نقوس المهدي
كاتب
* إلى الذي علمني اللعب، اللعب الكبير ... عبد الفتاح كيليطو
تقديم
تعتبر المرأة و الأفعى والشيطان ثالوثا يرهب الرجل ويخيفه ويغويه في نفس الوقت؛ في ثقافتنا الشعبية هناك تلازم بين هذا الثالوث، إذ تتحول المرأة إلى أفعى وتتحول الأفعى إلى شيطان ويتحول الشيطان إلي امرأة كأنهم تسميات مختلفة لاسم واحد. ودائما في إطار ثقافتنا الشعبية "يُزعم" أن هذا الثالوث قد وُجد فقط لإرهاب الرجل وإقراعه... وعلى هذا الأساس عادة ما يستدعي الحديث عن المرأة الحديث عن الأفعى و الشيطان. وإذا حاولنا مساءلة هذه الذاكرة قصد فهم البنية اللاشعورية المتحكمة في هذا البناء الدلالي وفهمها وإدراكها لابد من مداعبة هذه الذاكرة الثقافية العالمة منها والشعبية. والمداعبة هنا بمعنى اللعب.
اللعبة الأولى
حينما يصادف الرجل الأفعى/المرأة، أو/المرأة/الأفعى، لا فرق، عادة ما يصيبه الخوف والدهشة. هذه المصادفة تفرض تراجع الأفعى إلى الوراء طلبا للسلامة، أوتفاديا للمواجهة، أو ربما استعدادا للسعة الحاسمة لكن حذار من تحرشها. فيقال إن حفيف الأفعى وغضب المرأة من جهنم. ولهذا فثقافتنا الشعبية عادة ما تنصح الرجل أن يتفادى المرأة أثناء غضبها والأفعى أثناء هيجانها.
إن فتنة الأفعى في جسدها، وجسدها عبارة عن لوحة لفنان ناجح: جسد موشوم ومرقش وتسمي الأفعى بالرقشاء >لترقيش في ظهرها وهي خطوط ونقط<(لسان العرب مادة رقش). وعلي هذا الاعتبار فكثيرا ما يدخل جلد الأفعى في تزيين بيوت الأغنياء وأجسادهم. وفتنة المرأة أيضا في جسدها، ولا غرابة إذا كانت المرأة تهتم بجسدها، تجمله وتطيبه، فيتحول بذلك إلى لوحة فنان ناجح أيضا، تضاهي جسد الأفعي. فتعرض اللوحة الجسد في معرض الرجل. وأغلى لوحة/جسد، يعني أغلى مهر، والمهر في ثقافة الشعب رمزلعملية البيع والشراء.
ومن هذا المنظور كان الترقيش. و المرأة ترقش كلامها شأن جسد الرقشاء الأفعى، والترقيش >هو تحسين الكلام وتزويقه، ورقش كلامه، زوقه وزخرفه< (لسان العرب مادة رقش). من الشيطان تستمد المرأة العون الكبير ومن الأفعى تستمد الترقيش، والأفعى والشيطان من طبيعة واحدة، فالشيطان في لسان العرب >حية لها عرف، والعرب تسمي بعض الحيات شيطانا< (لسان العرب مادة شطن). وتستمر اللعبة.
اللعبة الثانية
الأفعى تعرض جلدها الفاتن، والمرأة تعرض جسدها الفاتن، والشيطان يعرض غوايته. وإذا كانت الأفعى، أحسن دابة خلقها الله، فبعد الخطيئة قطعت قوائمها، وأصبحت أخشن دابة خلقها، تزحف وتتلوى، إذا أرادت الحياة، والحياة من الحية. و>الحية من حويت لأنها تتحوى في التوائها<. (لسان العرب مادة حوا). ومن أراد أن يحيا يجب عليه، في ثقافتنا الشرقية أن يلتوي التواء الحيـة الأفعى. وبالطبع، ذلك هو الدرس الذي لقنته الأفعى للمرأة /الأفعى. فالمرأة تلتوي حتى في مشيتها لغواية الرجل، وإثارة انتباهــه إلى جسدها. كما تلتوي على زوجها الرجل، خصوصا حيث ترغب في تحقيق أمنية ما، (وما أكثر أمنيات المرأة).
أما ثالث الاثنين فهو الشيطان؛ الشيطان الذي >يجري من ابن آدم مجرى الدم ... إذ يتسلط عليه، فيوسوس له<. و>الوسواس: الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس... له رأس كرأس الحية يجثم على القلب<(1). وبطبيعة الحال، يجثم على قلب الرجل، فيضعفه وينهار لتحقق المرأة ما ترغب من أماني. وعليه، فحينما يذكر الشيطان، تذكر الأفعى. وعندما تذكرهذه تذكر المرأة. ولذكرهم طقوس معينة. وفي ثقافتنا الشعبية، عندما يذكر الشيطان نقول: لعنه الله. وعندما تذكر الأفعى عادة ما نقول: (آلبلى أوبعيد). أما عندما تذكرالمرأة فإننا نقول "حشاك"(2). وعلى أية حال، فالمرأة والأفعى والشيطان، كلهم مذنبون في ثقافتنا الشرقية. والمدنس في مجتمعاتنا مهمش، ومرفرض، وبالتالي محتقر ومهان.
