فاروق خورشيد - قراءة جديدة في الليالي العربية الليلة الواحدة بعد الألف

هذه القراءة إلى رفع قناع البراءة والسذاجة التي تعمدها كاتب الليالي لإخفاء أعماقها المشحونة بالفكر والرؤى الناضجة اجتماعيا وسياسيا وفلسفيا أيضا. فقد كان في إيمان هذا الكاتب أن يمتنع على الذين يملكون سلطة المصادرة وأن يصل إلى أصحاب الفهم والمعرفة.

لم تكن المصادفة وحدها هي التي جعلت الليلة الواحدة بعد الألف من الليالي تجمع بين نهاية ألف ليلة وليلة نفسها، وبن نهاية آخر حكاياتها الممتعة، وهي حكاية معروف الإسكافي. ففي حكاية معروف الإسكافي على بساطتها، وعلى ما تمتلئ به من سذاجة في الحدث، وتحديد في الشخصيات، واعتماد على القوى الخارقة في الخروج من مآزق تقع فيها شخصياتها، وتبدو مستحيلة الحل..ما يجعلنا نعيد النظر فيها من منظور احترام الفنان الكاتب، واحترام الكتاب العالمي، واحترام الأدب الشعبي العربي بعامة..ومن هنا كان لا بد من قراءة جديدة لها..والقراءة الجديدة لليالي تعني أننا لا نعترف بالسذاجة التي تعمدها الكاتب حتى يخفى حقيقة القول الذي يريد أن يقدمه إلى الناس. وتعنى أيضا أننا لا نعترف بالقراءات المتعجلة السابقة إلى نظرت إلى الليالي ككتاب تسلية وإثارة ومتعة..أضافت إليها بعض العقول المصمتة مقولة أنها (غير بريئة).والليالي - كعمل فني متميز، شق طريقه إلى العالمية بجدارة - ليست بريئة بالقطع. ولكنها بريئة بالقطع أيضا من تهم الإثارة الجنسية والإباحية والخروج عن الجادة، كما حاول أن يفهمها أصحاب العقول المصمتة، والرغبات الجنسية المكبوتة.. ولكنها غير بريئة من الناحية الفنية، فهي خلف السطح الساذج، والبريء لحكاياتها تحمل من القضايا الفنية، ما وطد لها مكانتها العالمية. فكل قصة تحمل من القضايا الاجتماعية والسياسية والفلسفية، ما حمل للعالم رسالة حضارة تدافع عن الإنسان، وتخوض في القضايا التي تعوق تفوقه وتقدمه باستشراف فني، سبق - في كثير من الأحيان - أعظم الأعمال الأدبية العالمية التي تصدت لنفس القضايا وعالجتها..

وهذه الحكاية - معروف الإسكافي - التي انتهت مع الكتاب في الليلة الوحدة بعد الألف، بدأت قبل هذا منذ الليلة تسعمائة واثنتين وثمانين.

ونحن أمام بداية طريفة لحكاية رجل فقير إسكافي، وهو لا يصنع الأحذية إنما يرقعها، فرزقه إذن محدود، وخاضع للظروف. وزوجته امرأة سليطة متسلطة تركبه بالأذى في رزقه وبدنه وكرامته على السواء. وشهرزاد تعرف أن هذه البداية وحدها كفيلة بإثارة فضول شهريار، فيدركها الصباح بعد المقدمة مباشرة، لتبدأ في أحداث الحكاية في الليلة التالية - والحكاية نفسها في بساطة هذه البداية التي قدمت لها.. فالزوجة الفقيرة المشاكسة تطلب من زوجها الفقير المسالم (كنافة بعسل النحل).. وهو هم صغير لأسرة فقيرة، وقد يثير الضحك، وقد يدعو أو السخرية، ولكنه هم كبير بالنسبة للإسكافي الذي يعانده الحظ فلا يحظى من الزبائن من يوفر له حق الكنافة بعسل النحل.. ويعطف عليه الكنفاني حين يراه باكيا متحسرا يرقب الكنافة في محله فيعطيه الكنافة ولكن بعسل القصب لا بعسل النحل بالأجل حتى يرزقه الله فيسدد ثمنها،..ولكن هذا كله لا يلقى إلا الغضب والسفاهة من الزوجة الشرسة أو (العرّة) كما اسماها مؤلف الحكاية التي ترفض أن تأكل الكنافة بعسل القصب، وتتطاول عليه بالضرب وتكسر له أحد أسنانه، وفي الصباح تتوعده من جديد، فيخرج على وعد أن يأتي لها هذا اليوم بما تريد. ولكنه ما يكاد يفتح الدكان حتى يجد حراسا من طرف القاضي يسوقونه إلى مجلسه. وهناك يفاجأ بزوجته التي شكته إلى القاضي، تقيم الدنيا وتقعدها، وهي واقفة تبكي، وتدعى أنه كسر سنة وكسر فراعها، ومرفقها ملوث بالدم. ويستجوبها القاضي، ويفهم الموقف فيصلح بينهما ويأمرها بأن تطيع زوجها، وألا تثقل عليه. وتذهب الزوجة إلى منزلها، ويذهب هو إلى دكانه، وإذ برسل القاضي يطلبون منه أجر الخدمة، ولا يجد أمامه إلا أن يبيع أدواته ليدفع لهم من ثمنها ما يريدون. ولكنه ما يكاد يعود إلى الدكان حتى يجد رسل قاض آخر يطلبونه للمثول بين يديه، إذ راحت زوجته واشتكته مرة أخرى إلى قاض آخر.. وأمام القاضي الجديد يحكى معروف الإسكافي ما فعلته به زوجته، ويتأكد القاضي من صدق حكايته عندما يستمع إلى سفاهة هذه المرأة السليطة، وينههما القاضي الجديد، ويدفع معروف سعي الرسل، ولم يبق معه من ثمن عدته التي باعها سوى ثمن الخبز والجبن، وإذ يعود بما اشتراه إلى الدكان فيفاجأ بمن يخبره أن (أبو طبق) رسول الوالي يبحث عنه لان زوجته قد اشتكته في الباب العالي.. وتضيق الدنيا في عينيه فيغلق الدكان ويهيم على وجهه في شوارع مصر المحروسة حتى يصل إلى باب النصر، وينزل عليه المطر حتى تبتل ثيابه فيلجأ إلى (حاصل مهجور من غير باب) وجسده يقطر ماء المطر، وعيناه تسفحان دموعهما، وهو يدعو الله أن يبعده عنها في بلاد بعيدة لاتصل إليها يدها ولا يصل إليها لسانها..

