نقوس المهدي
كاتب
[SIZE=6]أحمد الشريف
سرة امرأة[/SIZE]
....... لم يعرفوها ، ولم ير أحد منهم ما رأيت منها . طاقة الريحان التي نفذت من سرتها لبحيرتي الراكدة ، جعلت الاضطراب يسود الحياة ..
حكايتي بدأت معها فى آخر ليلة من السنة القمرية ، فى حقول الزيتون ، عندما تركت أبى وعماله خلفى وتعمقت لحدود جبل شلالات المياه . عندها ، صعقت وحدث لى ما فكك حياتى . امرأة عارية ، تستحم بمياه الشلالات ، سرتها قمر ينير ما حولها ، شدهت وانقلب بصري حديدا ، فكانت سرتها تتسع وتكبر فى دوائر بلا حدود ، كمياه البحيرة عندما تقذف بالأحجار ، لو مددت يدى لأمسكت بسرتها فقد كادت أن تنفصل عن بطنها ، تهتز ببطء وترتعش بلذة ، تعلو وتهبط مع نفسها .
ضاقت المسافة بيننا ، فانبعثت من سرتها رائحة هى مزيج من الريحان والياسمين . وفى لحظة لن أنساها ،كنت على وشك القبض عليها ، قفزت من المياه ، جريت وراءها بجنون ، سقطت بجوار شجرة زيتون ، قبل وقوعي عليها ، انتفضت وعدت بعيدا ثم اختفت خلف جبل الشلالات الذى تحول الى طوفان حجب كل شىء . يئست من ملاحقتها . فى طريق عودتي رأيت سرتها العجيبة مطبوعة على الأرض بجوار جذع شجرة الزيتون .. على مدى الأيام حاولت أن أنسى تلك الليلة وفشلت . أصبحت أسير فى الشوارع ، ... حالما ، تائها ، باحثا عن شىء مجهول وغامض . المرأة صاحبة السرة الأسطورية طارت بعيدا ، ولا شفاء لى من سحرها المميت .
- الإعصار اقتلعني يا رفيق .
- أي إعصار خيبك الله !؟
- المرأة صاحبة السرة الجهنمية التى تنادينى فى صحوى ومنامى .
- لا شىء يصلح معك ، أذهب وأبحث عنها .
....... ينبغى أن أجدك يا معشوقتى ، كى لا تمر حياتى سدى ، سرتك حطمت حياتى وأجبرتنى على الفرار صوب البرارى والغابات والصحراوات النائية .
عدت الى فيلكسيا . على التلتاوى عند الطاحونة المهجورة ، التى كانت يوما ملكا لجدي ، صوت التلتاوى وهو يغنى مواله يوحى بفقدانه كنزا ثمينا " يا بوسرة فنجان ، يا آتل ولاد الجان ، عسكر وسجان ، وهجموا بالسلاح بره ".
- أحكى عن سر الموال ده فورا .
- موال عادى !
- لأ مش عادى لازم أعرف حكايته .
.... أخذني من يدى ، جلسنا على حافة جدول صغير يتفرع من بحر الطاحونة وحكى .... شوف يا بنى ، أيام النشفة لما الميه بتجف من بحر البلد باخد قربتى وأملاها من المكان البعيد ده وأفضيها فى بيوت الناس الكبار حسب الطلب . فى يوم طلبت واحدة منهم قربة ميه ، وخلى بالك نسوان الكبار دول أسرار وبيرهم غويط ، خش يا عم تلتاوى فدخلت .
أدخلتنى فى أبعد وأعتم مكان فى البيت ، وعلى طول رفعت فستانها ، فرأيت سرة كقعر الفنجان ، قالت : لا كده لقول لجوزى .. توكلت على الله وأفرغت إبريقى فى قلتها ... وبالطبع لم أسألها عن أسمها أو مكانها ، فلا تشبه من تعشقت ... هذا الوسواس وذلك الذهول لن يزايلانى حتى أعثر على امرأتي ، سرتى ، طاقة ريحاني ....