ذلك هو واقع المرأة في ثقافتنا الشرقية. لنتأمل هذا التصورالشعبي في هذا السياق -نسمع عند أمهاتنا، أن جلد الأفعى يطرد الشياطين (وهي مفارقة عجيبة) لذلك تلجأ المرأة لاقتنائه عند العطار. وسر هذه المفارقة، يكمن في كون المرأة تقتني جلد الأفعى، لالطرد الشياطين، لكن لجلبهم. وتتم عملية الجلب هذه عبر النجوم والتعاويذ... وهذه تستدعي الحديث عن الشعوذة، وعن السحر.
وعلاقة المرأة الشرقية عامة بالسحر، علاقة أكيدة وأصيلة، لأنه -أي السحر- يضعف من مقاومة الرجل، ويحوله إلى رجل من ورق، يتباهى -احيانا- بقوة وهمية. وربما لذلك سمت العرب السحر، سحرا، لأنه يحول دائما الصحة إلى مرض. يقال سحره، >أزاله عن البغض إلى الحب والسحر الخديعة<.(لسان العرب مادة سحر). وأقول لكم إن أمي/ المرأة، قد أهدتني قطعة من جلد الأفعى، مدعية أنه يطرد الشياطين، والأرواح الشريرة، و>العين الشينة<.
وأميل إلى القول، إلى أن هذا سبب كاف لتسير تلك العلاقة الوطيدة بين المرأة والأفعى، وبين المرأة والعطار والساحر ... وبين هؤلاء والشياطين. الحق أن العطار والساحرمن طينه الرجال، لكن حذاري، فرجولـــة هؤلاء من نوع خاص، سواء في حركاتهم، وسلوكاتهم، ومواقفهم، أثناء جلب الشياطين، وأثناء التحدث والتعامل مع المرأة أوحتى في طبيعة لغتهم التي لا تقل لسعا من لغة المرأة، كما سنرى في اللعبة الموالية.
اللعبة الثالثة
عندما تلسع الأفعى أحدا، عادة ما نسألـه السؤال التالي: هل لسعتك قائمة أم زاحفة؟ فدرجة اللسع في تصورنا الشعبي-تختلف باختلاف وضعية اللسع: فكلما التوت الأفعى، ورفعت رأسها، كلما كان لسعها قاتلا ولكن ما علاقـة لسع الأفعى بالمرأة.
إن المرأة بدورها تلسع، أجل تلسع وتلدغ معا. واللسع واللدغ بمعنى واحد. >ويقال ألدغت الرجل إذا أرسلت إليه حية تلدغه.< (لسان العرب مادة لسع) ولماذا لا نقول ألدغت المرأة ؟ لأن الملدوغ ببساطة هو الرجل، والذي يلدغه هوالمرأة. فشهرزاد كانت تلدغ شهريار بالكلام /اللغة/الحكي/ لسانها. كانت شهرزاد تحيا بالحكي. وهذا يقدم في مقابل الجسد، >فالأمر يتجلى في عقد الدعارة< (2). فشهريار يرغب أساسا في جسد شهرزاد. وهذه الأخيرة توظف الحكي، عوض جسدها. فتتحول لدغة الجسد إلى لدغة الحكي والسرد. وبالحكي تسترخي أعصاب شهريار، ويخمد غضب انتقامه على المرأة. فالحكي بدوره يحقق لذة من نوع أخر. فلذة اللغة، وكيد اللغة، ولسعة اللغة، لا تقل خطورة عن لغة الجسـد ولسعته. فجسد المرأة/الأفعى، جسد ميال وملتو، كالتواء الأفعى، خصوصا وأن المرأة الشرقية مهددة في كل لحظة بالطلاق، ومهددة بالزوجة الثانية، والثالثة والرابعة ...
وشهرزاد كامرأة شرقية، مهددة بالموت، والانتقام، وبالاغتصاب أيضا. ومعنى ذلك، أن المرأة هنا تحت رحمة الرجل/شهريار. والرجل العربي -عموما- لا يختلف عن شهريار، لأنه هوالذي يمكن أن >يمنحها الحياة كل يوم. فهي خاضعة له متمثلة لأهوائه. إلا أن خضوعها لا يخلو من خداع ومكر<(4). وخداع المرأة/شهرزاد، ومكرها في لغتها وجسدها. وتصريف اللغة وكيدها ينجح في الأساس في حضورالجسد والمناورة به. فشهرزاد كانت تحكي حكايتها لشهريار، وهما متعانقان، أجل متعانقان. فسريان اللغة ولذتها، وخداعها يتم في حضرة الجسد ثم >أنهم باتوا تلك الليلة إلى الصباح متعانقين<. وفي عملية اعتناق الجسدين: جسدي شهرزاد وشهريار، تعمل اللغة عملها. أي يضعف الرجل/ شهريار، ويسلب عقله وتخور إرادته، وتتحقق بالتالي أمانيها، وهي الحياة، ولكن ليست أية حياة، وإنما الحياة بامتياز: فلسفة اللغة، تنجح بالذات في حضرة الجسد. وفي هذه الوضعية ، وهذه الوضعية بالذات، تتم اللسعة القاتلة .
