أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح. يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام أحد المتصفحات البديلة.
ابراهيم عطية
الميلاد
Jun 21, 1966
(العمر: 58)
نموذج من كتاباتك
سبت النور
إبراهيم عطية
موقف نـور
أوقفني في نور وقال لي لا أقبضه ولا أبسطه ولا أطويه ولا أنشره ولا أخفيه ولا أظهره ، وقال يا نور أنقبض وانبسط وانطو وانتشر واخف واظهر ، فانقبض وانبسط وانطوي وانتشر وخفي وظهر ، ورأيت حقيقة لا أقبض وحقيقة يا نور انقبض ..
وقال لي ليس أعطيك أكثر من هذه العبارة ، فانصرفت فرأيت طلب رضاه معصيته ، فقال لي أطعني فإذا أطعتني فما أطعتني ولا أطاعني أحد ، فرأيت الوحدانية الحقيقية والقدرة الحقيقية ، فقال غض عن هذا كله وانظر إليك وإذا نظرت إليك لم أرض وأنا اغفر ولا أبالي .
محمد بن عبد الجبار " النفري "
المواقف والمخاطبات
في البدء خلق الله السموات والأرض . وكانت خربة وخالية وعلى الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياة ، وقال الله ليكن نور فكان نور، ورأي الله النور أنه حسن ، وفضل الله النور بين النور والظلمة ، ودعا الله النور نهارا والظلمة دعاها ليلا وكان مساء وكان صباح يوما واحد"
( سفر التكوين – الأصاح الأول)
أبو النـور
نـورٌ
بــدا
في السماء ،
فـانكشـفت
رؤى الأشـيـاء ،
هامت الأرواح في البرية ،
واستيقظت مخلوقات الله ،
تسـعـي في الأرض ،
اتصلـت الـروح بالـروح ،
تعانقت مئذنة الجامع بقبة الدير ،
وابيض وجه الشمس في المشرق ،
سطـع الـنـور في العـيـون .
تدفقت أسراب الطير من زرقة السماء منتعشة بالحياة ....
وفي يوم السبت أستقر النور وعصفت الريح بزعابيب رياح الخماسين ، وجاء برمهات بخيرات الحقول ، حلبة خضراء ، وخس ، وفول ، وملانة ، وهب النسيم استعدادا لشم النسيم ، فاهتز جريد النخيل وأثمرت أشجار التوت ، والجميز، وتناثرت زهور المانجو والليمون تحت سور الجنينة على الطريق وفاح عطرها مع دفء نسمات الربيع المنعشة ، سرت رعشة الوحشة والتوحد في عروقي ، مددت يدي للنور فتوضأت ، تطهرت أعضائي، من رجس الخوف ، حلقت الروح وهامت في البرية ، ولما بلغت مجمع النورين عند السدرة في السموات السبع ، صُعِقتُ ، اعتراني فحيح الرجفة ، انسكبت روحي في هواء النفخة ، طارت أجنحتي في فضاء الكون الممتد ، فعرجت واستقر الجسد في حض أمنا مريم البتول الواقفة فوق القبة ، توزع بركاتها على زائرين الدير ، رضعت من نور الصبح الخارج من رحم الظلمة ، واكتسيت بعباءة جدي محتضنا حرير الشوق لجنة الخلد وبنات الحور ، ارتويتُ من نهر الكوثر ، وتطيبتُ برائحة المسك ، وبخور الشمع الموقد في حضرة صاحب المقام ، يا لروعة النظرة ، ورهبة الموقف ، ولذة وجهك النوراني يا سيدي ، نبضاتي تنسكب فوق سجادة الرؤيا ، حنيناً إليك ، يا واحد ، يا صمد ، يا قيوم ، برحمتك استجير ، من لي سواك في الوجود استعين به ، هبني منك كرامة ، ترفق بي وكفاني شعوري بالذنب في حضرتك ، بك اهتديت ، عفوك مسحة من نور محياك ، يا غافر الذنب ، أغفر لعبد يسعى لرضاك .. اغتسل الظلام بضوء النهار ، انكشفت غمامة العتمة ، تساقط رذاذ النور من شرفة الضريح ، وتزين القبر بخضار كسوة الحرير ، وعمامة بياض القمر .