ونترك معروفا في موقفه هذا، كما يفعل قصاص الليالي بأبطالها، ونقف وقفة قصيرة عند هذا الجزء من الحكاية.

قاع المجتمع

نحن هنا في قاع المجتمع المصري، فنحن نلمس الفقر المدقع، ونعيش أحلام الفقراء ونحن نلمس الجهل الكامل، في سلوكيات الزوجة السليطة، وانقياد هذا الحرفي الفقير، ونحن نلمس الخوف في السلطة، أو الباب العالي، حين يهرب معروف إذا ما وصل الأمر إلى استدعاء (أبو طبق) له، فهنا لا أمان، ولا عدالة.

ولكننا في نفس الوقت نلمح مجموعة من القيم التي يتميز بها هذا المجتمع.. منها التعاطف والتكافل، إذ يعطى الكنف أنى لمعروف ما تطلب الزوجة، لحين ميسرة. وإذ يقف الجيران كلهم إلى جوار معروف، ويشهدون لصالحه أمام القاضي. وإذ يسرع أحد الجيران ليحذره من (أبوطبق) وبحثه عنه.. كما نحس نوعا من الاطمئنان إلى عدالة القضاة، وصدف تفهمهم لقضايا هذا المجتمع الفقير، ومما يسوق الفقر والجهل إليه من تشوهات في السلوك.

القراءة الأولى لهذا الجزء من القصة، ترسم صراعا بين معروف وفاطمة، هو غير قادر وهي تريد ولو شيئا صغيرا من طرائف الحياة المتجسدة في مأكل حلو غالى الثمن على من له مثل إمكاناته..ولكنه يصارع من أجل تحقيق هذه الغاية الصغيرة، ويفشل. وتدور فاطمة تعذبه، وتلح عليه، وتسوقه من قاض إلى قاض حتى تصل إلى الباب العالي نفسه.

ولكننا في القراءة الثانية لهذا الجزء من القصة، نستطيع أن نقول إن هذا الصراع يدور في أعماق معروف نفسه وأن دور فاطمة (العرة) فيه، هو أن تجسده تجسيدا دراميا واضحا. فهذا الحرفي المكافح في صدق ودأب يعجز عن أن يوفر لنفسه ما يمكن أن تصبو إليه من متع متاحة لغيره، ولكنها محرمة عليه، بعيدة عن متناوله مما يدفعه ليهرب من كل شيء وأول هذه الأشياء ذاته نفسها.

والولادة الجديدة للبطل في الأدب الشعبي بعامة، تعني عملية انتقال من مرحلة في الرواية إلى مرحلة أخرى، وتعني أيضا تغيرا في وجود البطل من معنى ورمز، في وجود آخر للبطل يشي بمعنى آخر ورمز آخر.

