نقوس المهدي
كاتب
يعدّ كتاب «ألف ليلة وليلة» من أبرز وأهم المؤثرات التي ألهبت خيالات الأدباء والفنانين «على اختلاف أدوات التعبير التي يشتغلون عليها» في الغرب والشرق على حد سواء،
فوضعوا بتأثير الليالي العديد من الأعمال الفنيّة والأدبيّة، اتسم بعضها بالموضوعيّة الإبداعيّة المحروسة بالرصانة التخيليّة الساحرة، بينما حمل بعضها الآخر «لا سيما في الغرب الأوروبي» صوراً سلبية عن الشرق ونشأته وأساطيره وسلاطينه، وهذه الصور السلبيّة عن الشرق عموماً، والشرق العربي الإسلامي خصوصاً، وصلت إلى الأوروبيين بتأثير جملة من العوامل والأحداث والدوافع غير البريئة.
المحرك والميدان
والحقيقة، أثار موضوع ألف ليلة وليلة وانعكاساته على الفنون التشكيليّة، والأدب، والمسرح، والموسيقا، والسينما، وباقي ألوان وأجناس وضروب الإبداع، حفيظة العديد من الباحثين والأدباء والفنانين، فوضعوا كتباً ورسائل وأبحاثاً وأعمالاً إبداعيّة، حول التأثيرات الهامة والبيّنة، لكتاب ألف ليلة وليلة، على طيف واسع من الإبداعات المعاصرة، في الغرب والشرق، سواء بشكل مباشر، أو غير مباشر. بعض هذه الدراسات أخذت طريقها إلى النشر، وبعضها الآخر، لا زال حبيس أدراج مكتبات أصحابها، ما يقلل من فائدتها، ويحرم العديد من المهتمين بهذه الموضوعات للاستفادة منها، خصوصاً إذا علمنا أن بعض هذه الدراسات والأبحاث، أمضى واضعوها ردحاً طويلاً من الزمن، في الإعداد لها، وتجميع مراجعها، وتقصي تأثيراتها على الإبداع الفني ومبدعيه.
فالليالي في خصوصيتها الإبداعيّة، من حيث تفاعلها مع الإلهام، في كل زمان ومكان، ومعايشتها مع كل مجتمع ـ باعتبارها حكايات متنوعة لها أشكالها المختلفة بين الصراع على وتيرة النقيضين ـ تمتد أيضاً، إلى بداية التغيرات الظاهريّة لهذا الواقع، والكشف عن الدور الجوهري للنفس، عندما تصطدم بتلك الظواهر: الظواهر بوصفها أفعالاً، والظواهر بوصفها تصورات عنها. فهي عنصر فاعل في الإبداع الفني بصفة عامة، وفي الإبداع التشكيلي بصفة خاصة. فمجموعة الأشكال اللاواقعيّة واللامنطقيّة ـ التخيليّة مرتبطة بالواقع، وفي الوقت ذاته، متداخلة مع التناقض لهذا الواقع، والاقتراب من الحل بالتخيل، كثيراً ما يأتي إلى حد الابتعاد عن منطق التصور الواعي له.
التشكيل وحكايا الليالي
إن عملية مسح شاملة، للموضوعات التي استلهمها التشكيل العالمي المعاصر من الليالي، نجدها تغوص قي وجدان النفس، وتتعمق بالزمن المنهى بأحداثه في الراوية. وهذه الصور أو التصورات التشكيليّة، عن حكايا الليالي، تأتي لنا من فوق اللاواقع، لتمارس علينا فوضى التصور، وتدفع التشويق إلى الاضطراب الحسي فتخلق معها حالة من السورياليّة الإيقاعيّة، وفعل تجريدي. وهكذا تبدو ألف ليلة وليلة باعتبارها مجموعة من اللوحات التشكيليّة المصوّرة، عنصراً أدبياً وقصصياً ـ على حد تعبير الدكتور إبراهيم جابر.
