وَضَعَتْ حَقيبتَها الصّغيرَةَ السّوداء أمامَها
عَيْناها خَضْراوان ِ واسِعتان ِ غامقتان ِ
تحلقان ِ
في حَـيِّـز الجُدران والمَقهى
كَمَنْ تُفَتِشُ عَنْ شَيء ٍ بِهِ
تَعَمّدْتُ اختِطافَ النَظَر ِ إلَيْها
الاستطالة َ فيهما
رُبّما هي الشيء نَفْسهُ
إسْـتَـبْسَـمْـتُـهـا
وَهي تَرْتشفُ القَهْوَة َ بالحليب ِ
هَمَمْتُ أكثرَ مِنْ مَرَّة ٍ أنْ أحادثَها
فَتَراجَعْتُ
تبدو بَعْدَ الأربعينَ
ما زالَتْ ببريق ِ بَهْجَتِها
لا بُدَّ للحديث ِ مع النِساءِ إلى سَبَبْ
كُـلّ الأشاراتِ تَـدّل ُ أنّها تَبْحَث ُ عَنْ حُبِّ
بِعُمْرِ فَراشَة ٍ
قامَتُها قَصيرة ٌ
تختال ُ كَـتَـدَفـق ِ الشّلال ِ مِنْ أعلى َ
عَدلَت ْ جَلسَتَها
إنتَصَبَ نهداها إلى الأمام ِ
أخَرَجَت ْ مِرآة ً مُسْـتَديرَة ً
سَوّت شَـفَـتيها
تَمَرأت ْ
مَسَحَتْ ما أستَفاضَ
والقَت ِ المنديلَ الوَرقي َّ المُبَقَعَ بإحمرار ِ الشّـفـتين ِ الى المنفَضَة ِ
إذاكَ أخـتطَـفَـتـني لَحْـظَـة ٌ
مَجَجْتُ اواخِرَ انفاس سـيجارتي
تناوَلت ُ المنديل َ
وَضعتُهُ في جيبي
وقـُلـْتُ
لا مكانَ لَه ُ هُنا
سأحتفظ ُ بِه ِ لوحة ً بين َ أوْراقي
كان لقاؤنا الأوّلُ في يافا
رأيتُها
تَدْخل ُ تَجلِسُ جَنبَ الحائِطِ الأخضر ِ الدّاكِن ِ
ظهرُها إلى المكـتَـبة ِ
والمقهى خال ٍ من الرّوادِ
ذات مساء ٍ ....
(الطيرة – المثلث)