نقوس المهدي
كاتب
ارو لي حكاية وإلا قتلتك. هو ذا المبدأ الذي سوف تلتزم به الشابة شهرزاد ابنة الوزير وآخر فتاة عذراء في بغداد. وسوف تروي حكايات على امتداد ألف ليلة وليلة للملك الذي اعتاد قطع رؤوس الفتيات بعد قضاء وطره منهن. وهي طريقته في الانتقام من زوجته التي خانته مع واحد من عبيده أثناء إحدى رحلاته. تتحد نقطة البداية هنا وهي أيضا تلك التي تسم الأدب. أن تكتب من أجل مقاومة الموت والخوف من الموت أو الجنون. أن تكتب من أجل إنقاذ نفسك والآخرين.؛ وهو ما تفعله شهرزاد. لقد ضحت بنفسها وراهنت على الانتصار بواسطة الأدب والخيال. لا يتعلق الأمر هنا بمجرد الحكي وإنما بأن تتخيل وأن تبتكر وأن تكون أقوى من الواقع كي تغوي الملك القاتل وتحمله على النوم بمساعدة حكايات تتوقف عند الفجر وتبدأ في الليلة اللاحقة.
تم تجميع كل شيء في هذا المؤلف الذي ينتمي في الوقت الراهن إلى التراث الكوني. يأخذ التخييل بزمام الأمور بمساعدة كل العناصر المصاحبة. يتم كل شيء بالاحتكام إلى التاريخ والخرافات والحكايات العجيبة والطرائف والإشاعات والاستيهامات والأساطير ومظاهر التطير. بيد أن ما يتميز به هذا الكتاب يتمثل في أن استمراريته التي ليست شيئا آخر غير تلك التي لليالي التي تأتي بنصيبها من الحكايات واشتمالها على أكثر من مؤلف. يمكن أن نقول إنه يفتقر إلى مؤلف وأنه يشتمل على عدد لا متناه من المؤلفين القادمين من بلدان مختلفة عن البلاد العربية مثل الصين والهند وإيران. وقد استغرق ذلك قرونا عدة. يتعلق الأمر بمؤلفين مجهولين أسهموا رغم ذلك كل من جانبه وانطلاقا من العصر الذي وجد فيه في صوغ مؤلف مشكل من عدة روايات وتنويع من الأجناس الأدبية. كيف تمكنت هاته الحكايات من أن تسافر عبر الزمن وأن تصل إلينا؟ كان على أنطوان كالون وكان عالما كبيرا ومهوسا بالتنقيب عن المخطوطات أن يعثر على هذا الكتاب في أجزاء وأن يترجمه من العربية إلى الفرنسية منذ سنة 1704.
سوف تتوالى الترجمات بعد ذلك، وكانت إنجلترا في هذا السياق المثال البارز. غير أن العرب الذين كانوا يعرفون بعض الحكايات بحكم أنها تشكل جزءا من تراثهم الشفهي سوف يكتشفون هذا الكتاب بشكل متأخر وسوف يستهجن بعضهم سمة الحرية التي تميزه والعراء الصارخ للمشاهد الخاصة بالجنس. وسوف يستشعر بعض المسلمين الصدمة لعدم عثورهم على إحالة إلى الله ورسوله. أما فيما يتعلق بالعالم الغربي، فإنه سوف يجد في هذا الكتاب غير المتناهي والمعقد والقوي عملا لا يقل أهمية عن أعمال دانتي أو ثربانطيس. سوف تتم قراءته والتعليق عليه خصوصا من لدن بورخيس الذي سوف يجعل منه العمل الأساسي للعالم الشرقي.
