قصة قصيرة كيفين سبيد Kevin Spaide - سائقة التاكسي Taxi Driver.. ت: د. محمد عبدالحليم غنيم

  • بادئ الموضوع د.محمد عبدالحليم غنيم
  • تاريخ البدء
د

د.محمد عبدالحليم غنيم

عادت زوجتي من عملها الجديد ، و زحفت إلى السرير بجواري أمسكت بى وجذبتنى نحوها ، كما لو كنت شخصاً غريباً، إنها فى حاجة إلى فى تلك الساعة فوراً . لم أفهم ذلك ، قلت :
- لم كل هذا التهور ؟

قالت :
- أنت لا تعرف أى شىء
- لم أدع مطلقاً أنني أعرف .
- أزداد عالماً من القذارة هناك فى الخارج ، بينما تفعل أنت ما تفعله كل ليلة .
- تقودين سيارة أجرة ، أليس كذلك ؟
- و ليست هذه المهنة مقتصرة على الرجال فقط . أوه . لا يمكن أن تكون النساء رديئات جداً . لا يمكن.
- ماذا فعل الناس لك هناك ؟!
- لم أقصد أبداً أن نعيش وحدنا يا حبيبى .

قلت :
- ربما لا . لكن لا أحد يقول أننا نعيش كومة فوق كومة .
- ليس الجميع غريب الأطوار مثلك ، و ربما لا أحد مثلك .

تجادلنا لفترة من الوقت حول الحياة فى المدينة فى مقابل الحياة فى الريف . كانت هي فى جانب العيش فى المدينة، بينما انحزت أنا للعيش فى الريف ، ثم مارسنا الجنس و ذهبنا إلى النوم .

فى الليلة التالية دعيت إلى حفل ، بينما كان زوجتي فى العمل مع سيارتها الأجرة .اتصلت بها و أخبرتها أين أكون و ماذا أفعل .
- آمل أن تكون فى المنزل عند عودتي . أنا فى حاجة إليك الليلة . لا تسكر .

إنه لشعور غريب أن تخرج وحدك . سألنى الجميع تقريباً عن زوجتي . كان ذلك أول شىء فعلوه معى عندما رأونى ، فى المرة الرابعة أو الخامسة تملكنى الغضب تماماً . ألا يمكن أن أسمح لهم بالحديث عن أى شىء آخر غير هذا ؟ فلست أكثر من مجرد زوج لزوجتى ؟ تساءلت ماذا أفعل فى هذا المكان ؟ قلت للبعض أن زوجتي تقود تاكسي للأجرة الآن .
- و هل ستحضر هنا فى وقت متأخر ؟
- يمكن لها أن تأتى لو اتصلت بها ؟
- ألا يجعلك ذلك تبدوعصبياً ؟
- ماذا ؟
- من الممكن أن يحدث لها أى شىء ؟
- آه ، أنت تعرف ، كيف هي . إنها ذات شخصية قوية .
- لست متأكداً أنك تفهمني بشكل صحيح .

لقد كان على حق ، فأنا لم أفهم ، و لم أكن أريد أن أفهم أيضاً .

شخص آخر ، لعله كان الشخص الوحيد فى الحفل الذى تربطني به علاقة صداقة ، قال .
- لا يمكن أن أصدق الطريقة التى تعيش بها ، كيف لك أن تفعل ذلك يا رجل ؟ أنت هناك تسكر فى ذلك الحفل بينما زوجتك تعمل فى الخارج سائقة تاكسي .
- كانت تلك فكرتها ، و ليست فكرتي .
- صحيح ، صحيح . يا للجحيم . الآن أخمن أنك ستقول لى أنها لا تود أن تتركك فى السرير وحدك .

- كيف عرفت ؟

- يا إلهى . أنت شخص غريب .

كنت قد ثملت تماماً . و لم أكن أعرف ماذا أعمل ، لقد كان الأمر كما لو كان الكحول ينسكب إلى داخل جسدي .

عندما اكتفيت من الشراب ، اتصلت بزوجتي .

قالت :
- تبدو سيئاً .
- بل أسوأ .
- مازلت تستطيع الكلام . تلك علامة جيدة . هل تريد أن أحضر لآخذك إلى البيت ؟
- أين أنت !
- لا يهم . أنا فى كل مكان .

انتظرت فى الخارج ، كانت الليلة باردة ، و كانت أعمدة الإنارة فى الشارع تضفى على المكان هالة دينية ، وقفت تحت أحد الأعمدة و عانقت نفسي .

عندما وصلت زوجتي بالتاكسى ، كان هناك رجل معها ، كان يجلس فى المقعد الأمامي ، لذلك كان ينبغى على أن أجلس فى المقعد الخلفى و كانت هى المرة الأولى التى أراها و هى تعمل . لم أكن مستعداً لذلك . بدت مثل شخص غريب . قلت لها :
- تبدين قوية جداً و أنت تجلسين وراء عجلة القيادة .

عندئذ قال الرجل فى المقعد الأمامي :
- دعها فى حالها .

فقالت :
- آه ، لا تقلق ، ذلك الذى يجلس فى الخلف هو زوجي ، فأنا متزوجة من ذلك الرجل .

حكيت لها عن كل الأوغاد الذين كانوا فى الحفلة ، سألتنى إذا ما كنت قد قضيت وقتاً طيباً ، قلت :
- كان كل شىء على ما يرام .

تساءل الرجل الذى يجلس فى المقعد الأمامي .
- يا مسيح . لماذا تذهب إلى حفل مع شلة من البشر لا تحبهم .
- أحياناً تضطر أن تفعل أشياء لا تريد أن تفعلها .

