شهاب الدين الخلوف - بُدُورُ خُدُودٍ لَيْلُهُنَّ الضَّفَائِرُ

بُدُورُ خُدُودٍ لَيْلُهُنَّ الضَّفَائِرُ = وَبَان قُدُودٍ وَجْهُهُنَّ المَآزِرُ
وَغِيدُ رِيَاضٍ أبْرَزَت لَحَظَاتُهَا = أسُودَ عُيُونٍ غَابُهُنَّ المَحَاجِرُ
نَفَرنَ وَلاَ غَيْرَ العُيُونِ أوَانِسٌ = وَصَلْنَ وَلاَ غَيْرَ الجُفِونِ كَوَاسِرُ
وَطِبنَ وَلاَ غَيْرَ النُّهُودِ أزَاهِرٌ = وَلُحْنَ وَلاَ غَيْرَ القُدُودِ زَوَاهِرُ
مَهاً دُعَجٌ الأجْفَانِ ضَامِرَةُ الحَشَا = عِذَابُ اللَّمَى لُدنُ القٌدٌودٍ جًآذٍرٌ
جَاذِرُ تَصْطَادُ الأسُودَ حِبَالُهَا = وَيَا كَيْفَ تَصْطَادُ الأسُودَ الجَآذِرُ
نَوَافِرُ لَمْ يَأنَسْنَ يَوْماً لِرِيبَةٍ = وَلاَ عَجَبٌ إنَّ الظِّبَاءَ نَوَافِرُ
تَهَادَيْنَ لَمَّا أنْ هَدَتْهُنَّ غَادَةٌ = لَهَا النُّورُ جِسْمٌ وَالظَّلاَمُ غَدَائِرُ
هَضِيمَةُ بَحْرِ البُنْدِ أمَّا وِشَاحُها = فَصَادٍ وَأمَّا ردْفُهَا فَهْوَ صَادِرُ
مَحَا مِلَّةَ السُّلْوَانِ مَبْعَثُ حُسْنِهَا = فَكُلُّ لِدِينِ الحُبّ فِيهَا مُؤَازِرُ
لَهَا نَاظِرٌ كَالنَّرْجِسِ الغَضّ ذَابِلٌ = وَقَدٌّ كَغُصْنِ البَانِ رَيَّانُ نَاضِرُ
وَثَغْرٌ كَفَرقِ الصُّبْحِ أبْيَضُ نَاصِعٌ = وَشَعْرٌ كَفَرْعِ اللَّيْلِ أسْوَدُ عَاكِرُ
وَلَحْظٌ إذَا مَا جَالَ في صَرْحِ جَفْنِه = تَيَقَّنْتَ أنَّ اللَّيْثَ فِي الغَابِ كَاشِرُ
يُضْلُّ بِدَعْوَاهُ الوَرَى وَهْوَ مُنْذِرٌ = وَيَهْدِي إلَى دِينِ الهُدَى وهو سافِرُ
يَقُولُونَ جَانِبْ لَحْظَهَا فَهْوَ فَاتِكٌ = وَقَلْبُكَ خَفَّاقٌ وَصَبْرُكَ غَادِرُ
وَمَا عَلِمُوا أنَّ القُلُوبَ كَمَائِمُ = وَأنَّ العُيُونَ الفَاتِكَاتِ أزَاهر
وَلاَحَتْ فَأخْفَى حُسْنُهَا كُلَّ نَيِّرٍ = وَقَدْ صَحَّ أنَّ النَّيِّرَيْنِ ضَرَائِرُ
إذا أعْجَرَت كَيْ تَخْتَفِي شَمْسُ حُسْنِهَا = نَمَمْنَ عَلَى مَا تَحْتَهُنَّ المَعَاجِرُ
وَإنْ سَفَرَتْ كَيْ يَهْتَدِي رَكْبُ حُبِّهَا = أضَلَّتْ مُحِبِّيهَا البُدُورُ السَّوَافِرُ
يَلُوحُ بِهَا بَدْرٌ وَيَلْحَظُ شَادِنٌ = وَيَخْطُرُ خُطَّافٌ وَيَصْدَحُ طَائِرُ
أكَلِّفُ ذِهْنِي وَصْفَهَا وَهْوَ حَائِرٌ = وَعَنْ بَعْضِ مَا كَلَّفْتُهُ الفّهْمَ قَاصِرُ
أجِيرَاننَا حَيَّا الرَّبِيعُ رُبُوعَكُمْ = وَإنْ بَعُدَ المَسْرَى وَغَابَ المُجَاوِرُ
وَحَيَّا الحَيَا تِلْكَ الرُّبُوعِ وَجَادَهَا = بِلَثً مِنَ الوَسْمِيّ هَامٍ وَهَادِرُ
رُبُوع إذَا مَا اللَّيْلُ أظْلَمَ أشْرَقَتْ = بِآفَاقِهَا تِلْكَ النُّجُومُ الزَّوَاهِرُ
كَأنَّ بِهَا نَبْلا وَهُنَّ كَنَائِنٌ = عَلَيْهِ وَالْحَاظاً وَهُنَّ مَحَاجِرُ
خَلِيلَيَّ قُومَا وَاسْمَعَا مَا أبُثُّهُ = فَإنِّي لِمَا يطْوِي الفُؤَادُ لَنَاشِرُ
