أطلقت الكاتبة الفرنسية الوجودية “سيمون دي بوفوار” تصريحاتها المشهورة في كتابها “الجنس الآخر”-“The Second Sex” أنّ المرأة لا تولد امرأة، بل تصبح امرأة.
ما تعنيه دي بوفور بذلك هو أنه لا يوجد طريقة يجب على المرأة أن تكون عليها، ولا توجد صورة محدّدة مسبقة للأنوثة، ولا شكلاً مثاليّاً على المرأة أن تتطابقهُ، وبالطبع هنالك البيولوجيا، ونتيجةً لذلك تختلف تجارب النساء عادة عن تجارب الرجال، لكنها ترى بأنّ ما هي عليه كينونة “المرأة” اليوم هو شيء مصطنع اجتماعياً، وفي غالب الأحيان تم اصطناعه من قبل الذكور.
فمن خلال توقعات وافتراضات الآخرين تطلق على المرأة صفة “الأنوثة” ويكون مُتَوقَّعاً من المرأة أن تسعى وراء الجمال، الجمال الذي تم تعريفه من وجهة نظر الرجال لما يريدون للمرأة أن تكون، تلك النظرة التي غالباً ما تنكر على المرأة قدرتها على الفكر والفعل.
لقد وُجدت عدّة صور مثالية مختلفة عن الجمال في أزمنة مختلفة وأماكن مختلفة، لكن الثابت عبر التاريخ هو أنه قد تمّ تحفيز النساء ليكنّ أشياء غير فاعلة/منفعلة passive objects، وتمّ التركيزعلى أجسادهن وإستعراضها.
فإنّ على المرأة أن تستخدم الحيلة لتصبح “مُزّيّنةً”، أو، كما ترى دي بوفوار، عليها أن تموّه أو تخفي الجوانب الحيوانية من جسدها التي رآها الرجال غير مقبولة؛ فغالباً ما تكون ثيابُ وأحذية النساء مقيّدة لحركتهم، والنظم التي يتبعونها لتحقيق الجمال تسيطر على حياتهنّ وتمتصّ أموالهنّ، حيث يتم التحكّم بهنّ عن طريق الصورة التي وضعها الناس لما يجب أن يظهرن عليه، وكيف يجب أن يعشن.
ويكون الضغط شديد جدّاً بشكلٍ خاص على الفتاة (المرأة الشابّة) لتصبح شيئاً حائزاً على تحديق واهتمام الرجال، لتكون جميلةً بالشكل التقليدي أولتتبع حميّة غذائية، أو لتهتمّ بالمكياج والحليّ، ولكن كلّ ذلك ، وفقاً لـ دي بوفوار، قابلٌ للمقاومة.
وكأنثى صادقةٌ تجاه وجوديّتها، تؤمن دي بوفوار أنّ المرأة بالأصل حرّة لترفض الصورة النمطية التي وضعها الرجال للجَمال والجاذبية الجنسية، وأن تصبح أكثر تساوياً معهم، كنتيجة لحرّيتها برفض الصورة النمطيّة.
ترجمة: جابر حسون
تدقيق: عيسى حسن