إذا ما استمعتَ لأهلِ القلوبِ
فحاذر تصفهم بقول العيوب
فإنك لست الخبير المرجّى
بسرِّ الضلوع وسرِّ القلوب
فإنّي بقيتُ عزيزًا كريمًا،
ولم أحنِ رأسي لدنيا الذنوب
فبوركَ رأسي، وما فيه يجري،
إلى يوم أقضي ورأسي طروب
ولست لأدري، وقلبي جريحٌ،
طوية نفسي إذا ما تذوب
فإنّي صموتٌ كثير السكوتِ
وها تلكَ منّي تطيلُ النحيب
وها هو قلبي تعدّى الحجاب**
فأين المعنّي بقول يطيب؟
تعال فحدّث، وزدني كلامًا،
فقولك ذلك قول لبيب!!
ولم يك شغلي بتلك الحياةِ،
أمورَ الحياةِ وشغلَ الرقيب
فوجه الحياةِ جميلُ التمني
إذا كان فيه حديثُ القلوب
وتلك الليالي مضت بخيالي
على الرغم منّي بسرٍّ رهيب
خُماري بنفسي وسرّي بنفسي
فأين الشراب النقي الرطيب؟!
تعالَ إليَّ فإني الحبيسُ
دمائي تلطخُ ديري الحبيب
وأسرع إليّ بدنِّ الشرابِ
فطهّر وجودي فأنت المصيب
لئن كنتُ عند المجوس عزيزًا *
فما ذاك إلاّ لأمر عجيب
فها ذاك قلبي بنار المجوس
تلظّى حريقًا بحرِّ اللهيب
وذاك المغنّي تغنّى طويلاً
بقولٍ جميلٍ فصيحٍ أريب:
“ألا فامض عمري فرأسي ملىء
بحبٍ قريبٍ وحبٍ بعيد”
وأمس أتاني حديث الأماني
بشوق جديدٍ وحبٍّ غريب
فأحيا حياتي بصوتٍ ينادي:
“ألا فامضِ عنّي فأنت الحبيب”.
……………
حافظ الشيرازي: هو شمس الدين محمد (1315م – 1390م)، الملقب بـ”لسان الغيب وترجمان الأسرار”.. وُلد في أصفهان.. حفظ القرآن كاملاً فعُرف بالحافظ.
* يستعمل الصوفيون مصطلح “شيخ المجوس” بمعنى الشيخ الكامل أو المرشد الواصل، كما يستعملون “دير المجوس” بمعنى مجالس العارفين.
** وردت في الترجمة على هذا النحو: وهذا قلبي تعدّى الحجاب.. (كَ تَ بَ).