القناديل صبت نور البشارة في روضة الحبيب ، بريق النحاس المذهب يتلألأ بآيات الذكر الحكيم ، من نوره شرب المضل فاهتدي ، تيقظت مرايا الوجد حنيناً منك إليك ، قراءتُ ... .. " اللهُ نُورُ السَّمواتِ والأرضِ مَثَلُ نُورِهِ كمِشكاةٍ فيها مِصْبَاحٌ ، المِصْبَاحُ في زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَة كأنها كوكبٌ دريٌّ يوقدُ من شجرةٍ مُّباركةٍ زَيتوُنةٍ لا شرقَّيةٍ ولاغَربَّيةٍ يَكادُ زيتُها يُضئُ ولو لم تمسسهُ نارٌ نورٌ على نُور يهدى اللهُ لنورهِ من يشاءُ ويضربُ اللهُ الأمثالَ للنَّاسِ واللهُ بكُلِ شئٍ عليمٌ" ...
اكتست نفسي بالضياء ، فخرج جدي من خلوته إيذانا ببدء مراسم المولد ، هلل الحاضرون وتنفسوا نسيم السكون من بهجة الضوء ، تجلي النور جلابيبٌ بيضاء تكسوا أركان الحجرة ، تقاربت الأرواح ، واغرورقت عيون السرور بدهشة البكاء وروعة اللقاء ... ..
تبارك الذي أوحي لعبده أحسن القصص ،
حلت حكمته في بهاء محبته ،
وأنار مفاتح الغيب ، بمنح علمه للإنسان .
علمه ما لم يعلم غيره.. وقال أقرأ. ، وفُتحَ الكتاب ، قَرَأتُ في تاريخ شجرة العائلة ما دونه الأجداد من سير عرفناها ، وسير ما ولانا عنها سوي انشغالنا بأمور الحياة ، لكن يبقي لحديث الجد روعة قصهِ وعذوبة صوتهِ ، ولما بلغ معه الحكي مداه ، ظهرت قدرته على المناجاة ، فجلسنا حوله نرجو المولي الكريم أن يسدد مسعاه ، ويحقق رجاه ... ..
" نزل “عدي بن زيد بن ضرار الأسدي "وعشيرته إلى تلك القرية التي عرفت بـ" الإسدية "في أعقاب فتح عمرو بن العاص مصر ، بعدما استتب حكم البلاد للعرب ، وبدأت القبائل العربية النزوح إلى مصر المحروسة ، وقد تناقل أخباره الرواه ، وذكر صفاته حين جاء إلى هذه البلدة ، كما ورد خبره في ) وفيات الأعيان ( لابن خلكان عند حديثه عن وفاة الأمير أسد الدين شيركوه عم صلاح الدين الأيوبي وأحد ضباط ملك الشام عماد الدين زنكي وحاكم مصر في عهد ولده نور الدين محمود .. والشيخ المحسوب يعرفه أهل المتصوفة ، باعتباره صحابيا جليلا ، ومواقفه وبطولاته أثناء حروب الردة أيام الخليفة أبو بكر الصديق خير دليل ، دونها الأجداد في كتاب شجرة العائلة .. " أن عدي بن زيد كان في نحو الخامسة والأربعين من عمره في وقت نزوله القرية . وكان طويل القامة ، قوي البنية ، معود الجسم قادرا على احتمال المشقة ، مرن الأعضاء ساعده ذلك في أبراز أفانين الفروسية والضرب بالسيف ، عريض الصدر ، بعيدا ما بين المنكبين ، له عينان سوداوان ، ثاقبتان ، سريعتا التأثر سواءٌ أكان في حال الغضب أم في حال السرور ، فوقهما حاجبان غزيران ، ذو فم واسع ، وجهه ينم عن القوة في غير شدة ، تلوح عليه لائحة البشر والأنس ، لحيته مخضبة بالسواد ، سريع البديهة ، فصيح اللسان ، عرف بطول خطبه وبلاغتها ، ذو خيال خصب ، اجتمعت فيه صفات المحارب والشاعر وجواب الآفاق ، والرجل الصالح ، واضح الباطن والظاهر ، نبيل المقاصد والفعال ، وكان محببا مؤلفا ، يملك قلوب الناس ، يستهوي أفئدتهم ، شأنه في ذلك شأن عظماء الرجال الذين يخلب حبهم قلوب العباد ، أتخذ من أهلها أنصارا وأعوانا ، عرض عليهم الإسلام أو الجزية ، فاعتنقه البعض رغبة منهم وقناعة فيه ، لكونه دين سماحه ومحبة ، ألف بين البشر جميعا ، وساوي بين الناس ، حررهم من بطش وجبروت عسكر الروم ، وبقي من بقي على دينه من الأقباط ، ولم يأخذ شيئا من أموال الدير ، ولما استعان بهم أعانوه على تعلم فنون الزراعة بالإضافة إلى خبراته القديمة بالرعي والتجارة ، عرف زراعة الخضروات من بامية وملوخية ولفت وفلفل وخيار ، وبصل وثوم ، وعدس وأرز ، وغيرها من المحاصيل الزراعية ، وصاهر أهلها من البسطاء الذين اطمئنوا إليه ، فامتد نسله وقويت عصبته ، اتخذوه إماما يؤم الناس في صلاتهم ، يشاورونه في كل أمورهم الدنيوية ، ويستفتونه في الإسلام دينهم الجديد ، فيفتيهم ، حتى تبوأ منزلة عظيمة لدي أهل القرى والعزب المجاورة ، وخلصهم من ظلم الروم الذين غالوا في فرض الجزية والضرائب ، وشنوا الغارات على عُباد الصليب من المسيحيين المصريين ، انتهكوا العرض ، واستلبوا الأرض واشتد الكرب ، فاعتنق الإسلام من أعتنق .. وسادت روح المحبة والإخاء بين العرب وأهل مصر..
