نقوس المهدي
كاتب
الأحلام هي دائماً تعبير مُموّه ومتخفٍّ للرغبة. رغبة متعلّقة بالجنس أو بالجسد والأعضاء التناسلية. يتميّز بعضها بطابع إيروتيكي وجنسي واضح فيما يكون بعضها الآخر مبهماً وملتبساً يدور في محيط العائلة أو العمل ويخفي في طيّاته رسالة شهوانيّة وشبقيّة للغاية.
ثمة نوعان أساسيّان من الأحلام الإيروتيكيّة والجنسيّة: تلك التي نكون فيها لاعبين أو أسياداً أو مسيطرين، وتلك التي نكون فيها ألعوبة بيد الآخرين ومفعول بنا. هذه هي حقيقة ما تتمحور حوله الحياة الجنسيّة. أنا لا أجد في هذه الأحلام إلاّ رغبة شائعة لدينا جميعاً في التكامل بين السيطرة والخضوع: أن نكون الآخر من دون أن نبتعد عن ذاتنا، أن نتوصل من خلال متعتنا إلى فهم متعة الآخر. كما نجد فيها أيضاً رغبة في الإكتفاء الذاتي ومؤشراً على القوة غير المتزعزعة التي تواكبها.
نحن لا نكتفي بالحلم خلال الليل فحسب. لدينا خلال هذا الوقت نشاط جنسي فيزيولوجي يخرج عن سيطرتنا ويجب أن نميّزه عن الهذيان غير الواقعي. تقف وراء هذا الأمر تغيّرات هرمونية وخصوصاً إنخفاض مستوى الأدرينالين. ويؤدي فقدان السيطرة والإسترخاء العميق إلى حصول إنتصاب في القضيب عند الرجل وفي البظر عند المرأة، بمعدل أربع إلى خمس مرات وفق فترة النوم.
وهذا أمر آلي وميكانيكي للغاية ويحصل خلال فترة النوم العميق (sommeil profond paradoxal) ومن هنا الأحاسيس التي تنتاب المرأة في بعض الحالات عند الإستيقاظ في مناطق البظر والمهبل، وهي أحاسيس زاخرة بالمتعة وناجمة عن إنقباضات عضليّة حقيقيّة. ولدى الرجال، وفي حالة عدم ممارسة الجنس لفترة طويلة، يمكن أن يحصل قذف إرتكاسي وآلي كما يحدث عند إفراز الفائق في الحيوانات المنويّة. ونلاحظ عند بعض النساء حصول نشوة بالمستوى نفسه خلال النوم، سواء أكان ثمة إمتناع أو كبت، أم لا. رعشة حقيقية تستثير كل النظام الفيزيولوجي حتى عند اللواتي تؤكدن وتدعين عدم الإحساس مطلقاً بها في حالة اليقظة. كما لو أن الإنتباه الإدراكي والوعي هما اللذان يعطلان الآلية.
الأحلام الإيروتيكيّة مصدر إضطراب وإرباك. تضعنا في حالة أقل ما يقال عنها غير مناسبة وغير لائقة وغير مريحة، إذ نستيقظ غالباً قبل بلوغ النشوة ونبقى في حالة من الشبق والحيرة طيلة النهار. تراودنا تساؤلات كثيرة: لماذا هذا الشخص بالذات أو هذا المكان تحديداً؟ ولماذا بهذه الطريقة؟
إلاّ أنه يجب عدم الإكتفاء بظاهر الأمور. فالحلم يخفي في طيّاته الكثير الكثير؛ هو عالم إنتقالي وإستبدالي وتغييري وتحوّلي. فغالباً ما نكون أو لا نكون إلاّ شخصية الحلم التي نظن أننا عليها. في الحلم قد نكون ضحية إعتداء جنسي كما قد نكون المعتدين لأننا في الواقع (الحقيقة) نتوق إلى إجبار الآخر على ممارسة الجنس أو إقامة علاقة جنسيّة. ولكننا لا نسمح لنفسنا بتاتاً ولا حتى بمجرد التفكير ولو لثانية واحدة بالأمر. قد نحلم أيضاً بأننا نلعب دور المبادر(ة) القوي(ة) المسيطر(ة) ولكننا أيضاً الضحية المستسلمة لأننا نرغب من دون أن ندرك، في أن نسمح لنفسنا بأن نخاطر في عالم الإستسلام.
