقُولُ [3] :
(مِنَ الطَّوِيلِ)
1- يَقُولُ [4] رِجَالٌ سُدِّدَ الْيَوْمَ مَالِكٌ ... وَقَوْمٌ يَقُولُوا [5] مَالِكٌ لَمْ يُسَدَّدِ
2- وَقُلْتُ خُذُوا أَمْوَالَكُمْ غَيْرَ خَائِفٍ ... وَلا نَاظِرٍ فِيمَا تَخَافُونَ مِنْ غد [6]
3- وَدُونَكُمُوهَا إِنَّهَا صَدَقاتُكُمْ ... مُصَرَّرَةٌ أَخْلافُهَا لَمْ تُجَدَّدِ [1]
4- سَأَجْعَلُ نَفْسِي دُونَ مَا تَحْذَرُونَهُ/ ... وَأَرْهِنُكُمْ يَوْمًا بما أفلتت يدي [2] [17 ب]
5- فَإِنْ قَامَ [3] بِالأَمْرِ الْمُخَوَّفِ قَائِمٌ ... أَطَعْنَا [4] وَقُلْنَا الدِّينُ دِينُ مُحَمَّدِ
6- وَإِلا فَلَسْنَا فِقَعَةً بِتَنُوفَةٍ ... وَلا شَحْمَ شَاءٍ أَوْ ظِبَاءٍ بِفَدْفَدِ [5]
قَالَ: وَبَلَغَ شِعْرُهُ وَكَلامُهُ أَبَا بَكْرٍ وَالْمُسْلِمِينَ فَازْدَادُوا عَلَيْهِ حَنَقًا [6] وَغَيْظًا، وَأَمَّا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَإِنَّهُ حَلَفَ وَعَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لَيَقْتُلَنَّهُ وَلَيَجْعَلَنَّ رَأْسَهُ أَثْفِيَّةً [7] لِلْقِدْرِ.
قَالَ: ثُمَّ ضَرَبَ خَالِدٌ عَسْكَرَهُ بِأَرْضِ بَنِي تَمِيمٍ، وَبَثَّ السَّرَايَا فِي الْبِلادِ يُمْنَةً وَيُسْرَةً، قَالَ: فَوَقَفَتْ سَرِيَّةٌ مِنْ تِلْكَ السَّرَايَا عَلَى مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ، وَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ لَهُ [8] ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي عَمِّهِ. قَالَ: فَلَمْ يعلم مالك إلا والخيل قَدْ أَحْدَقَتْ بِهِ، فَأَخَذُوهُ أَسِيرًا، وَأَخَذُوا امْرَأَتَهُ مَعَهُ، وَكَانَتْ بِهَا مُسَيْحَةٌ مِنْ جَمَالٍ.
قَالَ: وَأَخَذُوا كُلَّ مَا كَانَ مِنْ بَنِي عَمِّهِ، فَأَتَوْا بِهِمْ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ حَتَّى أَوْقَفُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَ: فَأَمَرَ خَالِدٌ بِضَرْبِ أَعْنَاقِ بَنِي عَمِّهِ بَدْيًا [1] ، فَقَالَ الْقَوْمُ: (إِنَّا مُسْلِمُونَ فَعَلامَ تَضْرِبُ أَعْنَاقَنَا) ؟ قَالَ خَالِدٌ: (وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكُمْ) ، فَقَالَ لَهُ شَيْخٌ مِنْهُمْ: (أَلَيْسَ قَدْ نَهَاكُمْ أَبُو بَكْرٍ أَنْ تَقْتُلُوا مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَةِ) ، فَقَالَ خَالِدٌ:
(بَلَى قَدْ أَمَرَنَا بِذَلِكَ، وَلَكِنَّكُمْ لَمْ تُصَلُّوا سَاعَةً قَطُّ) . قَالَ: فَوَثَبَ أَبُو قَتَادَةَ [2] إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَقَالَ: (إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ لا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهِمْ) ، قَالَ خَالِدٌ: (وَكَيْفَ ذَلِكَ) ، قَالَ: (لأَنِّي كُنْتُ فِي السَّرِيَّةِ [3] الَّتِي قَدْ وَافَتْهُمْ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْنَا قَالُوا:
مَنْ أَنْتُمْ، قُلْنَا: نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: وَنَحْنُ الْمُسْلِمُونَ، ثُمَّ أَذَنَّا وَصَلَّيْنَا وَصَلَّوْا مَعَنَا) . فَقَالَ خَالِدٌ: (صَدَقْتَ يَا قَتَادَةُ، إِنْ كَانُوا قَدْ صَلَّوْا مَعَكُمْ فَقَدْ مَنَعُوا الزَّكَاةَ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَلا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِمْ) ، قَالَ: فَرَفَعَ شَيْخٌ مِنْهُمْ صَوْتَهُ يَقُولُ:
(مِنَ الْكَامِلِ)
1- يَا مَعْشَرَ الأَشْهَادِ إِنَّ أَمِيرَكُمْ ... أَمَرَ الْغَدَاةَ بِبَعْضِ مَا لَمْ يُؤْمَرِ [4]
2- حَرُمَتْ عَلَيْهِ دِمَاؤُنَا بِصَلاتِنَا ... وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّنَا لَمْ نَكْفُرِ
3- إِنْ تَقْتُلُونَا تَقْتُلُوا إِخْوَانَكُمْ ... وَالرَّاقِصَاتِ إِلَى منى والمشفر [5]