بمعنى آخر: الليالي شبيهة بالأحلام التي تنتهي مع بزوغ شمس الرؤيا والحقيقة الواقعة، وهي دعوة من نوع آخر إلى المغامرة، حيث الغامض والملوّن والمثير، وهي أكثر طرباً من المعرفة، حيث يتملك السحر كل دوائر الجذب الحسيّة. تلفها الرياح الحارة فوق رمال من ذهب وسجادات عربيّة، تتوق إلى عوالم خاصة في وقع العقل الملونة بصبح شرقي، عن أحاديث ألف ليلة وليلة، هذا المؤلف الضخم في تاريخ الأدب الشعبي الذي لم يعرف إلى اليوم، حدوداً لزمان ومكان يعبر ببساطة السحر، كل المسافات المتفاوتة للعقل البشري. وتوارثته الأجيال كافة، منذ روته ابنة المدينة لمليكها، وخطته السنون على رقاق عربيّة. هذا الموروث يجسد حب الأرض، ويعكس حكايات الأزمنة العتيقة، حيث كان للحلم والفرح، نكهة خاصة، ومتعة مختلفة، وجمال آخر.
الحلم والمعرفة
تتدرج الليالي في سياق الحكاية الخرافية، أو الحكاية الشعبيّة بشكل عام التي تعكس «فيما تعكسه» الأساطير وبقايا قواه وخبراته القادمة من الزمان الذي كان فيه الإنسان يلجأ إلى الحلم لافتقاده إلى المعرفة، ويعتقد لأنه لم يكن يرى. بمعنى أنه كان يؤثر ويتأثر فيما حوله، بكثير من العفوية والتلقائيّة والسذاجة المتصالحة مع نفسها، الأمر الذي يدفعنا للتأكيد أن الحكاية الشعبيّة أو الخرافيّة، لم تكن ثرثرة عجائز، لا منطق لها، وتالياً فهي ليست اختراعاً صرفاً، وإنما هي روح الشعب، ونتاج قواه الشاعريّة، وهي بالتالي، ملكه وتراثه وتاريخه.
على هذا الأساس، تُعد الليالي العربية من أكثر القصص الوصفيّة التي تتكلم بلغة تجسيد الصورة في سرد أحداثها، وتعين القارئ على التحليق في أجواء فوق طبيعيّة، نتيجة لكثرة ما تحمل من مفردات وتراكيب تعجز معها القدرة التخيليّة الإبداعيّة للعقل البشري، على بلوغ حوافها، وسبر أبعادها، نظراً لأن هذا القص الشعبي يُشكّل مزيجاً من عناصر أسطوريّة غرائبيّة، وأبعاداً مذهبيّة، تشمل الموروثات الدينيّة والتاريخيّة والفلسفيّة عند القدماء، في الشرق خاصة، يُضاف إلى ذلك، ما اجتمع لها من أسماء وحكايات وأخبار وحوادث عربية، ساهمت في تكوينها وصبغتها بلون خاص، لمشرق عربي، يتجاوز الحدود الزمانيّة والجغرافيّة المعروفة تاريخياً وعلمياً.
تأثير شامل
أثرت الليالي على الفعل الإبداعي العالمي بشكل عام، فطاول هذا التأثير الشعر والمسرح والأدب والفن. كما طاول اللغات الأجنبيّة المختلفة، كالفرنسيّة والألمانيّة والانكليزيّة والإيطاليّة، إضافة إلى السينما والتلفاز والموسيقا والفنون التشكيليّة والصحافة المقروءة، والليالي نفسها، تحتضن قيماً فنيّة تشكيليّة كبيرة، نهلت منها الفنون التشكيليّة العالميّة، الكثير من الصور والرؤى، إنما بوقت متأخر مقارنة بتأثر الأدب العالمي بها، إذ توجد شواهد قبل ترجمة غالان لها 1704 ـ 1717، حيث كان اهتمام الفنون التشكيليّة الأوروبيّة، يدور ويتمحور حول المواضيع الدينية، واستلهام التراث الإغريقي ـ الروماني. أما على الصعيد العربي والإسلامي، فيلاحظ تأثير الليالي الواضح، على المنمنمات الإسلاميّة، والعديد من الفنون العربيّة والفارسيّة والتركية والهنديّة، ومنها الرسوم، واللوحات، والكتب، إضافة إلى المنمنمات التي تعتبر أبرز مظاهر الفنون التشكيليّة الإسلاميّة وأهمها.