تحكي شهرزاد عن حيرة معروف الإسكافي حين نزل من الجبل إلى المدينة الجديدة والغريبة عليه، فأخذ الناس يتأملونه في دهشة لغرابة ملابسه، وإذ عرفوا أنه من مدينة مصر دهشوا لان بينهم وبينها مسيرة سنة كاملة ويتهمونه بالجنون، ولكنه يخرج لهم خبز مصر الذي اشتراه بالأمس بما بقي معه من ثمن (العدة) التي باعها، فإذا هو مازال طريا..ويختلفون حوله، ويثيرون الجدل واللغط إلى أن يمر به تاجر غني حوله العبيد، فيفرق الناس من حوله ويصحبه في داره ويسأله عن حكايته، ويضع أمامه من الطعام ما لا يعرف وما لم ير في حياته كلها.. إن هذا التاجر الذي التقطه وحماه وأطعمه لم يكن اهتمامه من فراغ، ويتضح هذا من الحوار الذي دار بينهما أثناء أكل معروف، فهو من مصر، بل هو من نفس الحي الذي ولد فيه معروف وهي حي الدرب الأحمر، ومعروف يعرف أباه وأخوته، وكان صديقا للأخ الثالث الذي اختفى من مصر من زمن وهرب من أهله إثر علقة أخذها من أبيه لشقاوته وسرقته أموال الكنائس، ويؤكد معروف أن هذا الأخ وهو حسن هرب من عشرين عاما، ويؤكد له التاجر أنه هو حسن بنفسه، وقد قادته قدماه إلى هذه المدينة واسمها عجيب وهو (اختيان الختن).

وصار حسن التاجر يتاجر بأموال الناس التي أخذها منهم ويرد لهم من الربح الذي يحصل عليه، ويحسن معاملتهم، ويتصدق على الفقراء حتى احتل مكانا مرموقا بينهم..ثم يقول له ملخصاً خبرته الجديدة في هذه المدينة (اختيان الختن): (واعلم يا أخي أن صاحب المثل يقول: الدنيا فشر وحيلة..والبلاد التي لا يعرفك أحد فيها مهما شئت فافعل فيها)..ثم ينصحه ألا يقول لهم الحقيقة فهم لن يصدقوه، وخاصة إذا حكى لهم حكاية العفريت الذي حمله إلى هذه البلاد..ثم يضع له خطته التي يمكن له أن يعيش بها في المدينة طبقا للقاعدة الجديدة التي استنها له، فهو سيعطيه ألف دينار، وسيجلس في السوق وسط التجار، فإذا مر عليهم معروف وقد ارتدى لبس التجار الأثرياء الذي سيعيره حسن إياه، فسيقوم له ويعظمه أمامهم ويحييه ويسأله عن حملته فهو تاجر كبير معروف، يملك تجارة كبيرة لا شك أنها ستتبعه في المدينة، وعلى معروف أن يبدي معرفته بكل أنواع الأقمشة، وكل أنواع التجارة الأخرى، ثم عليه أيضا أن يتصدق بسخاء أمام التجار، حتى يعلو قدره بين الناس..

البناء الفني للحكاية

وتنكشف أشياء كثيرة في عمق البناء الفني للقصة..فمعروف يجد في هذه المدينة المجهولة، صديقا قديما عرفه من عشرين عاما. وهو صبي يستعمل خلفياته هنا في هذه المدينة، فإذا هو ينجح، ويثرى، ويحتل مكانا رفيعا، لا من ناحية المال وحسب، وإنما من ناحية المكانة الاجتماعية أيضا..فمعروف الرجل الذي عاش صادقا لا يعرف إلا كسب يده، ولا يقول إلا الصدق لنفسه ولامرأته وللناس، يرى في هذه المدينة التي قذفه إليها المارد (اختيان الختن) هذا الصديق القديم الذي نجح لأنه عاش الكذب والاحتيال، واستغل مال الناس وطيبتهم، وثقتهم الزائدة في كل ما يقوله الغريب: واسم المدينة نفسه، (اختيان الختن) يأتي من (الختن) أو الصهر ومن الاختيان أو الأصهار. ففي اسم المدينة ما يشي بعلاقة الزوج أو المصاهرة بين مصر المحروسة، وبين هذه المدينة التي وجد نفسه فيها..

