نقوس المهدي
كاتب
عُرف السحاق كواحد من الانحرافات الجنسية في المجتمع العربي في العصر الجاهلي.. ويرجح البعض أن السحاق وفد على العرب من الحيرة (قصبة الملوك المناذرة في العراق على بعد خمسة كيلومترات جنوبي الكوفة وكان أهلها من النصارى) فظهر أول ما ظهر من الحيرة حيث الترف في قصور المناذرة. فقد أحبت هندُ بنت النعمان الثالث ملك الحيرة (580 - 602 م. بعد مقتل زوجها ترهبت وبنت الدير المعروف باسمها) زرقاء اليمامة (الرائية عن بعد وهي امرأة من جديس قيل إنها كانت تبصر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام وضرب بها المثل "أبصر من زرقاء اليمامة ") وساحقتها. فكانت أول امرأة هويت امرأة في العرب. ثم انتشر السحاق بين النساء.
وفي عصر الخلافة والعصر الأموي ومع الرغبة في الجماع شاع السحاق في المدينة. ويُقال إن خبر ذلك بلغ حُبىّ المدينية (وهي امرأة شبقة متأججة الغُلمة عاشت في زمن ولاية مروان بن الحكم للمدينة.. علمت النساء فن الهوى فسموها حواء وكانت مزواجاً حتى في آخر عمرها.. وضرب بها المثل في الغلمة فقيل "أغلم من حبى" ) فأتت إلى نساء المدينة وقالت لهنّ: "بلغني أنكنّ أحدثتنّ شيئاً يُقال له السحق، تستغنون به عن الرجال". فقلن لها: "ليس هذا هو المعنى، ولكنه خيرٌ من الحبل الذي فيه الفضيحة". فقالت: "لا يخدعنكن خادع عن الرجال".
وفي العصر العباسي والذي يسميه بعض الباحثين في التاريخ الجنسي للعرب "عصر الجنس" وكما كان هناك من يدعو إلى الجماع أو إلى اللواط، فقد ظهر فريق جديد من النساء يدعو إلى السحق. بل قامت معركة بين الجماع والسحاق. وكانت بعض النساء يبدأن بالجماع ويملن إلى السحاق، وأُخريات يعدلن عن السحاق إلى الجماع, ويكون في السحاق عادة ما يكون في الجماع: محُبّة ومحبوبة، وتعمل كل منهما على التجمل والتظرّف حتى تكون شهيّة مقبولة. وكما وضعوا للجماع واللواط أنواعاً وضروباً، فقد وضعت النساء ضروباً للسحاق كثيرة منها الضفدعي ، والشراعي، والمخالف، والمؤالف، والإستكلاب، وغير ذلك.وكذلك وضعوا آداباً للسحاق بينوا فيها كيف تكون المتساحقتان. وقد كانت هذه الآداب، متبعة بدقة في الطبقات الأرستوقراطية الغنية، أكثر منها في الطبقات الشعبية. ففي الطبقات الدُنيا كانت الأمور لا تخلو من الابتذال أحياناً.
ولم يخل كتاب من كتب الباه (الجنس) من ذكر السحاق. ففي كتاب نزهة الأصحاب في معاشرة الأحباب للسمؤأل بن يحيي بن عباس المغربي الإسرائيلي الحاسب المتوفى سنة 576هـ - 1180م، الذي ألفه للأمير ألب قيلغ بك أبي بكر بن قرا أرسلان بن داود بن سكمان بن أرتق, وجعله في جزأين, خصص الفصل السادس لذكر العلة في عدول بعض الناس بالباه عن المجرى الطبيعي، وعلة إيثار بعض العقلاء الغلام على الجارية وإيثار بعض النسوان السحق. وكذلك في كتاب " نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب " لأحمد بن يوسف التيفاشي المغربي المتوفي سنة 651هـ - 1253م. وكان أديباً شاعراً، وهو مؤلف كتاب "سرور النفس" خصص فصل بعنوان "في أدب المساحقات ونوادر أخبارهن وملح أشعارهن" وفي كتاب "رجوع الشيخ إلي صباه في القوة علي الباه" الذي ترجمه ابن كمال باشا بناء علي طلب السلطان سليم الأول العثماني فصل بعنوان "الأدوية التي تطيب السحق إلى النساء حتى يشتفين به عن جميع ما هن فيه، ويأخذهن عليه الهيمان والجنون" وأزدهر التأليف في الأمور الجنسية ازدهاراً عجيباً، فقد أصبح ضرورة اجتماعية. وأَضيف إلى التأليف تصوير الكتب ففي أي كتاب للباه صورت الأوضاع المذكورة بالألوان.