4- يا ابن الْمُغِيرَةِ إِنَّ فِينَا خُطَّةً ... شَنْعَاءَ فَاحِشَةً فَخُذْهَا أَوْ ذَرِ
قَالَ: فَلَمْ يَلْتَفِتْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى مَقَالَةِ الشَّيْخِ، فَقَدَّمَهُمْ وَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ. قَالَ: وَكَانَ قَتَادَةُ قَدْ عَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لا يَشْهَدَ مَعَ خَالِدٍ مَشْهَدًا أَبَدًا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
قَالَ: ثُمَّ قَدَّمَ خَالِدٌ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ مَالِكٌ: (أَتَقْتُلُنِي وَأَنَا مُسْلِمٌ أُصَلِّي الْقِبْلَةَ) ، فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: (لَوْ كُنْتَ مُسْلِمًا لَمَا مَنَعْتَ الزَّكَاةَ وَلا أَمَرْتَ قَوْمَكَ بِمَنْعِهَا، وَاللَّهِ لَمَا قِلْتَ بِمَا فِي مَنَامِكَ [1] حَتَّى أَقْتُلَكَ) . قَالَ: فَالْتَفَتَ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ثُمَّ قَالَ: (يَا خَالِدُ، بِهَذَا تَقْتُلُنِي) . فَقَالَ خَالِدٌ: (بَلْ للَّه أَقْتُلُكَ بِرُجُوعِكَ عَنْ دين الإسلام/ وجفلك لإبل الصدقة [2] ، [18 أ] وَأَمْرِكَ لِقَوْمِكَ بِحَبْسِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ زَكَاةِ أَمْوَالِهِمْ) ، قَالَ: ثُمَّ قَدَّمَهُ خَالِدٌ فَضَرَبَ عُنُقَهُ صَبْرًا. فَيُقَالُ إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةِ مَالِكٍ، وَدَخَلَ بِهَا، وَعَلَى ذَلِكَ أَجْمَعَ أَهْلَ الْعِلْمِ، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ حَوِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زُهْرَةَ السَّعْدِيُّ [3] ، حَيْثُ يَقُولُ [4] :
(مِنَ الطَّوِيلِ)
1- أَلا قُلْ لِحَيٍّ أَوْطِئُوا بالسَّنابك ... تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ مِنْ بَعْدِ مَالِكِ
2- عَدَا خَالِدٌ بَغْيًا [5] عَلَيْهِ لِعُرْسِهِ ... وَكَانَ لَهُ فِيهَا هوى قبل ذلك
3- وَأَمْضَى هَوَاهُ [1] خَالِدٌ غَيْرُ عَاطِفٍ ... عِنَانَ الْهَوَى عَنْهَا وَلا مُتَمَالِكِ
4- فَأَصْبَحَ ذَا أَهْلٍ وَأَصْبَحَ مَالِكٌ ... عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ هَالِكًا فِي الْهَوَالِكِ
5- فَمَنْ لِلْيَتَامَى عَائِلٌ [2] بْعَد مَالِكٍ ... وَمَنْ لِلرِّجَالِ الْمُرْمِلِينَ الصَّعَالِكِ
6- (أُصِيبَتْ تَمِيمٌ غَثُّهَا وَسَمِينُهَا) [3] ... بِفَارِسِهَا الْمَرْجُوِّ تَحْتَ الْحَوَالِكِ [4]
............ [5] ، هَذَا مَا كَانَ (مِنْ أَمْرِ) [6] هَؤُلاءِ. قَالَ: وَأَقَامَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْبِطَاحِ مِنْ أَرْضِ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَ قَتْلِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ لِيَنْظُرَ أَمْرَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَجَعَلَ مُسَيْلِمَةُ بْنُ حَبِيبٍ الْكَذَّابُ [7] يَعْلُو أَمْرُهُ بِالْيَمَامَةِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، وَيَقُولُ لِقَوْمِهِ: (يَا بَنِي حَنِيفَةَ، أُرِيدُ أَنْ تُخْبِرُونِي بِمَاذَا صَارَتْ قُرَيْشٌ أَحَقَّ بِالنُّبُوَّةِ وَالإِمَامَةِ مِنْكُمْ، وَاللَّهِ مَا هُمْ بِأَكْثَرَ مِنْكُمْ وَأَنْجَدَ [8] ، وَإِنَّ بِلادَكُمْ لأَوْسَعُ مِنْ بِلادِهِمْ، وَأَمْوَالَكُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَيَأْتِينِي فِي كُلِّ يَوْمٍ بِالَّذِي أُرِيدُهُ مِنَ الأُمُورِ، ينزل علي كما كان يَنْزِلُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ.
وَبَعْدُ، هَذَا الرَّجَّالُ بْنُ نَهْشَلٍ [9] ، وَمُحْكَمُ بن الطفيل [10] ، وهما من سادات أهل
الْيَمَامَةِ، وَهُمَا يَشْهَدَانِ لِي أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ أَشْرَكَنِي فِي نُبُوَّتِهِ مِنْ قَبْلِ وَفَاتِهِ) .