بعد ترجمة «غالان» لكتاب ألف ليلة وليلة وما تلاها من ترجمات إلى مختلف اللغات الأوروبيّة، كثرت الرسوم التزيينيّة أو التوضيحيّة التي رافقت معظم طبعات هذه الترجمات، والتي عكف على وضعها مئات من الرسامين والمصوّرين والحفارين في البدايّة، ثم وبالتدريج، انتقل تأثير الليالي على النحت والخزف والسينما والتلفاز والرسوم المتحركة وفنون الإعلان، عبر ظاهرة الاستشراق التي نشطت وزاد حراكها، بعد تعرف الأوروبيين على الليالي. وهناك من يعتبرها أول الطريق إلى الاستشراق وانتشار حركته في الغرب، بل يذهب الدكتور ثروة عكاشة، إلى اعتبار أن مصدر إلهام أكثر الرسامين الأوروبيين كان إسلامياً، كما أن عالمهم الخيالي، مستمد من ألف ليلة وليلة، فقد رسم المستشرقون بعيونهم وألوانهم، حال النساء في مغاطس وبرك الماء وجلسات الصفاء والخدور والنسوة.. الخ. رسموا هذا السحر من عبقٍ لم يُنسب لحكايات ألف ليلة وليلة، فقد كانت بداية الحلم، جوانب أخر عن حياة المرأة، نقلوها إلينا، وبرزت بقوة في الليالي. والأمثلة كثيرة جداً عن التأثير الذي شمل عدداً هائلاً من الفنانين العالمين الذين وجدوا في أجواء الليالي خصوصاً، والشرق عموماً، ملاذاً آمناً لأرواحهم، ومعيناً لا ينضب لإلهاماتهم وإبداعاتهم، بينهم رواد وأعلام كبار مثل: ديلاكروا، بول كلي، كاندينسكي، بيكاسو، ماتيس.. وغيرهم الكثير. بعضهم زار ومكث في بعض الدول العربيّة، وبعضهم الآخر تواصل معها عبر من زارها من الفنانين والرحالة والدبلوماسيين، إما شفاهة، أو من خلال الكتب والدراسات والأعمال الفنيّة التي وضعوها بتأثير من هذه الزيارات، أو عبر الترجمات التي تمت لأمهات الكتب «ومنها ألف ليلة وليلة» إلى اللغات العالميّة.
فوضعوا بتأثير الليالي العديد من الأعمال الفنيّة والأدبيّة، اتسم بعضها بالموضوعيّة الإبداعيّة المحروسة بالرصانة التخيليّة الساحرة، بينما حمل بعضها الآخر «لا سيما في الغرب الأوروبي» صوراً سلبية عن الشرق ونشأته وأساطيره وسلاطينه، وهذه الصور السلبيّة عن الشرق عموماً، والشرق العربي الإسلامي خصوصاً، وصلت إلى الأوروبيين بتأثير جملة من العوامل والأحداث والدوافع غير البريئة.
المحرك والميدان
والحقيقة، أثار موضوع ألف ليلة وليلة وانعكاساته على الفنون التشكيليّة، والأدب، والمسرح، والموسيقا، والسينما، وباقي ألوان وأجناس وضروب الإبداع، حفيظة العديد من الباحثين والأدباء والفنانين، فوضعوا كتباً ورسائل وأبحاثاً وأعمالاً إبداعيّة، حول التأثيرات الهامة والبيّنة، لكتاب ألف ليلة وليلة، على طيف واسع من الإبداعات المعاصرة، في الغرب والشرق، سواء بشكل مباشر، أو غير مباشر. بعض هذه الدراسات أخذت طريقها إلى النشر، وبعضها الآخر، لا زال حبيس أدراج مكتبات أصحابها، ما يقلل من فائدتها، ويحرم العديد من المهتمين بهذه الموضوعات للاستفادة منها، خصوصاً إذا علمنا أن بعض هذه الدراسات والأبحاث، أمضى واضعوها ردحاً طويلاً من الزمن، في الإعداد لها، وتجميع مراجعها، وتقصي تأثيراتها على الإبداع الفني ومبدعيه.