كذلك يجب ألاّ أن نثق في الرموز؛ فالخيار (الخضر) أو مرشّة الماء قد يكونان رمزاً مستتراً لقضيب الرجل ولكن الأمر ليس كذلك دائماً. السيف قد يكون أيضاً رمزاً للقضيب في حال كان لدينا ما يشغل بالنا على الصعيد الجنسي. ولكن الأمر يخفي في ثناياه أموراً أخرى وفقاً للمعاني المرتبطة لدينا بالحق والعدالة، أو بالقوة والعنف. فالأحلام تفتح أمامنا مجال البحث عن معنى ما، فهي باب واسع للتفسيرات والتأويلات... الكثيرة للغاية.
لا جدوى من كل ذلك؛ فالمهم ما يقوله الحالم عن حلمه. ما يكشفه هذا الحلم عمّا يسمح وما لا يسمح الحالم لنفسه به بخصوص موقفه من الحياة الجنسيّة. حتى لو تكررت مواضيع أحلامنا، ففي كل مرة، بحسب فرويد (Freud) والتحليل النفسي، له رأي مماثل: يكون المغزى منها مختلفاً ولا يمكن سوى لصاحب الحلم تفكيك شيفرة الحلم اللغز ومعضلته. فالحلم الذي يتمحور حول علاقة جنسيّة مع أشخاص في السلطة على سبيل المثال، يكشف عن طموح نسعى إليه لأنفسنا ولكننا نكبته في حياتنا اليومية. موقع الآخر ومنصبه هو ما نرغب فيهما، في واقع الأمر. أما في حالة الأحلام مع المشاهير، وغالباً ما يتكرر على مسمعي في عيادتي اسم جيمس بوند أو جورج كلوني، من رجال ونساء، فالسؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرحه الشخص المعني على نفسه هو ما تعنيه له هذه الشخصية وماذا يتبادر إلى ذهنه مباشرة عند التفكير فيها.
نساء عديدات تراودهن أحلام جنسيّة مثليّة. وهنا أيضاً لا يجب الإكتفاء بظاهر الأمور. فغالباً ما تعبّر الأحلام المثليّة عن رغبتنا في إكتشاف الذات. نحن دائماً نجسد جميع شخصيات الحلم. تلك المرأة التي نمارس الحب معها هي ليست سوى نحن. بُعدٌ معيّن من ذاتنا، أمر غريب أو إحتمال تراودنا شكوك حوله ونودّ سبر أغواره والإستفادة منه.
هذا السعي إلى خرق القواعد المتعارف عليها ليس سوى توق إلى استمتاع يحمل في طياته إشارة إلى الرغبة في التمرّد الجنسي ومخالفة الأعراف. غالباً ما يسبقنا الحلم بأشواط، إذ يكشف عن أمور لم نسمح لنفسنا بها حتى الآن، ولكننا لا نبعد عنها كثيراً. إذ أن مجرد وصولها إلى وعينا يعتبر بمثابة مؤشر إلى أن المقاومة والحواجز قد سقطت... في اللاوعي على الأقل. هذه الأحاسيس التي تنتابنا في الليل، وحتى النشوة لا يهم إذا كانت حقيقية أم لا، كونها تفتح أمامنا باب الإحتمالات. فهي بمثابة تصريح: نحن لسنا في أعماقنا على مستوى التعقيد والممانعة والمقاومة الذي نظن. وقد يكون ذلك أيضاً بمثابة تحذير مسبق أو إحساس داخلي يخبرنا بأننا أصبحنا جاهزين!