عرق غزير يتسرب من ثنايا جسمى ، عرق الخوف واللاجدوى من المحاولة . هذه الغمامة السوداء الكثيفة التى حطت على عالمى بعناد لا يبارى ، سأمزقها ببحثى الدءوب ، لا تحبطنى سخرية الأصدقاء ، ولا يفزعنى فشل رحلاتى الواحدة تلو الأخرى ، سأفتش فى المدن الصغيرة والكبيرة ، فى القرى والنجوع والكفور ، فى الجبال والهضاب والسهول ، بين طبقات الأرض وفى الآبار وصفحات الكتب والسجلات والدفاتر والمخطوطات وكتب السحر وسير الأحبة القدامى ، فى أجساد النساء والبنات وموديلات الرسامين والنحاتين وعوالم شياطين الأرض والسماء .
وأنا أسير بين المقابر ، حالما وغامضا بسرى ، رأيت ثلاث فتيات ، يبكين عند قبر ، تجاوزتهن . عرفت بعد ذلك بمجيئهن كل خميس للبكاء على قبر أبيهن المحبوب . الرجل وبناته بيتهم كان فى سرة الوادى ، ودائما ما يضرب بالرجل المثل فى حبه وحنوه . جدتى العجوز الماكرة ، التى تزوجت ثلاث مرات بعد جدى ، قالت عند سؤالى عنه " رحمة الله ، كان لا يقبل بنت من بناته إلا فى سرتها " ... هكذا إذن ، سا مكث بين بيتهم والمقابر ، لعل إحداهن تكون كمعشوقتى . شأت الأقدار الرحمة بى ؛ فى اليوم الثانى ، كن فى مواجهتي ، تفرست فيهن بشغف ، بيض بحمرة خفيفة ، جسم طويل ممتلئ ، والسرة ، هى هى عند الثلاث ، تماما كقعر الفنجان ، كاملة الاستدارة ولا سرة قمرى .
.... توقى ولهيبى لحياة حافلة بالمسرة والرياحين لا يخمد ، وسعية للوصول لمنبتها السرى لن يفتر ، وضمى لهاضم المستهام أراه فى حلمى ويقظتى الحالمة .
حدثت الشيخ الشهوى المعروف بنهمه الجنسى وشذوذه مع نسائه الذى أودى بحياة اثنتين منهم ، فقال لى : لو رأيت هذه المرأة أتني بها أو أرسل لى فى الحال ، وسأتلو بعض الأيات التى تثبتها فى مكانها ، فسرة كما وصفت لا أن تحتها طاقة من الجنة .
لأنسى ما أنا فيه من الهم والكرب ، تجولت فى قصر المسافر خانة . بين أصدقائي من الرسامين ، أكثر البشر تدلها بالجسد الأنثوي ، يرسمون نساء عاريات ، كالجنيات والملائكة فى الحكايات والأساطير القديمة ، مع ذلك لا تجد أحدا منهم يهتم برسم السرة ، وإذا رسمها ، يضع دائرة صغيرة فارغة أو نقطة فى منتصف البطن ؛ لذا أصبحت لا أهتم بهم كثيرا . فى زيارتي هذه وفجأة وجدت فنانا يرسم راقصة ،تمهلت عنده فقد شرع فى رسم السرة . كنت خلفه وهو مع الراقصة .
- عندما أشاهد راقصة أجدها تغطى سرتها مع أن جسمها أغلبه عريان ، لماذا ؟
... بهت من سؤالى ، فسقطت ريشته على الأرض .
- لا اعرف على وجه التحديد لقد سمعت أن كاتبا كبيرا طلب أن تغطى الراقصة تلك المنطقة .
- أين هو لأقتله !؟
- مات .
