نقوس المهدي
كاتب
الجنس.. ( الذئب اللطيف )، اللذة العمياء
أحمد بغدادي
إن تطرقنا إلى دراسة الجنس على شكل منهجي وأخذنا في تصنيف أبوابه ومراحله منذ نشوء البشرية إلى وقتنا الراهن، فإننا نحتاج إلى وضع مسميات كثيرة له من نواحيه النفسية والغريزية والمرضية والحسّية المقصودة واللامقصودة، وعلينا الإبحار في كيفية تناوله من حيث المجتمعات القديمة والتي تلتها، ومن حيث الجماعات والأفراد، واختلاف نظرتهم إليه كلٌ على حسب ثقافته الجنسية ( التربوية .. العقلية )، وأيضاً تناقض المسألة بينهم من الناحية الفيزيولوجية.
معظم ممن كتبوا عن الجنس وقاموا بأبحاث ودراسات على مرّ العصور نُـظرَ إليهم من قبل أبناء جلدتهم ومن علماء في مجالات أخرى في بعض الأحيان على أنّ لديهم مشاكل في حياتهم الجنسية، وأنهم غير طبيعيين يعانون من نقص أو إفراط من الناحية الجنسية، وكانت الرقابة على كتاباتهم صارمة جداً بذريعة إفساد المجتمعات وإدخالها ضمن إشكالات ثقافية في تغيّـر المفهوم التربوي والعلمي لدى الأشخاص في هذا الموضوع.
لوحقَ كبار الكتّـاب العالميين من قبل المحاكم والرقابة المتخصصة، كالكاتب ( إيليسن ) في بريطانيا بذريعة ما ذكرنا أعلاه. ومنهم من جعل يكتب باسم مستعار، ومنهم من تحدّى الرقابة مثل عالم النفس الألماني " كرافت "، فكتبَ فصولاً من مؤلفاته ــ الاضطرابات النفسية الجنسية ــ 1889 " psychopathia "sexualis باللغة اللاتينية التي لا يتقنها الجميع، وقد طلب وقتها العديد من أعضاء الجمعية الطبيّة النفسية وغيرهم في بريطانيا بحرمان الكاتب من لقبه الفخري كعضو في الجمعية.. بالتالي سُـمح لمعظم مؤلفاته بالنشر ضمن ضوابط وضعتها الرقابة من خلال حذف فقرات أو فصول بنظرهم تؤذي الذائقة الثقافية لدى القارئ.
هكذا تأتي العداوة المفرطة تجاه من كتبوا في موضوع الجنس وتمّ تسميتهم بمسميات شتى غير لائقة بما قدموه للمكتبة العالمية من فكر تحليلي يخص المسألة المعقدة ــ الجنس ــ منذ نشوء البشرية...
لم يفكّر المعظم أن يسبر ويمحّص ما كُـتبَ عن الجنس، وخاصة الطبقة العادية والمتوسطة ثقافياً في مجتمعات مؤلفي هذه الكتب، مما دفعهم بالحكم المباشر لمجرد رأي جريدة فلانية أو رأي كاتب معاد لكاتب آخر، وأيضاً بعدهم كل البعد عن الوسط الثقافي وغربتهم عن الموضوع من حيث اهتماماتهم بهِ وتناوله بشكل فكري تحليلي؛ فجل اهتماماتهم كانت تصب على عملهم اليومي والمعيشة كما باقي الطبقات العاملة في المجتمعات الأخرى، وهي النسبة الكبيرة في كل الدول. وينصب هذا العداء أيضاً في اختلاف المجتمعات من حيث الأيديولوجيات والرقابة الدينية الرادعة عن الاقتراب من هذا الإثم الكبير والاطلاع عليه أو الخوض فيه.
ــ الإثم المغفور :
حسب الأطروحات عن الحياة الجنسية والبيولوجية لجسد الإنسان جاءت حجج واهية من قبل بعض رجالات الدين المسيحيين في القرن التاسع عشر تناقض المفهوم العلمي الذي يشير إلى زاوية من زوايا الحياة الجنسية في كيفية ممارسة الجنس وأوقاته، ومضاره وفوائده؛ هذه الحجج أتت على شكل أوامر صارمة تقضي بعدم إسراف الشخص بطاقته الجنسية ـ الجسدية ـ لما فيها من فوائد لأمور أخرى حياتية أخلاقية أسمى من الرغبات والشهوات الآنية، إلا عند إنجاب الأطفال، فالاتصال الجنسي للتكاثر هو مبرر مشروع لاستمرار النوع .. ضاربين بعرض الحائط المسائل البيولوجية التي يحتاجها الجسد من تفريغ طاقاته الرغبوية والاستمتاع باللذة الكامنة في ممارسة هذا العمل الآلي من وقتٍ لآخر بعيداً عن الزواج العلني والدائم.