فالليالي في خصوصيتها الإبداعيّة، من حيث تفاعلها مع الإلهام، في كل زمان ومكان، ومعايشتها مع كل مجتمع ـ باعتبارها حكايات متنوعة لها أشكالها المختلفة بين الصراع على وتيرة النقيضين ـ تمتد أيضاً، إلى بداية التغيرات الظاهريّة لهذا الواقع، والكشف عن الدور الجوهري للنفس، عندما تصطدم بتلك الظواهر: الظواهر بوصفها أفعالاً، والظواهر بوصفها تصورات عنها. فهي عنصر فاعل في الإبداع الفني بصفة عامة، وفي الإبداع التشكيلي بصفة خاصة. فمجموعة الأشكال اللاواقعيّة واللامنطقيّة ـ التخيليّة مرتبطة بالواقع، وفي الوقت ذاته، متداخلة مع التناقض لهذا الواقع، والاقتراب من الحل بالتخيل، كثيراً ما يأتي إلى حد الابتعاد عن منطق التصور الواعي له.
التشكيل وحكايا الليالي
إن عملية مسح شاملة، للموضوعات التي استلهمها التشكيل العالمي المعاصر من الليالي، نجدها تغوص قي وجدان النفس، وتتعمق بالزمن المنهى بأحداثه في الراوية. وهذه الصور أو التصورات التشكيليّة، عن حكايا الليالي، تأتي لنا من فوق اللاواقع، لتمارس علينا فوضى التصور، وتدفع التشويق إلى الاضطراب الحسي فتخلق معها حالة من السورياليّة الإيقاعيّة، وفعل تجريدي. وهكذا تبدو ألف ليلة وليلة باعتبارها مجموعة من اللوحات التشكيليّة المصوّرة، عنصراً أدبياً وقصصياً ـ على حد تعبير الدكتور إبراهيم جابر.
بمعنى آخر: الليالي شبيهة بالأحلام التي تنتهي مع بزوغ شمس الرؤيا والحقيقة الواقعة، وهي دعوة من نوع آخر إلى المغامرة، حيث الغامض والملوّن والمثير، وهي أكثر طرباً من المعرفة، حيث يتملك السحر كل دوائر الجذب الحسيّة. تلفها الرياح الحارة فوق رمال من ذهب وسجادات عربيّة، تتوق إلى عوالم خاصة في وقع العقل الملونة بصبح شرقي، عن أحاديث ألف ليلة وليلة، هذا المؤلف الضخم في تاريخ الأدب الشعبي الذي لم يعرف إلى اليوم، حدوداً لزمان ومكان يعبر ببساطة السحر، كل المسافات المتفاوتة للعقل البشري. وتوارثته الأجيال كافة، منذ روته ابنة المدينة لمليكها، وخطته السنون على رقاق عربيّة. هذا الموروث يجسد حب الأرض، ويعكس حكايات الأزمنة العتيقة، حيث كان للحلم والفرح، نكهة خاصة، ومتعة مختلفة، وجمال آخر.
الحلم والمعرفة
تتدرج الليالي في سياق الحكاية الخرافية، أو الحكاية الشعبيّة بشكل عام التي تعكس «فيما تعكسه» الأساطير وبقايا قواه وخبراته القادمة من الزمان الذي كان فيه الإنسان يلجأ إلى الحلم لافتقاده إلى المعرفة، ويعتقد لأنه لم يكن يرى. بمعنى أنه كان يؤثر ويتأثر فيما حوله، بكثير من العفوية والتلقائيّة والسذاجة المتصالحة مع نفسها، الأمر الذي يدفعنا للتأكيد أن الحكاية الشعبيّة أو الخرافيّة، لم تكن ثرثرة عجائز، لا منطق لها، وتالياً فهي ليست اختراعاً صرفاً، وإنما هي روح الشعب، ونتاج قواه الشاعريّة، وهي بالتالي، ملكه وتراثه وتاريخه.