وورد من ذكره أنه إمام العارفين وأكابر الأولياء الواصلين ، وكان يوقد له قنديل علي رأسه إذا بات بمعبده يتهجد .. وإذا شب حريق في القرية ، يدخل النار فلا تضره ولا يتألم ، فيطفئها بمدد الله .
ولما وافته المنية ، صلوا عليه صلاة الجنازة في الجامع الكبير ، ولما حُمل إلي قبره بانت كراماته وظهرت أماراته ، طار النعش من أيدي الرجال .. حملته ملائكة النور ، وطارت حوله بنات الحور ، ترفرف فوقه حتى وصل إلي جهة المشرق من ديار القرية ، ولما حط في أرض جزيرة " الروضة " ، أقاموا له ضريحاً ، ومسجداً لأداء الصلاة ، بجوار دير الملاك الذي أقيم في مكان استراحة العائلة المقدسة أسفل شجرة الجميز العتيقة ، التى تؤتي أكلها كل حين ، وحوطوه بأشجارالنخيل ، وشجرة كافور يستظل بظلها المارة والغرباء ، حوله يقام سوقٌ للقرية في يوم السبت من كل أسبوع ، حيث يوجد مقام الضريح في حجرة مزينة نوافذها بخشب الأرابيسك والفوسيفساء يؤدي الناس فيها شعائر الزيارة ، يأتيه المريدون والدراويش لقراءة الفاتحة وتلاوة بعض آيات من القرآن الكريم على روحه الطاهرة ، على أعتابه يرددون الأوراد ..:
" قلوب العارفين لها عيونٌ تري ما لا يراه الناظرون .. إن الله وملائكتهُ يصلون على النبي ، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما .. " .. يرددون الصلاة على النبي بصوت منغم .. " اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم " .. يردد المحيطون بالضريح .." .. ألف صلاة وألف سلام عليك يا أول خلق الله وخاتم رسل الله .. " ، ويضعون الأيدي فوق الرؤوس أجلالاً وتعظيماً .
حج الناس إليه ، واتخذوا من مقامه مزاراً ، يلجأون إليه وقت الشدائد ، يشكون همومهم ، ويطلبون عونه ومساعدتهم ، أما النسوة فيطلبن الولد ، وقضاء الحوائج المستعصية عليهن ، بإشعال الشموع ، يوفين النذور على الأعتاب من " اناجر "الأرز باللبن ، والفت المُكلل بلحم الخراف والماعز ، أما الفقراء يقدمون الفول النابت أمام الضريح ، ويقام له مولد كبير في ساحة الجرن ، ينشد المنشدون فيه ، والشيوخ أناشيدَ وقصصاً دينية ، وساحة للذكر ، وساحة للسيرك والمراجيح وألعاب الحاوي ..