يتسم السياق الذي تجري فيه الحكايات بالأهمية؛ إذ سرعان ما نجد ذواتنا حين قراءتنا في الوقت الراهن لعبارات من شاكلة: 'أيها العجوز الشرير. إنني أفضل أن أهب عبدي ليهودي على أن أبيعه' محيطين بالعصر والعوائد التي كانت تسمه. أقصد العصر الذي كانت العبودية فيه فعلا مقبولا وطبيعيا، وحيث لم تكن العنصرية حيال اليهود والسود والأعراق المختلفة تنعت بأنها عنصرية، لكنها كانت بالأحرى جزءا من السيرورة الطبيعية للأشياء. والشأن نفسه بالنسبة لوضعية المرأة اللهم إلا إذا اعتبرنا كتاب الليالي أول عمل نسواني يتسم بالمفارقة. ذلك أنه إذا لم تكن للنساء أية حقوق ؛ بحيث كان في مقدور أحد الملوك أن يقوم بقطع الرؤوس دون أي اعتبار للقانون أو آداب السلوك، فإن امرأة شابة سوف تنتصر على هذا الملك وتجعل منه زوجا وتمنحه ولدا. ذلك لأن الحيلة أفضل وسيلة للحصول على مبتغاها. ثم إن كل الحكايات من نسج خيال شهرزاد وإن كان في مقدورنا أن نتخيل جيدا أن ليس ثمة بين هؤلاء المؤلفين المجهولين من ينتمي إلى الجنس الأنثوي.
ما الذي يسوغ في الوقت الراهن قراءة ألف ليلة وليلة؟ تتحدد العلة في أننا ما نفتأ معنيين برسالتها. لنأخذ على سبيل المثال حكاية هذه الحسناء الفارسية، وهي امرأة ذات جمال أخاذ تباع في السوق كجارية ويعمد الوزير إلى شرائها كي يقدمها هدية للملك. كان لهذا الوزير ابن اسمه نور الدين سرعان ما سوف يقع صريع هوى الحسناء. وهنا سوف تبدأ المغامرة التي سوف يتم في سياقها استثمار كل الثيمات الكونية من قبيل الغيرة والحسد والدسائس والتبذير والصداقة والكرم والأنانية إلخ... وبعد أن يبدد نور الدين كل ما يملكه، فإنه لن يجد صديقا واحدا يهب إلى نجدته، وسوف يدير كل أصدقائه ظهورهم له: ما دام ثمة فاكهة في الشجرة، فلن نكف عن الدوران حولها واقتطافها، لكننا سوف نبتعد عنه ونتركه وحيدا بمجرد أن يصبح معدما'. ثم رسالة أخلاقية في الحكاية وهي بناءة. وسوف تستشرف القصة نهاية جيدة؛ إذ يعيش العاشقان في النهاية في سعادة، فيما سوف ينال الأشرار والحاسدون والكذابون العقاب الذي يستحقونه. يتحدد الاختلاف بين ذلك العصر والوقت الراهن في أن الحكايات لا تنتهي في الغالب بالاحتكام إلى الأخلاق. يستمر اللصوص والكذابون والمحتالون في الغالب في العيش بشكل جيد ويدوسون بأقدامهم القيم الأخلاقية والشرف. لا يحول ذلك وبين القول إن ما يحافظ على وجوده باطراد في كل الحكايات أقصد الاحتفاء بالحقيقة والخير، وإن كان يلزمنا المرور ببعض المسالك المختصرة، يثير اهتمامنا باستمرار. ينبغي أن ننوه في هذا الصدد بأن كتاب الليالي لا يشتمل فقط على المشاعر الطيبة؛ إذ ثمة ما يتجاوز ذلك بكثير. ثمة على وجه التخصيص بناء جدير بأفضل مهندسي العالم. يتسم الخيال بتحرره فيما يستشرف الابتكار حد الجنون. أما حالات اللقاء بعد الفقد فتتميز بغرابتها وخرقها للمألوف؛ وهنا مكمن قوة هاته الحكايات وتقدم حكاية الحسناء الفارسية نموذجا رائعا لهذا البناء المعقد والبسيط في آن. لا يمكنك أن تعثر على كلمة واحدة أو عبارة فاقدة للجدوى. لم تكن شهرزاد تكتفي فقط بالحكي وإنما كانت تبحث باستمرار عن وسيلة ليس فقط لجذب اهتمام الملك ـ وكان حقيقا بها فعل ذلك ـ وإنما إدهاشه وجعل انتباهه مشدودا إليها كي لا يشعر بالخيبة وتجد ذاتها من ثم عرضة لمصير من سبقنها من الفتيات.