أرغقت نفسى فى جوف مكتبة صديقى محمود ابن الشيخ الشهوى . ومحمود من الولاد الحبيبة المعروفين فى فيلكسيا ، ولكنه لا ينتمى للأحبة القدامى ، الذين اذا أحبوا ماتو ا ، بل هو من القلائل فى بلدنا ، الذين اذا أحبوا ضاجعوا . جذب الكتاب المقدس وفتحه على نشيد الأنشاد ، " ألذ شىء فى الكتاب كله " . كما يقول ، أشار الى جملة بعينها فى الإصحاح السابع .." سرتك كأس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج " ابتسم وقال : حبيبتك تنتمى لهذا الصنف .. ولأول مرة أبتسم أنا أيضا ، " يا راجل هونها تهون ، امرأة كسائر النساء " .
- لك عندى حكاية يمكن تسرى عنك .
- إحكى .
وحكى أنه هو وبعض الشباب العاطلين ، كانوا يتلصصون ليلا على البيوت ويضعون آذانهم ملاصقة لجدران غرف النوم . حطوا رحالهم فى ليلة صيفية حارة عند بيت بغرفة واحدة ، شباكها مفتوح على زقاق معتم ، راوا رجلا يضع أيرة فى سرة امرأته . كانت تغمض عينيها وتشهق شهقة يسمعها المتلصصون " يا راجل بشويش طيب نزله شويه لتحت " .
... هذه المرأة التى أشرقت على فى يوم أغبر ، لماذا تحولت إلى كون هكذا ؟ .... طال وقوفي على شواطئ البحار الكبيرة ومجارى المياه الصغيرة ، علها تخرج لى كعروس البحر ، تسمرى أمام التماثيل الفرعونية ضرب به المثل ؛ فهم من نحتوا النساء عرايا بسررهن البارزة الغامضة كأنها منبع الحياة وبدء الكون ... لا ، لا ، لن أستمر هكذا يجب أن ينتهى كل هذا . سأخرج مخاوفى الى نور الشمس إن أمكن ، وأضرب بذاتى الصخور ، ربما تكون هناك بداية جديدة .
عم عارف الرجل الصوفى السائر الى الله وفى الله . هو من سيرجعنى الى صحوى وسرورى .. كأنه ينتظرنى ، ويعرف أنه قاربى الوحيد ، إنه هادىء ، ساكن الجنان ، قال : - كاشفا عن باطنى وسعيد بمجيىء إليه فى الختام –
- أهلا بك يا ولدى وشبيهى .
- سيدى لقد تعبت .
- أعرف ، لا تدهش ، فقد حدث لى ما جرى لك . فى يوم بعيد ، كنت وأمى نعيش وحيدين ، يومها دخلت على وأنا أقرأ ، قالت أنها ستنادينى بعد تجهيز طعام السحور ..... وفجأة رأيت أن حروف الكتاب تحولت لقطع من نور والغرفة كلها قطعة من قمر ، رفعت رأسى ونظرت ، فذهلت ، امراة بيضاء كاللبن ، تبزغ من الركن فى الجدار ، سرتها تفيض بضياء سر مدى ، هزنى ودعانى لسعادة أزلية ، ثم " عارف الأكل الجاهز " التفت بسرعة لأخبر أمى بقدومى كى لا تدخل ، وعندما رجعت برأسى إلى موضعها فى الجدار ، اختفت ، وساعتها بدأت رحلة شقائى إلى أن وصلت إلى الله .
- تعال معى يا بنى ، وأرجع إلى رشدك وإلا ..
- لا ، حكايتنا ليست واحدة ، وطريقنا مختلف .
ما شئت .
- تركته وصعدت لأعلى الوادى ، أراقب الشمس وهى تغوص فى السحاب على مهل . يبدو أن هذه الكلمات : العذاب ، الحيرة ، التشتت ، السقوط ، البحث عن شىء غامض ومجهول بمثابة علامات الطريق القادمة .