قَالَ: فَأَقْبَلَ قَوْمٌ مِنْ أَشْرَافِ بَنِي حَنِيفَةَ إِلَى الرَّجَّالِ بْنِ نَهْشَلٍ وَمُحْكَمِ بْنِ الطُّفَيْلِ فَقَالُوا لَهُمَا: (إِنَّ مُسَيْلِمَةَ بْنَ حَبِيبٍ قَدِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، وَيَزْعُمُ لَنَا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ أَشْرَكَهُ فِي النُّبُوَّةِ قَبْلَ وَفَاتِهِ وَأَنْتُمَا شَاهِدَانِ، مَا مَعَكُمَا وَأَنْتُمَا شَيْخَانِ صَادِقَانِ، فَمَا الَّذِي عِنْدَكُمَا) . قَالَ الرَّجَّالُ بْنُ نَهْشَلٍ: (لَقَدْ صَدَقَ مُسَيْلِمَةُ فِي قَوْلِهِ، أَنَا أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ أَشْرَكَهُ فِي نُبُوَّتَهِ قَبْلَ وَفَاتِهِ) ، وَقَالَ مُحْكَمُ بن الطفيل: (وأنا أشهد بذلك) .
قال: فعندها تَسَارَعَ النَّاسُ إِلَى مُسَيْلِمَةَ، وَآمَنُوا بِنُبُوَّتِهِ إِلا الْقَلِيلَ مِنْهُمْ، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ [1] مِنْ مُؤْمِنِي أَهْلِ اليمامة يقول [2] :
(مِنَ الْخَفِيفِ)
1- يَا سُعَادَ الْفُؤَادِ بِنْتَ أُثَالٍ ... طَالَ لَيْلِي لِفِتْنَةِ الرِّجَالِ [1]
2- إِنَّهَا يَا سُعَادُ مِنْ حَدَثِ الدَّهْ- ... رِ عَلَيْكُمْ كَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ
[18 ب] 3- فِتَنُ الْقَوْمِ بِالشَّهَادَةِ وَاللَّ- ... هُـ عَزِيزٌ ذُو قُوَّةٍ وَمَعَالِي [2]
4- لا يُسَاوِي الَّذِي يَقُولُ مِنَ الأَمْ- ... رِ فَتِيلا وَإِنَّهُ ذُو ضَلالٍ
5- إِنَّ دِينِي دِينُ الْوَفِيِّ وَفِي الْقَوْ ... مِ رِجَالٌ عَلَى الْهُدَى أَمْثَالِي [3]
6- أَهْلَكَ الْقَوْمَ مُحْكَمُ بْنُ طُفَيْلٍ ... وَرِجَالٌ لَيْسُوا لَنَا بِرِجَالِ
7- بَزَّهُمْ أَمْرَهُمْ مُسَيْلِمَةُ الْيَوْمَ ... فَلَنْ يَرْجِعُوا بِإِحْدَى اللَّيَالِي [4]
8- رُبَمَا تَجْزَعُ النُّفُوسُ مِنَ الأَمْ- ... رِ لَهُ فُرْجَةٌ كَحَلِّ الْعِقَالِ [5]
9- إِنْ تَكُنْ مُنْيَتِي [6] عَلَى فِطْرَةِ اللّ- ... هـ حنيفا [7] فإنّني لا أبالي
قَالَ: فَبَلَغَ مُسَيْلِمَةَ هَذِهِ الأَبْيَاتُ، فَهَمَّ بِقَتْلِ قَائِلِهَا، فَهَرَبَ حَتَّى لَحِقَ بِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ: وَظَهَرَ أَمْرُ مُسَيْلِمَةَ بِالْيَمَامَةِ، وَانْتَشَرَ ذِكْرُهُ فِي النَّاسِ، وَسَمِعَتْ بِهِ سَجَاحُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ [1] ، وَقَدْ كَانَتِ ادَّعَتِ النُّبُوَّةَ وَتَبِعَهَا رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهَا: غَيْلانُ بْنُ خَرْشَنَةَ، وَالْحَارِثُ بْنُ الأَهْتَمِ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ. قَالَ: وَكَانَ لَهَا مُؤَذِّنٌ يُؤَذِّنُ لَهَا وَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ سَجَاحَ نَبِيَّةُ اللَّهِ.
قَالَ فَسَارَتْ سَجَاحُ [2] هَذِهِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ، وَقَالَتْ: (إِنَّهُ بَلَغَنِي أَمْرُكَ، وَسَمِعْتُ بِنُبُوَّتِكَ، وَقَدْ أَقْبَلْتُ إِلَيْكَ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ بِكَ. وَلَكِنْ أَخْبِرْنِي مَا الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ. فقال المسيلمة: أُنْزِلَ عَلَيَّ مِنْ رَبِّي: «لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ، 90: 1 وَلا تَبْرَحْ هَذَا الْبَلَدَ، حَتَّى تَكُونَ ذَا مَالٍ وَوَلَدٍ، وَوَفْرٍ وَصَفَدٍ، وَخَيْلٍ وَعَدَدٍ، إِلَى آخِرِ الأَبَدِ، عَلَى رَغْمٍ مِنْ حَسَدٍ» . قَالَ: فَقَالَتْ سَجَاحُ: (إِنَّكَ نَبِيٌّ حَقًّا وَقَدْ رَضِيتُ بِكَ، وَزَوَّجْتُكَ نَفْسِي، وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ لِي صَدَاقًا يُشْبِهُنِي) . قَالَ مُسَيْلِمَةُ: (فَإِنِّي قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ) ، ثُمَّ دَعَا بِمُؤَذِّنِهِ فَقَالَ:
(نَادِ [3] فِي قَوْمِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ: أَلا إِنَّ نَبِيَّكُمْ مُسَيْلِمَةَ قَدْ رَفَعَ عَنْكُمْ صَلاتَيْنِ مِنَ الْخَمْسِ الَّتِي جَاءَ بِهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَهِيَ صَلاةُ الْفَجْرِ وَصَلاةُ الْعِشَاءِ الأَخِيرَةِ) . فَقَالَتْ سَجَاحُ: (أَشْهَدُ لَقَدْ جِئْتَ بِالصَّوَابِ) .
