اعترف أحد طلاب ورشة الكتابة الإبداعية، بعد أن حكمنا بقسوة شديدة على عمله، أن رأينا لا يهمه على الإطلاق لأنه في ذلك اليوم هو لم يكن هو، وإنما أخوه التوأم. قلت له أن يحذر كثيراً لأنني أيام الأربعاء عادة ما أكون أنا أخي التوأم كذلك. كان الطلاب الآخرون يستمعون إلى المشادة الكلامية باهتمام. وهكذا بعد لحظات من الدهشة والاستغراب، تدخلت روسا؛ راهبة سابقة قضت معنا ما يقارب العامين، وقالت من الواضح إنه بطريقة أو بأخرى، كل واحدٍ منكما، علاوة عن كونه هو نفسه، هو أخوه التوأم. وبما أن هذا التوأم هي امرأة جميلة وغاوية، فهي تؤثر بصوتها على من يسمعها، فالصف برمته وقع تحت تأثيرها ونحن الآن جميعنا نسخة طبق الأصل عن مجموعة طلاب حضروا في الساعة واليوم نفسهما إلى صفٍ مشابه تماماً لهذا من أجل ورشة الكتابة الإبداعية.
ما قالته روسا أسس لنقاشٍ تجلى في الصف في محورين: أولئك الذين يدافعون عن فكرة الكتابة من الأنا؛ وفي المحور الثاني أولئك الذين يدافعون عن فكرة الكتابة من الآخر. لمن من هذين التوأمين اللذين يشكلانا علينا أن نسلم ريشتنا؟
إن هذا يتوقف على النص الذي نكتبه، أجاب الأصغر في الصف، وأضاف، إنه إذا كان الأمر يتعلق بكتابة السيرة الذاتية أو بكتابة طلبٍ ما، فيجب علينا أن نكتب من الأنا، أما إذا كانت قصة حب فمن الأفضل الكتابة من الآخر. ما إن سمعت الراهبة السابقة ذلك، حتى تدخلت بشدة وقالت: هذه هي مشكلة الصف فكلنا نكتب من الأنا. حتى أنها لامتني لأنني لم ألفت الانتباه إلى هذا من قبل. وهكذا ولكي نتتهي من الموضوع سألتُ، أخيراً، الطالب نفسه الذي أكد أنه كان التوأم، إن كان هذا التمرين الذي انتهينا منه للتو قد مارسه من أناه أم من الآخر. بقي وهلة صامتاً وأجابني بعد تفكير أنه عليه أن يسأل أخاه عن الأمر. وأنا كذلك، فكرت بيني وبين نفسي.
[ترجمها عن الأسبانية:
جعفر العلوني]
*خوان خوسيه مياس Juan José Millás (مدريد 1952)، كاتب وصحفي إسباني. نشر روايته الأولى وعمره 22 عاماً. ترجمت أعماله إلى أكثر من عشرين لغة. من أعماله: "هكذا كانت الوحدة”، و"الحديقة الفارغة". نال العديد من الجوائز الأدبية والصحفية أهمها الجائزة الوطنية للرواية. حالياً يكتب في صحيفة "El país" حيث له عمود أسبوعي.