على هذا الأساس، تُعد الليالي العربية من أكثر القصص الوصفيّة التي تتكلم بلغة تجسيد الصورة في سرد أحداثها، وتعين القارئ على التحليق في أجواء فوق طبيعيّة، نتيجة لكثرة ما تحمل من مفردات وتراكيب تعجز معها القدرة التخيليّة الإبداعيّة للعقل البشري، على بلوغ حوافها، وسبر أبعادها، نظراً لأن هذا القص الشعبي يُشكّل مزيجاً من عناصر أسطوريّة غرائبيّة، وأبعاداً مذهبيّة، تشمل الموروثات الدينيّة والتاريخيّة والفلسفيّة عند القدماء، في الشرق خاصة، يُضاف إلى ذلك، ما اجتمع لها من أسماء وحكايات وأخبار وحوادث عربية، ساهمت في تكوينها وصبغتها بلون خاص، لمشرق عربي، يتجاوز الحدود الزمانيّة والجغرافيّة المعروفة تاريخياً وعلمياً.
تأثير شامل
أثرت الليالي على الفعل الإبداعي العالمي بشكل عام، فطاول هذا التأثير الشعر والمسرح والأدب والفن. كما طاول اللغات الأجنبيّة المختلفة، كالفرنسيّة والألمانيّة والانكليزيّة والإيطاليّة، إضافة إلى السينما والتلفاز والموسيقا والفنون التشكيليّة والصحافة المقروءة، والليالي نفسها، تحتضن قيماً فنيّة تشكيليّة كبيرة، نهلت منها الفنون التشكيليّة العالميّة، الكثير من الصور والرؤى، إنما بوقت متأخر مقارنة بتأثر الأدب العالمي بها، إذ توجد شواهد قبل ترجمة غالان لها 1704 ـ 1717، حيث كان اهتمام الفنون التشكيليّة الأوروبيّة، يدور ويتمحور حول المواضيع الدينية، واستلهام التراث الإغريقي ـ الروماني. أما على الصعيد العربي والإسلامي، فيلاحظ تأثير الليالي الواضح، على المنمنمات الإسلاميّة، والعديد من الفنون العربيّة والفارسيّة والتركية والهنديّة، ومنها الرسوم، واللوحات، والكتب، إضافة إلى المنمنمات التي تعتبر أبرز مظاهر الفنون التشكيليّة الإسلاميّة وأهمها.
بعد ترجمة «غالان» لكتاب ألف ليلة وليلة وما تلاها من ترجمات إلى مختلف اللغات الأوروبيّة، كثرت الرسوم التزيينيّة أو التوضيحيّة التي رافقت معظم طبعات هذه الترجمات، والتي عكف على وضعها مئات من الرسامين والمصوّرين والحفارين في البدايّة، ثم وبالتدريج، انتقل تأثير الليالي على النحت والخزف والسينما والتلفاز والرسوم المتحركة وفنون الإعلان، عبر ظاهرة الاستشراق التي نشطت وزاد حراكها، بعد تعرف الأوروبيين على الليالي. وهناك من يعتبرها أول الطريق إلى الاستشراق وانتشار حركته في الغرب، بل يذهب الدكتور ثروة عكاشة، إلى اعتبار أن مصدر إلهام أكثر الرسامين الأوروبيين كان إسلامياً، كما أن عالمهم الخيالي، مستمد من ألف ليلة وليلة، فقد رسم المستشرقون بعيونهم وألوانهم، حال النساء في مغاطس وبرك الماء وجلسات الصفاء والخدور والنسوة.. الخ. رسموا هذا السحر من عبقٍ لم يُنسب لحكايات ألف ليلة وليلة، فقد كانت بداية الحلم، جوانب أخر عن حياة المرأة، نقلوها إلينا، وبرزت بقوة في الليالي. والأمثلة كثيرة جداً عن التأثير الذي شمل عدداً هائلاً من الفنانين العالمين الذين وجدوا في أجواء الليالي خصوصاً، والشرق عموماً، ملاذاً آمناً لأرواحهم، ومعيناً لا ينضب لإلهاماتهم وإبداعاتهم، بينهم رواد وأعلام كبار مثل: ديلاكروا، بول كلي، كاندينسكي، بيكاسو، ماتيس.. وغيرهم الكثير. بعضهم زار ومكث في بعض الدول العربيّة، وبعضهم الآخر تواصل معها عبر من زارها من الفنانين والرحالة والدبلوماسيين، إما شفاهة، أو من خلال الكتب والدراسات والأعمال الفنيّة التي وضعوها بتأثير من هذه الزيارات، أو عبر الترجمات التي تمت لأمهات الكتب «ومنها ألف ليلة وليلة» إلى اللغات العالميّة.