نقوس المهدي
كاتب
جاء في لسان العرب: أن المَقامة تعني المجلس أو الجماعة من الناس. وقيل إنها المجلس الذي يقوم فيه الخطيب بالتعظيم على فعل الخير، أو إنها تدل على مجلس القبيلة وناديها. وقيل أيضاً إنها الموعظة، تُلقى في مجلس الخلفاء والملوك، وتدور حول الوعظ والزهد، وتحض عليه. وبمقدورنا أن نتبين، بسهولة وجلاء، حقيقة وقوة هذه التعاريف من خلال مقامات الحريري، التي تشكل تماهيا خلاقا بين المنصوص والمبصور.
كما أنها صاحبة الدور والمكانة الرفيعين في الأدب العربي. إذ تجعلنا نغرق في متعة خاصة عمادها لا التخيل والصورة. ولا بد أن نشير هنا، أنه في المنجد في اللغة والإعلام، جاء أن المَقامة تعني المنزلة أو المكانة والزمان والمكان. وهي السيادة والخطابة والعظة والرواية التي تُلقى في مجتمع من الناس.
مقامات الحريري
بعد بديع الزمان الهمداني، اشتغل على المقامات الحريري: وهو أبو محمد بن علي الحريري البصري المولود في (المشان).. وهي ضاحية من ضواحي البصرة، في عام 1054م، وتوفى فيها عام 1122م. كان يعمل صاحب البريد في ديوان الخلافة العباسية.
نسج الحريري على منوال الهمداني. فكتب خمسين مقامة عُرفت بـ (مقامات الحريري) وكانت متميزة عن غيرها من المقامات، بأصالتها اللغوية، وتنوع أبحاثها البيانية، لاسيما في البديع والسجع، والتعقيد اللغوي وليونة وجمالية الأداء، خاصة عباراتها القصيرة التي لا تتجاوز كلماتها الخمس.
يُضاف إلى ذلك، احتواؤها على العديد من الأشعار الثرية في لغتها، الشفافة في صياغتها، القوية في تأثيرها، وهذا أمر طبيعي إذا ما علمنا أن الحريري كان واحداً من أعلام اللغة والنحو في زمانه. ولديه مؤلفات عدة في هذا المجال، منها: درة الغواص في أوهام الخواص، ملحمة الأعراب في النحو. وكذلك ديوان شعر.
عوامل إضافية
أسهمت الرسوم الجميلة والمعبّرة التي أنجزها لمقامات الحريري، يحيى بن محمود الواسطي ( ...- 1223م) وفنانون آخرون، بتكريس أهمية مقامات الحريري وزادت من شهرتها، وأسهمت في تحويلها من نص منصوص إلى نص مبصور. وهذه الرسوم بمجملها، مهدت طريق ولادة ما يمكن تسميته (التصوير الإسلامي).
وذلك على جناح (فن المنمنمات العربيّة الإسلاميّّة)، وفوق منصاتها التشكيليّة والتعبيريّة المتفردة، والتي شكّلت في بداياتها الأولى، رسوماً توضيحيّة للعديد من الكتب الأدبيّة والعلميّة، صارت اليوم تُعرف باصطلاح (الموتيف)، الشارح والموضح والمزيّن للنص المرافق له. وزودت غالبية نسخ مقامات الحريري بالمنمنمات، وفي أزمنة وأمكنة مختلفة، تم اكتشاف بعضها، والآخر لا يزال مجهولاً.
المنمنمات ورسومها
تُشير الأبحاث والدراسات إلى وجود 12 مخطوطة لمقامات الحريري، موزعة في أكثر من مكان قي العالم، منها ثلاث مخطوطات في المتحف البريطاني في لندن، ومخطوط في معهد الدراسات الشرقيّة ضمن أكاديميّة العلوم في مدينة بطرسبورغ الروسيّة، ومخطوط في سليمانيّة اسطنبول، ومخطوط في المكتبة الوطنيّة في العاصمة النمساويّة فيينا.