لم يلتفت إلى إجابتى و قال لزوجتي :
- لا أصدق أنك متزوجة من ذلك البهلوان .
- إنه حب حياتى .

لسبب ما ضحكنا جميعاً .

عندما توقفت زوجى لكى أنزل ، ظل ذلك الرجل الذى يجلس فى المقعد الأمامي مكانه و لم ينزل . قالت لى :
- سأعود إلى المنزل سريعاً . حاول أن تفيق، أنا فى حاجة إليك الليلة .

دخلت إلى المنزل و جلست ، لم أعرف ما الذى يجري هناك . فكرت فى قول صديقى " يا مسيح أنت شخص غريب " من الواضح أننى كنت أعمل شيئاً خاطئاً أو غير طبيعي . قمت و أعددت لنفسى ساندوتش بيض و حاولت أن أفيق .علمت أننى ينبغى أن أكون فى حالة جيدة حالاً .

انتشرت أضوا المصابيح الأمامية للسيارة عبر السقف و هى تدخل بالسيارة عبر الممر ، نهضت و نظرت عبر النافذة ، كانت هذه المرة وحدها فى السيارة . أغلقت الباب . و خرجت عبر الممشى وهى تلف المفاتيح حول إصبعها .

ذهبت إلى حجرة النوم و دخلت إلى السرير .سمعتها و هى تضع المفاتيح فوق مائدة المطبخ ، ثم خلعت حذاءها و دخلت إلى الحجرة . تظاهرت بالنوم ، انزلقت تحت الغطاء وأمسكت بى كما لو كانت تمسك بعجلة قيادة سيارتها الأجرة ، قالت :
- أعرف أنك لست نائماً
- من ذلك الشخص الذى كان معك فى السيارة ؟
- انس هذا ، أنا فى حاجة إليك الآن .

أخذت هى زمام المبادرة ، فمارسنا الجنس ، كما لو كنت غير موجود هنا .

فى اليوم التالى كانت فى إجازة ، لذلك اقترحت عليها أن نذهب بالسيارة إلى الشاطيء .
- ماذا ؟ هل تظن أننى سائقك الخصوصى ؟ أه ، فقط دعنى وحدي .
- أو ، هكذا الآن " دعنى وحدي "
- ذلك صحيح .
- حسناً ، أعطني المفاتيح إذن ، سأذهب بدونك .
- لا تجعلنى أضحك .
- أشعر أننى لم أعد أعرفك .
- لست مندهشة . أنا بالكاد أعرف نفسى . أنت لا تعرف كم فعلت هذه المهنة بى . إنهم يأكلونك حياً هناك .

قلت فى رفق :
- إذا كنت لا تحبين هذه المهنة يمكنك أن تتركيها ، يمكننى أن أحصل على وظيفة فى المستشفى ،أعرف شخصاً هناك .
- أنت تحب ذلك ، يمكنك أن ترى نفسك المنقذ و المخلص لى . و سأكون أنا بالنسبة لك مريم المجدلية . أليس ذلك ما تريد ؟
- لا . أنا لم أفكر على هذا النحو ؟
- أنت لا تعرف ما تريد ؟ لكننى أعرف ما تحتاج إليه .

رأيت أنه لا فائدة من النقاش .

ذات ليلة كان هناك اتصالى التليفوني . وكان الوقت متأخراً و كانت زوجتي فى الخارج تعمل على التاكسى . كان المتصل رجلاً . فكرت أنه ربما كان ذلك الرجل الذى كان يجلس فى المقعد الأمامي فى التاكسي مع زوجتى . طلب مني أن يتحدث إلى زوجتي . فقلت :
- إنها غير موجودة هنا .
- أين هي ؟ نحن فى حاجة إليها ، لقد ضعنا بدونها .
- من هذا ؟

أغلق التليفون .

عندما عادت إلى المنزل فى تلك الليلة دخلت معي إلى السرير و أيقظتني ، كنت من جانبي أتوقع الأسوأ . لقد اعتدت على طريقتها عند حاجتها إلى فى تلك الساعة ، لكنها لم تشدني كالعادة ،فقط قبلتنى فى وجنتى ونامت بجواري . استطعت أن أشعر بارتجاف جسدها . قلت :
- ما المشكلة معك ؟

لم تتحدث لدقيقة ، ثم قالت أخيراً :
- لقد استقلت من تلك الوظيفة . من كل هذا العمل البشع . انتهى الأمر .
- ماذا حدث ؟ أثمه شىء ما قد حدث ؟
- كل شىء ، كل شىء قد حدث . فاسدون هؤلاء البشر ، قذرون ! يأكلونك حياً . ليست لديك فكرة . لقد ضاعت الإنسانية .

ثم قبلتنى من جديد و قالت :
- لن أستطيع أن أعود إلى هذا العمل بعد الآن ، إنه يقتلنا أحياء .

تحدثنا قليلاً ، حكت لى كل شىء ، ثم سقطت فى النوم وهى ما تزال فى ملابس العمل .

فى الصباح ذهبت إلى المستشفى و طلبت الوظيفة .



النهاية

كيفين سبيد/ Kevin Spaide : كاتب قصة أمريكى ولد فى نيويورك ويعيش الآن فى مدريد ويمكن التواصل معه عبر البلوج الخاص به : kevinspaide.blogspot.com.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
د

د.محمد عبدالحليم غنيم

أشكرك أستاذ جبران الشدانى
ثناؤكم شهادة أعتز بها، لكم خالص المودة والتقدير
د.محمد عبدالحليم غنيم
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...