فالإثم المغفور في نظرهم هو الارتباط الجنسي والروحي ــ الزواج ــ الذي يُبعد الأشخاص عن الإسراف في الجنس دائماً إن تعددت العلاقات بين اثنين أو أكثر ما يضر بالطاقات الجنسية عند الفرد. فإن جئنا هنا من باب ديني وعلمي نجد أن المسألة فيها وجهة نظر إيجابية بحتة لما تشكله هذه الأوامر من رادع عن السقوط في الرذيلة والأمراض المتعددة؛ وإن نظرنا إليها من باب بيولوجي صرف، فإن لدى الكثير من الأشخاص قدرة غير طبيعية على ممارسة الجنس ( الزوجي ) مرات كثيرة في اليوم، وهنا يتناقض مع فكرة إهدار الطاقة الجنسية التي طرحها رجال الدين المسيحيون في ممارسة الجنس غير الشرعي مع عدة أشخاص أو أكثر من مرة!.
السلوك وحده من يقرر كيفية التعاطي مع هذه المسألة الشائكة التي تقاذفها العلماء بتناقضات ما بينهم وبين الدين والفكر التربوي والفلسفي تجاه الجنس ومراحل تطوره وتعاطيه.
فمثلاً نجد أن هناك أشخاصاً يميلون لجنسهم فقط ويرفضون الآخر المحتّـم عليهم بيولوجياً ومجتمعياً، فأولئك المثليون أو بالمصطلح العلمي "homosexualism " السلوك الجنسي المثلي، لا نستطيع أن ننبذهم من محيطنا أو النظر إليهم على أنهم غير بشر من الناحية الجنسية الحياتية، فالكثير من علماء النفس وأطباء الجينات تطرقوا إلى هذا الموضوع على أنه خلل هرموني لدى الشخص، ومنهم من خالف هذا الاستنتاج العلمي وأبدى رأياً مغايراً على أنه موروث خُـلقي ولادي، تطور إلى مرحلة الصدمات العاطفية حتى المراهقة وما بعدها ليستمر الشاذ بسلوك مغاير جنسه دون الاكتراث بمحيطه رامياً خلفه كل الاعتبارات الاجتماعية والأخلاقية، على أنه يعيش في عالم لا يفهمه ولا يعترف بما يشعر به. ومن علماء الأتنوغرافيا من وثّق حالات كثيرة عن هذا الموضوع.. وللبيان في ذلك اجتهد الكثيرون أمثال ( إيفان بلوخ، والفرنسي شارل ليتورنو 1888، والفلندي أدوارد فيستر مارك في كتابه تاريخ الزواج البشري 1891) والكثير من المؤرخين والكتاب والعلماء والأطباء الذين اهتمّوا بهذه المعضلة المحيّـرة في السلوك غير السوي عند بعض البشر.
ـ الجنس في المقدسات:
"إشارة "
الآريون هم أول من وثّق بعد غزوهم مناطق في الهند عبادات بعض الشعوب في غرب الهند الذين كانوا يمارسون عدة طقوس في العبادة، كما وجدوا تماثيل فخارية تشكّـل أوضاع جنسية أثناء الممارسة ومنها أختام عليها نقوش لأجساد عارية كانوا يسمون هذه التماثيل بــ" إله الخصب"، ومن العبادات أيضاً أن بعضهم كان يعبد القضيب الذكري وسميت هذه العبادة بالـ"لينغا " the linga ". وتوجد معابد إلى يومنا هذا في الهند منقوشٌ على جدرانها تماثيل عارية تمارس الجنس في وضعيات مختلفة، تدل على تقديس الجنس في الأديان لتلك الشعوب القديمة.