وعلى هذه الأساس، فأهم القرارات السياسية، وأخطرها غالبا ما تتخذ في حضرة الجسد ومخادع النوم، أي بالليل، وعلاقة المرأة بالليل هي علاقة متميزة ودالة، فزمن قوة المرأة وسلطتها تكمن في الليل وطقوس الليل. فنجاح الكذب، والخداع، والمكر والكيد... لا يتم إلا بالليل، علما بأن ذاكراتنا الشعبية تختزن بأن المرأة تلجأ إلى السحر ليلا، لإسقاط القمر (5) وممارسة الشعوذة... ولهذا هناك ترابط وطيد بين المرأة والليل والقمر وبين القمروالحية الأفعى(6)، وبالتالي بين الأفعى والمرأة. وتستمر اللعبة ...
اللعبة الرابعة
عندما نقتل أفعى ما، نزعم، وبوحي من ثقافتنا الشعبية، أنه من اللازم والضروري أن نقلبها على ظهرها، ليظهربطنها. فقد اقسمت الأفعى -في تصونا الشعبي- ألا يرى الله بطنها أبدا، بعدما عاقبها على غوايتها للمرأة/حواء بمعية الشيطان، وبعدما حرمها من قوائمها. ونحن بطبيعة الحال، نرغب في طاعة الله، ولذلك، فحينما نقتل أفعى ما، فإننا نقلبها على ظهرها في التو. وأكثر من ذلك فتصورنا الشعبي يرغمنا أن نضعها تحت نجوم السماء لتكون في متناول نظر الله.
هذا البطن الذي ترفض الأفعى ألا يراه الله، هو نفسه البطن الذي تزحف عليه، وتلتوي به، ويخفي أعضاءها الجنسية أي مركزاللذة والخطيئة معا. وقد ظهرت هذه الأعضاء التناسلية، مباشرة بعد الأكل من الشجرة المحرمة/شجرة الخلد. يقول تعالى: >فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوأتهما. وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة< (سورة الاعراف 21-22). وبظهورالسوأة ظهرت الخطيئة والدنس. ولهذا، فالعملية الجنسية عملية مدنسة، وتبعث على الخجل والحياء. والأعضاء التناسلية هي أكثر وضوحا وبروزا لدى المرأة. ولهذا، فهي لاتختلف عن الأفعى، ذلك لأنها تحاول جاهدة حجب جسدها ومفاتنه عن الرجل، حتى لا يدنسها. إلا أن ما تحجبه المرأة، وما تسعى لصيانته وإخفائه، فجأة ما ينكشف فيدنس، وتولد الخطيئة من جديد... في اللعبة الجديدة ..
اللعبة الخامسة
في جامع الفنا، بمدينة مراكش ، نجد ما يعرف بـ"رقاص الحناش". ويتم رقص الأفاعي، بواسطة الناي "الغيطة"، (والناي -كما يقال- آلة الشيطان)، وإذ ذاك ، واذ ذاك بالذات فقط ترقص الأفعى، وتلتوي، وينكشف ما أقسمت به ألا ينكشف، أي بطنها. ومع الرقص ينعدم الخوف من الأفعى، وتزول الرهبة منها، ويحل الاستئناس، ويتسابق الناس للفرجة، وأخذ الصور. هكذا يتحول الخوف من الأفعى إلى ألفة وإلى فرجة. ومع الفرجة -طبعا- يحضر الجسد، والاحتفال بالجسد. إلا أن فرجة الأفعى، نوع فريد وفريد، لأنها فرجة تقوم على "ترقيص"، ألد الأعداء للرجل، وهي الأفعى/المرأة.
والمرأة بدورها تحرص أيما حرص على ستر بطنها خاصة وما يحتويه من "مقدسات"... النهود بوجه خاص. وكل مظاهر الفتنة عند المرأة، تشكل مراكز السلطة على الرجل، وفي تلك المراكزتتحدد المرأة: بنظراتها الخجولة، بالتوائها الجسدي، بغواية شعرها أونهديها ، أو ...
وإذا أردت أن تتأكد من مناورات المرأة، فاعمد إلى مفاجأتها. فحينما تقتحم المرأة، بشكل مفاجئ، يكون أول رد فعلها، هوالتراجع نحو الوراء، وذلك استعدادا للقذفة / اللسع. وفي نفس الوقت تحرص على حجب اعضائها التناسلية، وذلك بوضع كلتي يديها على نهديها، مطأطأة رأسها، وغارزة عينيها في الارض. وفي حرص المرأة هذا غواية. فبقدر ما تخاف المرأة، على أعضائها التناسلية من دنس الرجل، بقدر ما تناديه إليها وتدعوه (7). تلك بعض مناورات المرأة والأفعى معا: تتراجع لتهجم فحذاري من تحرش الأفعى، فتراجعها إلى الوراء، مناورة اللسعة القاتلة!