ويبدأ التحول الجديد في حياة معروف الإسكافي..فمعروف لا يسير على نصائح التاجر حسن وحسب، بل يتفوق عليه، فهو يبهر تجار المدينة بحديثه عن (الحملة) التي ينتظرها، والتي ستلحق بالمدينة، كما يبهرهم بترديد ما حفظه من حسن عن أنواع الأقمشة والتجارات، وما يعطيه للسائلين لفقراء من هبات ..ثم يبهر حسن نفسه بمقدار الثقة التي زرعها في نفوس تجار المدينة به وبثرائه وبمعرفته بالجواهر الثمينة والمعادن الغالية، حتى استطاع بحكم هذه الثقة، وبحكم استغلاله لجشعهم وحبهم للربح السريع، وما وعدهم به بأن يرد الدين مضاعفا أن يأخذ أموالهم..ثم أدهش حسن أيضا بأنه لم يفعل فعله الذي حكاه له، أي أنه لم يتاجر بهذه الأموال التي يستعيرها من التجار، بل يتصدق بها جميعا، ويقترض ويزيد من اقتراضه، ويبذر المال وينفقه ويزيد من تبذيره وإنفاقه..والتجار الذين يقرضونه كلهم أمل في أن يستردوا أموالهم حين تصل (الحملة) الموعودة والمرتجاة إلى مدينتهم..ولكن حسنا وحده الذي يعرف أن لا حملة هناك وأن أموال التجار ضائعة لا محالة. وحين يواجه حسن معروفا يفاجأ بأن معروفا يكرر له نفس الكلام الذي يقوله للناس. ويزيد عليه التأكيد بأنه سيرد للناس نقودهم مضاعفة حين تصل الحملة..ثم يفجعه بتعاليه عليه وسخريته من سذاجته. ويحتار التاجر حسن الذي يحس أن معروفا تفوق عليه في أكاذيبه وخداعه، هنا ونصل في نقطة تحول جديدة في القصة، النقطة التي يواجه فيها معروف نتيجة ما قدمت يداه من كذب ونصب واحتيال عندما يشكوه التجار للملك..فالملك جشع طماع، والوزير جشع شكاك، والحكاية حين يحكيها التجار أمامهما، تثير في الملك جشعه وطمعه، وتثير في الوزير جشعه وشكه..والذي أثار الطمع والشك، هو كرم هذا التاجر الذي يشكون منه، فهو قد استدان ستين ألف دينار وزعها كلها على الفقراء بسخاء ممدوح لا شك..ويقول الملك: "ما لم يكن هذا التاجر عنده أموال كثيرة ما كان يقع منه هذا الكرم كله، ولا بد أن تأتي حملته، ويجتمع هؤلاء التجار عنده، ويفرق عليهم أموالا كثيرة، فأنا أحق منهم بهذا المال، فمرادي أن أعاشره، وأتودد إليه، حتى تأتي حملته، والذي يأخذه منه هؤلاء التجار آخذه أنا، وأزوجه ابنتي، وأضم ماله إلى مالي)..ويحذره الوزير، ولكن الملك يصر، ويقرر أن يمتحنه بأن يعرض عليه جوهرة ثمينة ليرى هل سيعرفها ويعرف ثمنها، أم هو جاهل لا يعرف قدرها، فيصدق عليه شك الوزير، ويكون نصابا يعاقب على احتياله ونصبه. ولكن لقاء الملك بمعروف يسفر عن اقتناعه الكامل به، بل هو يضغط على الجوهرة بإبهامه فتتحطم، ويسخر من الملك إذ يسمي هذه القطعة من المعدن التي لا تساوي غير ألف دينار جوهرة، بينما الجواهر الحقيقية لا يقل ثمن الواحدة منها عن سبعين ألف دينار. وبيهر الملك ويبهت الوزير، ويصر الملك على أن يزوج هذا التاجر الثري الكريم ابنته، ويأمر وزيره أن يتوسط في أمر هذا الزواج..والوزير نفسه في حيرة من أمره، فهو قد كان طامعا في زواج ابنة الملك، وتولي الملك في المدينة بعد موته..ولكنه مع هذا يفاتح معروف في رغبة الملك ويفاجأ بأنه يحتج بأن حملته لم تصل ويقول: " ولكن يصبر علي حتى تأتي حملتي، فان مهر بنات الملوك واسع" ويتعلل بأنه سوف يعطي عطاءات كثيرة للجميع - ويذكر تفاصيلها -..وبهرت هذه الزحمة من العطاءات الملك حين نقلها إليه الوزير. فيوبخ الوزير على سابق شكه فيه، ثم يأمره أن يحضره إليه ليلاقيه. وجها لوجه..فإذا ما التقيا اندفع الملك بكل حماس الجشع الذي رأى أمامه حلمه، ثروة مقبلة يفتح خزائنه وقلبه وابنته أمام معروف، ويطلب منه أن يأخذ ما يشاء من خزانة الملك حتى تجيء (الحملة) ويسدد ما أخذه، فقد وهبه ابنته، ويشرفه أن يتزوج مثله من، مثلها، وبالفعل يتم الزوج في حفل يرضى معروف، وأحلام معروف، ويرضى الملك وغرور الملك، ويرضى الأميرة، وزهوها بشبابها، ومكانة أبيها. في حفل بهيج بهر المدينة كلها يتزوج معروف (الإسكافي) بابنة الملك..ويقف كاتب الليالي ليصف كل شيء في رقة، وفي تفاصيل، وفي إثارة، ولا ينسى أبدا الإثارة الجنسية لحظة لقاء معروف بالأميرة ويتفنن كاتب الليالي في وصف الجنس بأحداثه، ورموزه، وأثارته التي برع في فيها، حتى أنسى الناس حقيقة الهدف القني، وصرفهم تماما، وأمتعهم تماما، ببراعة تصوير الإثارة والجنس. ولكن قصة الليالي بكل عطائها الشائق والمثير تستمر، فنحن أمام ليلة حالمة من ليالي ألف ليلة وليلة، يحرج منها معروف بحب زوجته، التي عرفت فيه الإنسان القديم، الذي أخفاه الزيف، وأخفته الأكاذيب، ولكنها كامرأة، وكمحبة عرفت وأحست أن رجلها ليس خدعة - وإن كان خدعة - وليس وهما، بل هو حقيقة، وليس زيفا وإنما هو معدن حقيقي، حين وجدها تعرفه وتفهمه، وتدرك حيرته وقلقة، وتعرف خوفه، وتوفزه. هذه المرأة هي نقطة التحول الحقيقي في وجوده وكيانه، في حياته ومبادئه، في مواجهته للمعنى والصدق، أمام ما يقدم من زيف وخديعة. وعلى طريقة الليالي المثيرة، يعيش الملك في وهمة وجشعه، ويعيش الوزير في حذره وخبئه ويعيش معروف في خدعته وحلمه؟ وتعيش الأميرة في حبها وثقتها فيمن تحب، إلى أن تصل المسألة إلى الخزانة، وأن شكوك الوزير أخيرا قد وصلت إلى قلب الملك، وأيقظت فيه حس الحذر والخوف على ما أنفق من مال بدده هذا السفيه الذي لا أثر للحملة التي وعد بها، ولا خبر..ويلجأ الاثنان إلى الأميرة فهي التي تعرف حقيقة زوجها بعد أن عاشرته وأحبها..ويطلبان منها أن تخادعه حتى تكشف حقيقة أمره، فهي قادرة في لحظات الصفاء أن وكانت الأميرة قد بدأ الشك يساورها في حقيقه ثروة زوجها المزعومة.