عند الهندوسيين في القدم تداخل الجنس مع المقدس، إذ اهتموا بالتماثيل العارية والمنحوتات في المنازل والمعابد التي باعتقادهم هي التي تجدد أجيالهم وتبعث القوة في أجسادهم منذ الولادة، فالنظرة إلى المولود عند ولادته عارياً تفضي إلى أن الآلهة تباركه قبل أن يرتدي أي شيء، فالعري ــ الجنسي ــ هو هبة من هبات الآلهة لتلك الشعوب في معتقداتهم . ففي الملحمة الشعرية الشهيرة " مهابهاراتا " maha bharta " يُذكر فيها إله الجنس " برزشيفا " وإله الفحولة، لما تناقلته الألسن بين القبائل وقتها وما حُكي عنه أيضاً في حكايات " بورانا puranr " المعروفة في السند . إن الكثير من الأساطير تطرقت إلى الجنس والدين في آن واحد على أنهما لا ينفصلان بسبب قدسيتهما عند تلك الشعوب، وفي الميثولوجيا الكثير من الحكايات والأمثلة عن تداخل الجنس في أديان شعوب عدة وحضارات كثيرة. ونشير هنا إلى كتاب "الكاماسوترا" الذي يحتوي على الكثير من التعاليم الجنسية والتوجيهات للإناث والذكور ويتكلم عن وضعية الاتصال الجنسي وتفاصيل الوضعيات عند الرجل والمرأة حين المضاجعة، وغير ذلك من أمور الجنس التي تتصل مع الواجب والوعي الديني، وأيضاً يذكر الكتاب توجيهات للإناث الصغيرات في كيفية التعامل مع الطرف الآخر ( الذكر ) وكيفية الغرام به واحترامه، وهذا تأسيس للمرحلة القادمة من الارتباط الجنسي بينهما.
نذكر تفاصيل أكثر عن الجنس والمقدس في أبواب أوسع، وعند ديانات شعوب أخرى في الجزء الثاني من الدراسة التي سوف نخوض فيها أكثر من ناحية المقدس والجنس عند بعض الشعوب.
هوامش:
ــ الجنس من الأسطورة إلى العلم / إ ـ س ـ كون / ترجمة : د. منير شحود
ـ الجنس في أديان العالم / جيفري بارندر / ترجمة : نور الدين البهلول
* عن الف
أحمد بغدادي
إن تطرقنا إلى دراسة الجنس على شكل منهجي وأخذنا في تصنيف أبوابه ومراحله منذ نشوء البشرية إلى وقتنا الراهن، فإننا نحتاج إلى وضع مسميات كثيرة له من نواحيه النفسية والغريزية والمرضية والحسّية المقصودة واللامقصودة، وعلينا الإبحار في كيفية تناوله من حيث المجتمعات القديمة والتي تلتها، ومن حيث الجماعات والأفراد، واختلاف نظرتهم إليه كلٌ على حسب ثقافته الجنسية ( التربوية .. العقلية )، وأيضاً تناقض المسألة بينهم من الناحية الفيزيولوجية.
معظم ممن كتبوا عن الجنس وقاموا بأبحاث ودراسات على مرّ العصور نُـظرَ إليهم من قبل أبناء جلدتهم ومن علماء في مجالات أخرى في بعض الأحيان على أنّ لديهم مشاكل في حياتهم الجنسية، وأنهم غير طبيعيين يعانون من نقص أو إفراط من الناحية الجنسية، وكانت الرقابة على كتاباتهم صارمة جداً بذريعة إفساد المجتمعات وإدخالها ضمن إشكالات ثقافية في تغيّـر المفهوم التربوي والعلمي لدى الأشخاص في هذا الموضوع.
لوحقَ كبار الكتّـاب العالميين من قبل المحاكم والرقابة المتخصصة، كالكاتب ( إيليسن ) في بريطانيا بذريعة ما ذكرنا أعلاه. ومنهم من جعل يكتب باسم مستعار، ومنهم من تحدّى الرقابة مثل عالم النفس الألماني " كرافت "، فكتبَ فصولاً من مؤلفاته ــ الاضطرابات النفسية الجنسية ــ 1889 " psychopathia "sexualis باللغة اللاتينية التي لا يتقنها الجميع، وقد طلب وقتها العديد من أعضاء الجمعية الطبيّة النفسية وغيرهم في بريطانيا بحرمان الكاتب من لقبه الفخري كعضو في الجمعية.. بالتالي سُـمح لمعظم مؤلفاته بالنشر ضمن ضوابط وضعتها الرقابة من خلال حذف فقرات أو فصول بنظرهم تؤذي الذائقة الثقافية لدى القارئ.