وَلاَ تَسْأمَا طُولَ الحَدِيثِ فَإنَّمَا = يَطِيبُ إذَا طَابَ الخَلِيلُ المُسَافِرُ
وَلاَ تُوحِشَا طَيْفَ الخَيَالَ فَإنَّهُ = يَقَرُّ بِعَيْنَيَّ الخَيَالُ المُزَاوِرُ
وَلاَ تُنْكِرَا ذِكْرَ العَقِيقِ وَباَرِقٍ = فَإنِّي وَمَا أنْسِيتُ لِلشطّ ذَاكِرُ
وَلاَ تَيْأسَا مِنْ روْحِ عَهْدِ مَوَدَّةٍ = فَلاَ العَهْدُ مَنْسِيُّ وَلاَ الوُدُّ دَائِرُ
ألاَ سَبِيلِ الحُبّ قَلْبٌ تَركْتُهُ = عَشيَّةَ غَصَّتْ بِالْقُلُوبِ الحَنَاجِرُ
وَجَالَتْ رِيَاحُ الخَطّ وَهْيَ مَعَاطِفٌ = وَهَبَّت سُيُوفُ الهُدْبِ وَهْيَ نَوَاظِرُ
بِحَيْثُ أثَارَ الجَوُّ نَقْعَ دُجَائِهِ = وَقَدْ صَارَ زِنْجِيُّ الظَّلاَمِ المُغَاوِرُ
وَلاَ هُزِمَتْ لِلَّيْلِ فِي الغَرْبِ رَايَةٌ = وَلاَ قَام لِلإصْبَاحِ فِي الشَّرْقِ ثَائِرُ
أقَلِّبُ في الأفْلاَكِ طَرْفاً يَخَالُهَا = رِيَاضَ بَهاً وَهْيَ النُّجُومُ أزَاهِرُ
فَلاَ الشهْبُ فِي نَهْرِ المَجَرَّةِ تَنْطَفِي = بِرُغْمِي وَلاَ بَحْرُ المَجَرَّة غَائِرُ
وَقَدْ فَرَّ مِنْ جَفْنِي الكَرَى فَلأجْلِ ذَا = عَلَيْهِ جُفُونِي فِي الظَّلاَمِ دَوَائِرُ
أيَا كَوْكَبَ الصُّبْحِ الذِي بَهَرَ الوَرَى = وَبُرْهَانُ صِدْقِي أنَّ حُسْنَكَ بَاهِرُ
لَقَدْ أوْدَعَتْ عَيْنَاكَ قَلْبِي سَرَائِراً = وَحُكْمُ الهَوَى أنْ لا تُذَاعَ السَّرَائِرُ
بِرُوحِي رَبِيعاً مِنْ خُدُودِكَ أوَّلاً = تَلاَهُ رَبِيعٌ مِنْ عِذَارِكَ آخِرُ
أمَا وَعَقِيقٍ مِنْ دُمُوعٍ كَأنَّهَا = عَلَى صَحْنِ خَدّي لُؤْلُؤٌ مُتَنَاثِرُ
لَقَدْ شَاقَنِي فِي غَيْهَبِ الأفْقِ بَارِقٌ = كَمَا هَاجَنِي فِي مِنْبَرِ الأيْكِ طَائِرُ
لأوْقَاتِ أنْسٍ بَيْنَ شَادٍ وَشَادِنٍ = كَمَا اقْتَرَحَ اللَّذَّاتِ صَاغٍ وَنَاظِرُ
قَضَيْتُ بِهَا أوْطَارَ لَهْوٍ كَأنَّمَا = غَفَا الدَّهْرُ عَنْهَا فَهْوَ وَسْنَانُ سَاهِرُ
لَدَى رَوْضَةٍ وَشَّى السَّحَابُ رُبُوعَهَا = بِوَشْيِ رَبِيعٍ دَبَّجَتْهُ الأزَاهِرُ
بِحَيْثُ نَجَاشِيُّ الدُّجَى سَلَّ سَيْفَهُ = وَقَدْ جَالَ خَاقَانُ الصَّبَاحِ المُفَاخِرُ
وَحَيْثُ الضّيَا دُقَّتْ بَشَائِرُ وَفْدِهِ = وَقَدْ أعْلَنَتْ بِالبِشْرِ تِلْكَ البَشَائِرُ
وَحَيْثُ أمَالَ الرِيحُ أعْرَافَ بَانِهِ = عَلَى مِثْلِهَا فَهْيَ القُلُوبُ طَوَائِرُ
وَحَيْثُ حَمَامُ الأيْكِ أفْصَحُ خَاطِبٍ = تَحِنُّ لِفَحْوَى النُّطْقِ مِنْهُ المَنَابِرُ
وَحَيْثُ عُيُونُ النَّرْجسِ الغَضّ نُظَّرٌ = تَجُولُ وَأفْوَاهُ الأقَاحِ فَوَاغِرُ
وَحَيْثُ اطِّرَادُ النَّهْرِ قَدْ سَلَّ مُرْهَفاً = كَمَا سُلَّ لِلْمَسْعُودِ في النَّقْعِ بَاتِرُ
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...