وتلك المرأة السرة ما دورها فى حكايتى ، أتكون هويتى المفقودة منذ الولادة ؟
دخلت مقهى جابر ، كان عدوش وحبشى يتكاذبان ، جاء الدور على عدوش ، قال : يوم عرس أبويا وأمى رقصت على حمار حصاوى سبعة أيام وسبع ليال أنجرح ضهر الحمار نصحنى أهل الخير بطحن نوى بلح نسيت نواية سليمة فى ضهر الحمار فنبتت وصارت نخلة جاء أولاد كثيرون ورموها بالطوب والزلط فصارت جزيرة صعدت إليها أنا وأبى وبذرنا فيها سمسم ثم غيرنا رأينا وجمعنا السمسم سمسماية ... سمسماية وبذرناها بطيخ البطيخ كبر أبويا جاب واحدة يشطرها بالسكين وقعت السكينة جوه البطيخة خلع أبويا هدومه ونزل يدور عليها بص شاف واحدة جميلة سرتها زى نور القمر نام معها خلف ولد خايب ساب الدنيا وراح ينجح فى مجتمع فاشل فسقط جوه قلعة فيها كتاب وفنانين سرقوا جزمته وتركوا القلعة له فاضية زرع شجرة كبيرة عشان الشجرة تظلل الدنيا الشجرة رمت ورق ناشف أصفر ، خد الورق وعمل بلاط يقف عليه وقعه البلاط فى نقرة النقرة قربته من السجن فى السجن كتب رسائل لناس مجهولة الناس دول عرفوا أنه بيدور عن أم ، حبيبة أنثى حاملة زيه ، وبعدين لقى نفسه مرمى عند الطاحونة القديمة التى كانت يوما ملكا لجده ... إلى متى هذه الهلوسات والشطحات يا كلب ؟
قم وأبحث عما تبحث عنه ، لن تحتاج إلى عكاز منذ الآن سأبدأ بحثى من النقطة الأولى ، هذه المرة سأحفر عميقا ، فلا عزاء لى عنها ، ولا بديل آخر ، البداية من هناك حيث تشرق الشمس ، سرتها مطبوعة على الأرض بجوار جذع شجرة الزيتون .
.
سرة امرأة[/SIZE]
....... لم يعرفوها ، ولم ير أحد منهم ما رأيت منها . طاقة الريحان التي نفذت من سرتها لبحيرتي الراكدة ، جعلت الاضطراب يسود الحياة ..
حكايتي بدأت معها فى آخر ليلة من السنة القمرية ، فى حقول الزيتون ، عندما تركت أبى وعماله خلفى وتعمقت لحدود جبل شلالات المياه . عندها ، صعقت وحدث لى ما فكك حياتى . امرأة عارية ، تستحم بمياه الشلالات ، سرتها قمر ينير ما حولها ، شدهت وانقلب بصري حديدا ، فكانت سرتها تتسع وتكبر فى دوائر بلا حدود ، كمياه البحيرة عندما تقذف بالأحجار ، لو مددت يدى لأمسكت بسرتها فقد كادت أن تنفصل عن بطنها ، تهتز ببطء وترتعش بلذة ، تعلو وتهبط مع نفسها .
ضاقت المسافة بيننا ، فانبعثت من سرتها رائحة هى مزيج من الريحان والياسمين . وفى لحظة لن أنساها ،كنت على وشك القبض عليها ، قفزت من المياه ، جريت وراءها بجنون ، سقطت بجوار شجرة زيتون ، قبل وقوعي عليها ، انتفضت وعدت بعيدا ثم اختفت خلف جبل الشلالات الذى تحول الى طوفان حجب كل شىء . يئست من ملاحقتها . فى طريق عودتي رأيت سرتها العجيبة مطبوعة على الأرض بجوار جذع شجرة الزيتون .. على مدى الأيام حاولت أن أنسى تلك الليلة وفشلت . أصبحت أسير فى الشوارع ، ... حالما ، تائها ، باحثا عن شىء مجهول وغامض . المرأة صاحبة السرة الأسطورية طارت بعيدا ، ولا شفاء لى من سحرها المميت .