وجاء ذكره في خطط المقريزى قائلا ..: " كُني بالشيخ المحسوب لاحتسابه عند الله شهيداً ، رغم وفاته في فراش المرض الذي أصابه على أثر طعنة سيف أثناء مشاركته في معارك الفتح الإسلامي لبلاد الشام ، وتركت أثرها عليه ، له أتباع كثيرون منتشرون في سائر الأمصار ؛ حج إليه عدد من أولياء الله منهم سيدي السيد أحمد البدوي ، وسيدي إبراهيم الدسوقي ، وسيدي أبو العباس المرسى ، وسيدي أحمد الرفاعي وغيرهم ، ومن نسله الشيخ أبو النور الذي سكن إحدى العزب البعيدة وسميت باسمه بعد مماته .. هكذا سمعت جدي يحكي لأتباع الطريقة الذين جلسوا منتبهين لحديثة الشيق ، وتوحدت أرواحهم معه . ومن ذكر كراماته التي رواها أتباعه أنه كان رجلا مبروكا ، يعطي العهد ويقيس الأثر ، يعرف الظاهر والباطن ، ويفسر الأحلام ، ويربط بين المحبين ، وقيل عنه رجل من أهل الخطوة يصلي المغرب في سيدنا الحسين والفجر في مكة . .
ووصفه الأنبا بطرس ..أحد تلاميذ البطريرك بنيامين في مخطوطته أخبار العرب في فتح مصر والبلدان " بصفات " القديس مار جرجس " القائد الروماني الشجاع ، عندما جاءه أهل مصر في شهر بؤونة يستفتونه في أمر "عروس النيل" وقالوا أن للنيل سنة لا يجري فيها إلا بتقديم فتاة بكر مزدانة بالحلي والثياب ، فنهاهم عن ذلك ، وتصدي لتلك البدعة بحزم ، وكتب للنيل برسالة تحتوي على نص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الذي أرسله إلى قائده عمرو بن العاص في عام الجفاف ......
" بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله بن عبد الله الفقير إلي ربه ..
الغني بنعمته وكرمه ، إلى نيل مصر المبارك .
أما بعـد ..
فأن كنت تجري من قبلك فلا تجر .
وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك ،
فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك " .
أمر بإلقائها في النيل ، ففاض الماء ، وساد الرخاء ، وعمت على البلاد الخيرات ، وتغنوا بكرامته ، وامتدحوا صفاته ، وزغردت الأمهات لنجاة الفتيات ، بعدما قضي على تلك البدعة ، كذلك الحال مع القديس بطرس عندما ارتدي درع القتال الحديد ، والخوذة النحاس ، ممتطيا جواده ممسكا في يده حربة طويلة سددها إلى التنين المرعب الذي يسكن النهر وينفث اللهب من منخريه ، وكانوا اتقاءً لشره ، يقدمون له فتاة عذراء من سلالة الملوك ، تلقي في النهر ليأكلها التنين وهي حية ، واستمر الحال إلى أن امتنع أحد الملوك عن تقديم ابنته الوحيدة ، حيث لم يعد في الأسرة المالكة فتاة عذراء سواها ، وساد الخوف والفزع بعدما خرج التنين من النهر غاضبا ليدمر المملكة بأسرها ، مما جعل الملك يستجيب للقدر ، فأقيمت الطقوس استعدادا لتقديم الفتاة قربانا للتنين ، إلا أن " القديس مار جرجس " ظهر في البلاط الملكي في ذلك اليوم ، وتطوع لمنازلة التنين ، فنزل إلى النهر بدلا من الأميرة ، ودارت معركة شديدة ، استطاع القديس مار جرجس ذبح الوحش الرهيب ، المخيف ، ذو الرؤوس السبعة التي تنفخ بالنار .
وأنقذ الأميرة الواقفة خلفه في سكون ورهبة ، ترقب القتال بين الفارس والتنين ، وحبا في هذا القديس العظيم جسدوه وشما يدقه الأقباط على صدورهم عند الاحتفال بمولده .. وكذلك العامة من المصريين يدقون صورة الفارس العربي ، مشهراً سيفه راكباً فوق سبع قوي .
بينما هم يجلسون منجذبين لصوته الآخاذ ، اخترق صوت عبد الودود ابن ستيته الحديث الهامس ..:
العدرا ظهرت يا بلللللللللللد ...
ولما وصل معه الحكي مداه ، اغرورقت عيناه وتثاءب عدة مرات ، انتفض مستعيذاً بالله من الشيطان الرجيم ، وقال ناظراً إلي أتباعه ..:
" كفي لمن عفي اليوم ، نستكمل غدا .."
فانفضوا من حوله وتركوه للنوم بعد أن تمدد فوق سجادته متدثراً ببردته ... ..