حقيق بكل كاتب أن يقرأ ألف ليلة وليلة. يتعلق الأمر بمدرسة للتعلم وعالم يتسم بالوفرة والخصوبة بمعزل عن أي إحساس بالضعف أو السأم. يتم الإمساك بيد القارئ الذي لا يمكنه في أية لحظة أن ينصرف إلى حال سبيله؛ إذ يلزمه أن ينتظر إشارة من شهرزاد تسمح بفضلها للملك بأن يخلد إلى النوم. وسوف نحيط علما في النهاية بأنها كانت تصاحبه إلى الفراش. ينبغي أن نضيف إلى ذلك تفصيلة غريبة أخرى. لم تكن الساردة بمفردها في غرفة الملك؛ إذ كانت مصحوبة بشقيقتها التي كانت تستمع وتشهد كل ما كان يجري في المكان. كانت تضطلع والحالة هاته بدور الشخصية المتلصصة؛ إذ كانت تحدث في هاته الليالي أشياء وأمور لها تعلق بالحقل الإيروتيكي. يتم الإفصاح عن كل شيء تقريبا: المثلية الجنسية والتخنث والأوضاع الجنسية الأكثر إرضاء للرجل والإغراء والحيلة إلخ.. ويتم التعبير عن ذلك بلسان امرأة لا تكتفي فقط بإثارة وإمتاع الملك وإنما تفلح في أن تتزوجه وتصبح من ثم ملكة. لقد تمكنت بهذا الصنيع من أن تكسب الرهان وأن تنجح في المهمة التي نذرت نفسها لها. إن الكلمات حليفة للحرية والتحرر. والمجتمع الذي يفتقر إلى الأدب والخيال مجتمع ميت سلفا. سوف نلاحظ أن الحكايات تنبعث أيضا من المقابر، وعليكم إذن بقراءة حكاية الحسناء الفارسية لكي تشعروا بالغرابة نسبيا؛ لأنه خلف الدسائس تكمن القيم. ومن أجل إبرازها وكشفها للعيان تعمد شهرزاد إلى رواية هاته الحكاية للملك الذي سوف يخلد للنوم وهو يفكر ويحلم بالبقية. شهرزاد ذاتها لا علم لها بها، وسوف تبتكر بالاحتكام إلى سيف ديموقليس تتمة هاته الحبكة. وهذا هو في تصوري الأدب أو ذاك الذي أحبه على أية حال..
ترجمة: عبد المنعم الشنتوف
Pr'face au conte 'Noureddine et la Belle Persane' publi' par les Editions Andr' Versailles
* عن القدس العربي
3/23/2010
تم تجميع كل شيء في هذا المؤلف الذي ينتمي في الوقت الراهن إلى التراث الكوني. يأخذ التخييل بزمام الأمور بمساعدة كل العناصر المصاحبة. يتم كل شيء بالاحتكام إلى التاريخ والخرافات والحكايات العجيبة والطرائف والإشاعات والاستيهامات والأساطير ومظاهر التطير. بيد أن ما يتميز به هذا الكتاب يتمثل في أن استمراريته التي ليست شيئا آخر غير تلك التي لليالي التي تأتي بنصيبها من الحكايات واشتمالها على أكثر من مؤلف. يمكن أن نقول إنه يفتقر إلى مؤلف وأنه يشتمل على عدد لا متناه من المؤلفين القادمين من بلدان مختلفة عن البلاد العربية مثل الصين والهند وإيران. وقد استغرق ذلك قرونا عدة. يتعلق الأمر بمؤلفين مجهولين أسهموا رغم ذلك كل من جانبه وانطلاقا من العصر الذي وجد فيه في صوغ مؤلف مشكل من عدة روايات وتنويع من الأجناس الأدبية. كيف تمكنت هاته الحكايات من أن تسافر عبر الزمن وأن تصل إلينا؟ كان على أنطوان كالون وكان عالما كبيرا ومهوسا بالتنقيب عن المخطوطات أن يعثر على هذا الكتاب في أجزاء وأن يترجمه من العربية إلى الفرنسية منذ سنة 1704.