- الإعصار اقتلعني يا رفيق .
- أي إعصار خيبك الله !؟
- المرأة صاحبة السرة الجهنمية التى تنادينى فى صحوى ومنامى .
- لا شىء يصلح معك ، أذهب وأبحث عنها .
....... ينبغى أن أجدك يا معشوقتى ، كى لا تمر حياتى سدى ، سرتك حطمت حياتى وأجبرتنى على الفرار صوب البرارى والغابات والصحراوات النائية .
عدت الى فيلكسيا . على التلتاوى عند الطاحونة المهجورة ، التى كانت يوما ملكا لجدي ، صوت التلتاوى وهو يغنى مواله يوحى بفقدانه كنزا ثمينا " يا بوسرة فنجان ، يا آتل ولاد الجان ، عسكر وسجان ، وهجموا بالسلاح بره ".
- أحكى عن سر الموال ده فورا .
- موال عادى !
- لأ مش عادى لازم أعرف حكايته .
.... أخذني من يدى ، جلسنا على حافة جدول صغير يتفرع من بحر الطاحونة وحكى .... شوف يا بنى ، أيام النشفة لما الميه بتجف من بحر البلد باخد قربتى وأملاها من المكان البعيد ده وأفضيها فى بيوت الناس الكبار حسب الطلب . فى يوم طلبت واحدة منهم قربة ميه ، وخلى بالك نسوان الكبار دول أسرار وبيرهم غويط ، خش يا عم تلتاوى فدخلت .
أدخلتنى فى أبعد وأعتم مكان فى البيت ، وعلى طول رفعت فستانها ، فرأيت سرة كقعر الفنجان ، قالت : لا كده لقول لجوزى .. توكلت على الله وأفرغت إبريقى فى قلتها ... وبالطبع لم أسألها عن أسمها أو مكانها ، فلا تشبه من تعشقت ... هذا الوسواس وذلك الذهول لن يزايلانى حتى أعثر على امرأتي ، سرتى ، طاقة ريحاني ....
عرق غزير يتسرب من ثنايا جسمى ، عرق الخوف واللاجدوى من المحاولة . هذه الغمامة السوداء الكثيفة التى حطت على عالمى بعناد لا يبارى ، سأمزقها ببحثى الدءوب ، لا تحبطنى سخرية الأصدقاء ، ولا يفزعنى فشل رحلاتى الواحدة تلو الأخرى ، سأفتش فى المدن الصغيرة والكبيرة ، فى القرى والنجوع والكفور ، فى الجبال والهضاب والسهول ، بين طبقات الأرض وفى الآبار وصفحات الكتب والسجلات والدفاتر والمخطوطات وكتب السحر وسير الأحبة القدامى ، فى أجساد النساء والبنات وموديلات الرسامين والنحاتين وعوالم شياطين الأرض والسماء .
وأنا أسير بين المقابر ، حالما وغامضا بسرى ، رأيت ثلاث فتيات ، يبكين عند قبر ، تجاوزتهن . عرفت بعد ذلك بمجيئهن كل خميس للبكاء على قبر أبيهن المحبوب . الرجل وبناته بيتهم كان فى سرة الوادى ، ودائما ما يضرب بالرجل المثل فى حبه وحنوه . جدتى العجوز الماكرة ، التى تزوجت ثلاث مرات بعد جدى ، قالت عند سؤالى عنه " رحمة الله ، كان لا يقبل بنت من بناته إلا فى سرتها " ... هكذا إذن ، سا مكث بين بيتهم والمقابر ، لعل إحداهن تكون كمعشوقتى . شأت الأقدار الرحمة بى ؛ فى اليوم الثانى ، كن فى مواجهتي ، تفرست فيهن بشغف ، بيض بحمرة خفيفة ، جسم طويل ممتلئ ، والسرة ، هى هى عند الثلاث ، تماما كقعر الفنجان ، كاملة الاستدارة ولا سرة قمرى .