ورقاص الأفاعي، عادة ما ينصحنا قائلا: إذا أردت أن تروض أفعى/امرأة، فهاجمها في حالة الضعف. وضعف الأفعى/المرأة هو الموسيقى: الدف، الناي والطبل... فمع الموسيقى، والرقص والغناء، يزول الخوف، وتزول الحشمة مع الرقص، يزول مفعول قذائف الأفعى/المرأة، فتعلق الأخلاق، ويتكلم الجسد. وحينما يتكلم الجسد، يرقص، ويغني، ثم ينتشي ويسقط. ولغة الجسد، لسعة من أخطر لسعات المرأة. ففي حضرة الرقص والغناء والطرب، يتكلم الجسد، ويصرخ بأعلى صوته: >أنا أرقص، إذن أنا موجود<. والرقص خمرة في الرأس وفي الوجود؛ وبحضورها تغيب القيم و مكارم الأخلاق، ويغيب الدين، والمؤسسة، وينتفي بالتالي، كل ما هو مقدس. ففضاء الرقص والغناء والطرب والخمرة والموسيقى، فضاء مدنس، إذ تقدم فيه المرأة والأفعى، كل مقدساتها، وتولد الخطيئة من جديد .
على هذا الأساس، فالرقص والغناء وحضور الخمرة في ثقافتنا الشرقية من وحي الشيطان. فالموسيقى ترقص المرأة/ الأفعى، فتلتوي وتناور... وحينما تفعل، فـإنها تنعت بصفات قدحية. مثل قولهم فيها : >فلانة شيخة< (8)، وما تحمله الشيخة من دنس . "فالشيخات" المدنسات، هن الوحيدات اللواتي يرقصن، ويغنين، ويختمرن... ولذلك فهن -في مجتمعنا- نساء من الدرجة الصفر، وأقرب إلى الشيطان ودنسه.
تلك بعض مظاهر طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة في ذاكرتنا الشرقية. وهي مظاهر قابعة في أعماق طبقات لاشعور إنساننا العربي والشرقي. أكيد أن شهريار شخصية خيالية، لكن أكيد أيضا أنه لم يخلق من عبث: فقد تشكلت ملامح هذه الشخصية الخيالية، الواقعية، النمطية، عبر أجيال وأزمنة، ولازالت تتشكل. فشهريار لازال حاضرا بقوة إلى اليوم: في مظاهره وتجلياته وعمقه أيضا. فهو شخصية ثابتة ونمطية، فهو امتداد شخصية سي سيد، في ثلاثية نجيب محفوظ(9)، في العصر الحديث، يظهرويختفي، سواء عبر الجلباب والطربوش والعكاز، أو عبر البذلة العصرية، وربطة العنق، والنظارات، ومفاتيح السيارة...
والمشكل هنا هو : هل هناك مصوغ معقول، وموضوعي اليوم، لتواجد هذه الشخصيات النمطية؟ وهل هناك مبرر مقنع لاستمرارية التصورالقائم على المؤامرة بين الرجل والمرأة ؟ ثم كيف ومتى يمكن إعادة العلاقة بين الرجل والمرأة إلى حالتها الطبيعية أي ككائنين إنسانيين ومتساويين؟ تلك أسئلة الكلام أخر.
الهوامش
1- ابن منظور: نفس المصدر مادة وسى .
3) , 1970, p 95 Barthes R : S/Z ,Seuil
4) عبد الفتاح كيليطو ، الغائب، دار توبقال، ص. 12
5) وعملية " إسقاط القمر" هنا استعارة فقط. فالمعروف في ثقافتنا
الشعبية أن المرأة التي ترغب في السحر تلجأ إلى مقبرة في ليلة مقمرة وتهيئ هناك الكسكس بأيدي الميت. وحينئذ يسقط القمر وتنجح عملية السحر عندما يأكل الرجل الكسكس.
6) انظر عبد الفتاح كيليطو، نفس المرجع . ص :
7) ولهذا المرأة لا تقوم بالمبادرة في جلب الرجل، بقدر ما توحي إليه في كبرياء والتواء. فحتى إذا أحبت أورغبت، فإنها تعطي إشارات للرجل، وذلك لتظل المرغوب فيها، وبالتالي في مركز القوة.
8) و"الشيخة" في الدارجةالمغربية، هي المومس التي تبيع جسدها بمقابل مادي، للممارسة الجنسية أوللرقص أوللغناء... ونظرة المجتمع لهذه الشريحة من النساء، نظرة إقصاء وتهميش وتحقير.
9) وشخصية سي سيد في ثلاثية نجيب محفوظ، رمزلكل رجل عربي شرقي يعيش تناقضا في ذاته. إنه الرجل المتدين المتخلق الإنساني وفي نفس الآن هو رجل تقليدي متسلط مستهتر ومنحل.