سلوك المساحقات
والسحاق مبنى عند رباته على الظرف، وبهذا الاسم يسمون، فهن يسمين أنفسهن: "الظرف". فإذا قلن فلانة "ظريفة "علم بينهن أنها "ساحقة" وهن يتعاشقن كما يتعاشق الرجل، بل أشد وتنفق إحداهن على الأخرى كما ينفق الرجل على عشيقته، بل أكثر أضعافاً مضاعفة حتى يبلغن إنفاق الألوف المؤلفة. ويحكي مؤلف نزهة الألباب عن مساحقة شاهدها بنفسه: "ولقد شاهدت امرأة منهن كان لها مال كثير وعقار واسع، فأنفقت على عشيقتها المال النضر (الذهب والفضة) فلما فرغ وأكثر الناس عليها من العتب والملامة، سوغت (أعطتها وتركته خالصاً لها) لها جميع العقار فحصلت على نحو خمسة آلاف دينار". وكن يضعن العطر بكثرة، ويحرصن على نظافة الثياب, ويستعملن من الفرش والأطعمة والآلة أحسن وأجمل ما يبلغه الإمكان ويحمله الزمان والمكان.
وكان أسلوبهن في الممارسة أن تكون العاشقة أعلى والمعشوقة أسفل، إلا إن كانت العاشقة نحيفة الجسم والمعشوقة بدينة، فإنها حينئذ تجعل النحيفة سفلى والبدينة عليا، ليكون ثقل جنبها أشفى في الحك وأمكن لذلك. أما ما لا بد منه ولا غنى عنه لهن فهو إحكام الغنج وجودة النخر والشخير وإتقان صنعة الكلام المطرب المهيج للشهوة أثناء الممارسة. حتى كن يتطارحن ذلك ويعلمنه ويتعلمنه ويبذلن الرغائب للحكيمات فيه حتى يعلمنه لمن لا تحسنه.
رأي لطبيب من القدماء في السحاق
وحكى عن الطبيب "ابن ماسويه" أنه قال: "قرأت في الكتب القديمة أن السحق يتولد من تغذى المرضعة الكرفس والجرجير والحندقوق، فإن أكثرت منه وأرضعت صارت عادية (ضرر) ذلك إلى شفرى المولودة. فتتولد هناك الحكة، وهذا الداء هو بغاء النساء ".
(1) السمؤل المغربي الإسرائيلي : نزهة الأصحاب في معاشرة الأحباب.
(2) أحمد التيفاشي المغربي : نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب.
(3) ابن كمال باشا: رجوع الشيخ إلي صباه في القوة علي الباه.
(4) د. صلاح الدين المنجد: الحياة الجنسية عند العرب.
(5) ريتشارد لوينسون: تاريخ العلاقات الجنسية.
13-12-2009, 01:15 - إبراهيم كامل أحمد
وفي عصر الخلافة والعصر الأموي ومع الرغبة في الجماع شاع السحاق في المدينة. ويُقال إن خبر ذلك بلغ حُبىّ المدينية (وهي امرأة شبقة متأججة الغُلمة عاشت في زمن ولاية مروان بن الحكم للمدينة.. علمت النساء فن الهوى فسموها حواء وكانت مزواجاً حتى في آخر عمرها.. وضرب بها المثل في الغلمة فقيل "أغلم من حبى" ) فأتت إلى نساء المدينة وقالت لهنّ: "بلغني أنكنّ أحدثتنّ شيئاً يُقال له السحق، تستغنون به عن الرجال". فقلن لها: "ليس هذا هو المعنى، ولكنه خيرٌ من الحبل الذي فيه الفضيحة". فقالت: "لا يخدعنكن خادع عن الرجال".
وفي العصر العباسي والذي يسميه بعض الباحثين في التاريخ الجنسي للعرب "عصر الجنس" وكما كان هناك من يدعو إلى الجماع أو إلى اللواط، فقد ظهر فريق جديد من النساء يدعو إلى السحق. بل قامت معركة بين الجماع والسحاق. وكانت بعض النساء يبدأن بالجماع ويملن إلى السحاق، وأُخريات يعدلن عن السحاق إلى الجماع, ويكون في السحاق عادة ما يكون في الجماع: محُبّة ومحبوبة، وتعمل كل منهما على التجمل والتظرّف حتى تكون شهيّة مقبولة. وكما وضعوا للجماع واللواط أنواعاً وضروباً، فقد وضعت النساء ضروباً للسحاق كثيرة منها الضفدعي ، والشراعي، والمخالف، والمؤالف، والإستكلاب، وغير ذلك.وكذلك وضعوا آداباً للسحاق بينوا فيها كيف تكون المتساحقتان. وقد كانت هذه الآداب، متبعة بدقة في الطبقات الأرستوقراطية الغنية، أكثر منها في الطبقات الشعبية. ففي الطبقات الدُنيا كانت الأمور لا تخلو من الابتذال أحياناً.