.... توقى ولهيبى لحياة حافلة بالمسرة والرياحين لا يخمد ، وسعية للوصول لمنبتها السرى لن يفتر ، وضمى لهاضم المستهام أراه فى حلمى ويقظتى الحالمة .
حدثت الشيخ الشهوى المعروف بنهمه الجنسى وشذوذه مع نسائه الذى أودى بحياة اثنتين منهم ، فقال لى : لو رأيت هذه المرأة أتني بها أو أرسل لى فى الحال ، وسأتلو بعض الأيات التى تثبتها فى مكانها ، فسرة كما وصفت لا أن تحتها طاقة من الجنة .
لأنسى ما أنا فيه من الهم والكرب ، تجولت فى قصر المسافر خانة . بين أصدقائي من الرسامين ، أكثر البشر تدلها بالجسد الأنثوي ، يرسمون نساء عاريات ، كالجنيات والملائكة فى الحكايات والأساطير القديمة ، مع ذلك لا تجد أحدا منهم يهتم برسم السرة ، وإذا رسمها ، يضع دائرة صغيرة فارغة أو نقطة فى منتصف البطن ؛ لذا أصبحت لا أهتم بهم كثيرا . فى زيارتي هذه وفجأة وجدت فنانا يرسم راقصة ،تمهلت عنده فقد شرع فى رسم السرة . كنت خلفه وهو مع الراقصة .
- عندما أشاهد راقصة أجدها تغطى سرتها مع أن جسمها أغلبه عريان ، لماذا ؟
... بهت من سؤالى ، فسقطت ريشته على الأرض .
- لا اعرف على وجه التحديد لقد سمعت أن كاتبا كبيرا طلب أن تغطى الراقصة تلك المنطقة .
- أين هو لأقتله !؟
- مات .
أرغقت نفسى فى جوف مكتبة صديقى محمود ابن الشيخ الشهوى . ومحمود من الولاد الحبيبة المعروفين فى فيلكسيا ، ولكنه لا ينتمى للأحبة القدامى ، الذين اذا أحبوا ماتو ا ، بل هو من القلائل فى بلدنا ، الذين اذا أحبوا ضاجعوا . جذب الكتاب المقدس وفتحه على نشيد الأنشاد ، " ألذ شىء فى الكتاب كله " . كما يقول ، أشار الى جملة بعينها فى الإصحاح السابع .." سرتك كأس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج " ابتسم وقال : حبيبتك تنتمى لهذا الصنف .. ولأول مرة أبتسم أنا أيضا ، " يا راجل هونها تهون ، امرأة كسائر النساء " .
- لك عندى حكاية يمكن تسرى عنك .
- إحكى .
وحكى أنه هو وبعض الشباب العاطلين ، كانوا يتلصصون ليلا على البيوت ويضعون آذانهم ملاصقة لجدران غرف النوم . حطوا رحالهم فى ليلة صيفية حارة عند بيت بغرفة واحدة ، شباكها مفتوح على زقاق معتم ، راوا رجلا يضع أيرة فى سرة امرأته . كانت تغمض عينيها وتشهق شهقة يسمعها المتلصصون " يا راجل بشويش طيب نزله شويه لتحت " .
... هذه المرأة التى أشرقت على فى يوم أغبر ، لماذا تحولت إلى كون هكذا ؟ .... طال وقوفي على شواطئ البحار الكبيرة ومجارى المياه الصغيرة ، علها تخرج لى كعروس البحر ، تسمرى أمام التماثيل الفرعونية ضرب به المثل ؛ فهم من نحتوا النساء عرايا بسررهن البارزة الغامضة كأنها منبع الحياة وبدء الكون ... لا ، لا ، لن أستمر هكذا يجب أن ينتهى كل هذا . سأخرج مخاوفى الى نور الشمس إن أمكن ، وأضرب بذاتى الصخور ، ربما تكون هناك بداية جديدة .