تقديم
تعتبر المرأة و الأفعى والشيطان ثالوثا يرهب الرجل ويخيفه ويغويه في نفس الوقت؛ في ثقافتنا الشعبية هناك تلازم بين هذا الثالوث، إذ تتحول المرأة إلى أفعى وتتحول الأفعى إلى شيطان ويتحول الشيطان إلي امرأة كأنهم تسميات مختلفة لاسم واحد. ودائما في إطار ثقافتنا الشعبية "يُزعم" أن هذا الثالوث قد وُجد فقط لإرهاب الرجل وإقراعه... وعلى هذا الأساس عادة ما يستدعي الحديث عن المرأة الحديث عن الأفعى و الشيطان. وإذا حاولنا مساءلة هذه الذاكرة قصد فهم البنية اللاشعورية المتحكمة في هذا البناء الدلالي وفهمها وإدراكها لابد من مداعبة هذه الذاكرة الثقافية العالمة منها والشعبية. والمداعبة هنا بمعنى اللعب.
اللعبة الأولى
حينما يصادف الرجل الأفعى/المرأة، أو/المرأة/الأفعى، لا فرق، عادة ما يصيبه الخوف والدهشة. هذه المصادفة تفرض تراجع الأفعى إلى الوراء طلبا للسلامة، أوتفاديا للمواجهة، أو ربما استعدادا للسعة الحاسمة لكن حذار من تحرشها. فيقال إن حفيف الأفعى وغضب المرأة من جهنم. ولهذا فثقافتنا الشعبية عادة ما تنصح الرجل أن يتفادى المرأة أثناء غضبها والأفعى أثناء هيجانها.
إن فتنة الأفعى في جسدها، وجسدها عبارة عن لوحة لفنان ناجح: جسد موشوم ومرقش وتسمي الأفعى بالرقشاء >لترقيش في ظهرها وهي خطوط ونقط<(لسان العرب مادة رقش). وعلي هذا الاعتبار فكثيرا ما يدخل جلد الأفعى في تزيين بيوت الأغنياء وأجسادهم. وفتنة المرأة أيضا في جسدها، ولا غرابة إذا كانت المرأة تهتم بجسدها، تجمله وتطيبه، فيتحول بذلك إلى لوحة فنان ناجح أيضا، تضاهي جسد الأفعي. فتعرض اللوحة الجسد في معرض الرجل. وأغلى لوحة/جسد، يعني أغلى مهر، والمهر في ثقافة الشعب رمزلعملية البيع والشراء.
ومن هذا المنظور كان الترقيش. و المرأة ترقش كلامها شأن جسد الرقشاء الأفعى، والترقيش >هو تحسين الكلام وتزويقه، ورقش كلامه، زوقه وزخرفه< (لسان العرب مادة رقش). من الشيطان تستمد المرأة العون الكبير ومن الأفعى تستمد الترقيش، والأفعى والشيطان من طبيعة واحدة، فالشيطان في لسان العرب >حية لها عرف، والعرب تسمي بعض الحيات شيطانا< (لسان العرب مادة شطن). وتستمر اللعبة.
اللعبة الثانية
الأفعى تعرض جلدها الفاتن، والمرأة تعرض جسدها الفاتن، والشيطان يعرض غوايته. وإذا كانت الأفعى، أحسن دابة خلقها الله، فبعد الخطيئة قطعت قوائمها، وأصبحت أخشن دابة خلقها، تزحف وتتلوى، إذا أرادت الحياة، والحياة من الحية. و>الحية من حويت لأنها تتحوى في التوائها<. (لسان العرب مادة حوا). ومن أراد أن يحيا يجب عليه، في ثقافتنا الشرقية أن يلتوي التواء الحيـة الأفعى. وبالطبع، ذلك هو الدرس الذي لقنته الأفعى للمرأة /الأفعى. فالمرأة تلتوي حتى في مشيتها لغواية الرجل، وإثارة انتباهــه إلى جسدها. كما تلتوي على زوجها الرجل، خصوصا حيث ترغب في تحقيق أمنية ما، (وما أكثر أمنيات المرأة).
أما ثالث الاثنين فهو الشيطان؛ الشيطان الذي >يجري من ابن آدم مجرى الدم ... إذ يتسلط عليه، فيوسوس له<. و>الوسواس: الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس... له رأس كرأس الحية يجثم على القلب<(1). وبطبيعة الحال، يجثم على قلب الرجل، فيضعفه وينهار لتحقق المرأة ما ترغب من أماني. وعليه، فحينما يذكر الشيطان، تذكر الأفعى. وعندما تذكرهذه تذكر المرأة. ولذكرهم طقوس معينة. وفي ثقافتنا الشعبية، عندما يذكر الشيطان نقول: لعنه الله. وعندما تذكر الأفعى عادة ما نقول: (آلبلى أوبعيد). أما عندما تذكرالمرأة فإننا نقول "حشاك"(2). وعلى أية حال، فالمرأة والأفعى والشيطان، كلهم مذنبون في ثقافتنا الشرقية. والمدنس في مجتمعاتنا مهمش، ومرفرض، وبالتالي محتقر ومهان.
