نقوس المهدي
كاتب
الملابس الداخلية السورية وهموم المرأة العربية منشورة اليوم على الملأ في كتاب أعدته كل من اللبنانية رنا سلام المقيمة في انكلترا، والصحافية مالو هالاسا المهتمة بثقافة الشرق الأوسط، بالتعاون مع عدد من المصورين والفنانين السوريين، وعارضات الأزياء، نذكر منهم: جيلبرت حاج، عمر معتم، ايمان ابراهيم، نور كيفوركيان. الكتاب يحمل عنوان «الحياة السرية للملابس الداخلية السورية» 179 صفحة مابين مقالات، قصائد، صور فوتوغرافية، ماركة سورية بامتياز. صدر الكتاب بالانكليزية في أيلول 2008 عن «كرونيكل بوكس». الكتاب توثيقي، يحمل شهادات نساء في أسواق الحميدية في الشام، والحمرا في بيروت. يقدم شهادات العامة والمثقفين وآراء أصحاب البزنس. المصممون ذكور في الغالب، الزبائن نساء ورجال من طبقات وثقافات متفاوتة.
قصص سورية عبر أثير كندا
قدّم المذيع المثقف الظريف الكندي ـ الباكستاني الأصل «جيان غوماشي» على أثير راديو «السي بي سي» الكندي الوطني، مفاجأة للشعب الكندي ولي كمستمعة مدمنة، حين استضاف في الاستوديو مؤلفة الكتاب وناقش معها بطلاقة تاريخ ومستقبل هذه الثياب المثيرة عربياً وعالمياً. الشعب الكندي القليل المعرفة سيتعرف على شيء مثير يخص الشرق وغرف نومه. لن تحضر سوريا اليوم في نشرة الأخبار والحوارات من خلال شخصية ماهر عرار الشهيرة وحكايات سجناء آخرين أقل شهرة من عرار، ما يزالون يحتلون حيزاً من أثير كندا وهم يتحدثون عن موضوعهم الشائك، عن زجهم في السجون السورية وتعذيبهم، وتورط الجهات الكندية والأميركية في القضية، غلطاً واشتباهاً.
(باختصار، تم ترحيل ماهر عرار السوري الأصل الكندي الجنسية، قسراً من أميركا إلى سوريا، والتهمة اشتباه في انتمائه للحركات الأصولية الإسلامية. ادخل السجن في سوريا. عاد الى كندا بضغط من الحكومة الكندية. أقام دعوة قضائية على الحكومة الكندية والاميركية وربحها. حصل على تعويض مادي ممتاز، وعلى اعتذار من قبل الحكومة الكندية..)
حين يسألني أحد من أي بلد أنت؟ أجيب: من سوريا، فيأتي رد الفعل مع رفع الحواجب قليلاً: من بلد (ماهر عرار)!. اسم ماهر عرار، المهندس السوري الكندي صار علماً في رأس المواطن الكندي لشدّ ما انشغل الإعلام بالموضوع على مدى سنوات.
لا، بل أنا من بلد سميرا ـ ميس، زنوبيا، كليوباترا، وغادة السمان. بل من بلد الملابس الداخلية الايروتيكية، بعد أن كانت القطنية منها في الصدارة دوماً. والآن سوف يعرف الشعب الكندي أن للسوريين شهرة عريقة في تصميم وتصدير الملابس الداخلية المثيرة جنسياً، وبحساسية تفوق الماركات الإيطالية والأميركية. دار «فيكتوريا سيكرت» للملابس الداخلية الأميركية ستفلس أمام عبقرية المصمم السوري. والمفارقة أن الشعب الذي هنا والذي يلبس «فيكتوريا سيكرت» شعب لا يكيل للتستر حرمة، فيما «الحريم» السوري والعربي الذي يستهلك الجزء الأكبر من هذه البضاعة الغالية الثمن، هو من الشق المحافظ، ومن الفئة التي تلبس العباءة والجلباب وغطاء الرأس.
