نقوس المهدي
كاتب
الشعر هو نحت في جسم اللغة لرسم كائن جميل من الكلمات، يختلف كل منها عن الأخر في الشكل والوظائف وتشكل معاً صياغات لفظية تعبر عن حالة شعورية تجسد مدلولات العاطفة والإحساس في مضامينها. ومن ثم تربط تلك الصياغات اللفظية بعضها مع البعض الأخرى بقواعد لغوية تنهل من بحور الشعر مقاييسها وتتبادل معا صدر وعجز البيوت الشعرية في بناءها لتشكل رؤية شاعرية تعكس وهج المشاعر والأحاسيس النابعة من القلب وتوظفها على شكل كائنات حية تعبر عن استقلاليتها ودورها في القصيدة الشعرية. إنها ليست هياكل جامدة تعلق على واجهة القصيدة لإخفاء عيوب البناء، وإنما هي كائنات حية وظيفتها إبراز الملامح الأساس لهيكل البناء لما تحمله من شفافية ورقة تعكس جوهرها الحقيقي وتضفي عليه جمالاً أكثر. فتلك الكائنات ليست صنيعة منظومة الوعي، وإنما خُلقت في اللاوعي وتسللت خفية إلى منظومة الوعي لتعكسها على شكل قصيدة شعرية في الواقع. ولتسليط الضوء أكثر على الكائنات الحية في قصائد الحب والعشق، نبحث في المحاور أدناه:
-1-
(عاشقة تتحدى المجتمع)
الشرق عالم خاص يلتصق بالتاريخ ويعانق موروثه وعاداته وأعرافه معانقة الحبيب، يتمسك بموروثه الديني وإن تعارض مع سياقه المعاصر. الشرق بوتقة تجمع الشيء ونقيضه، يتمسك بقانون العيب ويجاهر بالعشق شعراً ونثراً وخطابة. إنه الضمير المستور للعالم، الذي يدعو إلى الإصلاح والقيم جهراً وفي داخله خراب وصراع خفي يتغنى بالثنائية: الخير والشر، العفة والرذيلة، الحلال والحرام.......إلا في الحب يشذ عن قاعدته، فالحب عنده يميل في التصريح إلى الوحدانية وينهل من (قانون العيب) سماته، للرجل فقط الحق في التصريح عن حبه وعشقه شعراً ونثراً ويفرض كل موروثه وعاداته وتقاليده وأعرافه وديانته على المرأة وقد يمنحها الحق المستور في الحب والعشق وينبذها حين تجاهر به علناً في المجتمع. فلكل قاعدة شواذ ولقاعدة الحب والعشق شواذها في الإعلان والتصريح، فما قيمة الحب والعشق إن لم يجاهر به العشيقان.
تصف ((ليلى الأخيلية)) حبيبها علناً قائلة:
"إذا حل ركب في ذراه وظله.........ليمنعهم مما تخاف نوازعه".
يفرض قانون العيب سلطته على العاشق، ويمنعه من ذكر اسم حبيبته أو قبيلتها شعراً، خوفاً على سمعتها أو خشية من أهلها وردود أفعالهم ضده بالرغم من أن جميع التلميحات المستورة في الشعر تُعرف بشخصية الحبيب وتدلل على مكانه لكنها تبقى في إطار سترها ولاتخرج عن الضوابط والشروط التي يفرضها قانون العيب. كثيراً ما فرض قانون العيب أحكامه الجائرة على العشاق فأهدر دمهم أو تعرض العاشق لما لايحمد عقباه عند خروج تلميحاته الشعرية عن سياقها المستور.
وقد نال العديد من العشاق الخارجين عن تلك القاعدة نصيبهم من الأذى والتشرد والتخفي خوفاً من الانتقام، لكن حين تخرج عاشقة عن تلك القاعدة وتعلن عن اسم عشيرة عاشقها جهراً فهذا هو الاستثناء الأكثر شذوذاً عن القاعدة.
تتحدى ((ليلى الأخيلية)) قانون العيب وتشذ عن القاعدة وتسمي قبيلة عاشقها علناً وتجعله فوق أقدار الآخرين قائلةً:"جزى الله خيراً والجزاء بكفه.........فتى من عقيل ساد غير مُكلف
فمتـى كـانت الدنيا تهوى بأسرها........علـيه ولاينفك جـم التصرف".
إذا كان شعر العاشق يفعل، فعله في أسر عواطف وأحاسيس عشيقته في عالم الشرق، فماذا تعمل كلمات عاشقة بحق عشيقها حين تتحدى كل قيم وأعراف المجتمع لتعلن حبها له من منبر الشعر الأعلامي للقبيلة. هل كانت لتلك الظروف حظاً أقوى من حظها في العالم المعاصر؟. إنها النخبة الشعرية التي تتبارز علناً لا من أجل إعلان الحرب وأنما من أجل إعلان العشق الذي يبحث عن مسالك الحب والعاطفة والإحساس بعيداً عن الصراع والحروب بين مجتمع القبائل.