ذلك هو واقع المرأة في ثقافتنا الشرقية. لنتأمل هذا التصورالشعبي في هذا السياق -نسمع عند أمهاتنا، أن جلد الأفعى يطرد الشياطين (وهي مفارقة عجيبة) لذلك تلجأ المرأة لاقتنائه عند العطار. وسر هذه المفارقة، يكمن في كون المرأة تقتني جلد الأفعى، لالطرد الشياطين، لكن لجلبهم. وتتم عملية الجلب هذه عبر النجوم والتعاويذ... وهذه تستدعي الحديث عن الشعوذة، وعن السحر.
وعلاقة المرأة الشرقية عامة بالسحر، علاقة أكيدة وأصيلة، لأنه -أي السحر- يضعف من مقاومة الرجل، ويحوله إلى رجل من ورق، يتباهى -احيانا- بقوة وهمية. وربما لذلك سمت العرب السحر، سحرا، لأنه يحول دائما الصحة إلى مرض. يقال سحره، >أزاله عن البغض إلى الحب والسحر الخديعة<.(لسان العرب مادة سحر). وأقول لكم إن أمي/ المرأة، قد أهدتني قطعة من جلد الأفعى، مدعية أنه يطرد الشياطين، والأرواح الشريرة، و>العين الشينة<.
وأميل إلى القول، إلى أن هذا سبب كاف لتسير تلك العلاقة الوطيدة بين المرأة والأفعى، وبين المرأة والعطار والساحر ... وبين هؤلاء والشياطين. الحق أن العطار والساحرمن طينه الرجال، لكن حذاري، فرجولـــة هؤلاء من نوع خاص، سواء في حركاتهم، وسلوكاتهم، ومواقفهم، أثناء جلب الشياطين، وأثناء التحدث والتعامل مع المرأة أوحتى في طبيعة لغتهم التي لا تقل لسعا من لغة المرأة، كما سنرى في اللعبة الموالية.
اللعبة الثالثة
عندما تلسع الأفعى أحدا، عادة ما نسألـه السؤال التالي: هل لسعتك قائمة أم زاحفة؟ فدرجة اللسع في تصورنا الشعبي-تختلف باختلاف وضعية اللسع: فكلما التوت الأفعى، ورفعت رأسها، كلما كان لسعها قاتلا ولكن ما علاقـة لسع الأفعى بالمرأة.
إن المرأة بدورها تلسع، أجل تلسع وتلدغ معا. واللسع واللدغ بمعنى واحد. >ويقال ألدغت الرجل إذا أرسلت إليه حية تلدغه.< (لسان العرب مادة لسع) ولماذا لا نقول ألدغت المرأة ؟ لأن الملدوغ ببساطة هو الرجل، والذي يلدغه هوالمرأة. فشهرزاد كانت تلدغ شهريار بالكلام /اللغة/الحكي/ لسانها. كانت شهرزاد تحيا بالحكي. وهذا يقدم في مقابل الجسد، >فالأمر يتجلى في عقد الدعارة< (2). فشهريار يرغب أساسا في جسد شهرزاد. وهذه الأخيرة توظف الحكي، عوض جسدها. فتتحول لدغة الجسد إلى لدغة الحكي والسرد. وبالحكي تسترخي أعصاب شهريار، ويخمد غضب انتقامه على المرأة. فالحكي بدوره يحقق لذة من نوع أخر. فلذة اللغة، وكيد اللغة، ولسعة اللغة، لا تقل خطورة عن لغة الجسـد ولسعته. فجسد المرأة/الأفعى، جسد ميال وملتو، كالتواء الأفعى، خصوصا وأن المرأة الشرقية مهددة في كل لحظة بالطلاق، ومهددة بالزوجة الثانية، والثالثة والرابعة ...
وشهرزاد كامرأة شرقية، مهددة بالموت، والانتقام، وبالاغتصاب أيضا. ومعنى ذلك، أن المرأة هنا تحت رحمة الرجل/شهريار. والرجل العربي -عموما- لا يختلف عن شهريار، لأنه هوالذي يمكن أن >يمنحها الحياة كل يوم. فهي خاضعة له متمثلة لأهوائه. إلا أن خضوعها لا يخلو من خداع ومكر<(4). وخداع المرأة/شهرزاد، ومكرها في لغتها وجسدها. وتصريف اللغة وكيدها ينجح في الأساس في حضورالجسد والمناورة به. فشهرزاد كانت تحكي حكايتها لشهريار، وهما متعانقان، أجل متعانقان. فسريان اللغة ولذتها، وخداعها يتم في حضرة الجسد ثم >أنهم باتوا تلك الليلة إلى الصباح متعانقين<. وفي عملية اعتناق الجسدين: جسدي شهرزاد وشهريار، تعمل اللغة عملها. أي يضعف الرجل/ شهريار، ويسلب عقله وتخور إرادته، وتتحقق بالتالي أمانيها، وهي الحياة، ولكن ليست أية حياة، وإنما الحياة بامتياز: فلسفة اللغة، تنجح بالذات في حضرة الجسد. وفي هذه الوضعية ، وهذه الوضعية بالذات، تتم اللسعة القاتلة .
