لا تُكبِروا من ملاح المرد إنسانا = ما الحُسن والطِّيب إلا عبد ظِبيانا
نفديك من كاملٍ حُسناً وإحسانا = تُحيي وتقتل أحياناً فأحيانا
تبارك اللَهُ ماذا فيك من بدعٍ = في الجسم والوجه إسراراً وإعلانا
كأنما عجن الكافورُ طينتَه = بالزعفران فعَلَّى منه كثبانا
وصيغ أعلاه من نورٍ ومن ظُلَمٍ = وجهاً وفرعاً يمجُّ المسك والبانا
فالفرع من سَبَجٍ والخد من ضَرَجٍ = والطَّرف من غنجٍ يلقاك وسنانا
فمن تنزَّه يوماً في محاسنه = فليس مُستحسِناً ما عاش بستانا
ومن تنفس من أنفاسه نَفَساً = لم يرضَ ما عاش أن يشتمَّ ريحانا
كأنما اللَه أوحى إذ براه إلى = خزائن المسك ممّا طاب أو لانا
بأن تُؤلِّف من نَشرٍ جواهرها = وقال كوني على التأليف إنسانا
كأنه قبَّة من فضَّةٍ قسِمت = في ملتقى الخَور أردافاً وأعكانا
كأنه مُحَّةٌ من فرط نَعمته = تكاد تجري من الأثواب أحيانا
تراه كالماء رجراجاً ومَلمسه = كالنار حرّاً فتلقى اللونَ ألوانا
تبدو له حركات من حرارتها = ولينه يستحيل الماء رَيّانا
قد قلتُ إذ حار طرفي في محاسنه = ولم أزل شاخصَ العينين حيرانا
لا شك أنت من الجنّات مسترَقٌ = أو هارب فمتى فارقتَ رضوانا
فاستضحكته على عجبٍ مساءَلتي = وقلتُ لمّا رأيتُ الثغر قد بانا
لم ترضَ إذ جئتَنا من جنةٍ هرباً = حتى سرقتَ لنا في فيك مرجانا
ليس الحبيب الذي يأتيك مؤتزراً = مثلَ الحبيب الذي يأتيك عريانا