إن تعلن عاشقة عن تحديها للمجتمع، يعني أنها تتحلى بسمات القوة والتحدي والإيمان بالحب ذاته. وحين يطلب منها أن تصف سمات عشيقها، تنحت الكلمات وتروض المعاني وتبني الصياغات بناءاً شعرياً يلخص سمات عشيقها حيث تصف ((ليلى الأخيلية)) سمات عشيقها قائلةً:
"غضوب، حليم حين يطلب حلمه...........وسم زعاف لاتصاب مقاتله".
تلك هي ليلى شاعرة العشق، متحدية المجتمع تجاهر بعواطفها وأحاسيسها. ترفض أن تنصاع لقانون العيب وشروطه ولعالم الشرق وسماته، إنها تسمي بالأشياء بأسمائها معبرة عن كينونتها الإنسانية.
.../...
-1-
(عاشقة تتحدى المجتمع)
الشرق عالم خاص يلتصق بالتاريخ ويعانق موروثه وعاداته وأعرافه معانقة الحبيب، يتمسك بموروثه الديني وإن تعارض مع سياقه المعاصر. الشرق بوتقة تجمع الشيء ونقيضه، يتمسك بقانون العيب ويجاهر بالعشق شعراً ونثراً وخطابة. إنه الضمير المستور للعالم، الذي يدعو إلى الإصلاح والقيم جهراً وفي داخله خراب وصراع خفي يتغنى بالثنائية: الخير والشر، العفة والرذيلة، الحلال والحرام.......إلا في الحب يشذ عن قاعدته، فالحب عنده يميل في التصريح إلى الوحدانية وينهل من (قانون العيب) سماته، للرجل فقط الحق في التصريح عن حبه وعشقه شعراً ونثراً ويفرض كل موروثه وعاداته وتقاليده وأعرافه وديانته على المرأة وقد يمنحها الحق المستور في الحب والعشق وينبذها حين تجاهر به علناً في المجتمع. فلكل قاعدة شواذ ولقاعدة الحب والعشق شواذها في الإعلان والتصريح، فما قيمة الحب والعشق إن لم يجاهر به العشيقان.
تصف ((ليلى الأخيلية)) حبيبها علناً قائلة:
"إذا حل ركب في ذراه وظله.........ليمنعهم مما تخاف نوازعه".
يفرض قانون العيب سلطته على العاشق، ويمنعه من ذكر اسم حبيبته أو قبيلتها شعراً، خوفاً على سمعتها أو خشية من أهلها وردود أفعالهم ضده بالرغم من أن جميع التلميحات المستورة في الشعر تُعرف بشخصية الحبيب وتدلل على مكانه لكنها تبقى في إطار سترها ولاتخرج عن الضوابط والشروط التي يفرضها قانون العيب. كثيراً ما فرض قانون العيب أحكامه الجائرة على العشاق فأهدر دمهم أو تعرض العاشق لما لايحمد عقباه عند خروج تلميحاته الشعرية عن سياقها المستور.
وقد نال العديد من العشاق الخارجين عن تلك القاعدة نصيبهم من الأذى والتشرد والتخفي خوفاً من الانتقام، لكن حين تخرج عاشقة عن تلك القاعدة وتعلن عن اسم عشيرة عاشقها جهراً فهذا هو الاستثناء الأكثر شذوذاً عن القاعدة.
تتحدى ((ليلى الأخيلية)) قانون العيب وتشذ عن القاعدة وتسمي قبيلة عاشقها علناً وتجعله فوق أقدار الآخرين قائلةً:"جزى الله خيراً والجزاء بكفه.........فتى من عقيل ساد غير مُكلف
فمتـى كـانت الدنيا تهوى بأسرها........علـيه ولاينفك جـم التصرف".
إذا كان شعر العاشق يفعل، فعله في أسر عواطف وأحاسيس عشيقته في عالم الشرق، فماذا تعمل كلمات عاشقة بحق عشيقها حين تتحدى كل قيم وأعراف المجتمع لتعلن حبها له من منبر الشعر الأعلامي للقبيلة. هل كانت لتلك الظروف حظاً أقوى من حظها في العالم المعاصر؟. إنها النخبة الشعرية التي تتبارز علناً لا من أجل إعلان الحرب وأنما من أجل إعلان العشق الذي يبحث عن مسالك الحب والعاطفة والإحساس بعيداً عن الصراع والحروب بين مجتمع القبائل.
إن تعلن عاشقة عن تحديها للمجتمع، يعني أنها تتحلى بسمات القوة والتحدي والإيمان بالحب ذاته. وحين يطلب منها أن تصف سمات عشيقها، تنحت الكلمات وتروض المعاني وتبني الصياغات بناءاً شعرياً يلخص سمات عشيقها حيث تصف ((ليلى الأخيلية)) سمات عشيقها قائلةً:
"غضوب، حليم حين يطلب حلمه...........وسم زعاف لاتصاب مقاتله".
تلك هي ليلى شاعرة العشق، متحدية المجتمع تجاهر بعواطفها وأحاسيسها. ترفض أن تنصاع لقانون العيب وشروطه ولعالم الشرق وسماته، إنها تسمي بالأشياء بأسمائها معبرة عن كينونتها الإنسانية.
.../...