دانييل خارمس - حفلة شرب غير منتظرة.. ت: إبراهيم فضل الله



ذات يوم ضربت أنتونينا أليكسييفنا زوجها بختم الخدمة، ولوثت جبينه بحبر الختم.
وإذ شعر بيوتر ليونيدوفيتش، زوج أنتونينا أليكسييفنا، بإهانة شديدة قفل على نفسه الحمّام، ولم يسمح لأحد بالدخول إلى هناك.
لكنّ القاطنين معه في شقة مشتركة، الذين كانوا في حاجة ماسّة للدخول إلى هناك، حيث كان بيوتر ليونيدوفيتش، قرروا كسر الباب المقفول بالقوة.
وحين فهم بيوتر ليونيدوفيتش أن قضيته خاسرة خرج من الحمام، وما إن وصل إلى غرفته استلقى على السرير.
لكن أنتونينا أليكسييفنا قررت ملاحقة زوجها إلى النهاية. مزّقت أوراقاً صغيرةً، ونثرتها فوق بيوتر ليونيدوفيتش المستلقي على السرير…
قفز بيتر ليونيدوفيتش الغاضب إلى الكوريدور، وصار يقشر ورق الجدران هناك.
وهنا خرج إليه شركاؤه بالشقة مسرعين، وإذ رأوا ماذا يفعل هجموا عليه ومزقوا صداره.
توجّه بيوتر ليونيدوفيتش مسرعاً إلى الجمعية التعاونية السكنية.
في هذه الأثناء تعرّت أنتونينا أليكسييفنا تماماً، واختبأت في صندوق.
بعد عشر دقائق عاد بيوتر ليونيدوفيتش، وقد جلب معه مدير المبنى.
وحين لم يجدا الزوجة في الغرفة قرر مدير المبنى وبيوتر ليونيدوفيتش أن يفيدا من المكان الشاغر، وأن يشربا الفودكا. أخذ بيوتر ليونيدوفيتش على عاتقه أن يجري إلى ناصية الشارع ليجلب هذا المشروب.
عندما ذهب بيوتر ليونيدوفيتش خرجت أنتونينا أليكسييفنا من قلب الصندوق، ووقفت عاريةً أمام مدير المبنى.
هبّ مدير المبنى المذهول واقفاً من على الكرسي، وجرى باتجاه النافذة، لكن رؤيته بُنيةَ قويةً لامرأة شابة في السادس والعشرين من عمرها أشعرتْه فجأة بسرور عظيم.
وهنا عاد بيوتر ليونيدوفيتش مع لتر من الفودكا.
وما إن رأى ما يجري في غرفته عقد بيوتر ليونيدوفيتش حاجبيه.
لكن زوجته أظهرت له ختم الخدمة، فهدأ روع بيوتر ليونيدوفيتش.
أبدت أنتونينا أليكسييفنا رغبتها في المشاركة بحفلة الشرب، على أن تظلّ بهيئتها العارية حتماً، وأن تجلس، بالإضافة إلى ذلك، على الطاولة حيث يفترض أن توضع المازوات مع الفودكا.
جلس الرجلان على كرسيين، وجلست أنتونينا أليكسييفنا على الطاولة، وبدأت حفلة الشرب.
لا يمكن تسمية ذلك أمراً صحّياً حين تجلس امرأة شابة عارية على الطاولة نفسها التي يأكلون منها. ثم إن أنتونينا أليكسييفنا كانت امرأة ممتلئة البنية إلى درجة كافية، ولا تميل إلى النظافة كثيراً، ومن ثم فإن الشيطان أعلم بما كان يجري على وجه العموم.
غير أنهم سرعان ما ارتووا من الشرب، وناموا: الرجلان على أرض الغرفة، أما أنتونينا أليكسييفنا فعلى الطاولة.
* دانييل خارمس: ولد في بيتربورغ سنة 1905. بدأ شاعراً، وكتب للأطفال شعراً ونثراً، ومع نهاية العشرينيات بدأ بكتابة القصص. في عام 1931 اعتقل، ونُفي إلى كورسك، ثم عاد إلى لينينغراد في عام 1932. وفي عام 1937 نشر قصيدة «من بيته خرج رجل واختفى أثره»، فأثار شبهات الخيانة من جديد حول إخلاصه للوطن السوفييتي، ومُنعت أعماله من النشر. لكنه لم يتوقف عن الكتابة، وكتب في هذه الفترة الكثير من القصص. في عام 1939 يقضي شهرين في مشفى الأمراض العقلية للعلاج. وفي آب من عام 1941 يعتقل من جديد بتهمة نشر روح الهزيمة، بالإضافة إلى عدائه القديم لوطنه السوفييتي، لكنهم لا يعدمونه أسوة بغيره من الخونة، بل يرسلونه في كانون الأول من السنة نفسها إلى سجن مشفى الأمراض العقلية، حيث يموت، من تلقاء نفسه بعد شهرين، في الثاني من شباط سنة 1942. ثم يتابع أدبه الغياب عن القارئ السوفييتي حتى عام 1960 عندما تعلن براءته من التهمة التي نُسبت إليه. ومنذ ذلك الحين تعود أعماله إلى الظهور بحذر وصعوبة، لكن التعرف إلى كتاباته، بخاصة أعماله التي لم تر النور بعد منعه من النشر، لا يتم عملياً إلا بعد البيريسترويكا وانهيار الاتحاد السوفييتي.



_________
كلمات
العدد ٢٩١٤
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...