عزيز المجدوب - علوم الباه… جنس الأجداد

فقهاء تحفظوا في الخوض في مجال الجنس وعلوم الباه معتبرينها أمورا مستهجنة
اهتمت الكتب التراثية بالثقافة الجنسية والتربية الجنسية والطب الجنسي والنفسي، وتحدث القدماء عن “علم الباه” هو علم باحث عن كيفية معالجة الضعف الجنسي، والمنبه لما يجب أن يفعله الزوجان من ممارسات ممتعة للجماع، والوقوف على أنواعه وطرقه وفنونه وغرائب أشكاله في إطار عام عرف بـ”آداب إتيان النساء”.
وقد تضمنت هذه الكتب تفاصيل مغرية ومنعشة للمخيلة، عوضت غياب الفنون التصويرية، مهيجة لشهوة المحصن، ومشعلة لجذوة رغبته، داعية لتحسين العلاقة الجنسية والنفسية بين الزوجين وبالتالي “إعمار الأرض”. ولم تكن كل كتب الباه، بالضرورة، كتبا في المجون والخلاعة، وإن تضمنت بعضا منها.
ومنذ القرون الهجرية الأولى، كتبت في موضوع الباه، عشرات التصانيف من قبل علماء وفقهاء وأئمة وقضاة وأطباء مسلمين، جمع بعضهم وأشهرهم بين معرفتهم بالدين وعلوم متعددة، خاضوا في هذا الميدان الشائك انطلاقا من مبدأ “لا حياء في الدين… لا حياء في العلم” من قبيل التجاني، والتيفاشي، والنفزاوي، والسيوطي وغيرهم. وفي هذه الكتب توليفة بين علوم الدين والدنيا، بين علم الحديث والفقه من جهة، وعلم الباه من جهة أخرى.
وفي مقابل ذلك تحفظ بعض الفقهاء عن الخوض في مجال الجنس وعلوم الباه معتبرين إياها أمورا مستهجنة وخادشة للحياء، بل منهم من أنكر أن يكون فقهاء أجلاء ألفوا في علوم الدين من فقه وتفسير وحديث قد كتبوا في علم الباه كما حدث مع السيوطي مثلا. وحتى إن فعلوا، فذاك من باب الخوف على مجتمعاتهم من الانحلال والوقوع في الرذيلة. فرغم ما أضفاه التصور الإسلامي على الجنس من إيجابيات، فإن الصرامة المتزايدة لبعض الفقهاء فعلت فعلها لتؤدي إلى الحط من شأن الجنس ومن شأن الغريزة، وتصويرها نشاطا مريبا يجب كبحه، وأضفى هؤلاء على الإسلام صفة الصرامة الفائقة في كل ما له علاقة بالجسد. وقد نبه ابن خلدون إلى أن “ذم الشهوات ليس المراد به إبطالها بالكلية، فإن بطلت شهوته كان نقصا في حقه، وإنما المراد تصريفها فيما أبيح له باشتماله على المصالح عبدا متصرفا طوع الأوامر الإلهية”.
وفي روايتها “برهان العسل”، تنطلق الكاتبة السورية سلوى النعيمي من تساؤل مهم، عما وراء “العقدة الجنسية العربية”، وتبجيل الفعل والمواراة في الحديث عنه، وكذلك تقديس التراث الإسلامي دون جانبه الجنسي، فتتساءل الكاتبة عن أسباب تجاهل العرب المعاصرين لهذا الجانب الذي شغل حيزا كبيرا من تراثهم.
“لماذا يمكنني أن أتباهى بقراءة الأدب البورنوغرافي الغربي والشرقي وأخفي قراءتي للتيفاشي؟ لماذا أعلن عن ولعي بجورج باتاي وهنري ميللر والماركيز دو ساد وكازانوفا والكاما سوترا، وأتناسى السيوطي والنفزاوي؟”.
العرب هم الأمة الوحيدة التي تعدّ الجنس نعمة، وتشكر الله على هذه المتعة. ألا يستهل الشيخ الإمام العلامة سيدي محمد النفزاوي، رحمه الله، (الروض العاطر في نزهة الخاطر) بحمد الله الذي جعل اللذة الكبرى للرجال في فروج النساء، وجعلها للنساء في أيور الرجال، فلا يرتاح الفرج ولا يهدأ ولا يقر له قرار إلا إذا دخله الأير، والأير إلا بالفرج…”.


الصباح


 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...