- الدكتور بيارو كرم -
المرشّة وجورج كلوني والمنامات الإيروتيكيّة
ثمة نوعان أساسيّان من الأحلام الإيروتيكيّة والجنسيّة: تلك التي نكون فيها لاعبين أو أسياداً أو مسيطرين، وتلك التي نكون فيها ألعوبة بيد الآخرين ومفعول بنا. هذه هي حقيقة ما تتمحور حوله الحياة الجنسيّة. أنا لا أجد في هذه الأحلام إلاّ رغبة شائعة لدينا جميعاً في التكامل بين السيطرة والخضوع: أن نكون الآخر من دون أن نبتعد عن ذاتنا، أن نتوصل من خلال متعتنا إلى فهم متعة الآخر. كما نجد فيها أيضاً رغبة في الإكتفاء الذاتي ومؤشراً على القوة غير المتزعزعة التي تواكبها.
نحن لا نكتفي بالحلم خلال الليل فحسب. لدينا خلال هذا الوقت نشاط جنسي فيزيولوجي يخرج عن سيطرتنا ويجب أن نميّزه عن الهذيان غير الواقعي. تقف وراء هذا الأمر تغيّرات هرمونية وخصوصاً إنخفاض مستوى الأدرينالين. ويؤدي فقدان السيطرة والإسترخاء العميق إلى حصول إنتصاب في القضيب عند الرجل وفي البظر عند المرأة، بمعدل أربع إلى خمس مرات وفق فترة النوم.
وهذا أمر آلي وميكانيكي للغاية ويحصل خلال فترة النوم العميق (sommeil profond paradoxal) ومن هنا الأحاسيس التي تنتاب المرأة في بعض الحالات عند الإستيقاظ في مناطق البظر والمهبل، وهي أحاسيس زاخرة بالمتعة وناجمة عن إنقباضات عضليّة حقيقيّة. ولدى الرجال، وفي حالة عدم ممارسة الجنس لفترة طويلة، يمكن أن يحصل قذف إرتكاسي وآلي كما يحدث عند إفراز الفائق في الحيوانات المنويّة. ونلاحظ عند بعض النساء حصول نشوة بالمستوى نفسه خلال النوم، سواء أكان ثمة إمتناع أو كبت، أم لا. رعشة حقيقية تستثير كل النظام الفيزيولوجي حتى عند اللواتي تؤكدن وتدعين عدم الإحساس مطلقاً بها في حالة اليقظة. كما لو أن الإنتباه الإدراكي والوعي هما اللذان يعطلان الآلية.
الأحلام الإيروتيكيّة مصدر إضطراب وإرباك. تضعنا في حالة أقل ما يقال عنها غير مناسبة وغير لائقة وغير مريحة، إذ نستيقظ غالباً قبل بلوغ النشوة ونبقى في حالة من الشبق والحيرة طيلة النهار. تراودنا تساؤلات كثيرة: لماذا هذا الشخص بالذات أو هذا المكان تحديداً؟ ولماذا بهذه الطريقة؟
إلاّ أنه يجب عدم الإكتفاء بظاهر الأمور. فالحلم يخفي في طيّاته الكثير الكثير؛ هو عالم إنتقالي وإستبدالي وتغييري وتحوّلي. فغالباً ما نكون أو لا نكون إلاّ شخصية الحلم التي نظن أننا عليها. في الحلم قد نكون ضحية إعتداء جنسي كما قد نكون المعتدين لأننا في الواقع (الحقيقة) نتوق إلى إجبار الآخر على ممارسة الجنس أو إقامة علاقة جنسيّة. ولكننا لا نسمح لنفسنا بتاتاً ولا حتى بمجرد التفكير ولو لثانية واحدة بالأمر. قد نحلم أيضاً بأننا نلعب دور المبادر(ة) القوي(ة) المسيطر(ة) ولكننا أيضاً الضحية المستسلمة لأننا نرغب من دون أن ندرك، في أن نسمح لنفسنا بأن نخاطر في عالم الإستسلام.