قَالَ: وَلِمُسَيْلِمَةَ عِنْدَ مُوَاقَعَتِهَا كَلامٌ قَبِيحٌ لا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، وَهَذَا كلامه لها [4] :
(مِنَ الْهَزَجِ)
1- أَلا قُومِي إِلَى الْمَخْدَعْ ... فَقَدْ هُيِّئْ لَكِ الْمَضْجَعْ [1]
2- وَإِنْ شِئْتِ [2] سَلَقْنَاكِ [3] ... وَإِنْ شِئْتِ عَلَى أَرْبَعْ
3- وَإِنْ شِئْتِ بِتَثْلِيثِ [4] ... وَإِنْ شِئْتِ بِهِ أَجْمَعْ
فَقَالَتْ سَجَاحُ: (قَدْ شِئْتُ بِهِ أَجْمَعَ، فَهُوَ أَجْمَعُ لِلشَّمْلِ، وَأَجْدَرُ أَنْ يَنْفَعَ) .
قَالَ: فَضَجَّ الْمُسْلِمُونَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَالُوا: (يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، أَلا تَسْمَعُ إِلَى مَا قَدِ انْتَشَرَ مِنْ ذِكْرِ هَذَا الْمَلْعُونِ الْكَذَّابِ بِأَرْضِ الْيَمَامَةِ) ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (لا تَعْجَلُوا فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَذِنَ بِهَلاكِهِ) .
قَالَ: ثُمَّ كَتَبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُقِيمٌ فِي الْبِطَاحِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ عَبْدِ الله بن عثمان، خليفة [19 أ] رسول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَمَنْ مَعَهُ/ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ، أَمَّا بَعْدُ، يَا خَالِدُ، فَإِنِّي قَدْ أَمَرْتُكَ بِالْجِدِّ فِي أَمْرِ اللَّهِ، وَالْمُجَاهَدَةِ لِمَنْ تَوَلَّى عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ وَرَجَعَ عَنْ دِينِ الإِسْلامِ وَالْهُدَى، إِلَى الضَّلالَةِ وَالرَّدَى، وَعَهْدِي إِلَيْكَ يَا خَالِدُ أَنْ تَتَّقِيَ اللَّهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَعَلَيْكَ بالرفق والتأني،
وَسِرْ نَحْوَ بَنِي حَنِيفَةَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ لَمْ تَلْقَ قَوْمًا قَطُّ يُشْبِهُونَ بَنِي حَنِيفَةَ فِي الْبَأْسِ وَالشِّدَّةِ، فَإِذَا قَدِمْتَ عَلَيْهِمْ فَلا تَبْدَأْهُمْ بِقِتَالٍ حَتَّى تَدْعُوهُمْ إِلَى دَاعِيَةِ الإِسْلامِ، وَاحْرِصْ عَلَى صَلاحِهِمْ، فَمَنْ أَجَابَكَ مِنْهُمْ فَاقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَمَنْ أَبَى فَاسْتَعْمِلْ فِيهِ السَّيْفَ، وَاعْلَمْ يَا خَالِدُ فَإِنَّكَ إِنَّمَا تُقَاتِلُ قَوْمًا كُفَّارًا باللَّه وَبِالرَّسُولِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، فَإِذَا عَزَمْتَ عَلَى الْحَرْبِ فَبَاشِرْهَا بِنَفْسِكَ وَلا تَتَّكِلْ عَلَى غَيْرِكَ، وَصُفَّ صُفُوفَكَ وَاحْكُمْ تَعْبِيَتَكَ وَاحْزِمْ عَلَى أَمْرِكَ، وَاجْعَلْ عَلَى مَيْمَنَتِكَ رَجُلا تَرْضَاهُ، وَعَلَى مَيْسَرَتِكَ مِثْلَهُ، وَاجْعَلْ عَلَى خَيْلِكَ رَجُلا عَالِمًا صَابِرًا، وَاسْتَشِرْ مَنْ مَعَكَ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُوَفِّقُكَ بِمَشُورَتِهِمْ، وَاعْرِفْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ حَقَّهُمْ وَفَضْلَهُمْ، وَلا تَكْسَلْ وَلا تَفْشَلْ، وَأَعِدَّ السَّيْفَ لِلسَّيْفِ، وَالرُّمْحَ لِلرُّمْحِ، وَالسَّهْمَ لِلسَّهْمِ، وَاسْتَوْصِ بِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، وَلَيِّنِ الْكَلامَ وَأَحْسِنِ الصُّحْبَةَ وَاحْفَظْ وَصِيَّةَ نبيك محمد صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي الأَنْصَارِ خَاصَّةً، وَأَنْ تُحْسِنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ وَتَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَقُلْ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللَّه» .