وثلاث مخطوطات في المكتبة الوطنيّة في باريس. ومخطوط في جامعة اكسفورد. كما عُثر، أخيراً، على نسخة مصورة من المقامات في اليمن، تنم رسومها عن تأثرها بالمنمنمات العثمانيّة.
حكايات ووحدة متكاملة
يبلغ عدد مقامات الحريري خمسين مقامة، بطلها أبو زيد السروجي الذي اجتاح الصليبيون بلده (سروج). ويروي حكاياته الحارث بن همام، على غرار مقامات بديع الزمان الهمداني، لاسيما لناحية كشف العيوب الاجتماعيّة، ومعالجة المسائل الفكريّة واللغويّة.
مقومات وخصائص
يقول جورج عيسى في كتابه (شيخ المصورين العرب، يحيى بن محمود الواسطي)، إن رسوم هذا الفنان، عن مقامات الحريري، تحمل طابعاً عربياً يظهر في الزخرفة واللباس وحيوانات البيئة وملامح وجوه الشخوص التي منحها التعبيرات المناسبة، لما يقتضيه الحال من تعجب ودهشة واستغراب وتأمل وتهديد وخيبة وأمل وغيرها.
كما سخّر الأيدي والأصابع في رسومه لعكس انفعالات شخوصه، ووظف الخطوط والألوان والتنغيمات الزخرفيّة، للتعبير عن الظاهر والباطن في موضوع فنه، عبر حس مرهف، ومقدرة متفردة في عملية توزيع الألوان، ووضعية الشخوص، وتوازن الأشكال، وتناظر العناصر المختلفة في اللوحة، بعيداً عن مراعاة المنظور (البعد الثالث) والإيهام بالعمق.
كما تمكن الواسطي من التقاط الظروف التي مر بها بطل مقامات الحريري، بأسلوب ساخر أحياناً، وجاد أحياناً أخرى. كما صوّر شخصيات اجتماعيّة معروفة، ومعالم المدن، وتفصيلات دقيقة تبين مكانة المرسوم في مجتمعه، لاسيّما المرأة التي برع في انتخاب وضعياتها وحالاتها النفسيّة.
رغم كل هذه الخصائص والمزايا التي تفردت بها منمنمات الواسطي، طاولها النقد. ففي حين اعتبرها البعض من أفضل وأجمل الرسوم التي أنتجت في الفترة الإسلاميّة، رأى فيها آخرون، الكثير من الهنات، كابتعادها عن تقاليد التصوير وغياب المنظور (البعد الثالث) منها وعدم الاهتمام بالخلفيّة والأرضيّة، متناسين أن الواسطي فنان شرقي، قادم من تقاليد فنيّة مختلفة.
وفي الحقيقة، تبقى المنمنمات التي وضعها الواسطي لمقامات الحريري، على صلة كبيرة بالواقع الذي رصدته، وعبرت عنه خير تعبير، الأمر الذي يؤكد أنها صادرة عن فنان متمكن وواسع الإلمام ومرهف الحس، لذلك جاءت أعماله الفنيّة في غاية التوافق والانسجام: رسماً ولوناً وعناصر ومضمون، ما جعل منها صورة حقيقية للحياة التي رصدتها.
في الرسم
1237 أولى الفنان يحيى بن محمود الواسطي(شيخ المصورين العرب) في القرن الـ12، "مقامات الحريري"، اهتماماً نوعياً، جسده في (منمنمات مقامات الحريري). إذ أعاد إنتاجها في رسوم وتصاوير تفردت بالتكوين المدروس، والثراء الشكلي واللوني والتوليفي.
ترجمات
1179 إلى التركيّة.
1262: إلى الفارسيّة.
1824: إلى الفرنسّية.
1832: إلى اللاتينيّة.
1850: إلى الإنجليزيّة.
1873: إلى الألمانيّة.
1979: إلى الروسيّة.
في الدراما
1972 قدمت الشاشة الفضية، مقامات الحريري، في دراما عربية عرضتها شاشة التلفزيون السعودي. من بطولة: مروان حداد وعبدالمجيد مجذوب وزكريا المصري وصبحي عيط.
