ربيع كونغ فو..
هكذا قدّم لي نفسه ساخراً، بعد أن عرف بأني أمارس أحد الفنون القتالية، وأبلغني بأنني يجب أن أكون متواجداً هنا قبل التاسعة صباحاً وإلا فإنه سيطردني بعد عدّة ركلات.
غالباً ما يكون غاضباً وقليل الكلام في الصباح ويكتفي برد التحايا بكلمة أو اثنتين، كلماته القاسية ونظراته الحادة هي أدواته في توزيع المهام وتوجيه الأوامر لنا مرتدياً ملابس بسيطة جداً لا تدل على ماهيته.
هذا ما يراه الجميع في معلمي، إلا أنه غالباً ما يكشف عن نفسه عندما اجعل من نفسي تلميذه النجيب.
يحب معلمي ماركس ويكرر كلماته دائماً و ينظر إليه بإعجاب شديد، لا ينزعج من ذكر اسم ماركس أمام الجميع لأنه يدرك بجهل الجميع لفكر ماركس وكونه أب الشيوعية.
مع معلمي يصعب عليك تحديد ما هو الخيال من الحقيقة، فهو تارة استاذ جامعي مختص بالفلسفة وتارة أخرى شاعر، وفي قصص هو صديق لعلي الوردي، هكذا هو معلمي تاريخ حياته غير واضحة المعالم وغير منطقية، فلا تستطيع معرفة ماذا فعل بسنوات عمره التي يقول أنها تجاوزت السبعين سنة.
كان طيب القلب وبمنتهى الإنسانية ورجل نبيل، إلى أنه سرعان ما يتبدل إلى شخص قاسٍ و بغيض وانسان لا يرحم، لديه القدرة على كيل الشتائم بشكل يدفع غريمه للهرب.
كان ينظر إلى الجميع على أنهم لصوص وأنه من الخطأ التعاطف معهم أو احترامهم، لا يثق بأحد أكثر من ثقته بكلابه.
كان يتشاجر مع الجميع وليس لديه صديق دائم، كل أعدائه اليوم كانوا أصدقاء الأمس.
تعلمت منه الكثير وجعل مني انساناً جديداً. تعلمت منه أن لا أخاف من فعل أي شيء وأن لا أنظر للحياة من خلال نافذة واحدة. علمني كيف اقرأ الأدب وكيف أعيشه، دلني على ما قاله نيتشه على لسان زرادشت ونصحني بأن أقرأه مرة ثم اتركه، وأعود لقراءته من جديد في وقت آخر. نبّهني بأن لا أسأل أسئلة غبية و شدّد على أن لا أكون فقيراً.