***
عاد الإوز في صفوف متلاحقة مع الغروب يتبعه البط البكيني والبلدي ، بعد قضاء نهاره المعتاد بالسباحة والصيد في ماء الترعة ، يغدو خماصا ويعود بطانا وقد منحته من رزقها ، يتقدمهم الذكر العتقى نافشا ريشه ، يتباهي بقوته التي فرضها على أتباعه من ذكور الجيران في العلواية ، رأيته يلاحق الإوزات في مجاز الدار ويكبسهن وحده ، وراحت جدتي التي ربته تتباهي بنسله وطول رقبته البنية وريشه الرصاصي ومنقاره الأصفر الداكن تؤكد أصالة نوعه ، فربما كان أبوه عراقي ، وكم من المرات جاءت النسوة بإوزتهن لتكبسيهن حتى صار الصغار يشبهونه ، وإذا ما طلع نور الفجر بدأ بالصياح مناديا عليهم فيردون في تناغم متفق عليه فيما بينهم ، وإذا ما خرج من باب الدار هز جناحيه وصاح فيتدافع وراءه الأمهات والصغار والبط البلدي والبكينى الذي بح بمجرد رؤية نور الشمس علي عتبة الدار ، تتدافعت من دور الجيران الطيور في أسراب منتظمة متوجهة ناحية الترعة على طريق المعاهدة ، بدأت الأبواب المفتوحة تستقبل طيرها في ترحاب قبل عودة البهائم من الغيطان ، تجمعت البنات حول( سناء ) ووقفت (نوارة) بنت خالتي فتاين قبالتها ، مدت يديها وشبكت أصابعها في أصابع (سناء) الصغيرة ، التي تمنيت أن اشبك أصابعي في أصابعها ، تلك البنت التي كلما فتحت عينيها عادت روحي إلي جسدي ، نظرة متسعة ، محدقة ، أبدية ، وحور مشحون بالدفء ، إلا أن حيائي دائما يمنعني وخوفي من جدتي التي حذرتني كثيرا من عدم اللعب مع البنات ، وصاحت بعلو حسها في الفضاء .. غنت سناء مع ( نوارة ) وهن يلامسن أكفهن الصغيرة بعضهما البعض (مزقطتين ) في فرح وسرور..
لاعبيني وألعبك
لكسر صوابعك
صوابعك نونو نونو
هنا مقص وهنا مقص
هنا عرايس بتترص
ماما جابت لي إشرب حرير
نيمتني ع السرير
السرير طوح طوح
ما يخليش حد يروح
إلا جمال ومراته
والناس تحلف بحياته
وحياته تمر حنه
أخد حته واتحني
وارمي الباقي في الجنة
وادي الجنة وادي النار
وادي عذابكم يا كُفار
استمرت البنات في لعبتهن حتى ضربت صفارة الغارة إيذانا بإطفاء النور والاختباء في الدور التي يسكنها الخوف منذ جاء المهجرون من بلادهم البعيدة وسكنوا معنا في البيوت ، وأغرقنا سواد النكسة التي كسرت كرمتنا ، ولم نعد نتفاخر بقوتنا الزائفة ، واكتفي جمال عبد الناصر بالتنحي ، بعدما أوقعنا في خداع القوة أن سيحارب إسرائيل وما وراء إسرائيل ، وبتنا نرسم الأحلام الوردية في عيون الحسناوات الخضراء وشعورهن الحرير المذهب عند دخولنا تل أبيب وتحرير القدس .. خيم الحزن فوق رؤوس الأمهات المعصوبة بالطرح السوداء والعديد على فقد زينة شباب (الإسدية) الذين استشهدوا أثناء تأديتهم الخدمة العسكرية ، وابتلعت أجسادهم رمل سيناء التي احتلتها إسرائيل وبنت خط بارليف المنيع بطول القناة ..
***
اختلي جدي بنفسه يردد ورده المعتاد ليلا .. يا اجود من أعطى ، وأكرم من عفا ، وأعظم من غفر ، واوفى من وعد ، وأبصر من راقب ، وأسرع من حاسب ، وارحم من عاقب ، واحكم من شرع ، وأحق من عبد ، وأولى من دعي ، وأبر من أجاب .. اللهم أني أسالك في هذا الثلث الأخير من الليل ، اعز الأوقات عندك ، ان ترحم عبادك المستضعفين .. اللهم كن مع ثوار أرض الكنانة الذين يخرجون طلبا للعدل ، ودفاعا عن دينك القويم .. اللهم ارفع رايتهم ، ووحد صفهم ، واجمع كلمتهم ، وردهم إليك ردا جميلا ، واكبت عدوهم .. اللهم لا ابر بهم منك ، ولا ارحم بهم منك ، ولا ارأف بهم منك .. اللهم سدد خطاهم ، و شد أزرهم ، وقو عزيمتهم ، وانزل السكينة والطمأنينة على قلوبهم .. اللهم هم منك واليك ، فثبتهم ، واجعل الدائرة لهم لا عليهم ، والنصر حليفهم .. اللهم يا الجبار ، يا القهار ، اهلك الظالمين عن آخرهم ، وأعز الإسلام والمسلمين يا رحمن يا رحيم .. اللهم آمين يا رب العالمين ...
***
ولما كان جدي هو " الخليفة " للطريقة ، ظهر في الموكب فوق الفرس كأسد جسور في عباءته الحجازية التي اشتراها أثناء أداءه فريضة الحج ، تجلي النور من عمامته البيضاء ذات الذر الأحمر ، عن يمينه وشماله نائباه في الطريقة ، الشيخ "يونس" والشيخ
" يوسف " ومن وورائه رفعت الرايات السوداء والخضراء والحمراء منقوش عليها " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، ودق الطبلة النحاس المحمولة فوق الجمل والدفوف والدربكة والصاجات النحاسية ، وصفوف من أناس يرتدون ثياب عربية بيضاء ، رافعين السيوف التي تكسرت أشعة الشمس عليها ، إشارة لجنود الجيوش الإسلامية عند فتح مصر ، ومجموعة من الأطفال في جلابيب بيضاء بعدما تم طهارتهم ، تمايلت الرؤوس وتطاوحت الأبدان بذكر الله .. " الله .. الله .. الله .. حي "
علا صوت المنشد وحلق فوق هودج ..الكسوة الحرير الخضراء التي انشرحت القلوب لرؤيتها ...
" .. سبحان الله والحمد لله .. الله أكبر " ،
فاح البخور من المباخر ، اتصلت الأرواح بالروح القدس ، وحل نور الله في الوجوه المحمرة من حرارة الشمس التي غربت وتركت على الأرض نار موقده .. اتحدت شيوخ الطرق الرفاعية والشاذلية والأحمدية تحت راية واحده ، راية جدنا الكبير الشيخ " المحسوب " الذي يقام مولده مع نهاية موسم الحصيدة ، حيث تقام الزفة يوم الجمعة المباركة ليلة سبت النور من كل عام احتفالا بمولده الذي يواكب عيد القيامة المجيد ، وصل الموكب أمام الضريح ، فزغردت النسوة ، ووزع الشربات لري ريق العطشانين ، غيروا الكسوة القديمة بكسوة سيد الشهداء سيدنا الحسين بن الإمام على بن أبي طالب رضوان الله عليهما ، .. فاح عطر البخور.. ، وامتزج المسك بعرق جدي الجالس أمام المقام وحوله جمع كبير من الأتباع الذين انهالوا على يديه تقبيل ، يطلبون بركته ، وقعدوا علي السجاجيد يسبحون بمسابحهم الطويلة ، وفي الركن الأيمن من المقام جلس " حسانين الكومي " مروض الثعابين وأحد الرفاعية الذين يشهد لهم بقدرات جبارة في التعزيم ، يشعر بفحيح الحيات في الشقوق والخرابات ، عيناه تشعان بريقاً يزرع الخوف في قلب من ينظر إليه ، يمتد نسبه إلي عاشور الكومي ابن عم جدي ، زعردت النسوة ، وهلل الحاضرون وكبروا " مدد يا صاحب المدد .. " وأخذت الكسوة الحرير الخضراء القديمة لأحد اتباعه من الأولياء المقربين إليه .. وقعد على عتباته يجلس الدراويش والعميان ، والعرجان من ذوي العاهات يطلبون الصدقات ..!
جريت مع العيال في وسط الساحة الكبيرة وراء الشيخ " قناوي " أحد الدرويش الذين نراههم من العام إلي العام ، يمسك في يده جريدة مربوط في أخرها قطع من القماش الملونة بألوان الطرق الصوفية المختلفة ، كلما مشي خطوة ، وقف زاعقا منجذبا في الملكوت .. " الله حي .. مدد يا صاحب المدد " ..
ومع مضايقاتهم له ، أندس في قلب الزحام هرباً من الطوب الذي يرمونه به ، تركتهم ورحت أنظر لأكوام الحمص والحلاوة فوق " الفروشات ".. ابتلعت ريقي الذي جري على أقراص السودانية والحلاوة الشعر .
***
امتلأ المولد عن أخره في " الليلة الكبيرة " ، وأقيمت حلقة الذكر ، تمايلت الرؤوس بترديد الأوراد البهية بذكر خير البرية ..
الله حي .. الله حي ..
علا صوت المُنشد مصحوباً بنغمات "العُفاطة " ورنين الصاجات مع دقات الرق والطبلة ، تطاوحت أبدان الرجال وتمايلت ، تساقط على الأرض النساء والغلمان ، انجذبت الأرواح للحي الديان .. والمداح ينشد ... ..
" أنا الغزاوي مداح ساكن في تل مفتاح
أن الغزاوي غيه بامدح في الإسدويه
أنا بقول يا بنت يا عاقلة قلوب أهل الهوا .. جوعان
يا شاغله قلب المريد ومحيرة الجدعان
واللى بحبك يا ماما .. يا ماما
ده كل ساعة في حال
ساعة يرقص يا ماما .. ياماما
وساعة يغني بالموال
وساعة يقول .. آه ويوحد المتعال
وساعة ينام على القرار ..
وساعة ينام على التلال
وساعة تلبس المريد حرير ..
وساعة تلبسه السروال
قلب الجميل للجميلة
ونظرة منك يا ماما تخلي القرد يبقي غزال
يا مدد .. يا مدد .. يا مدد
يا سيدنا الحسين .. يا أبا العينين
وفي حضرة النبي بالذات .. طلعوا الأبطال بالذات
وحطموا خط بارليف المنيع
اللي يا ما طلعوا عليه إشاعات
وبأذن المولي الكريم .. عبروه في ست ساعات
والنصر من ربنا .. والنصر للسادات
الله .. حي .. الله .. حي .. الله .. حي "
للمولد مذاق خاص بعد نصر أكتوبر وعبور قناة السويس ، وتحرير أرض سيناء من العدو الإسرائيلي .. تزغرد النسوة ، وتفيض الدموع ، ويهلل السامعون ، حلقت أرواح الشهداء فوق الجبانة .. ويختلط بصوت ميكرفون السيرك .." مع فنانة الرقص الشرقي .. على بطنها تنور .. أدخل وشوف الساحر العجيب قـرب .. قــرب .. قـــرب ..!
تنتشر الغُرز في ساحة المولد ، وكركرت الجوزة ، يفوح دخان الحشيش فوق الجبانة والغيطان المجاورة للساحة ، سطلت الرؤوس تمتلأ البلد بالأغراب ، وخلت الدور من أصحابها ، نقيق الضفادع ، هز سواد العتمة مع صفير صراصير الغيطان ، ارتجفت خوفا من وحشة الوحدة ، وهدني التعب ، فقصدت المقام كي أستريح بجواره ، بينما كنت مختفيا تحت المنبر بين اليقظة والنوم رأيت الشيخ " يوسف" يتسحب ويفتح صندوق النذور ويقسم نصفه في منديل صرة و دسه في جيبه ، خرج مسرعا قبل أن يراه أحد .. لم أصدق ما رأيت ، حاولت التغلب على النوم ، والتثاؤب .. خرت الدموع من عيني ، وغرقت في بحـره .....
***
اللهم إنى أعوذ بك منك
وأعوذ برحمتك من عدلك ،
وبرضائك من قضائك ،
وبهديك من فتنك ،
وبلطفك من خفى حكمتك ،
وبودك من كبريائك ،
وبقربك من بعدك .
اللهم إنى أعوذ بك من قسوتى بحنانك ،
ومن شُحى بإحسانك ،
ومن شرور نفسى برعايتك ،
ومن شرور خلقك بعزتك ،
ومن ضعفى عن الغاية ،
بسلطانك إلى تقويم البداية .
إلهى وسيدى ومرشدى ..
أعوذ بك من الذل إلا لك ، ومن الخوف إلا منك ،
ومن الافتقار إلا إليك ، ومن التوكل إلا عليك ،
ومن الرجاء إلا فيك ، ومن الاستعانة إلا بك ،
ومن القيام إلا فى طاعتك ، ومن الوجهة إلا إليك ،
ومن الحديث إلا عنك ، ومن العمل إلا فى مرضاتك .
اللهم كن لى ما كنت لى ، فيما أعلم ، وما لا أعلم ،
وما أنت به أعلم ، ولا تكلنى لنفسى ،
ولا لغيرك يا أرحم الراحمين ، ورحمة المرحومين .
اللهم اجعل منى وممن أحببت ، ممن تخلق وممن خلقت ،
رجلا واحداً فيك ، لا تعدد له ، ولا تعدد فيه ، ولا تعدد معك .
اللهم اشملنا جميعا جمعا واحداً رجلا فيك بهدايتك ،
وتولنا منعما برحمتك ، وعافنا رحيما من غضبتك .