عم عارف الرجل الصوفى السائر الى الله وفى الله . هو من سيرجعنى الى صحوى وسرورى .. كأنه ينتظرنى ، ويعرف أنه قاربى الوحيد ، إنه هادىء ، ساكن الجنان ، قال : - كاشفا عن باطنى وسعيد بمجيىء إليه فى الختام –
- أهلا بك يا ولدى وشبيهى .
- سيدى لقد تعبت .
- أعرف ، لا تدهش ، فقد حدث لى ما جرى لك . فى يوم بعيد ، كنت وأمى نعيش وحيدين ، يومها دخلت على وأنا أقرأ ، قالت أنها ستنادينى بعد تجهيز طعام السحور ..... وفجأة رأيت أن حروف الكتاب تحولت لقطع من نور والغرفة كلها قطعة من قمر ، رفعت رأسى ونظرت ، فذهلت ، امراة بيضاء كاللبن ، تبزغ من الركن فى الجدار ، سرتها تفيض بضياء سر مدى ، هزنى ودعانى لسعادة أزلية ، ثم " عارف الأكل الجاهز " التفت بسرعة لأخبر أمى بقدومى كى لا تدخل ، وعندما رجعت برأسى إلى موضعها فى الجدار ، اختفت ، وساعتها بدأت رحلة شقائى إلى أن وصلت إلى الله .
- تعال معى يا بنى ، وأرجع إلى رشدك وإلا ..
- لا ، حكايتنا ليست واحدة ، وطريقنا مختلف .
ما شئت .
- تركته وصعدت لأعلى الوادى ، أراقب الشمس وهى تغوص فى السحاب على مهل . يبدو أن هذه الكلمات : العذاب ، الحيرة ، التشتت ، السقوط ، البحث عن شىء غامض ومجهول بمثابة علامات الطريق القادمة .
وتلك المرأة السرة ما دورها فى حكايتى ، أتكون هويتى المفقودة منذ الولادة ؟
دخلت مقهى جابر ، كان عدوش وحبشى يتكاذبان ، جاء الدور على عدوش ، قال : يوم عرس أبويا وأمى رقصت على حمار حصاوى سبعة أيام وسبع ليال أنجرح ضهر الحمار نصحنى أهل الخير بطحن نوى بلح نسيت نواية سليمة فى ضهر الحمار فنبتت وصارت نخلة جاء أولاد كثيرون ورموها بالطوب والزلط فصارت جزيرة صعدت إليها أنا وأبى وبذرنا فيها سمسم ثم غيرنا رأينا وجمعنا السمسم سمسماية ... سمسماية وبذرناها بطيخ البطيخ كبر أبويا جاب واحدة يشطرها بالسكين وقعت السكينة جوه البطيخة خلع أبويا هدومه ونزل يدور عليها بص شاف واحدة جميلة سرتها زى نور القمر نام معها خلف ولد خايب ساب الدنيا وراح ينجح فى مجتمع فاشل فسقط جوه قلعة فيها كتاب وفنانين سرقوا جزمته وتركوا القلعة له فاضية زرع شجرة كبيرة عشان الشجرة تظلل الدنيا الشجرة رمت ورق ناشف أصفر ، خد الورق وعمل بلاط يقف عليه وقعه البلاط فى نقرة النقرة قربته من السجن فى السجن كتب رسائل لناس مجهولة الناس دول عرفوا أنه بيدور عن أم ، حبيبة أنثى حاملة زيه ، وبعدين لقى نفسه مرمى عند الطاحونة القديمة التى كانت يوما ملكا لجده ... إلى متى هذه الهلوسات والشطحات يا كلب ؟
قم وأبحث عما تبحث عنه ، لن تحتاج إلى عكاز منذ الآن سأبدأ بحثى من النقطة الأولى ، هذه المرة سأحفر عميقا ، فلا عزاء لى عنها ، ولا بديل آخر ، البداية من هناك حيث تشرق الشمس ، سرتها مطبوعة على الأرض بجوار جذع شجرة الزيتون .
صورة مفقودة
.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: