عادة أراهما في حوش البيت، الولد يكسوه الشعر الأسود يحبو مهللا، وامرأتي تصفق بيدها ضاحكة وصدرها العاري الممتلئ يبدو من فتحة الجلباب. الولد يطلق صيحة من حلقه، ويقذف بنفسه على كومة قش، يتمرغ مرة وأخرى، ثم ينهض مندفعا إليها.
الحوش مسقوف حتى منتصفه بالجريد والخيش، النصف الآخر - من ناحية البيت - ترك...
في كل مرة تذهب للقائه تأخذني معها، أسمع صوتها في الصالة تطلب من أمي أن أصحبها.
تضحك أمي وتسألها عمّا ستشتريه؟
تقول: خيط تريكو، أو صوف، أو متري قماش حرير لبلوزة.
وتسألها أمي: من أين ستشترين؟
وتقول: من العتبة، فالأسعار بها أرخص كثيراً.
أوضحت فيما بيننا أنها تقول العتبة لأنها الأبعد، مما يسمح...
وقف منصور وعائلته على شط البحيرة. وبجوارهم المركب الذي استأجروه. مياه البحيرة هادئة. والقمر بدر تنعكس أضواؤه على سطح البحيرة.
انطلق بهم المركب فارداً قلوعه. قال منصور لصاحب المركب:
الجزر كتيرة. لو لقينا واحدة شطّها ناعم. من غير صخور؟
ليه؟
الصخور تقطع شبك الصيد.
وبعد ساعتين لمحوا جزيرة...
محمد البساطي
(1937 - 14 يوليو 2012 )،
أديب مصري.
محمد إبراهيم الدسوقي البساطي
ولد في بلدة الجمالية المطلة على بحيرة المنزلة بمحافظة الدقهلية. وحصل على بكالوريوس التجارة عام 1960.
عمل مديراً عاماً بالجهاز المركزي للمحاسبات، ورئيساً لتحرير سلسلة "أصوات" الأدبية التي تصدر في القاهرة عن الهيئة...
قلتُ أخرج أرى الناس.
شوارع القاهرة – على رغم أننا في ساعة مغرب – تكاد تكون خالية، يخيم عليها صمت ووجوم، كان رئيس البلاد أعلن قبل ساعات عدة في واحدة من مفاجآته الاستعراضية – وكان شغوفاً بها – رغبته في الذهاب إلى إسرائيل ليقنعهم هناك بنبذ الحروب والعيش في سلام، كلام جميل، ويمس القلب، ودماء الشهداء...
كانوا هناك وسط أشجار الكافور العالية، الأشجار كثيفة الظلال تأخذ شكل مثلث على ضفة النهر. لا بد أنهم جاءوا في الليل، فلم يرهم أحد عند مجيئهم. لا شيء يدل على وجودهم غير مدفع بعجلتين خارج الأشجار فوهته مسددة إلى أعلى، وجندين على صهوتي جوادين يغلقان الكوبري المؤدي للبلدة.
كان الصيادون العائدون في...
اندفع عدد من الرجال خارج بيوتهم. استندوا إلى الجدران الجانبية للبيوت، وأخذوا يتقيأون. أحصاهم رجل كان يمر مصادفة وتوقف، وجد عددهم يقترب من الثلاثين. صف طويل من البيوت على جانب الحارة، ونسوة يصرخن ويلطمن الوجوه. قال الرجل: هو السماد الكيماوي. سقطوا سهوًا على العيش أو أي طعام آخر. هز رأسه مؤكدًا ما...
ظهرت المرأة الشابة في أول الشارع. كانت تحمل طفلا علي صدرها. خطوتها غير متزنة، تتعثر مستندة إلي جدران البيوت الممتدة بطول الشارع.
اشفقت عليها امرأة جالسة علي عتبة بيتها. حين اقتربت قالت لها:
تعالي يا بنتي استريحي جنبي.
كتر خيرك. بس ما أقعدش علي العتبة.
ليه؟
حايشوفوني. جوه البيت يكون أحسن.
حملت...
وقتلوه أخيرا. أخرجوه من الزنزانة. مشي في طرقة ضيقة وثلاثة من الحراس وراءه. نزلوا درجات السلم الأربع وعبروا قاعة واسعة في نهايتها حجرة مضيئة بابها مفتوح, يجلس بها ثلاث من الرتب العسكرية الكبيرة حول منضدة بيضاوية. قال واحد منهم يبدو أنه رئيسهم.
سالم؟
أومأ صامتا.
ـ ماتعرفش طبعا طلبناك ليه...
أخرجوه من الزنزانة. مشى في طرقة ضيقة وثلاثة من الحراس وراءه. نزلوا درجات السلم الأربع وعبروا قاعة واسعة في نهايتها حجرة مضيئة بابها مفتوح, يجلس بها ثلاث من الرتب العسكرية الكبيرة حول منضدة بيضاوية. قال واحد منهم يبدو
أنه رئيسهم.
ـ سالم؟
أومأ صامتا.
ـ ماتعرفش طبعا طلبناك ليه.
ـ لأ.
ـ...
أمشي وراء الحارس في الطرقة الطويلة، على جانبها تصطف مكاتب إدارة المعتقل. أرض الطرقة من خشب قديم، نحل كثيراً من الوسط، وصريره الحاد يرتفع تحت أقدامنا، تتناثر به فجوات مرقعة بقطع من الصاج الصدئ. للمعتقل مبنى مستقل يفصله عن بقية السجن حاجز من الأعمدة الحديد الطويلة مغطاة بشبكة من السلك، نرى من...