سوف تتوالى الترجمات بعد ذلك، وكانت إنجلترا في هذا السياق المثال البارز. غير أن العرب الذين كانوا يعرفون بعض الحكايات بحكم أنها تشكل جزءا من تراثهم الشفهي سوف يكتشفون هذا الكتاب بشكل متأخر وسوف يستهجن بعضهم سمة الحرية التي تميزه والعراء الصارخ للمشاهد الخاصة بالجنس. وسوف يستشعر بعض المسلمين الصدمة لعدم عثورهم على إحالة إلى الله ورسوله. أما فيما يتعلق بالعالم الغربي، فإنه سوف يجد في هذا الكتاب غير المتناهي والمعقد والقوي عملا لا يقل أهمية عن أعمال دانتي أو ثربانطيس. سوف تتم قراءته والتعليق عليه خصوصا من لدن بورخيس الذي سوف يجعل منه العمل الأساسي للعالم الشرقي.
يتسم السياق الذي تجري فيه الحكايات بالأهمية؛ إذ سرعان ما نجد ذواتنا حين قراءتنا في الوقت الراهن لعبارات من شاكلة: 'أيها العجوز الشرير. إنني أفضل أن أهب عبدي ليهودي على أن أبيعه' محيطين بالعصر والعوائد التي كانت تسمه. أقصد العصر الذي كانت العبودية فيه فعلا مقبولا وطبيعيا، وحيث لم تكن العنصرية حيال اليهود والسود والأعراق المختلفة تنعت بأنها عنصرية، لكنها كانت بالأحرى جزءا من السيرورة الطبيعية للأشياء. والشأن نفسه بالنسبة لوضعية المرأة اللهم إلا إذا اعتبرنا كتاب الليالي أول عمل نسواني يتسم بالمفارقة. ذلك أنه إذا لم تكن للنساء أية حقوق ؛ بحيث كان في مقدور أحد الملوك أن يقوم بقطع الرؤوس دون أي اعتبار للقانون أو آداب السلوك، فإن امرأة شابة سوف تنتصر على هذا الملك وتجعل منه زوجا وتمنحه ولدا. ذلك لأن الحيلة أفضل وسيلة للحصول على مبتغاها. ثم إن كل الحكايات من نسج خيال شهرزاد وإن كان في مقدورنا أن نتخيل جيدا أن ليس ثمة بين هؤلاء المؤلفين المجهولين من ينتمي إلى الجنس الأنثوي.
ما الذي يسوغ في الوقت الراهن قراءة ألف ليلة وليلة؟ تتحدد العلة في أننا ما نفتأ معنيين برسالتها. لنأخذ على سبيل المثال حكاية هذه الحسناء الفارسية، وهي امرأة ذات جمال أخاذ تباع في السوق كجارية ويعمد الوزير إلى شرائها كي يقدمها هدية للملك. كان لهذا الوزير ابن اسمه نور الدين سرعان ما سوف يقع صريع هوى الحسناء. وهنا سوف تبدأ المغامرة التي سوف يتم في سياقها استثمار كل الثيمات الكونية من قبيل الغيرة والحسد والدسائس والتبذير والصداقة والكرم والأنانية إلخ... وبعد أن يبدد نور الدين كل ما يملكه، فإنه لن يجد صديقا واحدا يهب إلى نجدته، وسوف يدير كل أصدقائه ظهورهم له: ما دام ثمة فاكهة في الشجرة، فلن نكف عن الدوران حولها واقتطافها، لكننا سوف نبتعد عنه ونتركه وحيدا بمجرد أن يصبح معدما'. ثم رسالة أخلاقية في الحكاية وهي بناءة. وسوف تستشرف القصة نهاية جيدة؛ إذ يعيش العاشقان في النهاية في سعادة، فيما سوف ينال الأشرار والحاسدون والكذابون العقاب الذي يستحقونه. يتحدد الاختلاف بين ذلك العصر والوقت الراهن في أن الحكايات لا تنتهي في الغالب بالاحتكام إلى الأخلاق. يستمر اللصوص والكذابون