الوحدة - الف ليلة وليلة.. حكايات تولد من حكايات

لم تشتهر حكايات في العالم , مثلما اشتهرت حكايات (ألف ليلة وليلة )العربية , على نطاق واسع في كافة البلدان وترجمت الى أغلب اللغات في الأرض , وقد نالت (ألف ليلة وليلة) مساحة كبيرة ., وذاع صيتها في الآفاق لما تتمتع به من سحر خاص ,

ومن عذوبة في السرد , ومن تلقائية في الاحداث , إضافة الى الروح الابتكارية الأبداعية التي تميزها. وهي تحكي قصة الملك شهريار الذي كان لايثق بالنساء وكان حين يتزوج يقتل زوجته صباح اليوم التالي , ثم يتزوج اخرى وهكذا ... حتى قتل عدداً كبيراً من الفتيات , وحين اختار فتاة جديدة كانت ابنة وزيره الخاص واسمها شهرزاد , وكانت ذكية وواسعة المعرفة والاطلاع , ففي الليلة الاولى بدأت تسرد عليه حكاية مسلية فيها العبر والحكم , ولما وصلت الى مرحلة حرجة في القصة تصنعت النوم وادعت انها لاتستطيع إكمال القصة الآن , بل ستواصلها مساء اليوم التالي , ونظراً لاعجاب شهريار بما روته شهرزاد فقد أجل قتلها , وفي اليوم التالي فعلت شهرزاد الشيء نفسه وهكذا بحيث أنست الملك عاداته في قتل النساء وأنجبت منه البنين والبنات , وخلصت العباد من شروره الاولى .

تعتمد حكايات الف ليلة وليلة على الخيال الخصب المبتكر , وعلى تولد حكايات عن حكايات بحيث تستطيل إلى مالانهاية , وتمزج هذه الحكايات بين الخيال والحقيقة وبين التاريخ والاسطورة , وتخلق شخصيات خرافية وهمية من انصاف البشر الى الحيوانات الاسطورية الى شخصيات من الجان , غير انها تدخل شيئاً من واقعية الطبيعة في ثنايا السرد , مثل الاشارة الى الخليفة هارون الرشيد , او مدن بغداد والبصرة كما وردت في حكاية السندباد البحري , حيث هناك واقعية في ذكرى عادات الناس وعلاقاتهم وسفرهم بالمراكب والسفن وغير ذلك.

وتعد حكايات الف ليلة وليلة عربية المنشأ وان كانت قد تأثرت ببعض الحكايات الاجنبية مثل الفارسية والهندية والصينية وغير ذلك, مما كان يصل الى العراق في العصر العباسي حين كانت بغداد عاصمة الدنيا وتصلها الثقافات والمثقفون من كافة انحاء المعمورة .

استفادت الحركة السينمائية والتلفزيونية العالمية والعربية من حكايات الف ليلة وليلة , وقدمت لنا افلاماً جميلة في هذا الاتجاه , كما تأثر بالحكايات الروائيون العرب والاجانب الذين استلهموا منها احداثاً جديدة وتصورات مغايرة , كما الفت عنها العشرات من الدراسات الاكاديمية وغير الاكاديمية , التي ناقشت كافة الابعاد الواردة فيها , وخاصة ماتعكسه من جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية في بغداد العصر العباسي , وقدمت لنا صورة عن الحياة اليومية وما كان عليه الناس في ذلك الزمان من حيث المأكل والملبس والمبنى والمشرب ووسائل النقل البري والبحري وعادات الزواج والولادة والوفاة وغير ذلك .





* alwehda
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...