الفصل الخامس
المشهد رقم: 13
ثم ترتفع الضوضاء وإذا بموكب عظيم قد أقبل من المقام المحمود كأنهم الشموس والأقمار، ركبان على نجائب من نور يؤمون المشرعة العظمى من الحوض المورود, فسألنا عنهم فقيل لنا:
- هذا سيد المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، في أصحابه وأهل بيته.
فنجري خلفه ونجهد أنفسنا في طلبه. فلم نصل إليه من شدة الزحام، فطلعنا على تل مشرف من جبل الأعراف نرقبه، حتى عبر علينا وعن يمينه أبو بكر، وعن يساره عمر، وبين يديه أولاده الصغار مع الحسن والحسين، وعثمان يقدمهم(75)، ومن ورائه حمزة والعباس وجعفر وعقيل، وبقية أصحابه يمشون في ركابه مع المهاجرين والأنصار، وهو يصغي تارة إلى حديث علي عليه السلام، وتارة إلى حديث عثمان. وهما فيما بينه وبين أولاده الصغار، والناس يضجون بالبكاء ويشيرون إليه بالأيدي، ويستغيثون عليه من كل مكان.فلما انتهى إلى شاطئ المشرعة وقف عندها، فتقدمت إليه الصوفية من كل مكان، وعلى أيديهم الأمشاط وأخلة الأسنان وقدموها بين يديه, فقال صلى الله عليه:
- من هؤلاء؟
فقيل له:
- هؤلاء قوم من أمتك، غلب العجز والكسل على طباعهم، فتركوا المعايش، وانقطعوا إلى المساجد، يأكلون وينامون.
فقال:
- فبماذا كانوا ينفعون الناس، ويعينون بني آدم؟
فقيل له:
- والله ولا بشيء البتة، ولا كانوا إلا كمثل شجر الخروع في البستان، يشرب الماء ويضيق المكان.
فساق ولم يلتفت إليهم.
(75) الصواب يتقدمهم