جبران الشداني
كاتب
تجد بعض النصوص المعاصرة أن الحديث عن فنون الإثارة الجنسية ووضعها في قالب أدبي متنوع بين قصة ورواية وقصيدة ... ونحو ذلك ، أمر متعلق بتجاوز المسكوت عنه في النصوص الإبداعية ، فضلا عن الرغبة في ولوج مساحات كتابية تكتنفها حُجُب عدة تبدأ مع الدين ولا تنتهي عند الأعراف ، وفي اقتحام ميدان النصوصية بما ألفته ـ زمناً ممتداً ـ خارج الذاكرة المكشوفة .
إن المتأمل في نماذج من نصوص الإثارة الجنسية التي يُطلق عليها أحياناً ( الكتابة الآيروتيكية ) أو الكتابات المنتمية إلى ميدان ( البونوغراف ) ، يجد ملحوظات عدة ، منها ما ينتمي للفن الكتابي نفسه بوصفه إبداعاً ، ومنها ما ينتمي إلى هذه الظاهرة بشكل عام بوصفها موضة جديدة في الخط البياني المتنامي عربياً ، وهو ليس بالضرورة خطاً ذا سمات إيجابية ، فالنماء في ظاهرة ما لا يشير مطلقاً إلى كونها ظاهرة تسير بشكل متزن دون تعرج في المنهج ، أو عوق في الأسلوب ، أو سطحية في المعنى .
تأخذ الرؤية النقدية لهذه الظاهرة ( الموضة ) جوانب تتعلق ـ كما نرى ـ بتوجهات نفسية بالدرجة الأولى متجهة نحو مسلكين قد لا يكونا متلازمين : الأول البحث عن الشهرة ، والثاني الكبت الشعوري والحرمان الذي يعانيه الناص .
ويضفي كلا المسلكين على النص رؤية تصطبغ بمعالجات انزياحية خارجة عن المألوف ، تقرب من الحصن الأخلاقي الذي تتمتع به كل منظومة فردية ، محاولة العزف على وتر الغرائز الدفينة ، ومثيرة في الوقت نفسه مجسات الشهوة المستعدة في الأوقات كلها للتأثر المباشر نظراً لطبيعة البنية الشعورية لدى الجسد .
وانطلاقاً من ذلك يجد القارئ نفسه أمام زخم من المعاني التي تدغدغ ما سُكِتَ عنه ، وتستنهض فيه الرغبة بالمتابعة والانجذاب نحو هذه النصوص ، دون مراعاة النتائج المتوخاة من الاستمرار في طريق هذه الخواطر والمحفزات التي قُدِمت بوصفها إبداعاً فنياً !! .
ويجد الناقد في نص الإثارة الجنسية انحيازاً واضحاً للمضمون على حساب الشكل ، وتوجهاً مباشراً نحو المعنى على حساب العناصر الفنية ، ويجد أن الجسد قد تحول مع هذه النصوص إلى أيقونة فقدت قدسيتها ، وغابت عنها دلالتها ، وتشرنقت بأسئلة الدهشة والمتعة والجرأة والاقتحام والتجاوز ، والإسهام ـ بشكل أو بآخر ـ بنزع أقنعة الفرد التي يرتديها أمام المجتمع ليظهر بوجه حقيقي عارٍ أمام نفسه في مواجهة المغريات .
إن محاولة هذه النصوص العربية من تمثيل الكتابة بالجسد أو بالكتابة حول فعاليات الجسد وعلاقته بالأجساد الأخرى ، وتصوير العلاقات بين الأفراد في حدود الجنس وحسب دون حدود فاصلة بينهم ، ودون مراعاة التوجهات الاجتماعية القاضية بحفظ خصوصية هذه العلاقات الإنسانية وسريتها ، واحترام خفائها وعدم إشاعتها ، هي محاولات لا تستقيم مع المسارات العربية والإسلامية في التلقي والاستقبال ، وتبقى ـ أي هذه المحاولات ـ أصواتاً لا تحمل صدى نظراً لمحاولتها سحب العلاقات الإنسانية التي تكتسب جمال الكون ، وتحفظ دورة الحياة فيه ، سحبها من الإطار المقدس المتزن في الأسرة الواحدة إلى الميدان المشاع من العلاقات المحرمة المتجاوزة لكل ( التابوات ) ، ولكل ما ألفته الإنسانية من نبل وودّ ومشاعر صادقة غير قاصرة على ممارسة جنسية جسدية تستغرق دقائق معدودة !! .
ويشير التحليل البنيوي لهذه النصوص إلى أن البؤرة التي تنطلق منها هي الجسد وما يتعلق به من ممارسات ، وما يرتبط به من فعاليات ونشاطات ، وأن الأنساق المتشكلة منها تتجه جميعاً إلى نُظُمٍ نمطية تتحدث عن التداخلات الشخصية ورؤية كل منها للأمر ، وفي ذلك التحليل ربط جوهري بين التحيز الكامل للمعنى المعلن عنه وبين النظام النصي المشكل ، وكأننا ـ وانطلاقاً من الرؤية السابقة ـ نرجع إلى عقود خلت من الرؤية التحليلية للإبداع النصي وتحديداً مع معطيات ( فرويد ) حول ربط الإبداع بالشهوة ، وحول كون ( اللبيدو ) عنصراً محفزاً لإطلاق الإبداع الفني والأدبي !! .
إن محاولة ربط الإبداع بالمحفز الجنسي وحسب ، هي قضية عفا عنها الزمن ، ولم تستقم مع التحليل النقدي المعاصر ـ النصي منه والسياقي ـ بتنوع مدارسه واتجاهاته ، لأن الإبداع وبشكل أساسي هو منظومة تشكل خبرات الناص وتلاقحها مع مجمل النشاطات والفعاليات المعيشة المتنوعة دون مكاشفات عينية مباشرة ، وليست قاصرة على جوانب نفسية محددة بعنصر الجنس وحسب .
يهدف النص الآيروتيكي ـ كما يصور أصحابه ـ إلى تقديم عنصر ( التثاقف ) للمجموع من خلال تجاوز المضمرات أولاً ، وتحويل هوامش أبنية السؤال إلى متون المعرفة التي يسعى الآخر إليها ثانياً ، وتنبني هذه العملية على مولد فكري ذي قصدية ، وأعني هنا تحديداً قصدية الاختراق ، الذي ينطلق من قاعدة ( تسويق المنتج الفكري ) القائمة على أساس وضعه في قالب فني ليكون أكثر قبولاً وتشويقاً وتأثيراً .
ويمكن القول إنّ نص الإثارة الجنسية ( النص الآيروتيكي ) قد تجاوز وبشكل واضح ظاهرة ( الأدب المكشوف ) التي عالجها النقاد خلال عقـود خلت من المسيرة النقدية ، إذ تناولت نصوص الأدب المكشوف الحديث عن فنون العلاقة مع الآخر بتلميح دون تصريح ، وبترميز دون تجريح ، دون اللجوء إلى الوصف الدقيق ، والحوار الشبقي المنفلت من سطوة الرقيب .
إن الباحث عن الإبداع لن يجد في بضاعة النص المثير للجنس ـ في الغالب ـ سوى حديث عن فنون التعري والتقرب جسدياً من الآخر ، وطرائق كسب المتعة واللذة ، وكيفيات تصريف النزوة ، وإشباع الشهوة ، وحديث عن الخبرات والممارسات الجنسية والشاذة التي عايشها أبطال الحدث ، فضلا عن الأوصاف المتعلقة بالأعضاء الذكرية والأنثوية التي تصل في بعض الأحيان إلى درجة من التشخيص الدقيق الذي يقودك إلى التقزز والاشمئزاز ، ولنا في هذا المقام شواهد من هذه النصوص العربية ( ثلاث روايات وسيرة ذاتية ) ، نتجنب التصريح بعنواناتها خشية التسويق المجاني لها .
والسؤال المطروح الآن : هل وصل النص الفني المنتمي إلى ميدان الأدب العربي الحديث إلى مرحلة الإدمان على البونوغراف في فضاء الكتابة ، أم أن هذه المحاولات لا يمكنها أن تشكل ظاهرة فنية يُشار إليها نقدياً ؟
إن الإجابة عن هذا التساؤل يكتنفها التأمل ... ، إذ بعد متابعة بعض الأعمال الإبداعية العربية ـ النثرية تحديداً ـ تبين لنا وجود عدد من النصوص التي تحمل هذا الطابع الكتابي ، وتتبنى هموم المعنى المتعلقة بمعاني الإثارة الجنسية فضلاً عن الشذوذية ، لا سيما وأن التجارب الأنثوية في هذا الإطار أكثر وضوحاً ونتاجاً وإفصاحاً من التجارب النصية الذكورية ، مع إيماننا النقدي بعدم وجود فاصل إبداعي بين ما يُسمى ( الكتابة الأنثوية ) و ( الكتابة الذكورية ) ، ولا يعدو الفرق بينهما ـ كما نرى ـ اختلافاً في التجارب والرؤى .
يُعدّ نص الإثارة الجنسية ظاهرة كتابية تستدعي الوقوف عندها وتحليل أسبابها ، وبيان طبيعتها ، لكنها مع ذلك لم تصل على مرحلة الشيوع الفني نظراً لانحسار هذا اللون في مقاهٍ أدبية ونوادٍ إلكترونية ، وبعض النصوص المنشورة هنا وهناك ، فضلاً عن أن الذائقة الأدبية الإبداعية عند جمهور التلقي ـ بشكل عام ـ ما زالت تتمتع بخاصية تنقيح هذه النصوص وعزلها عن أرشيف الذاكرة ، وإبعادها عن تلويث ما تمّ تحصيله من الإبداع الراقي والمثالي ذي الجلال والجمال .
لا شك إن للجسد ميولاً جنسية تتصف بالفوران والهيجان ، لكن في المقابل أيضاً .. للجسد حاجات ورغبات ومكونات لا يشكل الجنس منها سوى جزء من مجموعة أجزاء ، وإذا ما مُنِحت الميولُ محفزاتٍ للاشتغال فإنها ستعمل على تلوين كل فعاليات الجسد بالإثارة ، وستكون جزءاً مهيمناً على توجهات الفرد وسلوكياته ومنجزاته ، وليس ذلك وحسب ، بل ستسعى جاهدة نحو نقل الممارسة من الواقع الكتابي إلى الواقع العيني ، وهنا يقع المحظور !! .
ما نريد قوله : إن التعبير عن هذه الميول من خلال الكتابة الآيروتيكية يضفي ظلالاً على النصوص ، ويطلق غريزتها ، لتحقيق وظيفة التواصل مع المسكوت عنه عند المتلقي ، وقد يجر ذلك إلى تحقيق قصدية هذه النصوص في نشر الرذيلة والإباحية ، والقفز على حصون الدين والأعراف ، وتجاوز السُّنن المنظمة لسلوك الإنسانية ، وستحمل هذه النصوص جريرة الفُحش ، وخدش اتزان الفرد كلما توالت القراءات ، وتنوعت التأثيرات .
إن المتأمل في نماذج من نصوص الإثارة الجنسية التي يُطلق عليها أحياناً ( الكتابة الآيروتيكية ) أو الكتابات المنتمية إلى ميدان ( البونوغراف ) ، يجد ملحوظات عدة ، منها ما ينتمي للفن الكتابي نفسه بوصفه إبداعاً ، ومنها ما ينتمي إلى هذه الظاهرة بشكل عام بوصفها موضة جديدة في الخط البياني المتنامي عربياً ، وهو ليس بالضرورة خطاً ذا سمات إيجابية ، فالنماء في ظاهرة ما لا يشير مطلقاً إلى كونها ظاهرة تسير بشكل متزن دون تعرج في المنهج ، أو عوق في الأسلوب ، أو سطحية في المعنى .
تأخذ الرؤية النقدية لهذه الظاهرة ( الموضة ) جوانب تتعلق ـ كما نرى ـ بتوجهات نفسية بالدرجة الأولى متجهة نحو مسلكين قد لا يكونا متلازمين : الأول البحث عن الشهرة ، والثاني الكبت الشعوري والحرمان الذي يعانيه الناص .
ويضفي كلا المسلكين على النص رؤية تصطبغ بمعالجات انزياحية خارجة عن المألوف ، تقرب من الحصن الأخلاقي الذي تتمتع به كل منظومة فردية ، محاولة العزف على وتر الغرائز الدفينة ، ومثيرة في الوقت نفسه مجسات الشهوة المستعدة في الأوقات كلها للتأثر المباشر نظراً لطبيعة البنية الشعورية لدى الجسد .
وانطلاقاً من ذلك يجد القارئ نفسه أمام زخم من المعاني التي تدغدغ ما سُكِتَ عنه ، وتستنهض فيه الرغبة بالمتابعة والانجذاب نحو هذه النصوص ، دون مراعاة النتائج المتوخاة من الاستمرار في طريق هذه الخواطر والمحفزات التي قُدِمت بوصفها إبداعاً فنياً !! .
ويجد الناقد في نص الإثارة الجنسية انحيازاً واضحاً للمضمون على حساب الشكل ، وتوجهاً مباشراً نحو المعنى على حساب العناصر الفنية ، ويجد أن الجسد قد تحول مع هذه النصوص إلى أيقونة فقدت قدسيتها ، وغابت عنها دلالتها ، وتشرنقت بأسئلة الدهشة والمتعة والجرأة والاقتحام والتجاوز ، والإسهام ـ بشكل أو بآخر ـ بنزع أقنعة الفرد التي يرتديها أمام المجتمع ليظهر بوجه حقيقي عارٍ أمام نفسه في مواجهة المغريات .
إن محاولة هذه النصوص العربية من تمثيل الكتابة بالجسد أو بالكتابة حول فعاليات الجسد وعلاقته بالأجساد الأخرى ، وتصوير العلاقات بين الأفراد في حدود الجنس وحسب دون حدود فاصلة بينهم ، ودون مراعاة التوجهات الاجتماعية القاضية بحفظ خصوصية هذه العلاقات الإنسانية وسريتها ، واحترام خفائها وعدم إشاعتها ، هي محاولات لا تستقيم مع المسارات العربية والإسلامية في التلقي والاستقبال ، وتبقى ـ أي هذه المحاولات ـ أصواتاً لا تحمل صدى نظراً لمحاولتها سحب العلاقات الإنسانية التي تكتسب جمال الكون ، وتحفظ دورة الحياة فيه ، سحبها من الإطار المقدس المتزن في الأسرة الواحدة إلى الميدان المشاع من العلاقات المحرمة المتجاوزة لكل ( التابوات ) ، ولكل ما ألفته الإنسانية من نبل وودّ ومشاعر صادقة غير قاصرة على ممارسة جنسية جسدية تستغرق دقائق معدودة !! .
ويشير التحليل البنيوي لهذه النصوص إلى أن البؤرة التي تنطلق منها هي الجسد وما يتعلق به من ممارسات ، وما يرتبط به من فعاليات ونشاطات ، وأن الأنساق المتشكلة منها تتجه جميعاً إلى نُظُمٍ نمطية تتحدث عن التداخلات الشخصية ورؤية كل منها للأمر ، وفي ذلك التحليل ربط جوهري بين التحيز الكامل للمعنى المعلن عنه وبين النظام النصي المشكل ، وكأننا ـ وانطلاقاً من الرؤية السابقة ـ نرجع إلى عقود خلت من الرؤية التحليلية للإبداع النصي وتحديداً مع معطيات ( فرويد ) حول ربط الإبداع بالشهوة ، وحول كون ( اللبيدو ) عنصراً محفزاً لإطلاق الإبداع الفني والأدبي !! .
إن محاولة ربط الإبداع بالمحفز الجنسي وحسب ، هي قضية عفا عنها الزمن ، ولم تستقم مع التحليل النقدي المعاصر ـ النصي منه والسياقي ـ بتنوع مدارسه واتجاهاته ، لأن الإبداع وبشكل أساسي هو منظومة تشكل خبرات الناص وتلاقحها مع مجمل النشاطات والفعاليات المعيشة المتنوعة دون مكاشفات عينية مباشرة ، وليست قاصرة على جوانب نفسية محددة بعنصر الجنس وحسب .
يهدف النص الآيروتيكي ـ كما يصور أصحابه ـ إلى تقديم عنصر ( التثاقف ) للمجموع من خلال تجاوز المضمرات أولاً ، وتحويل هوامش أبنية السؤال إلى متون المعرفة التي يسعى الآخر إليها ثانياً ، وتنبني هذه العملية على مولد فكري ذي قصدية ، وأعني هنا تحديداً قصدية الاختراق ، الذي ينطلق من قاعدة ( تسويق المنتج الفكري ) القائمة على أساس وضعه في قالب فني ليكون أكثر قبولاً وتشويقاً وتأثيراً .
ويمكن القول إنّ نص الإثارة الجنسية ( النص الآيروتيكي ) قد تجاوز وبشكل واضح ظاهرة ( الأدب المكشوف ) التي عالجها النقاد خلال عقـود خلت من المسيرة النقدية ، إذ تناولت نصوص الأدب المكشوف الحديث عن فنون العلاقة مع الآخر بتلميح دون تصريح ، وبترميز دون تجريح ، دون اللجوء إلى الوصف الدقيق ، والحوار الشبقي المنفلت من سطوة الرقيب .
