سَقى اللَهُ ظَبياً مُبدِيَ الغُنجِ في الخَطرِ = يَميسُ كَغِصنِ البانِ مِن رِقَّةِ الخَصرِ
بِعَينَيهِ سِحرٌ ظاهِرٌ في جُفونِهِ = وَفي نَشرِهِ طيبٌ كَفائِحَةِ العِطرِ
هُوَ البَدرُ إِلّا أَنَّ فيهِ مَلاحَةً = بِتَفتيرِ لَحظٍ لَيسَ لِلشَمسِ وَالبَدرِ
وَيَضحَكُ عَن ثَغرٍ مَليحٍ كَأَنَّهُ = حُبابُ عُقارٍ أَو نَقِيٌّ مِنَ الدُرِّ
جَفاني بِلا جُرمٍ إِلَيهِ اجتَرَمتُهُ = وَخَلَّفَني نِضواً خَلِيّاً مِنَ الصَبرِ
وَلَو باتَ وَالهُجرانُ يَصدُعُ قَلبَهُ = لَجادَ بِوَصلٍ دائِمٍ آخَرَ الدَهرِ
مَخافَةَ أَن يُبلى بِهَجرٍ وَفُرقَةٍ = فَيَلقى مِنَ الهِجرانِ جَمراً عَلى جَمرِ
سَقى اللَهُ أَيّاماً وَلا هَجرَ بَينَنا = وَعودُ الصِبا يَهتَزُّ بِالوَرَقِ النَضرِ
يُباكِرُنا النَوروزُ في غَلَسِ الدُجى = بِنَورٍ عَلى الأَغصانِ كَالأَنجُمِ الزُهرِ
يَلوحُ كَأَعلامِ المَطارِفِ وَشيُهُ = مِنَ الصِفرِ فَوقَ البيضِ وَالخُضرِ وَالحُمرِ
إِذا قابَلَتهُ الريحُ أَوما بِرَأسِهِ = إِلى الشَربِ أَن سُرّوا وَمالَ إِلى السُكرِ
وَمَسمَعَةٍ جاءَت بِأَخرَسَ ناطِقٍ = بِغَيرِ لِسانٍ ظَلَّ يَنطُقُ بِالسِحرِ
لِتُبدِيَ سِرَّ العاشِقينَ بِصَوتِهِ = كَما تَنطِقُ الأَقلامُ تَجهُرُ بِالسِرِّ
تَرى فَخِذَ الأَلواحِ فيها كَأَنَّها = إِلى قَدَمٍ نيطَت تَضُجُّ إِلى الزَمرِ
أَصابِعُها مَخضوبَةٌ وَهيَ خَمسَةٌ = تَخَتَّمنَ بِالأَوتارِ في العُسرِ وَاليُسرِ
إِذا لَحِقَت يَوماً لُوي إِصبَعٍ لَها = فَتَحكي أَنينَ الصَبِّ مِن حُرقَةِ الهَجرِ
تَقولُ وَقَد دَبَّت عُقارٌ كَأَنَّها = دَمٌ وَدُموعٌ فَوقَ خَدٍّ إِذا تَجري
سَلامٌ عَلى شَخصٍ إِذا ما ذَكَرتُهُ = حَذِرتُ مِنَ الواشينَ أَن يَهتِكوا سِرّي
فَبَعضُ النَدامى في سُرورٍ وَغِبطَةٍ = وَبَعضُ النَدامى لِلمُدامَةِ في أَسرِ
وَبَعضٌ بَكى بَعضاً فَفاضَت دُموعُهُ = عَلى الخَدِّ كَالمَرجانِ سالَ إِلى النَحرِ
فَساعَدتُهُم عِلماً بِما يورِثُ الهَوى = وَأَنَّ جُنونَ الحُبِّ يولَعُ بِالحُرِّ
فَسَقياً لِأَيّامٍ مَضَت وَهيَ غَضَّةٌ = أَلا لَيتَها عادَت وَدامَت إِلى الحَشرِ