في المسرح
1975 قدم المسرحي العراقي الراحل قاسم محمد (1936 - 2009)، مسرحية عن قصص ومضمون "مقامات الحريري"، بعنوان "طال حزني وسروري بين مقامات الحريري".
كما أنها صاحبة الدور والمكانة الرفيعين في الأدب العربي. إذ تجعلنا نغرق في متعة خاصة عمادها لا التخيل والصورة. ولا بد أن نشير هنا، أنه في المنجد في اللغة والإعلام، جاء أن المَقامة تعني المنزلة أو المكانة والزمان والمكان. وهي السيادة والخطابة والعظة والرواية التي تُلقى في مجتمع من الناس.
مقامات الحريري
بعد بديع الزمان الهمداني، اشتغل على المقامات الحريري: وهو أبو محمد بن علي الحريري البصري المولود في (المشان).. وهي ضاحية من ضواحي البصرة، في عام 1054م، وتوفى فيها عام 1122م. كان يعمل صاحب البريد في ديوان الخلافة العباسية.
نسج الحريري على منوال الهمداني. فكتب خمسين مقامة عُرفت بـ (مقامات الحريري) وكانت متميزة عن غيرها من المقامات، بأصالتها اللغوية، وتنوع أبحاثها البيانية، لاسيما في البديع والسجع، والتعقيد اللغوي وليونة وجمالية الأداء، خاصة عباراتها القصيرة التي لا تتجاوز كلماتها الخمس.
يُضاف إلى ذلك، احتواؤها على العديد من الأشعار الثرية في لغتها، الشفافة في صياغتها، القوية في تأثيرها، وهذا أمر طبيعي إذا ما علمنا أن الحريري كان واحداً من أعلام اللغة والنحو في زمانه. ولديه مؤلفات عدة في هذا المجال، منها: درة الغواص في أوهام الخواص، ملحمة الأعراب في النحو. وكذلك ديوان شعر.
عوامل إضافية
أسهمت الرسوم الجميلة والمعبّرة التي أنجزها لمقامات الحريري، يحيى بن محمود الواسطي ( ...- 1223م) وفنانون آخرون، بتكريس أهمية مقامات الحريري وزادت من شهرتها، وأسهمت في تحويلها من نص منصوص إلى نص مبصور. وهذه الرسوم بمجملها، مهدت طريق ولادة ما يمكن تسميته (التصوير الإسلامي).
وذلك على جناح (فن المنمنمات العربيّة الإسلاميّّة)، وفوق منصاتها التشكيليّة والتعبيريّة المتفردة، والتي شكّلت في بداياتها الأولى، رسوماً توضيحيّة للعديد من الكتب الأدبيّة والعلميّة، صارت اليوم تُعرف باصطلاح (الموتيف)، الشارح والموضح والمزيّن للنص المرافق له. وزودت غالبية نسخ مقامات الحريري بالمنمنمات، وفي أزمنة وأمكنة مختلفة، تم اكتشاف بعضها، والآخر لا يزال مجهولاً.
المنمنمات ورسومها
تُشير الأبحاث والدراسات إلى وجود 12 مخطوطة لمقامات الحريري، موزعة في أكثر من مكان قي العالم، منها ثلاث مخطوطات في المتحف البريطاني في لندن، ومخطوط في معهد الدراسات الشرقيّة ضمن أكاديميّة العلوم في مدينة بطرسبورغ الروسيّة، ومخطوط في سليمانيّة اسطنبول، ومخطوط في المكتبة الوطنيّة في العاصمة النمساويّة فيينا.
وثلاث مخطوطات في المكتبة الوطنيّة في باريس. ومخطوط في جامعة اكسفورد. كما عُثر، أخيراً، على نسخة مصورة من المقامات في اليمن، تنم رسومها عن تأثرها بالمنمنمات العثمانيّة.