قَالَ: فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، جَمَعَ أَصْحَابَهُ ثُمَّ أَقْرَأَهُمُ الْكِتَابَ، وَقَالَ: (مَا الَّذِي تَرَوْنَ مِنَ الرَّأْيِ) ، فَقَالُوا: (الرَّأْيُ رَأْيُكَ، وَلَيْسَ فِينَا أَحَدٌ يُخَالِفُكَ) ، قَالَ: فَعِنْدَهَا عَزَمَ خَالِدٌ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ وَأَصْحَابِهِ.
وَكَتَبَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ إِلَى مُحْكَمِ بْنِ الطُّفَيْلِ وَزِيرِ مُسَيْلِمَةَ بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ [1] :
(مِنَ الْبَسِيطِ)
1- يَا مُحْكَمُ بْنَ طُفَيْلٍ [2] قَدْ نَصَحْتُ لَكُمْ ... أَتَاكُمُ اللَّيْثُ لَيْثُ الحضر والبادي
2- يَا مُحْكَمُ بْنَ طُفَيْلٍ قَدْ أُتِيحَ لَكُمْ ... للَّه دَرُّ أَبِيكُمْ حَيَّةِ الْوَادِي [1]
3- يَا مُحْكَمُ بْنَ طُفَيْلٍ إِنَّكُمْ نَفَرٌ ... كَالشَّاءِ أَسْلَمَهَا الرَّاعِي لآسَادِ
4- مَا فِي مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ مِنْ عِوَضٍ ... مِنْ دَارِ قَوْمٍ وَأَمْوَالٍ [2] وَأَوْلادِ
5- فَاكْفُفْ حَنِيفَةُ عَنْهُمْ قَبْلَ نَاعِيَةٍ [3] ... تَنْعَى فَوَارِسَ حَرْبٍ شَجْوُهَا بَادِ
6- وَيْلُ الْيَمَامَةِ [4] وَيْلٌ لا قَوَامَ لَهُ ... إِنْ حَالَتِ الْخَيْلُ فِيهَا بِالْقَنَا الصَّادِي [5]
7- وَاللَّهِ وَاللَّهِ لا تُثْنَى أَعِنَّتُهَا [6] ... حَتَّى تَكُونُوا كَأَهْلِ الْحِجْرِ أَوْ عَادِ [7]
8- لا تَأْمَنُوا خَالِدًا بِالْبَرْدِ مُلْتَثِمًا [8] ... وَسْطَ الْعَجَاجَةِ مِثْلَ الضَّيْغَمِ الْعَادِي
9- تَعْدُو بِه سَرِحَ [9] الرِّجْلَيْنِ طَاوِيَةٌ ... قُبٌّ مُشَرَّفَةُ الْمَتْنَيْنِ والهادي
[19 ب] قَالَ: فَلَمَّا وَصَلَ هَذَا الشِّعْرُ إِلَى مُحْكَمِ بْنِ الطُّفَيْلِ وَزِيرِ مُسَيْلِمَةَ/ قَرَأَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى وُجُوهِ الْيَمَامَةِ فَجَمَعَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: (يَا بَنِي حَنِيفَةَ، هَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَدْ سَارَ إِلَيْكُمْ فِي جَمْعِ الْمُهَاجِرِينَ، وَإِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ غَدًا قَوْمًا يَبْذُلُونَ أَنْفُسَهُمْ دُونَ صَاحِبِهِمْ، فَابْذُلُوا أَنْفُسَكُمْ دُونَ صَاحِبِكُمْ) . قَالَ: فَقَالَتْ بَنُو حَنِيفَةَ: (سَيَعْلَمُ خَالِدٌ غَدًا إِذَا نَحْنُ الْتَقَيْنَا بِخِلافِ مَنْ لَقِيَ مِنَ الْعَرَبِ) ، فَقَالَ مُحْكَمُ بْنُ الطُّفَيْلِ:
(فَهَذَا الَّذِي أُرِيدُ مِنْكُمْ) ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى خالد بن الوليد بهذه الأبيات:
(من المتقارب)
1- (أيا) [1] ابن الوليد ويا خالد ... ويا أيّها الأَسَدُ اللابِدُ
2- لَرُبَّ أُنَاسٍ قَدْ أَفْنَيْتَهُمْ ... وَأَنْتَ إِلَى مِثْلِهَا عَائِدُ
3- وَرُبَّ أُنَاسٍ لَهُمْ سَوْرَةٌ [2] ... قَصَدْتَ وَأَنْتَ لَهُمْ عَائِدُ
4- فَأَنْتَ تَدُلُّ عَلَى حَرْبِهِ ... وَأَنْتَ عَلَى فِعْلِهِمْ حَاقِدُ
5- وَأَمَّا الْيَمَامَةُ فَاشْدُدْ لَهَا ... حَيَازِمَكَ [3] الْيَوْمَ يَا خَالِدُ
6- سَتَلْقَى الْيَمَامَةَ مَمْنُوعَةً ... بِصُمِّ الْقَنَا عِزُّهَا تَالِدُ
7- وَبِيضُ السُّيُوفِ بِأَيْدِي الرِّجَالِ ... يَحِنُّ لَهَا الْكَفُّ وَالسَّاعِدُ
8- وَهَامٌ يَطِيرُ بِأَقْفَائِهَا ... وَشُدَّ عَلَيْكَ لَهُمْ وَاحِدُ
