لغة الحمير
ومشيتُ يوماً وزهير بأرض الجن أيضاً نتقرَّى الفوائد ونعتمدُ أندية أهل الآداب منهم، إذ أشرفنا على قرارةٍ غناء، تفنرُّ عن بركة ماء، وفيها عانةٌ من حُمُر الجن وبغالهم، قد أصابها أولق فهي تصطكُّ بالحوافر، وتنفُخ من المناخر، وقد اشتدَّ ضُراطُها، وعلا شحيجها وهاقها. فلما بصرت بنا أجفلت...
مجلس أدب
وحضرتُ أنا أيضاً وزهيرٌ مجلساً من مجالسِ الجن، فتذاكرنا ما تعاورته الشعراْ من المعاني، ومن زاد فأحسن الأخذ، ومن قصر. فأنشد قول الأفوه بعضُ من حضر:
وترى الطّيرَ على آثارنا = رأي عينٍ ثقةً أن ستُمار
وأنشد آخر قول النابغة:
إذا ما غزوا بالجيش حلّق فوقهـم = عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصـائب...
فقال لي زهير: من تريد بعده؟ فقلت: ملْ بي إلى الخُطباء، فقد قضيتُ وَطَراً من الشعراء. فركضنا حيناً طاعنين في مطلع الشمس، ولقينا فارساً أسرّ إلى زهير، وانجزع عنا، فقال لي زهير: جُمعتْ لك خُطباء الجنّ بمَرْج دُهمان، وبيننا وبينهم فرسخان، فقد كُفيتُ العناء إليهم على انفرادهم. قلت: لم ذاك؟ قال...
شيطان امرئ القيس
تذاكرتُ يوماً مع زُهير بن نُميرٍ أخبار الخُطباء والشعُّراء، وما كان يألفُهُم من توابع والزوابع، وقلتُ: هل حيلةٌ في لقاء من اتفق منهم؟ قال: حتى أستأذن شيخنا. وطار عني ثم انصرف كلمحٍ بالبَصَر، وقد أُذن له، فقال: حُلَّ على متن الجَوادِ. فصرنا عليه؛ وسار بنا كالطائر يجتابُ الجوَّ...
لله أبا بكر ظنٌّ رميته فأصميتَ، وحَدسٌ أملته فما أشويت أبدَيتَ بهما وجه الجليّة، وكشفت إن غُرَّةِ الحقيقة، حين لمحت صاحبك الذي تكسّبته ورأيته قد أخذ بأطراف السّماء، فألف بين قمريها، ونظم فرقديها، فكلما رأى ثغراً سدَّه بسُهاها، أو لمَح خرقاً رمَّه بزُباناها، إلى غير ذلك. فقلت: كيف أوني الحُكم...