وعلى هذه الأساس، فأهم القرارات السياسية، وأخطرها غالبا ما تتخذ في حضرة الجسد ومخادع النوم، أي بالليل، وعلاقة المرأة بالليل هي علاقة متميزة ودالة، فزمن قوة المرأة وسلطتها تكمن في الليل وطقوس الليل. فنجاح الكذب، والخداع، والمكر والكيد... لا يتم إلا بالليل، علما بأن ذاكراتنا الشعبية تختزن بأن المرأة تلجأ إلى السحر ليلا، لإسقاط القمر (5) وممارسة الشعوذة... ولهذا هناك ترابط وطيد بين المرأة والليل والقمر وبين القمروالحية الأفعى(6)، وبالتالي بين الأفعى والمرأة. وتستمر اللعبة ...
اللعبة الرابعة
عندما نقتل أفعى ما، نزعم، وبوحي من ثقافتنا الشعبية، أنه من اللازم والضروري أن نقلبها على ظهرها، ليظهربطنها. فقد اقسمت الأفعى -في تصونا الشعبي- ألا يرى الله بطنها أبدا، بعدما عاقبها على غوايتها للمرأة/حواء بمعية الشيطان، وبعدما حرمها من قوائمها. ونحن بطبيعة الحال، نرغب في طاعة الله، ولذلك، فحينما نقتل أفعى ما، فإننا نقلبها على ظهرها في التو. وأكثر من ذلك فتصورنا الشعبي يرغمنا أن نضعها تحت نجوم السماء لتكون في متناول نظر الله.
هذا البطن الذي ترفض الأفعى ألا يراه الله، هو نفسه البطن الذي تزحف عليه، وتلتوي به، ويخفي أعضاءها الجنسية أي مركزاللذة والخطيئة معا. وقد ظهرت هذه الأعضاء التناسلية، مباشرة بعد الأكل من الشجرة المحرمة/شجرة الخلد. يقول تعالى: >فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوأتهما. وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة< (سورة الاعراف 21-22). وبظهورالسوأة ظهرت الخطيئة والدنس. ولهذا، فالعملية الجنسية عملية مدنسة، وتبعث على الخجل والحياء. والأعضاء التناسلية هي أكثر وضوحا وبروزا لدى المرأة. ولهذا، فهي لاتختلف عن الأفعى، ذلك لأنها تحاول جاهدة حجب جسدها ومفاتنه عن الرجل، حتى لا يدنسها. إلا أن ما تحجبه المرأة، وما تسعى لصيانته وإخفائه، فجأة ما ينكشف فيدنس، وتولد الخطيئة من جديد... في اللعبة الجديدة ..
اللعبة الخامسة
في جامع الفنا، بمدينة مراكش ، نجد ما يعرف بـ"رقاص الحناش". ويتم رقص الأفاعي، بواسطة الناي "الغيطة"، (والناي -كما يقال- آلة الشيطان)، وإذ ذاك ، واذ ذاك بالذات فقط ترقص الأفعى، وتلتوي، وينكشف ما أقسمت به ألا ينكشف، أي بطنها. ومع الرقص ينعدم الخوف من الأفعى، وتزول الرهبة منها، ويحل الاستئناس، ويتسابق الناس للفرجة، وأخذ الصور. هكذا يتحول الخوف من الأفعى إلى ألفة وإلى فرجة. ومع الفرجة -طبعا- يحضر الجسد، والاحتفال بالجسد. إلا أن فرجة الأفعى، نوع فريد وفريد، لأنها فرجة تقوم على "ترقيص"، ألد الأعداء للرجل، وهي الأفعى/المرأة.
والمرأة بدورها تحرص أيما حرص على ستر بطنها خاصة وما يحتويه من "مقدسات"... النهود بوجه خاص. وكل مظاهر الفتنة عند المرأة، تشكل مراكز السلطة على الرجل، وفي تلك المراكزتتحدد المرأة: بنظراتها الخجولة، بالتوائها الجسدي، بغواية شعرها أونهديها ، أو ...
وإذا أردت أن تتأكد من مناورات المرأة، فاعمد إلى مفاجأتها. فحينما تقتحم المرأة، بشكل مفاجئ، يكون أول رد فعلها، هوالتراجع نحو الوراء، وذلك استعدادا للقذفة / اللسع. وفي نفس الوقت تحرص على حجب اعضائها التناسلية، وذلك بوضع كلتي يديها على نهديها، مطأطأة رأسها، وغارزة عينيها في الارض. وفي حرص المرأة هذا غواية. فبقدر ما تخاف المرأة، على أعضائها التناسلية من دنس الرجل، بقدر ما تناديه إليها وتدعوه (7). تلك بعض مناورات المرأة والأفعى معا: تتراجع لتهجم فحذاري من تحرش الأفعى، فتراجعها إلى الوراء، مناورة اللسعة القاتلة!