كذلك يجب ألاّ أن نثق في الرموز؛ فالخيار (الخضر) أو مرشّة الماء قد يكونان رمزاً مستتراً لقضيب الرجل ولكن الأمر ليس كذلك دائماً. السيف قد يكون أيضاً رمزاً للقضيب في حال كان لدينا ما يشغل بالنا على الصعيد الجنسي. ولكن الأمر يخفي في ثناياه أموراً أخرى وفقاً للمعاني المرتبطة لدينا بالحق والعدالة، أو بالقوة والعنف. فالأحلام تفتح أمامنا مجال البحث عن معنى ما، فهي باب واسع للتفسيرات والتأويلات... الكثيرة للغاية.
لا جدوى من كل ذلك؛ فالمهم ما يقوله الحالم عن حلمه. ما يكشفه هذا الحلم عمّا يسمح وما لا يسمح الحالم لنفسه به بخصوص موقفه من الحياة الجنسيّة. حتى لو تكررت مواضيع أحلامنا، ففي كل مرة، بحسب فرويد (Freud) والتحليل النفسي، له رأي مماثل: يكون المغزى منها مختلفاً ولا يمكن سوى لصاحب الحلم تفكيك شيفرة الحلم اللغز ومعضلته. فالحلم الذي يتمحور حول علاقة جنسيّة مع أشخاص في السلطة على سبيل المثال، يكشف عن طموح نسعى إليه لأنفسنا ولكننا نكبته في حياتنا اليومية. موقع الآخر ومنصبه هو ما نرغب فيهما، في واقع الأمر. أما في حالة الأحلام مع المشاهير، وغالباً ما يتكرر على مسمعي في عيادتي اسم جيمس بوند أو جورج كلوني، من رجال ونساء، فالسؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرحه الشخص المعني على نفسه هو ما تعنيه له هذه الشخصية وماذا يتبادر إلى ذهنه مباشرة عند التفكير فيها.
نساء عديدات تراودهن أحلام جنسيّة مثليّة. وهنا أيضاً لا يجب الإكتفاء بظاهر الأمور. فغالباً ما تعبّر الأحلام المثليّة عن رغبتنا في إكتشاف الذات. نحن دائماً نجسد جميع شخصيات الحلم. تلك المرأة التي نمارس الحب معها هي ليست سوى نحن. بُعدٌ معيّن من ذاتنا، أمر غريب أو إحتمال تراودنا شكوك حوله ونودّ سبر أغواره والإستفادة منه.
هذا السعي إلى خرق القواعد المتعارف عليها ليس سوى توق إلى استمتاع يحمل في طياته إشارة إلى الرغبة في التمرّد الجنسي ومخالفة الأعراف. غالباً ما يسبقنا الحلم بأشواط، إذ يكشف عن أمور لم نسمح لنفسنا بها حتى الآن، ولكننا لا نبعد عنها كثيراً. إذ أن مجرد وصولها إلى وعينا يعتبر بمثابة مؤشر إلى أن المقاومة والحواجز قد سقطت... في اللاوعي على الأقل. هذه الأحاسيس التي تنتابنا في الليل، وحتى النشوة لا يهم إذا كانت حقيقية أم لا، كونها تفتح أمامنا باب الإحتمالات. فهي بمثابة تصريح: نحن لسنا في أعماقنا على مستوى التعقيد والممانعة والمقاومة الذي نظن. وقد يكون ذلك أيضاً بمثابة تحذير مسبق أو إحساس داخلي يخبرنا بأننا أصبحنا جاهزين!
- الدكتور بيارو كرم -
المرشّة وجورج كلوني والمنامات الإيروتيكيّة