خالد منتصر - عن روايات الجنس فى الحديث قبلنا التحدى يا شيخ شحات

تحدانا الداعية المهندس السلفى عبدالمنعم الشحات أن نقرأ روايات نجيب محفوظ أو علاء الأسوانى على الهواء للناس، وها نحن نعلن له أننا قبلنا التحدى، ولكن بشرط أن يقرأ لنا هو الآخر كتب الفقه والحديث كلها دون حذف!، ولن نطالبه بقراءة أشعار العرب الجنسية التى قيلت فى أزهى عصور الإسلام ولم يصادرها أحد ولم تعرض على مجمع البحوث الإسلامية!، سنطلب منه أن يقرأ ما كتبه الفقهاء والمحدثون الذين لم يكن لديهم كبت أو تدين مزيف أو طمع فى كرسى برلمانى، أتحداه أن يفعل، ولكنى سأرفع عنه الحرج وأمنعه من اللعب بدماغ البسطاء الذين يعتمد عليهم الداعية الجليل ورفاقه كذخيرة لحرب تجريف الوعى المصرى، من منطلق أن هؤلاء البسطاء لا يقرأون بل يستمعون فقط. قررنا نشر ألفاظ مستقرة ومتداولة فى كتب هى على رفوف مشايخ الأزهر وليست تحت وسائد المراهقين، ولا يخفيها الشخص عن الأعين، بل على العكس هو يدرسها ويطالب بحفظها عن ظهر قلب، ولا يستطيع هو أو غيره أن يصادرها، لأنها قد كُتبت فى عصر لم يكن فيه رقيب يتحكم فى تفكير الناس ويفتش فى ضمائرهم، ولكنها كُتبت فى عصر كان الشاعر يكتب شعره وكأنه يتنفس، والفقيه يدوّن آراءه فى أدق الأمور الخاصة دون أن يتهم بالتهتك والانحلال، عصر كان يعيش فيه أبونواس الإباحى وأبوالعلاء المعرى المتشكك بجانب الإمام مالك المتبتل وأبى حنيفة الحكيم.

خذ عندك يا شيخ شحات، هذا الحديث الذى رواه البخارى ومسلم وتشتكى فيه زوجة قلة جماع زوجها وزهده فيه، فتقول للرسول - صلى الله عليه وسلم - عن زوجها: «لم يقربنى إلا هنة واحدة ولم يصل منى إلى شىء، أى أنه لم يجامعها إلا مرة واحدة ولم يفعل فى هذه المرة اليتيمة شيئاً، فدافع زوجها عن نفسه بقوله إنها كذابة فهو ينفضها نفض الأديم - كناية عن فحولته - ولكنها ناشز، فرد عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: «فإن كان ذلك لم تحلى له حتى يذوق من عسيلتك» كناية عن لذة الجماع. وأيضاً ما رواه الترمذى عن عدم قدرة سلمة بن صخر الأنصارى على التحكم فى شهوته، والذى وصف ذلك بقوله: «فبينما هى تخدمنى ذات ليلة إذ تكشف لى منها شىء فوثبت عليها!!»، وأظن أن الشيخ الشحات يعرف مرادف «وثبت عليها» فى لغتنا الحديثة.

أما الإمام مالك فيصف مشهداً ساخناً فى موطئه فيقول عن ربيعة بن أبى عبدالرحمن أن رجلاً أتى القاسم بن محمد فقال: إنى أفضت وأفضت معى بأهلى ثم عدلت إلى شعب، فذهبت لأدنو من أهلى فقالت: «إنى لم أقصر من شعرى بعد، فأخذت من شعرها بأسنانى، ثم وقعت بها، فضحك القاسم وقال: مرها فلتأخذ من شعرها بالجلمين أى بالمقص»!!، والسؤال هل هناك يا سادة شىء مكتوب فى روايات محفوظ أكثر سخونة مما وصفه الإمام مالك؟، فالحكاية بها من المشهيات الكثير مثل الجرى والقفز والعض، مما يستحق معه أحد أهم الكتب الإسلامية قراراً سريعاً وحاسماً من حزب النور بالمصادرة، لأنه من وجهة نظرهم يحوى ألفاظاً خادشة للحياء!

لنقرأ ما رواه البخارى ومسلم عن حديث السيدة عائشة الشهير الذى جلست فيه إحدى عشرة امرأة فتعاهدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً، والحديث طويل جداً، من المؤكد أن الشحات قد حفظه عن ظهر قلب، وسنكتفى ببعض الشرح المذكور فى كتاب «فتح البارى»، ففى شرح قول إحدى الزوجات عن زوجها أنه عياياء طباقاء، قال الكتاب - وهو مرجع المراجع فى شرح الحديث - «العىّ هو الذى تعييه مباضعة النساء، والطباقاء هو ثقيل الصدر عند الجماع ينطبق صدره على صدر المرأة فيرتفع سفله عنها، وقد ذمت امرأة امرأ القيس فقالت له: ثقيل الصدر خفيف العجز سريع الإراقة بطىء الإفاقة!!»، هذا ما قاله «فتح البارى» فى حديث عائشة، فماذا قال فى شرح حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذى يسأل فيه جابر بن عبدالله عما تزوج؟، فيرد جابر أنه تزوج ثيباً - أى سبق لها الزواج، فقال: مالك وللعذارى ولعابها؟، فيقول الكتاب فى أحد الشروح «المراد به الريق وفيه إشارة إلى مص اللسان ورشف الشفتين وذلك يقع عند الملاطفة والتقبيل»، وكما ذكر «فتح البارى» مص اللسان، فقد ذكر الإمام مالك نوعاً آخر من طرق المص، ففى موطأ مالك أن رجلاً سأل أبا موسى الأشعرى فقال: «إننى مصصت من امرأتى من ثديها لبناً فذهب فى بطنى» وكان يستفتى هل تحرم عليه أم لا؟، وطمأنه عبدالله بن مسعود بأنه لا رضاعة إلا ما كان فى الحولين.

يا شيخ شحات مازال لدى الكثير من تراث القدماء الذين كانوا أحراراً مؤمنين بجد وليسوا مؤمنين رياء أو طمعاً فى كرسى، كانوا أناساً طبيعيين وليسوا مرضى نفسيين انقلبوا ساسة فى غفلة من الزمن ليخرجوا عقدهم وكبتهم ضد الفن والإبداع، كانوا ببساطة بشراً لا ملائكة ولا شياطين!



 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...