إن الباحث عن الإبداع لن يجد في بضاعة النص المثير للجنس ـ في الغالب ـ سوى حديث عن فنون التعري والتقرب جسدياً من الآخر ، وطرائق كسب المتعة واللذة ، وكيفيات تصريف النزوة ، وإشباع الشهوة ، وحديث عن الخبرات والممارسات الجنسية والشاذة التي عايشها أبطال الحدث ، فضلا عن الأوصاف المتعلقة بالأعضاء الذكرية والأنثوية التي تصل في بعض الأحيان إلى درجة من التشخيص الدقيق الذي يقودك إلى التقزز والاشمئزاز ، ولنا في هذا المقام شواهد من هذه النصوص العربية ( ثلاث روايات وسيرة ذاتية ) ، نتجنب التصريح بعنواناتها خشية التسويق المجاني لها .
والسؤال المطروح الآن : هل وصل النص الفني المنتمي إلى ميدان الأدب العربي الحديث إلى مرحلة الإدمان على البونوغراف في فضاء الكتابة ، أم أن هذه المحاولات لا يمكنها أن تشكل ظاهرة فنية يُشار إليها نقدياً ؟
إن الإجابة عن هذا التساؤل يكتنفها التأمل ... ، إذ بعد متابعة بعض الأعمال الإبداعية العربية ـ النثرية تحديداً ـ تبين لنا وجود عدد من النصوص التي تحمل هذا الطابع الكتابي ، وتتبنى هموم المعنى المتعلقة بمعاني الإثارة الجنسية فضلاً عن الشذوذية ، لا سيما وأن التجارب الأنثوية في هذا الإطار أكثر وضوحاً ونتاجاً وإفصاحاً من التجارب النصية الذكورية ، مع إيماننا النقدي بعدم وجود فاصل إبداعي بين ما يُسمى ( الكتابة الأنثوية ) و ( الكتابة الذكورية ) ، ولا يعدو الفرق بينهما ـ كما نرى ـ اختلافاً في التجارب والرؤى .
يُعدّ نص الإثارة الجنسية ظاهرة كتابية تستدعي الوقوف عندها وتحليل أسبابها ، وبيان طبيعتها ، لكنها مع ذلك لم تصل على مرحلة الشيوع الفني نظراً لانحسار هذا اللون في مقاهٍ أدبية ونوادٍ إلكترونية ، وبعض النصوص المنشورة هنا وهناك ، فضلاً عن أن الذائقة الأدبية الإبداعية عند جمهور التلقي ـ بشكل عام ـ ما زالت تتمتع بخاصية تنقيح هذه النصوص وعزلها عن أرشيف الذاكرة ، وإبعادها عن تلويث ما تمّ تحصيله من الإبداع الراقي والمثالي ذي الجلال والجمال .
لا شك إن للجسد ميولاً جنسية تتصف بالفوران والهيجان ، لكن في المقابل أيضاً .. للجسد حاجات ورغبات ومكونات لا يشكل الجنس منها سوى جزء من مجموعة أجزاء ، وإذا ما مُنِحت الميولُ محفزاتٍ للاشتغال فإنها ستعمل على تلوين كل فعاليات الجسد بالإثارة ، وستكون جزءاً مهيمناً على توجهات الفرد وسلوكياته ومنجزاته ، وليس ذلك وحسب ، بل ستسعى جاهدة نحو نقل الممارسة من الواقع الكتابي إلى الواقع العيني ، وهنا يقع المحظور !! .
ما نريد قوله : إن التعبير عن هذه الميول من خلال الكتابة الآيروتيكية يضفي ظلالاً على النصوص ، ويطلق غريزتها ، لتحقيق وظيفة التواصل مع المسكوت عنه عند المتلقي ، وقد يجر ذلك إلى تحقيق قصدية هذه النصوص في نشر الرذيلة والإباحية ، والقفز على حصون الدين والأعراف ، وتجاوز السُّنن المنظمة لسلوك الإنسانية ، وستحمل هذه النصوص جريرة الفُحش ، وخدش اتزان الفرد كلما توالت القراءات ، وتنوعت التأثيرات .