وتلتقي الأميرة زوجها لقاء مودة وصفاء، وتخبره بأمر وصول صبر أبيها إلى آخر قدراته، وتطلب منه أن يقول لها الحقيقة حتى تدبر له الحيلة لينجو بحياته إن كان كل ما عاش عليه حتى الآن كذبا واحتيالا..ثم تؤكد له أنها ستقف إلى جواره لأنها تحبه من ناحية ولأنه زوجها من ناحية أخرى، وخوفا على ما سيلحق باسمها واسم أبيها من عار لو افتضح الأمر، وعرف الناس أن الملك غرر به وبابنته نصاب محتال. وخوفا أيضا من أنه إذا طلقها، أو قتله الملك فسيزوجها لغيره وهي لن ترضى بهذا أبدا.. أمام كل هذه التأكيدات، وكل معالم الحب والإخلاص، وأمام حبه الحقيقي لها، يعترف لها معروف بالحقيقة، ويقص عليها حكايته كاملة.

دور المرأة

وهنا يأتي دور المرأة المتكرر في الليالي، أعني دور المرأة الذكية والقادرة على التفكير السليم، وإيجاد الحلول لأصعب المواقف وأعقدها..فهي أولا تطيب خاطره، وهي ثانيا تعطيه خمسين ألف درهم كرأس مال يتاجر بها في بلاد أخرى بعيدة، وتلبسه حلة فاخرة وتزوده بفرس سباقة، وتطلب منه أن يخرج من المدينة كلها تحت جنح الليل متخفيا في هذا الزي، ويبدأ صفحة جديدة من حياته، وطلبت منه أن يراسلها، لتعرف مكانه، وترسل له المزيد من النقود ليحقق النجاح الذي ترجوه له..وفي جنح الظلام يركب معروف فرسه، ويرحل عن المدينة في هدوء.

وفي اليوم التالي يأتي الملك والوزير إلى الأميرة ليعرفا حقيقة زوجها منها فتقول لهما: (سود الله وجه وزيرك يا أبى، فقد كان يريد أن يسود وجهي أمام زوجي..فقد دخل على زوجي بالأمس وقبل أن اسأله كما طلبتما مني عن حقيقة حاله، وفي يده كتاب جاءه به فرج الواشي من الحملة وأحضره عشرة من المماليك واقفين ينتظرون الرد على الخطاب، وأعطاني الخطاب لأقرأه، فإذا هو مبعوث من المماليك الخمسمائة المصاحبين للحملة، يخبرونه أن قطاع الطرق تعرضوا للحملة، وقتلوا خمسين مملوكا. وأنهم ينتظرونه ليقرر ما يفعلون، هل يتعقبون الغزاة، أو يعودون إليه بما بقي)..وأكملت قصتها قائلة: (وفوجئت به يقابل الخبر في هدوء ويقول: ما قيمة مائتي حمل أنها لا تزيد على سبعة آلاف دينار، وهذا لا ينقص الحملة ولا يؤثر في مالي. ولكن لا بد من ذهابي إليهم..وتركني ونزل من القصر..فلما نظرت من شباك القصر رأيت المماليك العشرة الذين ينتظرونه وكل واحد منهم لابس بدلة تساوى ألف دينار، وليس عند أبى مملوك يشبه واحدا منهم، ثم توجه مع المماليك ليجئ بالحملة..

ويقتنع الملك، ويغلب جشعة حذره، ويشتد كمد الوزير ولكنه يكتم غيظه، ولا يجادل الأميرة في شيء من حديثها عن زوجها.

الحل السحري للفقر

وتتدخل الليالي لتحل المشكلة بطريقتها السحرية، إذ اقبل معروف على مدينة صغيرة وجد عند أطرافها فلاحا فقيرا يحرث الأرض بمحراثه، فينزل عنده، ويعزم الفلاح هذا المملوك الأنيق على الطعام، ولكن لا طعام عنده، ولكن البلد قريب، فيذهب الفلاح ليشترى له طعاما وعليقا لحصانه، ويتركه يستريح من عناء الرحلة، إلى جوار المحراث حتى يعود. ويطول غياب الفلاح، ويحرث معروف الأرض بدلا منه ردا لجميله الذي يريد أن يصنعه معه. وبعد قليل يتعثر المحراث في شيء، فتقف البهائم التي تجره. وينظر معروف إلى المحراث فيراه مشبوكا في حلقة من ذهب، فكشف عنها التراب، فوجدها وسط حجر من المرمر، فعالجه حتى قلعه، فظهر تحته طابق بسلالم، فنزل عليها ليرى مكانا فسيحا فيه أربع قاعات، قاعة مليئة بالذهب، وقاعة مليئة بالزمرد واللؤلؤ والمرجان، والثالثة مليئة بالياقوت والفيروز، والرابعة مليئة بالملابس المرصعة بالجواهر.. وفي صدر المكان صندوق كبير فوقه علبه صغيرة، وحين يفتح العلبة يجد خاتما من الذهب منقوشا بالأسماء والطلاسم كدبيب النمل، فدعك الخاتم (وإذ بقائل يقول: لبيك يا سيدي فاطلب ما تشاء) ويسأل معروف صاحب الصوت الذي ظهر له ماردا عملاقا مخيفا من هو، وما هذا المكان؟. ويخبره المارد أنه خادم هذا الخاتم من ملكه يطيعه في أي أمر يطلبه، أما المكان فهو كنز شداد بن عاد الذي بنى ارم ذات العماد، وأن اسمه أبو السعادات، وكان خادم شداد في حياته..

وهكذا تقدم الليالي حلها السحري في الوقت المناسب، فيأمر الخادم أن ينقل الكنز إلى ظاهر الأرض، ويطلب معروف أن تحمل كل هذه الجواهر والملابس على صناديق يحملها ثلاثماثة بغل. وفي الصباح يستدعي معروف أبا السعادات ويأمره بأن يسير على رأس الحملة وأن يحمل كتابا منه إلى ملك المدينة يخبره فيها بمقدمه مع الحملة، وأن يسير في مجموعة من المماليك فارتي الملابس؟ وأن يلبس هو ملابس الملوك، على أن يتبعه هو في تختروان مذهب، وسط أبهة لا تليق إلا بأثري الملوك.

ويسبق الخطاب معروف، فتدهش الأميرة، ويسر الملك، ويحنق الوزير..إلا أن الملك يأمر بزينة المدينة، ويخرج على رأس جنوده وحشمه لملاقاة الموكب الفاخر الذي يقدم به معروف مزهوا وسعيدا، وعلى رأس حملة لم يتصور أحد وجهدها في ملك إنسان وأحد من قبل. أما التاجر حسن فيدعو الله الذي ستر معروفا وكرم وجهه رغم أنه شيخ النصابين والمحتالين، ويفرق معروف الأموال والملابس، ويدفع ديونه مضاعفة، ويهب المعادن والجواهر. ثم يعيد ملء خزينة الملك، وصار الكل يدعو له، ويتحمس لذكره، ويتحدث بكرمه وسخائه، وكلها خلت الخزائن، دعك معروف الخاتم، وأمر أبا السعادات ليعيد ملأها من جديد..كل أحلام فقره وعوزه، تنقلب في رغبة في إسعاد الكل، وإثراء الكل، وإعطاء الكل.. وما كانت هذه الظاهرة لتفوت على حقد الوزير وتربصه. فيعود يوغر صدر الملك من جديد. فهذه الحال ليس حال تجار، فمعروف لا يبيع ولا يشتري، هو فقط ينفق الأموال التي لا تنفد أبدا، ولا بد من وجود سر إذ من أين له بكل هذا المال، لو عرف الملك السر لأصبح صاحب كل هذه الثروة التي ينفقها معروف بسخاء اخرق يجعله غير جدير بها. ويوافق الملك على مؤامرة رتبها الوزير، إذ يجتمعان بمعروف في بستان ويسامرانه، ثم يسقيانه الخمر التي لم يكن قد شربها من قبل قط، فيفقد قدرته على التمييز الصحيح، ويستدرجانه بمعسول الكلام حتى يحكي حكايته كلها عن كنز شداد بن عاد ومع الخاتم وخادمه، ويتظاهران بالسرور والدهشة، ويطلب الوزير من معروف أن يريه الخاتم. فإذا ما مسك الوزير به، به دعكه وأمر أبا السعادات أن يحمل معروفا والملك أيضا إلى بلاد بعيدة، وأن يرميهما في الفقر البيداء، بلا ماء ولا طعام حتى يهلكا جوعا وعطشا..ويعلن نفسه ملكا على المدينة، ويركب الناس بالعسف، إذ يأمرهم أن يردوا ما أخذوه من أموال أعطاها إياهم معروف. فهو الآن قد أصبح صاحب الخاتم، والمتحكم في خادمه..ثم يعلن أنه سيتزوج الأميرة من فوره، حتى يكتسب شرعية العرش، وحتى يحقق حلمه القديم في الحصول عليها..ويعترض شيخ الإسلام فلم يثبت موت الزوج، وحتى لو مات، فان أيام العدة الشرعية لم تنقض بعد. ولكن الوزير لا يأبه بشرع ولا بشرعية، ويعلن دخوله بالأميرة في نفس الليلة التي حرمها فيها من زوجها وأبيها وعرشها..وتضج المدينة بالتمرد والثورة المكتومة..ولا يأبه الوزير بكل هذا بل يرسل للأميرة أن الليلة ليلته وعليها أن تستعد لها ..

ويتم اللقاء بين الوزير الخائن والأميرة الحزينة والمفجوعة، فإذا هي تلاطفه، وتتحدث له عن حب مزعوم كانت تكنه له في صمت وحياء..حتى إذا اطمأن إليها وانشرح صدره لها، وقد أعماه الغرور والزهو عن كل حذر، خلعت ملابسها أمامه حتى يطيش عقله رغبة فيها، ولكنها تحذره من الخاتم، فهي لا ترضى أن يراقبها في هذه الخلوة عفريت يطل من الخاتم الذي يلبسه في أصبعه، ويخلع الوزير الخاتم ويضعه على الوسادة إلى جواره (فرفسته برجلها في قلبه، فانقلب على قفاه مغشيا عليه وزعقت على خدامها فأسرعوا إليها)..

وتحصل الأميرة على الخاتم، وتأمر أبا السعادات أن يعيد زوجها وأباها، وتسلم الوزير لأهل المدينة الذين يقتلونه شر قتلة..ويعود الملك إلى عرشه، ويعود معروف إلى زوجته التي تلومه على إخفائه أمر الخاتم عنها، وتعلن أنها ستحتفظ به هي لأن من فرط فيه مرة، يفرط فيه أكثر من مرة..وتنتظم الحياة في المدينة، وتحيط الأميرة معروفا بحبها وحنانها، وتنجب له ولدا جميلا بارع الجمال..يعيش سعيدا في كنف والديه وجده..ثم يموت الملك فيعتلي معروف العرش مكرما محبوبا من الجميع، ويرسل إلى الفلاح صاحب المحراث ليعينه وزيرا له اعترافا بفضله، وردا لجميله ..

إلى هنا والحكاية تنتهي نهاية سعيدة، فقد زالت كل الغصص والآلام، وساد الهناء والرخاء حياة معروف.

النهاية ما زالت بعيدة

ولكن الليالي لا تنهى الحكاية هنا، إذ تستمر شهرزاد تحكى عن موت الملكة، التي ترك موتها في حياة معروف حزنا لا ينتهي، ولا عزاء له إلا ولده منها الذي أصبح صبيا مليحا يحمل وهو نائم سيفا مذهبا في وسطه، إلا أنه ذات ليلة كان نائما في جناحه، وإذا به يجد إلى جواره زوجته القديمة فاطمة العرة، وقد فعل بها الزمان والفقر أفاعيله، ويدهش معروف من وجودها فتخبره أن الحياة ضاقت بها، وأنها ندمت على ما فعلته به، وأنها ظلت كل ليلة تنام في مكان، إذ طردها صاحب البيت من بيتها القديم، وهذه الليلة دخلت حاصلا في باب النصر وهي تبكي من الجوع والمذلة والفقر، فخرج عليها المارد الذي خرج عليه من قبل، فلما شكت له حالها، وأخبرته بأمر زوجها الغائب فلما عرف اسمه، قال لها اعلمى يا امرأة أن زوجك الآن قد غدا سلطانا على مدينته، ولو شئت أوصلك إليه، فبكت واستعطفت ورجته أن يحملها إليه، فحملها وطار في الجو، ولم تشعر إلا وهي على سرير معروف.

