محمد سيد بركة - استلهامات ألف ليلة وليلة في الشرق والغرب يرصد الكتاب علاقتها بالتراث والهوية وعوال

يفتتح الشاعر المصري أحمد سويلم كتابه استلهامات ألف ليلة وليلة في الشرق والغرب، الصادر ضمن سلسلة الدراسات الشعبية، التي تصدرها الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة بمقولة لأندريه جيد: أمهات الكتب العالمية ثلاثة: «أشعار هوميروس، الكتاب المقدس، وألف ليلة وليلة».

يحاول الكتاب رصد ما تم إنتاجه وكتابته من أعمال أدبية وفنية عربية وعالمية، مستلهمة من كتاب العربية الأشهر ألف ليلة وليلة ومن هذه الأعمال على سبيل المثال هاري بوتر التي حققت شهرة عالمية، ووزعت ملايين الترجمات وصنعت اسماً كبيراً لمؤلفتها ج. ك. رولينج.

يستهدف سويلم من هذا الرصد إحياء الملمح التراثي الشعبي، وتأكيد الهوية والتواصل مع الماضي، من أجل غدٍ يشبهنا.

التراث والهوية
التراث والهويةيرصد الكتاب علاقة ألف ليلة بالتراث، والهوية، كما يتعرض لعوالمها العجيبة، ويكشف عن طرق وأساليب الاستلهام عنها كنص شعبي فارق، كما يميز بين استلهام الشكل أو الإطار واستلهام الشخصية والبناء عليها، ثم استلهام الروح الشرقية من ناحية أخرى.

ويؤكد أن الوعي القومي يرتبط بحركة إحياء التراث الشعبي والحفاظ على الهوية، ومن ثم فإن الأمم تجتهد في جعل هذه الحركة أكثر اتساعاً وشمولاً سواء على المستوى النظري أو الميدان العلمي.

يبدأ الكتاب بالتعريف بأهمية ألف ليلة وليلة واعتباره أحد أهم مصادر السرد في التراث الإنساني، وكنزاً من كنوز الحضارة الشرقية، ويتتبع الكاتب في شكل البحث العلمي مصدر الليالي، في ما بين الجزء الأكبر منها يرجع إلى الكتاب الفارسي هزار أفسانه بمعنى ألف ليلة أو ألف خرافة.

إلا أن الكتاب أدخل عليه العديد من القصص التي تعكس حضارات وأفكاراً متباينة، كالهند، إيران، العراق، مصر، تركيا، وكذلك مصادر يهودية وعربية تنتمي إلى ما قبل الإسلام، كل ذلك تمت إعادة صياغته في ظِل تعاليم الإسلام. ويشير سويلم إلى أن الليالي هي التقاء ما بين الأدب الرسمي والشعبي، الفصحى والعامية.

ومن خلال العديد من الدراسات نجد أن النسخة الحالية تنتمي إلى لغة القرن السادس عشر في مصر، التي تتشابه على سبيل المثال مع بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن إياس ومثل كتاب الشيخ أحمد الرمال بن زنبل الذي يحكي فيه واقعة السلطان الغوري مع سليم العثماني وصدر في مصر بعنوان آخر الملوك.

ويشير سويلم أيضاً إلى ما قرره الدكتور شكري عياد أن الشهرة العالمية التي حظي بها كتاب ألف ليلة وليلة رغم كل ما لحق به من اضطهاد وتشويه ترجع إلى أنه قدم ولا يزال يقدم أعمق معالجة لأهم موضوع شغل به الأدب الشفوي المكتوب منذ أبدعت البشرية أدباً وهو موضوع علاقة الرجل بالمرأة.

روح شرقية
يرى الكاتب تأثير ألف ليلة وليلة على كل من الديكاميرون لبوكاشيو، حكايات كانتربيري لتشوسر، وأجزاء من كوميديا دانتي ألجيري الإلهية، ودون كيخوتة لسرفانتس، هذا التأثير الذي جاء على مستوى الشكل أو الشخصية، أو الروح الشرقية.

كما يرى الكاتب الصلة بين الأدب العربي والآداب الأوروبية الحديثة من القرن السابع عشر حتى اليوم فلا نكاد نجد أديباً أوربياً واحداً خلا إبداعه من بطل إسلامي أو نادرة إسلامية ومنهم شكسبير وأديسون وبيرون وكولردج وشيلي من الإنجليز ومنهم جوته وهاردر ولسنج وهايتي من الألمان، ومنهم فولتير ومنتسيكو وهيجو من الفرنسيين، ومنه لافونتين الذي يعترف بتأثره بأساطير كليلة ودمنة

. ويبين الكاتب أن ألف ليلة وليلة من أكثر الآثار الأدبية تأثيراً في الآداب العربية والأجنبية لكونه يعبر بصدق عن المجتمع الشرقي في قوالب فنية وأدبية مختلفة تجمع بين الزمان والمكان والأسطورة والسحر والخوارق والشعر والغناء وغيرها من سمات المجتمع الشرقي. كما يبين أن تأثير ألف ليلة وليلة ظهر في الفنون كلها من فن المسرح وفن القصة والرواية والشعر الشرقي والغربي وأدب الأطفال والموسيقى والسينما إلى الفن التشكيلي.


محمد سيد بركة
استلهامات ألف ليلة وليلة في الشرق والغرب
يرصد الكتاب علاقتها بالتراث والهوية وعوالمها الغرائبية


* albayanae
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...