هكذا تأتي العداوة المفرطة تجاه من كتبوا في موضوع الجنس وتمّ تسميتهم بمسميات شتى غير لائقة بما قدموه للمكتبة العالمية من فكر تحليلي يخص المسألة المعقدة ــ الجنس ــ منذ نشوء البشرية...
لم يفكّر المعظم أن يسبر ويمحّص ما كُـتبَ عن الجنس، وخاصة الطبقة العادية والمتوسطة ثقافياً في مجتمعات مؤلفي هذه الكتب، مما دفعهم بالحكم المباشر لمجرد رأي جريدة فلانية أو رأي كاتب معاد لكاتب آخر، وأيضاً بعدهم كل البعد عن الوسط الثقافي وغربتهم عن الموضوع من حيث اهتماماتهم بهِ وتناوله بشكل فكري تحليلي؛ فجل اهتماماتهم كانت تصب على عملهم اليومي والمعيشة كما باقي الطبقات العاملة في المجتمعات الأخرى، وهي النسبة الكبيرة في كل الدول. وينصب هذا العداء أيضاً في اختلاف المجتمعات من حيث الأيديولوجيات والرقابة الدينية الرادعة عن الاقتراب من هذا الإثم الكبير والاطلاع عليه أو الخوض فيه.
ــ الإثم المغفور :
حسب الأطروحات عن الحياة الجنسية والبيولوجية لجسد الإنسان جاءت حجج واهية من قبل بعض رجالات الدين المسيحيين في القرن التاسع عشر تناقض المفهوم العلمي الذي يشير إلى زاوية من زوايا الحياة الجنسية في كيفية ممارسة الجنس وأوقاته، ومضاره وفوائده؛ هذه الحجج أتت على شكل أوامر صارمة تقضي بعدم إسراف الشخص بطاقته الجنسية ـ الجسدية ـ لما فيها من فوائد لأمور أخرى حياتية أخلاقية أسمى من الرغبات والشهوات الآنية، إلا عند إنجاب الأطفال، فالاتصال الجنسي للتكاثر هو مبرر مشروع لاستمرار النوع .. ضاربين بعرض الحائط المسائل البيولوجية التي يحتاجها الجسد من تفريغ طاقاته الرغبوية والاستمتاع باللذة الكامنة في ممارسة هذا العمل الآلي من وقتٍ لآخر بعيداً عن الزواج العلني والدائم.
فالإثم المغفور في نظرهم هو الارتباط الجنسي والروحي ــ الزواج ــ الذي يُبعد الأشخاص عن الإسراف في الجنس دائماً إن تعددت العلاقات بين اثنين أو أكثر ما يضر بالطاقات الجنسية عند الفرد. فإن جئنا هنا من باب ديني وعلمي نجد أن المسألة فيها وجهة نظر إيجابية بحتة لما تشكله هذه الأوامر من رادع عن السقوط في الرذيلة والأمراض المتعددة؛ وإن نظرنا إليها من باب بيولوجي صرف، فإن لدى الكثير من الأشخاص قدرة غير طبيعية على ممارسة الجنس ( الزوجي ) مرات كثيرة في اليوم، وهنا يتناقض مع فكرة إهدار الطاقة الجنسية التي طرحها رجال الدين المسيحيون في ممارسة الجنس غير الشرعي مع عدة أشخاص أو أكثر من مرة!.
السلوك وحده من يقرر كيفية التعاطي مع هذه المسألة الشائكة التي تقاذفها العلماء بتناقضات ما بينهم وبين الدين والفكر التربوي والفلسفي تجاه الجنس ومراحل تطوره وتعاطيه.