وأسقط في يد معروف ولم يجد بدا من الإبقاء على فاطمة العرة، إكراما للأيام القديمة والعشرة السابقة، فأفرد لها قصرا تعيش فيه. وتحكى الليالي الألف حقد فاطمة وقلبها الأسود حين عرفت من الناس حكاية الخاتم الذي يملكه معروف، وطمعت أن تستولى عليه، وكانت تعرف أنه يخلعه عند النوم ويضعه على الوسادة إلى جواره، إذا ما ذهب إلى جناح زوجته، وذات ليلة تتسلل إلى مخدعه لتسرق الخاتم، وتنكل بمعروف..وكان ابن معروف لا يحبها لأنه لا يستشعر في نظراتها إلا الحقد والخديعة، ولا يجد في كلامها إلا الكراهية والبغض، ولكنه كان يسايرها إكراما لأبيه..

وتحكى شهرزاد أن ابن معروف لمح فاطمة العرة وهي تخرج في الظلام إلى جناح أبيه، فتتبعها وهو يتوجس منها شرا، ورآها وهي تفتش عن الخاتم وتعثر عليه، وتمسكه في يدها وتهم بدعكه وهي تضحك وتتفوه بكلام غير مفهوم، ولا يمهلها الولد بل يسل سيفه ويقطع رأسها بضربة واحدة ويزعق على خدم القصر..وحين يأتي أبوه، يحكى له ما حدث، ويعطيه الخاتم، ويقول له مزهوا (أرأيت لقد قطعت بالسيف عنقا يستحق القطع)..وعاش في أمان وسلام إلى أن جاءه مفرق الجماعات وهادم اللذات، وسبحان الباقي الذي لا يموت.

ثم صاحت شهرزاد فدخل الخدم بأولادها الثلاثة من شهريار وعفا عن شهرزاد واحضر أباها الوزير وخلع عليه خلعة سنية، وأمر فزينت المدينة وأقامت الأفراح والاحتفالات من جديد، فرحا بأولاده وزوجته شهرزاد - (حتى أتاهم هادم اللذات ومفرق الجماعات، فسبحان من لا يفنيه تداول الأوقات)..وتنتهي الليالي، وتنتهي حكاية معروف الإسكافي معا. ويصبح الولد عند معروف هو المنقذ من الموت، وهو قاتل النفس الشريرة الأمارة بالسوء التي ترمز إليها فاطمة العرة التي عادت لتوسوس من جديد بالشر بما يعكس قلق شهرزاد وخوفها من انصراف زوجها عنها أن انتهت الحكايات ويصبح الأولاد الثلاثة رمز موت الشر في حياة شهريار وشهرزاد، إذ يجمعهم هؤلاء الأولاد على الحب والحياة المستمرة السليمة بلا خوف ولا غش ولا سطوة ولا خداع.

الجمع بين النهايتين

وجمع المؤلف بين القصتين يصور أولا روعة الرمز، وقدرة الفنان الإبداعية، وتمكنه الفني. حكاية معروف في نهاية ألف ليلة هي حكاية الليالي كلها تكشف سرها ورموزها، وهي إلى جوار هذا تحمل أكثر من رسالة..

فالرسالة الاجتماعية واضحة، إذ تصر القصة على هزيمة الكذب والاحتيال، وتصر على انتصار صفاء النفس والكرم..وتجعل الحب هو مقياس النجاح ووسيلته وتهاجم الجشع والغرور، والكذب والصلف، وتحيي الشهامة والكرم..وتساوي بين الناس فقيرهم وغنيهم في الطباع والأطماع والغرائز، والغلبة آخر الأمر للنية الطيبة والفعل الكريم

والرسالة السياسية خطيرة فالمدينة عالمان، عالم الطيبة والعرق والكدح والصدق مع الفقر..وعالم الغنى والخداع والاحتيال والكذب مع المعاناة والقلق..ومصر المحروسة هي هذان العالمان معا، ولكن الذي يجمعهما دائما هو الطيبة والكرم والعمل والنية السليمة..أما الرسالة الفنية فهي هذه المقابلة بين قصة معروف وقصة الليالي داخل إطار من الحدث الدرامي الواقعي الذي ينسينا هدف الكاتب الأصلي منها، ويحتاج منا إلى قراءة جديدة لنتنبه ونكشف رموزه..ونغوص في صدقه الفني الذي يستغرقنا بحرفيته وجمالياته الفنية حتى ليعمي عنا أهداف القصة، كما عمى عنا كل أهداف الليالي. وليؤكد لنا أننا لم نقرأ ألف ليلة قراءة حقيقية، وأن الليالي لا بد لها من قراءة جديدة.
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...