ورقاص الأفاعي، عادة ما ينصحنا قائلا: إذا أردت أن تروض أفعى/امرأة، فهاجمها في حالة الضعف. وضعف الأفعى/المرأة هو الموسيقى: الدف، الناي والطبل... فمع الموسيقى، والرقص والغناء، يزول الخوف، وتزول الحشمة مع الرقص، يزول مفعول قذائف الأفعى/المرأة، فتعلق الأخلاق، ويتكلم الجسد. وحينما يتكلم الجسد، يرقص، ويغني، ثم ينتشي ويسقط. ولغة الجسد، لسعة من أخطر لسعات المرأة. ففي حضرة الرقص والغناء والطرب، يتكلم الجسد، ويصرخ بأعلى صوته: >أنا أرقص، إذن أنا موجود<. والرقص خمرة في الرأس وفي الوجود؛ وبحضورها تغيب القيم و مكارم الأخلاق، ويغيب الدين، والمؤسسة، وينتفي بالتالي، كل ما هو مقدس. ففضاء الرقص والغناء والطرب والخمرة والموسيقى، فضاء مدنس، إذ تقدم فيه المرأة والأفعى، كل مقدساتها، وتولد الخطيئة من جديد .
على هذا الأساس، فالرقص والغناء وحضور الخمرة في ثقافتنا الشرقية من وحي الشيطان. فالموسيقى ترقص المرأة/ الأفعى، فتلتوي وتناور... وحينما تفعل، فـإنها تنعت بصفات قدحية. مثل قولهم فيها : >فلانة شيخة< (8)، وما تحمله الشيخة من دنس . "فالشيخات" المدنسات، هن الوحيدات اللواتي يرقصن، ويغنين، ويختمرن... ولذلك فهن -في مجتمعنا- نساء من الدرجة الصفر، وأقرب إلى الشيطان ودنسه.
تلك بعض مظاهر طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة في ذاكرتنا الشرقية. وهي مظاهر قابعة في أعماق طبقات لاشعور إنساننا العربي والشرقي. أكيد أن شهريار شخصية خيالية، لكن أكيد أيضا أنه لم يخلق من عبث: فقد تشكلت ملامح هذه الشخصية الخيالية، الواقعية، النمطية، عبر أجيال وأزمنة، ولازالت تتشكل. فشهريار لازال حاضرا بقوة إلى اليوم: في مظاهره وتجلياته وعمقه أيضا. فهو شخصية ثابتة ونمطية، فهو امتداد شخصية سي سيد، في ثلاثية نجيب محفوظ(9)، في العصر الحديث، يظهرويختفي، سواء عبر الجلباب والطربوش والعكاز، أو عبر البذلة العصرية، وربطة العنق، والنظارات، ومفاتيح السيارة...
والمشكل هنا هو : هل هناك مصوغ معقول، وموضوعي اليوم، لتواجد هذه الشخصيات النمطية؟ وهل هناك مبرر مقنع لاستمرارية التصورالقائم على المؤامرة بين الرجل والمرأة ؟ ثم كيف ومتى يمكن إعادة العلاقة بين الرجل والمرأة إلى حالتها الطبيعية أي ككائنين إنسانيين ومتساويين؟ تلك أسئلة الكلام أخر.
الهوامش
1- ابن منظور: نفس المصدر مادة وسى .
3) , 1970, p 95 Barthes R : S/Z ,Seuil
4) عبد الفتاح كيليطو ، الغائب، دار توبقال، ص. 12
5) وعملية " إسقاط القمر" هنا استعارة فقط. فالمعروف في ثقافتنا
الشعبية أن المرأة التي ترغب في السحر تلجأ إلى مقبرة في ليلة مقمرة وتهيئ هناك الكسكس بأيدي الميت. وحينئذ يسقط القمر وتنجح عملية السحر عندما يأكل الرجل الكسكس.
6) انظر عبد الفتاح كيليطو، نفس المرجع . ص :
7) ولهذا المرأة لا تقوم بالمبادرة في جلب الرجل، بقدر ما توحي إليه في كبرياء والتواء. فحتى إذا أحبت أورغبت، فإنها تعطي إشارات للرجل، وذلك لتظل المرغوب فيها، وبالتالي في مركز القوة.
8) و"الشيخة" في الدارجةالمغربية، هي المومس التي تبيع جسدها بمقابل مادي، للممارسة الجنسية أوللرقص أوللغناء... ونظرة المجتمع لهذه الشريحة من النساء، نظرة إقصاء وتهميش وتحقير.
9) وشخصية سي سيد في ثلاثية نجيب محفوظ، رمزلكل رجل عربي شرقي يعيش تناقضا في ذاته. إنه الرجل المتدين المتخلق الإنساني وفي نفس الآن هو رجل تقليدي متسلط مستهتر ومنحل.