9- فَإِنْ تَلْقَهُمْ تَلْقَهُمْ مَعْشَرًا ... مَتَى يَنْزِلُوا بِكَ يَسْتَأْسِدُوا [4]
10- إِذَا مَا قَضَى الْقَوْمُ حَقَّ الرِّمَاحِ ... وَقَالُوا الطِّعَانُ بِهَا جَالَدُوا [5]
11- فَإِنْ أَنْتَ قَارَبْتَهُمْ قَارَبُوا ... وَإِنْ أَنْتَ بَاعَدْتَهُمْ بَاعَدُوا
12- بِهِ يَأْمَنُ الْقَوْمُ أَمْوَالَهُمْ ... كَمَا أَمِنَ الْجَدُّ وَالْوَالِدُ
قَالَ: فأجابه حسان بن ثابت الأنصاري يقول [6] :
(مِنَ الْمُتَقَارِبِ)
1- حَنِيفَةُ قَدْ كَادَكَ الْكَائِدُ ... وَبَعْدَ غَدٍ جَمْعُهُمْ هَامِدُ
2- فَوَيْلُ الْيَمَامَةِ وَيْلٌ لَهَا ... إِذَا مَا أَنَاخَ بِهِمْ خَالِدُ
3- فَلا تَأْمَنُوهُ عَلَى غِرَّةٍ ... وَهَلْ يُؤْمَنُ الأَسَدُ اللابِدُ
4- هُوَ الْقَاتِلُ الْقَوْمَ يَوْمَ الْبُزَاخِ [1] ... وَقَدْ طَاعَنُوهُ وَقَدْ جَالَدُوا
5- وَأَوْطَا بَنِي [2] أَسَدٍ ذِلَّةً ... وَذُبْيَانُ أَوْطَا [3] وَقَدْ عَانَدُوا
6- فَوَلَّى طُلَيْحَتُهُمْ هَارِبًا ... وَمَا مِثْلُهُ مِنْكُمْ وَاحِدُ
7- وَقَادَ عُيَيْنَةُ [4] فِي غِلِّهِ ... فَسُبَّ بِهِ الْجَدُّ وَالْوَالِدُ
8- وَأَمْكَنَهُ اللَّهُ مِنْ قُرَّةَ [5] ... وَمَالِكٍ إِذْ [6] كُفْرُهُ تَالِدُ
9- وَأَنْتُمْ غَدًا مِثْلُهُ بِهَلَّةٍ [7] ... يُعْنَى بِهَا الصَّادِرُ وَالْوَارِدُ
قَالَ: وَبَلَغَ بَنِي حَنِيفَةَ أَنَّ خَالِدًا قَدْ سَارَ إِلَيْهِمْ فِي الْحَدِّ وَالْحَدِيدِ، وَالْخَيْلِ وَالْجُنُودِ، فَاجْتَمَعُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَكَابِرِهِمْ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أثال [8] ، وكان ذا
عَقْلٍ وَفَهْمٍ وَرَأْيٍ، وَكَانَ مُخَالِفًا لِمُسَيْلِمَةَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: (يَا أَبَا عَامِرٍ، إِنَّهُ قَدْ سَارَ هَذَا الرَّجُلُ إِلَى مَا قَبْلَنَا يُرِيدُ قَتْلَنَا وَبَوَارَنَا وَاسْتِئْصَالَنَا عَنْ جَدِيدِ الأَرْضِ، فَهَذَا مُسَيْلِمَةُ بْنُ حَبِيبٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَقَدِ ادَّعَى مَا قَدْ عَلِمْتَ مِنَ النُّبُوَّةِ، فَهَاتِ الَّذِي عِنْدَكَ مِنَ الرَّأْيِ) . قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ ثُمَامَةُ: (وَيْحُكُمْ يَا بَنِي حَنِيفَةَ، اسْمَعُوا قَوْلِي تَهْتَدُوا وَأَطِيعُوا/ أَمْرِي تَرْشُدُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ محمد بن عبد الله نبي [20 أ] مُرْسَلٌ [1] لا شَكَّ فِي نُبُوَّتِهِ، وَهَذَا مُسَيْلِمَةُ رَجُلٌ كَذَّابٌ، فَلا تَغْتَرُّوا بِهِ وَلا بِقَوْلِهِ وَكَذِبِهِ، فَإِنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمُ الْقُرْآنَ الَّذِي أَتَى به محمد صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ عَنْ رَبِّهِ إِذْ يَقُولُ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، حم، تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ 40: 0- 3 [2] ، فَأَيْنَ هَذَا الْكَلامُ مِنْ كَلامِ مُسَيْلِمَةَ، فَانْظُرُوا فِي أُمُورِكُمْ وَلا يَذْهَبَنَّ هَذَا عَنْكُمْ، أَلا وَإِنِّي خَارِجٌ إِلَى ابْنِ الْوَلِيدِ فِي لَيْلَتِي هَذِهِ، وَطَالِبٌ مِنْهُ الأَمَانَ عَلَى نَفْسِي وَمَالِي وَأَهْلِي وَوَلَدِي) . فَقَالَ الْقَوْمُ: (نَحْنُ مَعَكَ يَا أَبَا عَامِرٍ [3] ، فَكُنْ مِنْ ذَلِكَ عَلَى عِلْمٍ) .