هؤلاء الجاهلون بتاريخ العرب الجنسي العريق، أمامهم الآن فرصة اكتشاف ثورية الملابس الداخلية الأنثوية، قماشتها، مراحل تصميمها، موقف المرأة السورية العربية من لباسها الداخلي، أهمية الحياة الجنسية عند العرب، وتفاصيل أخرى تتعلق بحيوات من يشتري هذه السراويل، وفي أي عمر ومناسبة وأي الطبقات والفئات الاجتماعية تتلهف على هذه البضاعة.
في الكتاب صور تصاميم لإثارة الحواس ومتعة العين والنظر. والتكنولوجيا لها نصيب في هذا الإبداع. هناك لباس داخلي، وسوتيان يصدر ألحاناً إذا لمسه الحبيب، ولباس مثبت عليه «موبايل بلاستيكي» يصدر نغمات أيضاً. ولكن لم يقل الكتاب فيما إذا كان بعض هذه الملابس مبرمجاَ برنّات شبيهة بتلك التي تحدث عند النشوة الجنسية. وفيما إذا كان اللباس الداخلي يطلق إنذاراً إذا كانت صاحبته على غير استعداد للمداعبة.
بتصوري أن الغرب لن يتهمنا بالإرهاب بعد اليوم. ها هنا نحن نحب الجمال ونقدس الجنس ونبدع ثياباً داخلية شهية تؤكل كالفاكهة، تصدر روائح، مزينة بأوراق الشجر، الريش والمجوهرات.
سأحمل الكتاب معي أينما ذهبت لأحدث صدمة واستنارة في أدمغة هؤلاء الذين لم يكتشفوا نكهة الشرق بعد. سأتبختر به لأنه بالانكليزية ولن أحمل ـ مثلا ـ كتابا أعدته الروائية السورية سمر يزبك، عن أديبتنا الجميلة المتمردة غادة السمان. فكتاب من هذا النوع وبالعربية صعب أن يصل إلى القارئ الكندي منشغل بمصير الدب القطبي والفقمة واحتمال ذوبان جبال الجليد في الجوار. ووزارة الثقافة السورية لم تنشغل بعد بترجمة الأدب السوري وتقديمه هدية للعالم كي يتعرف على الصورة ـ الأصل والمتخيلة.
صورتنا مابين الشهرزاد وحرملك العصر:
سنقول تطوّرنا وانجزنا اختراقاً ثقافياً فنياً. صورة المرأة العربية الشهرزاد، نساء ألف ليلة وليلة، ومخلفات الاستشراق، ستحل محلها الآن امراة عصرية، هي امرأة الملابس الداخلية المثيرة الصارخة، والمضحكة، عدا عن أنها غالية الثمن بالنسبة للشارع السوري على الأقل. ولكأن الكتاب بطريقة ما يقدم صورة النساء السوريات والعربيات على أنهن مبرقعات. وخلف الحجاب والعباءة منشغلات بثيابهن الداخلية التي قد تصل إلى 30 طقما ملوناً تقتنيه المرأة في «جهاز العروس». لباس لكل يوم من أيام الشهر. كل لباس لا يقل عن 10-16-60 دولارا، هذا إذا علمنا أن كيلو لحم الغنم السوري قد يصل إلى 600 ليرة سورية، ولحم البقر بحوالي 400 ل.س.
هذه المصنوعات الصارخة الحميمة المصورة في الكتاب بالألوان، يجدها العابرون معلقة في أكشاك ومحلات سوق الحميدية الشهير في الشام، وشارع الحمرا في بيروت، وأيضاً في لندن. أقترحُ أن تفتتح المصممة اللبنانية فرعاً لمنتجاتها في منطقة الجزيرة السورية، لعل الشعب السرياني والكردي يأخذ فرصته من المتعة والمعرفة، ويكفّ عن الانقراض والهجرة إلى الداخل السوري والخارج المغري. فاللبنانيون نشطاء يكتبون بلغات عدة، ويثيرهم ماينتجه الأشقاء السوريون وما يفعلونه. وها هم ينشرون بالانكليزية، ملابس السوريين الداخلية «الأنثوية» وعلى حبال العالم الغربي، بغية نقل الحضارة والتنوير والتشجيع على السياحة والتجارة والتقارب الحميم بين الشعوب انطلاقاُ من الغرف السرية.
.
قصص سورية عبر أثير كندا
قدّم المذيع المثقف الظريف الكندي ـ الباكستاني الأصل «جيان غوماشي» على أثير راديو «السي بي سي» الكندي الوطني، مفاجأة للشعب الكندي ولي كمستمعة مدمنة، حين استضاف في الاستوديو مؤلفة الكتاب وناقش معها بطلاقة تاريخ ومستقبل هذه الثياب المثيرة عربياً وعالمياً. الشعب الكندي القليل المعرفة سيتعرف على شيء مثير يخص الشرق وغرف نومه. لن تحضر سوريا اليوم في نشرة الأخبار والحوارات من خلال شخصية ماهر عرار الشهيرة وحكايات سجناء آخرين أقل شهرة من عرار، ما يزالون يحتلون حيزاً من أثير كندا وهم يتحدثون عن موضوعهم الشائك، عن زجهم في السجون السورية وتعذيبهم، وتورط الجهات الكندية والأميركية في القضية، غلطاً واشتباهاً.
(باختصار، تم ترحيل ماهر عرار السوري الأصل الكندي الجنسية، قسراً من أميركا إلى سوريا، والتهمة اشتباه في انتمائه للحركات الأصولية الإسلامية. ادخل السجن في سوريا. عاد الى كندا بضغط من الحكومة الكندية. أقام دعوة قضائية على الحكومة الكندية والاميركية وربحها. حصل على تعويض مادي ممتاز، وعلى اعتذار من قبل الحكومة الكندية..)
حين يسألني أحد من أي بلد أنت؟ أجيب: من سوريا، فيأتي رد الفعل مع رفع الحواجب قليلاً: من بلد (ماهر عرار)!. اسم ماهر عرار، المهندس السوري الكندي صار علماً في رأس المواطن الكندي لشدّ ما انشغل الإعلام بالموضوع على مدى سنوات.
لا، بل أنا من بلد سميرا ـ ميس، زنوبيا، كليوباترا، وغادة السمان. بل من بلد الملابس الداخلية الايروتيكية، بعد أن كانت القطنية منها في الصدارة دوماً. والآن سوف يعرف الشعب الكندي أن للسوريين شهرة عريقة في تصميم وتصدير الملابس الداخلية المثيرة جنسياً، وبحساسية تفوق الماركات الإيطالية والأميركية. دار «فيكتوريا سيكرت» للملابس الداخلية الأميركية ستفلس أمام عبقرية المصمم السوري. والمفارقة أن الشعب الذي هنا والذي يلبس «فيكتوريا سيكرت» شعب لا يكيل للتستر حرمة، فيما «الحريم» السوري والعربي الذي يستهلك الجزء الأكبر من هذه البضاعة الغالية الثمن، هو من الشق المحافظ، ومن الفئة التي تلبس العباءة والجلباب وغطاء الرأس.
هؤلاء الجاهلون بتاريخ العرب الجنسي العريق، أمامهم الآن فرصة اكتشاف ثورية الملابس الداخلية الأنثوية، قماشتها، مراحل تصميمها، موقف المرأة السورية العربية من لباسها الداخلي، أهمية الحياة الجنسية عند العرب، وتفاصيل أخرى تتعلق بحيوات من يشتري هذه السراويل، وفي أي عمر ومناسبة وأي الطبقات والفئات الاجتماعية تتلهف على هذه البضاعة.
في الكتاب صور تصاميم لإثارة الحواس ومتعة العين والنظر. والتكنولوجيا لها نصيب في هذا الإبداع. هناك لباس داخلي، وسوتيان يصدر ألحاناً إذا لمسه الحبيب، ولباس مثبت عليه «موبايل بلاستيكي» يصدر نغمات أيضاً. ولكن لم يقل الكتاب فيما إذا كان بعض هذه الملابس مبرمجاَ برنّات شبيهة بتلك التي تحدث عند النشوة الجنسية. وفيما إذا كان اللباس الداخلي يطلق إنذاراً إذا كانت صاحبته على غير استعداد للمداعبة.
بتصوري أن الغرب لن يتهمنا بالإرهاب بعد اليوم. ها هنا نحن نحب الجمال ونقدس الجنس ونبدع ثياباً داخلية شهية تؤكل كالفاكهة، تصدر روائح، مزينة بأوراق الشجر، الريش والمجوهرات.
سأحمل الكتاب معي أينما ذهبت لأحدث صدمة واستنارة في أدمغة هؤلاء الذين لم يكتشفوا نكهة الشرق بعد. سأتبختر به لأنه بالانكليزية ولن أحمل ـ مثلا ـ كتابا أعدته الروائية السورية سمر يزبك، عن أديبتنا الجميلة المتمردة غادة السمان. فكتاب من هذا النوع وبالعربية صعب أن يصل إلى القارئ الكندي منشغل بمصير الدب القطبي والفقمة واحتمال ذوبان جبال الجليد في الجوار. ووزارة الثقافة السورية لم تنشغل بعد بترجمة الأدب السوري وتقديمه هدية للعالم كي يتعرف على الصورة ـ الأصل والمتخيلة.
صورتنا مابين الشهرزاد وحرملك العصر:
سنقول تطوّرنا وانجزنا اختراقاً ثقافياً فنياً. صورة المرأة العربية الشهرزاد، نساء ألف ليلة وليلة، ومخلفات الاستشراق، ستحل محلها الآن امراة عصرية، هي امرأة الملابس الداخلية المثيرة الصارخة، والمضحكة، عدا عن أنها غالية الثمن بالنسبة للشارع السوري على الأقل. ولكأن الكتاب بطريقة ما يقدم صورة النساء السوريات والعربيات على أنهن مبرقعات. وخلف الحجاب والعباءة منشغلات بثيابهن الداخلية التي قد تصل إلى 30 طقما ملوناً تقتنيه المرأة في «جهاز العروس». لباس لكل يوم من أيام الشهر. كل لباس لا يقل عن 10-16-60 دولارا، هذا إذا علمنا أن كيلو لحم الغنم السوري قد يصل إلى 600 ليرة سورية، ولحم البقر بحوالي 400 ل.س.
هذه المصنوعات الصارخة الحميمة المصورة في الكتاب بالألوان، يجدها العابرون معلقة في أكشاك ومحلات سوق الحميدية الشهير في الشام، وشارع الحمرا في بيروت، وأيضاً في لندن. أقترحُ أن تفتتح المصممة اللبنانية فرعاً لمنتجاتها في منطقة الجزيرة السورية، لعل الشعب السرياني والكردي يأخذ فرصته من المتعة والمعرفة، ويكفّ عن الانقراض والهجرة إلى الداخل السوري والخارج المغري. فاللبنانيون نشطاء يكتبون بلغات عدة، ويثيرهم ماينتجه الأشقاء السوريون وما يفعلونه. وها هم ينشرون بالانكليزية، ملابس السوريين الداخلية «الأنثوية» وعلى حبال العالم الغربي، بغية نقل الحضارة والتنوير والتشجيع على السياحة والتجارة والتقارب الحميم بين الشعوب انطلاقاُ من الغرف السرية.
.