حكايات ووحدة متكاملة
يبلغ عدد مقامات الحريري خمسين مقامة، بطلها أبو زيد السروجي الذي اجتاح الصليبيون بلده (سروج). ويروي حكاياته الحارث بن همام، على غرار مقامات بديع الزمان الهمداني، لاسيما لناحية كشف العيوب الاجتماعيّة، ومعالجة المسائل الفكريّة واللغويّة.
مقومات وخصائص
يقول جورج عيسى في كتابه (شيخ المصورين العرب، يحيى بن محمود الواسطي)، إن رسوم هذا الفنان، عن مقامات الحريري، تحمل طابعاً عربياً يظهر في الزخرفة واللباس وحيوانات البيئة وملامح وجوه الشخوص التي منحها التعبيرات المناسبة، لما يقتضيه الحال من تعجب ودهشة واستغراب وتأمل وتهديد وخيبة وأمل وغيرها.
كما سخّر الأيدي والأصابع في رسومه لعكس انفعالات شخوصه، ووظف الخطوط والألوان والتنغيمات الزخرفيّة، للتعبير عن الظاهر والباطن في موضوع فنه، عبر حس مرهف، ومقدرة متفردة في عملية توزيع الألوان، ووضعية الشخوص، وتوازن الأشكال، وتناظر العناصر المختلفة في اللوحة، بعيداً عن مراعاة المنظور (البعد الثالث) والإيهام بالعمق.
كما تمكن الواسطي من التقاط الظروف التي مر بها بطل مقامات الحريري، بأسلوب ساخر أحياناً، وجاد أحياناً أخرى. كما صوّر شخصيات اجتماعيّة معروفة، ومعالم المدن، وتفصيلات دقيقة تبين مكانة المرسوم في مجتمعه، لاسيّما المرأة التي برع في انتخاب وضعياتها وحالاتها النفسيّة.
رغم كل هذه الخصائص والمزايا التي تفردت بها منمنمات الواسطي، طاولها النقد. ففي حين اعتبرها البعض من أفضل وأجمل الرسوم التي أنتجت في الفترة الإسلاميّة، رأى فيها آخرون، الكثير من الهنات، كابتعادها عن تقاليد التصوير وغياب المنظور (البعد الثالث) منها وعدم الاهتمام بالخلفيّة والأرضيّة، متناسين أن الواسطي فنان شرقي، قادم من تقاليد فنيّة مختلفة.
وفي الحقيقة، تبقى المنمنمات التي وضعها الواسطي لمقامات الحريري، على صلة كبيرة بالواقع الذي رصدته، وعبرت عنه خير تعبير، الأمر الذي يؤكد أنها صادرة عن فنان متمكن وواسع الإلمام ومرهف الحس، لذلك جاءت أعماله الفنيّة في غاية التوافق والانسجام: رسماً ولوناً وعناصر ومضمون، ما جعل منها صورة حقيقية للحياة التي رصدتها.
في الرسم
1237 أولى الفنان يحيى بن محمود الواسطي(شيخ المصورين العرب) في القرن الـ12، "مقامات الحريري"، اهتماماً نوعياً، جسده في (منمنمات مقامات الحريري). إذ أعاد إنتاجها في رسوم وتصاوير تفردت بالتكوين المدروس، والثراء الشكلي واللوني والتوليفي.
ترجمات
1179 إلى التركيّة.
1262: إلى الفارسيّة.
1824: إلى الفرنسّية.
1832: إلى اللاتينيّة.
1850: إلى الإنجليزيّة.
1873: إلى الألمانيّة.
1979: إلى الروسيّة.
في الدراما
1972 قدمت الشاشة الفضية، مقامات الحريري، في دراما عربية عرضتها شاشة التلفزيون السعودي. من بطولة: مروان حداد وعبدالمجيد مجذوب وزكريا المصري وصبحي عيط.
في المسرح
1975 قدم المسرحي العراقي الراحل قاسم محمد (1936 - 2009)، مسرحية عن قصص ومضمون "مقامات الحريري"، بعنوان "طال حزني وسروري بين مقامات الحريري".