والمحتالون في الغالب في العيش بشكل جيد ويدوسون بأقدامهم القيم الأخلاقية والشرف. لا يحول ذلك وبين القول إن ما يحافظ على وجوده باطراد في كل الحكايات أقصد الاحتفاء بالحقيقة والخير، وإن كان يلزمنا المرور ببعض المسالك المختصرة، يثير اهتمامنا باستمرار. ينبغي أن ننوه في هذا الصدد بأن كتاب الليالي لا يشتمل فقط على المشاعر الطيبة؛ إذ ثمة ما يتجاوز ذلك بكثير. ثمة على وجه التخصيص بناء جدير بأفضل مهندسي العالم. يتسم الخيال بتحرره فيما يستشرف الابتكار حد الجنون. أما حالات اللقاء بعد الفقد فتتميز بغرابتها وخرقها للمألوف؛ وهنا مكمن قوة هاته الحكايات وتقدم حكاية الحسناء الفارسية نموذجا رائعا لهذا البناء المعقد والبسيط في آن. لا يمكنك أن تعثر على كلمة واحدة أو عبارة فاقدة للجدوى. لم تكن شهرزاد تكتفي فقط بالحكي وإنما كانت تبحث باستمرار عن وسيلة ليس فقط لجذب اهتمام الملك ـ وكان حقيقا بها فعل ذلك ـ وإنما إدهاشه وجعل انتباهه مشدودا إليها كي لا يشعر بالخيبة وتجد ذاتها من ثم عرضة لمصير من سبقنها من الفتيات.
حقيق بكل كاتب أن يقرأ ألف ليلة وليلة. يتعلق الأمر بمدرسة للتعلم وعالم يتسم بالوفرة والخصوبة بمعزل عن أي إحساس بالضعف أو السأم. يتم الإمساك بيد القارئ الذي لا يمكنه في أية لحظة أن ينصرف إلى حال سبيله؛ إذ يلزمه أن ينتظر إشارة من شهرزاد تسمح بفضلها للملك بأن يخلد إلى النوم. وسوف نحيط علما في النهاية بأنها كانت تصاحبه إلى الفراش. ينبغي أن نضيف إلى ذلك تفصيلة غريبة أخرى. لم تكن الساردة بمفردها في غرفة الملك؛ إذ كانت مصحوبة بشقيقتها التي كانت تستمع وتشهد كل ما كان يجري في المكان. كانت تضطلع والحالة هاته بدور الشخصية المتلصصة؛ إذ كانت تحدث في هاته الليالي أشياء وأمور لها تعلق بالحقل الإيروتيكي. يتم الإفصاح عن كل شيء تقريبا: المثلية الجنسية والتخنث والأوضاع الجنسية الأكثر إرضاء للرجل والإغراء والحيلة إلخ.. ويتم التعبير عن ذلك بلسان امرأة لا تكتفي فقط بإثارة وإمتاع الملك وإنما تفلح في أن تتزوجه وتصبح من ثم ملكة. لقد تمكنت بهذا الصنيع من أن تكسب الرهان وأن تنجح في المهمة التي نذرت نفسها لها. إن الكلمات حليفة للحرية والتحرر. والمجتمع الذي يفتقر إلى الأدب والخيال مجتمع ميت سلفا. سوف نلاحظ أن الحكايات تنبعث أيضا من المقابر، وعليكم إذن بقراءة حكاية الحسناء الفارسية لكي تشعروا بالغرابة نسبيا؛ لأنه خلف الدسائس تكمن القيم. ومن أجل إبرازها وكشفها للعيان تعمد شهرزاد إلى رواية هاته الحكاية للملك الذي سوف يخلد للنوم وهو يفكر ويحلم بالبقية. شهرزاد ذاتها لا علم لها بها، وسوف تبتكر بالاحتكام إلى سيف ديموقليس تتمة هاته الحبكة. وهذا هو في تصوري الأدب أو ذاك الذي أحبه على أية حال..
ترجمة: عبد المنعم الشنتوف
Pr'face au conte 'Noureddine et la Belle Persane' publi' par les Editions Andr' Versailles
* عن القدس العربي
3/23/2010