ثُمَّ خَرَجَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، حَتَّى صَارَ إِلَى خَالِدٍ فَاسْتَأْمَنَ إِلَيْهِ، فَأَمَّنَهُ خَالِدٌ وَأَمَّنَ أَصْحَابَهُ. قَالَ: وَكَتَبَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ بهذه الأبيات [4] إلى مسيلمة [5] :
(مِنَ الْمُتَقَارِبِ)
1- مُسَيْلِمَةُ ارْجِعْ وَلا تَمْحَكْ [1] ... فَإِنَّكَ فِي الأَمْرِ لَمْ تُشْرَكْ
2- كَذَبْتَ عَلَى اللَّهِ فِي وَحْيِهِ ... وَكَانَ هَوَاكَ هَوَى الأَنْوَكْ [2]
3- وَمَنَّاكَ قَوْمُكَ أَنْ يَمْنَعُو ... كَ وَإِنْ يَأْتِهِمْ خَالِدٌ تُتْرَكْ
4- فَمَا لَكَ فِي الْجَوِّ مِنْ مَصْعَدٍ ... وَمَا لَكَ فِي الأَرْضِ مِنْ مَسْلَكْ [3]
5- سَحَبْتَ الذُّيُولَ إِلَى سَوْأَةٍ ... عَلَى مَنْ يَقُلْ مِثْلَهُ يُهْلَكْ
قَالَ: وَسَارَ خَالِدٌ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، حَتَّى إِذَا تَقَارَبَ مِنْ أَرْضِ الْيَمَامَةِ نَزَلَ إِلَى جَنْبِ وَادٍ مِنْ أَوْدِيَتِهَا، ثُمَّ بَعَثَ بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يَزِيدُونَ عَلَى مِائَتَيْ فَارِسٍ، وَقَالَ لَهُمْ: (سِيرُوا فِي هَذِهِ الْبِلادِ فَأْتُونِي بِكُلِّ مَنْ قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ) . فَسَارُوا فَإِذَا هُمْ بِرَجُلٍ مِنْ أَشْرَافِ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ مُجَّاعَةُ بْنُ مُرَارَةَ [4] وَمَعَهُ ثَلاثَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلا مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ. قَالَ: فَدَنَا منهم المسلمون،
قَالُوا: (مَنْ أَنْتُمْ) ، قَالُوا: (نَحْنُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ) ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: (فَلا أَنْعَمَ اللَّهُ بِكُمْ عَيْنًا يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ) ، ثُمَّ أَحَاطُوا بِهِمْ فَأَخَذُوهُمْ، وَجَاءُوا بِهِمْ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، حَتَّى أَوْقَفُوهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ خَالِدٌ: (يَا بَنِي حَنِيفَةَ، مَا تَقُولُونَ فِي صَاحِبِكُمْ مُسَيْلِمَةَ) ، فَقَالُوا: (نَقُولُ إِنَّهُ شَرِيكُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي نُبُوَّتِهِ) . فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ سَارِيَةُ بْنُ عَامِرٍ [1] : (يَا أَبَا سُلَيْمَانَ، وَلَكِنِّي لا أَقُولُ ذَلِكَ) ، قَالَ خَالِدٌ: (يَا مُجَّاعَةُ، مَا تَقُولُ فِيمَا يَقُولُ أَصْحَابُكَ هَؤُلاءِ) ، فَقَالَ مُجَّاعَةُ: (أَقُولُ إِنِّي قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ [2] وبها رسول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُهُ أَنا وَصَاحِبِي هَذَا سَارِيَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَلا وَاللَّهِ مَا غَيَّرْنَا وَلا بَدَّلْنَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَنَا بُدٌّ مِنْ مُدَارَاةِ مُسَيْلِمَةَ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِنَا وَأَمْوَالِنَا وَأَوْلادِنَا) . قَالَ: فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ:
(فَاعْتَزِلْ أَنْتَ وَصَاحِبُكَ/ هَذَا نَاحِيَةً مِنْ هَؤُلاءِ الْكُفَّارِ) ، ثم قدم خالد بقية القوم [20 ب] فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ صَبْرًا، ثُمَّ عَمِدَ إِلَى مُجَّاعَةَ، فَقَالَ مُجَّاعَةُ: (أَيُّهَا الأَمِيرُ، إِنِّي لَمْ أَزَلْ مُسْلِمًا، وَأَنَا الْيَوْمَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ أَمْسِ، وَقَدْ رَأَيْتُكَ عَجِلْتَ عَلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ بِالْقَتْلِ، وَأَنَا وَاللَّهِ خَائِفٌ عَلَى نَفْسِي مِنْكَ، وَلَكِنْ أَيُّهَا الأَمِيرُ إِنْ كَانَ رَجُلٌ كَذَّابٌ خَرَجَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَادَّعَى مَا ادَّعَى، فَلَيْسَ يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَأْخُذَ الْبَرِيءَ بِأَمْرِ السَّقِيمِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى 6: 164 [3] ، ثُمَّ أَنْشَأَ مُجَّاعَةُ يَقُولُ [4] :