فمثلاً نجد أن هناك أشخاصاً يميلون لجنسهم فقط ويرفضون الآخر المحتّـم عليهم بيولوجياً ومجتمعياً، فأولئك المثليون أو بالمصطلح العلمي "homosexualism " السلوك الجنسي المثلي، لا نستطيع أن ننبذهم من محيطنا أو النظر إليهم على أنهم غير بشر من الناحية الجنسية الحياتية، فالكثير من علماء النفس وأطباء الجينات تطرقوا إلى هذا الموضوع على أنه خلل هرموني لدى الشخص، ومنهم من خالف هذا الاستنتاج العلمي وأبدى رأياً مغايراً على أنه موروث خُـلقي ولادي، تطور إلى مرحلة الصدمات العاطفية حتى المراهقة وما بعدها ليستمر الشاذ بسلوك مغاير جنسه دون الاكتراث بمحيطه رامياً خلفه كل الاعتبارات الاجتماعية والأخلاقية، على أنه يعيش في عالم لا يفهمه ولا يعترف بما يشعر به. ومن علماء الأتنوغرافيا من وثّق حالات كثيرة عن هذا الموضوع.. وللبيان في ذلك اجتهد الكثيرون أمثال ( إيفان بلوخ، والفرنسي شارل ليتورنو 1888، والفلندي أدوارد فيستر مارك في كتابه تاريخ الزواج البشري 1891) والكثير من المؤرخين والكتاب والعلماء والأطباء الذين اهتمّوا بهذه المعضلة المحيّـرة في السلوك غير السوي عند بعض البشر.
ـ الجنس في المقدسات:
"إشارة "
الآريون هم أول من وثّق بعد غزوهم مناطق في الهند عبادات بعض الشعوب في غرب الهند الذين كانوا يمارسون عدة طقوس في العبادة، كما وجدوا تماثيل فخارية تشكّـل أوضاع جنسية أثناء الممارسة ومنها أختام عليها نقوش لأجساد عارية كانوا يسمون هذه التماثيل بــ" إله الخصب"، ومن العبادات أيضاً أن بعضهم كان يعبد القضيب الذكري وسميت هذه العبادة بالـ"لينغا " the linga ". وتوجد معابد إلى يومنا هذا في الهند منقوشٌ على جدرانها تماثيل عارية تمارس الجنس في وضعيات مختلفة، تدل على تقديس الجنس في الأديان لتلك الشعوب القديمة.
عند الهندوسيين في القدم تداخل الجنس مع المقدس، إذ اهتموا بالتماثيل العارية والمنحوتات في المنازل والمعابد التي باعتقادهم هي التي تجدد أجيالهم وتبعث القوة في أجسادهم منذ الولادة، فالنظرة إلى المولود عند ولادته عارياً تفضي إلى أن الآلهة تباركه قبل أن يرتدي أي شيء، فالعري ــ الجنسي ــ هو هبة من هبات الآلهة لتلك الشعوب في معتقداتهم . ففي الملحمة الشعرية الشهيرة " مهابهاراتا " maha bharta " يُذكر فيها إله الجنس " برزشيفا " وإله الفحولة، لما تناقلته الألسن بين القبائل وقتها وما حُكي عنه أيضاً في حكايات " بورانا puranr " المعروفة في السند . إن الكثير من الأساطير تطرقت إلى الجنس والدين في آن واحد على أنهما لا ينفصلان بسبب قدسيتهما عند تلك الشعوب، وفي الميثولوجيا الكثير من الحكايات والأمثلة عن تداخل الجنس في أديان شعوب عدة وحضارات كثيرة. ونشير هنا إلى كتاب "الكاماسوترا" الذي يحتوي على الكثير من التعاليم الجنسية والتوجيهات للإناث والذكور ويتكلم عن وضعية الاتصال الجنسي وتفاصيل الوضعيات عند الرجل والمرأة حين المضاجعة، وغير ذلك من أمور الجنس التي تتصل مع الواجب والوعي الديني، وأيضاً يذكر الكتاب توجيهات للإناث الصغيرات في كيفية التعامل مع الطرف الآخر ( الذكر ) وكيفية الغرام به واحترامه، وهذا تأسيس للمرحلة القادمة من الارتباط الجنسي بينهما.
نذكر تفاصيل أكثر عن الجنس والمقدس في أبواب أوسع، وعند ديانات شعوب أخرى في الجزء الثاني من الدراسة التي سوف نخوض فيها أكثر من ناحية المقدس والجنس عند بعض الشعوب.
هوامش:
ــ الجنس من الأسطورة إلى العلم / إ ـ س ـ كون / ترجمة : د. منير شحود
ـ الجنس في أديان العالم / جيفري بارندر / ترجمة : نور الدين البهلول
* عن الف