ولم يخل كتاب من كتب الباه (الجنس) من ذكر السحاق. ففي كتاب نزهة الأصحاب في معاشرة الأحباب للسمؤأل بن يحيي بن عباس المغربي الإسرائيلي الحاسب المتوفى سنة 576هـ - 1180م، الذي ألفه للأمير ألب قيلغ بك أبي بكر بن قرا أرسلان بن داود بن سكمان بن أرتق, وجعله في جزأين, خصص الفصل السادس لذكر العلة في عدول بعض الناس بالباه عن المجرى الطبيعي، وعلة إيثار بعض العقلاء الغلام على الجارية وإيثار بعض النسوان السحق. وكذلك في كتاب " نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب " لأحمد بن يوسف التيفاشي المغربي المتوفي سنة 651هـ - 1253م. وكان أديباً شاعراً، وهو مؤلف كتاب "سرور النفس" خصص فصل بعنوان "في أدب المساحقات ونوادر أخبارهن وملح أشعارهن" وفي كتاب "رجوع الشيخ إلي صباه في القوة علي الباه" الذي ترجمه ابن كمال باشا بناء علي طلب السلطان سليم الأول العثماني فصل بعنوان "الأدوية التي تطيب السحق إلى النساء حتى يشتفين به عن جميع ما هن فيه، ويأخذهن عليه الهيمان والجنون" وأزدهر التأليف في الأمور الجنسية ازدهاراً عجيباً، فقد أصبح ضرورة اجتماعية. وأَضيف إلى التأليف تصوير الكتب ففي أي كتاب للباه صورت الأوضاع المذكورة بالألوان.
سلوك المساحقات
والسحاق مبنى عند رباته على الظرف، وبهذا الاسم يسمون، فهن يسمين أنفسهن: "الظرف". فإذا قلن فلانة "ظريفة "علم بينهن أنها "ساحقة" وهن يتعاشقن كما يتعاشق الرجل، بل أشد وتنفق إحداهن على الأخرى كما ينفق الرجل على عشيقته، بل أكثر أضعافاً مضاعفة حتى يبلغن إنفاق الألوف المؤلفة. ويحكي مؤلف نزهة الألباب عن مساحقة شاهدها بنفسه: "ولقد شاهدت امرأة منهن كان لها مال كثير وعقار واسع، فأنفقت على عشيقتها المال النضر (الذهب والفضة) فلما فرغ وأكثر الناس عليها من العتب والملامة، سوغت (أعطتها وتركته خالصاً لها) لها جميع العقار فحصلت على نحو خمسة آلاف دينار". وكن يضعن العطر بكثرة، ويحرصن على نظافة الثياب, ويستعملن من الفرش والأطعمة والآلة أحسن وأجمل ما يبلغه الإمكان ويحمله الزمان والمكان.
وكان أسلوبهن في الممارسة أن تكون العاشقة أعلى والمعشوقة أسفل، إلا إن كانت العاشقة نحيفة الجسم والمعشوقة بدينة، فإنها حينئذ تجعل النحيفة سفلى والبدينة عليا، ليكون ثقل جنبها أشفى في الحك وأمكن لذلك. أما ما لا بد منه ولا غنى عنه لهن فهو إحكام الغنج وجودة النخر والشخير وإتقان صنعة الكلام المطرب المهيج للشهوة أثناء الممارسة. حتى كن يتطارحن ذلك ويعلمنه ويتعلمنه ويبذلن الرغائب للحكيمات فيه حتى يعلمنه لمن لا تحسنه.
رأي لطبيب من القدماء في السحاق
وحكى عن الطبيب "ابن ماسويه" أنه قال: "قرأت في الكتب القديمة أن السحق يتولد من تغذى المرضعة الكرفس والجرجير والحندقوق، فإن أكثرت منه وأرضعت صارت عادية (ضرر) ذلك إلى شفرى المولودة. فتتولد هناك الحكة، وهذا الداء هو بغاء النساء ".
(1) السمؤل المغربي الإسرائيلي : نزهة الأصحاب في معاشرة الأحباب.
(2) أحمد التيفاشي المغربي : نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب.
(3) ابن كمال باشا: رجوع الشيخ إلي صباه في القوة علي الباه.
(4) د. صلاح الدين المنجد: الحياة الجنسية عند العرب.
(5) ريتشارد لوينسون: تاريخ العلاقات الجنسية.
13-12-2009, 01:15 - إبراهيم كامل أحمد