(مِنَ الْخَفِيفِ)
1- أَتَرَى خَالِدًا يَقْتُلُنَا الْيَوْ ... مَ بِذَنْبِ الأُصَيْفِرِ [5] الْكَذَّابِ
2- عِنْدَنَا الْيَوْمَ فِي مُسَيْلِمَةَ الرَّ ... دِّ لِتِلْكَ الْقُرَى وَطُولِ الْعِتَابِ
3- لَمْ نَدَعْ مِلَّةَ النَّبِيِّ وَلا نَحْ- ... - نُ رَجَعْنَا عَنْهَا عَلَى الأَعْقَابِ [1]
4- إِنْ يَكُنْ خَالِدٌ يُرِيدُ دِمَى الْيَوْ ... مَ فَمَا إِنْ أَرَادَهُ [2] بِصَوَابِ
5- وَلَسَفْكُ الدِّمَا [3] أَخَفُّ عَلَيْهِ ... يَا لَكَ الْخَيْرُ مِنْ طَنِينِ الذُّبَابِ
6- قُلْتُ لِلنَّفْسِ إِنْ تَعَاظَمَكِ الْمَوْ ... تُ فَعُدِّي مَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِي
7- مِنْ عَدِيٍّ وَعَامِرٍ وَمَنَاةَ ... وَبَنِي الدُّوَلِ تِلْكُمُ أَحْبَابِي
8- وَلَنَا أُسْوَةٌ بمن أكل الدّه- ... - ر [4] وليس الرؤوس كَالأَذْنَابِ
قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ سَارِيَةُ بْنُ عَامِرٍ، فَقَالَ: (أَيُّهَا الأَمِيرُ، مَنْ خَافَ سَيْفَكَ رَجَاَ عَدْلَكَ، وَمَنْ رَجَا عَدْلَكَ، رَجَا أَمَانًا مُنَعَّمًا، وَقَدْ خِفْتُكَ وَرَجَوْتُكَ، وَأَنَا بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَى دِينِ الإِسْلامِ مَا غَيَّرْتُ وَلا بَدَّلْتُ، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَسْتَقِيمَ لَكَ أَمْرُ بَنِي حَنِيفَةَ [5] فَاسْتَبْقِنِي وَاسْتَبْقِ هَذَا الشَّيْخَ فَإِنَّهُ سَيِّدُ أهل اليمامة، ولا تؤاخذنا بِمَا كَانَ مِنْ تَخَلُّفِنَا عَنْكَ وَالسَّلامُ) .
ثُمَّ أنشأ يقول:
(من البسيط)
1- يا ابن الْوَلِيدِ لَقَدْ أَسْرَعْتَ فِي نَفَرٍ ... مِنْ عَامِرٍ وَعَدِيٍّ أَوْ مِنَ الدُّوَلِ
2- فَاسْتَبْقِ مُجَّاعَةَ الْمَأْمُولِ إِنَّ لَهُ ... خَطْبًا عَظِيمًا وَرَأْيًا غَيْرَ مَجْهُولِ
3- إِنْ تُعْطِهِ مِنْكَ عَهْدًا لا تَجِيشُ بِهِ [6] ... تقطع به عنك عيب القال والقيل
4- وَيْلُ الْيَمَامَةِ وَيْلٌ لا ارْتِجَاعَ لَهُ ... إِنْ كَانَ مَا قُلْتُ فِيهِ غَيْرَ مَقْبُولِ
قَالَ خَالِدٌ: (فَإِنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْكُمَا، وَلَكِنْ أَقِيمَا فِي عَسْكَرِي وَلا تَبْرَحَا حَتَّى أَنْظُرَ عَلَى مَا يَنْصَرِمُ أَمْرِي وَأَمْرُ بَنِي حَنِيفَةَ) . ثُمَّ أَمْرُ خَالِدٍ بِمُجَّاعَةَ [1] وَسَارِيَةَ فَأُطْلِقَا مِنْ حَدِيدِهِمَا فَأَنْشَأَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُ [2] :
(مِنَ الْمُتَقَارَبِ)
1- بَنِي عَامِرٍ أَنْتُمُ عُصْبَةٌ ... لِعَالِي الْمَكَارِمِ مُتْبَاعَهْ
2- وَقَدْ زَانَ مَجْدَكُمُ خَالِدٌ ... بِإِطْلاقِهِ غُلَّ مجَّاعه
3- وَسَارِيَةٍ (ذَاكَ) [3] قَدْ فَكَّهُ ... وَكَانَ رَهِينَةَ مُجَّاعَهْ
4- بِعَضْبٍ حُسَامٍ رَقِيقِ الذُّبَابِ ... بكفِّ فَتًى غَيْرِ جَعْجَاعَهْ [4]
5- فإنَّ [5] الْمُخَالِفَ لابْنِ الْوَلِيدِ ... أَذَلَّ مِنَ الْفَقْعِ في القاعة [6]
6- فيا ابن الْوَلِيدِ وَأَنْتَ امْرُؤٌ/ ... تُقَاتِلُ مَنْ شَكَّ فِي السّاعه [21 أ]
7- وَمَنْ مَنَعَ الْحَقَّ مِنْ مَالِهِ ... وَنَفْسُكَ لِلذُّلِّ مَنَّاعَهْ
8- وَكَفَّاكَ كَفٌّ تَضُرُّ [7] الْعِدَى ... وَكَفٌّ لِمَنْ شئت نفّاعه






* كتاب: الردة مع نبذة من فتوح العراق وذكر المثنى بن حارثة الشيباني
المؤلف: محمد بن عمر بن واقد السهمي الأسلمي بالولاء، المدني، أبو عبد الله، الواقدي (المتوفى: 207هـ)
المحقق: يحيى الجبوري



 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...