اللهم إنى بك وإخوانى ، أستعيذك من الشرك ، ومن الضلالة والحزن .
انسابت ابتهالات جدى فى حضرة صاحب المقام على الجالسين حوله نوراً جذب الأبصار إليه ، انخلعت الأرواح من الأبدان ، حلقت الملائكة ، تطيبت القلوب بنور هدايته ، وتعطر الهواء بمسك روضة خير البرية ، وفاضت دموع التطهر من وثنية الظلمة ، لما بدا في الأفق نور محمدٍ ، كالبدر في الإشراق ...
اللَّهُمَّ اجعل نُوراً في قبرى ، ونُوراً في قَلبي ، ونُوراً مِنْ بين يَدَىَّ ، ونُوراً مِنْ خَلْفي ، ونُوراً عن يميني ، ونُوراً عن شِمَالي ، ونُوراً من فَوْقِي ، ونُوراً مِنْ تَحتِي ، ونُوراً فِي سَمْعي ، ونُوراً في شَعْري ، ونُوراً في بَشَرِي ، ونُوراً في لحْمِي ، ونُوراً في دَمي ، ونُوراً في عظامي .
اللَّهُمَّ أعظِمْ لٍي نُوراً ، وَأَعْطِنِي ونُوراً ، وَاجْعَلْ لِي نُوراً ، سُبْحَانَ الَّذِى تَعَطَّفَ العِزَّ وَقَالَ بهِ ، سُبْحَانَ الَّذِى لَبسَ الَمْجدَ وَتَكَرَّمَ بهِ ، سُبْحَانَ الَّذِى لا يَنْبَغي التَّسْبيحُ إلاَّ لَهُ ، سُبْحَانَ ذِى الفَضْلِ وَ النعمِ ، سُبْحَانَ ذِى المجدِ والكَرَمِ ، سُبْحَانَ ذِى الجَلاَلِ والإِكْرَام .
ففاض النور من وجه جدى الذي زين منذ عودته من الحج ، وفج في لحيته بياض النهار .. تضاءل نور بصيرته حزناً على أعمامي الثلاثة " حسن و حسين وآدهم " الذين استشهدوا في حرب نكسة سنة 1967 ، وأطلقوا عليه لقب " أبو الشهداء "، بللت الدموع لحيته البيضاء المخضبة بحمرة الحناء ، زاد من حزنه ولوعته التي لم يظهرها لأحد لغياب عمي " عبد المعطي " المقرب إلى قلبه ، ونور بصيرته ، رغم وجود سبعة من الأبناء وخمسة بنات يعيشون في كنفه ، يسكنون إلى جواره في شارع العائلة بجوار الضريح إلا أنه دائما ما كان يداعبه بقوله ..:
- دايما باشوف فيك جدك العارف بالله تقي الدين بن ضرار بن عدي الخالق الناطق .. سبحان الله القادر على كل شئ ...!!
جلس جدي في حضرة خيمة الطريقة وحوله لفيف من أتباعه الكبار الذين يأتون إليه من كل البلاد ، وأكتسب سمعة عظيمة وكبيرة لدي المحافظين والوزراء ومدير الأمن ، يسعون إليه كلما ضاقت بهم السبل ، يطلبون المشورة والنفحات العلية ، يقبلون يديه ، تقربا إليه ، ويمسح على رؤوس المريدين بيديه ، تمتلئ الساحة بالشارد والوارد من الناس ، يطلبون بركاته ، وسد حاجاتهم من الطعام والصدقات ، فيدعون إليه ..:
- ربنا يرجعلك الغايب .. يا سيدنا ..!
- بأذن الله يرجع يا مولانا ويعوضك في من استشهدوا الجنة بجوار الحبيب المصطفي يا أبو الشهداء الأبطال ..
اهتز جدي وانتفض " حي .. حي .. حي .." ..
يا كاشف الأسرار لقد اطلعت على اللوح المحفوظ ، ورأيت ما رأيت ، عزّ المشهود على الشهود ، وبعث المحمود ، وظهر الآل بموائد الجود ورفعت القواعد والأركان . وكشفت وحدة الأديان ، ووحدانية الديان ، وقيام الشهيد ، وعفو القريب ، وقرب الرقيب بانت بشارت النصر مع صلاة العصر، وانكشفت الظلمة بنور المحبة ، وفاضت زرقة السماوات بنورانية الروح الشفافة ... ..
***
ولما خرج الشيخ أحمد اليماني وجماعته من السجون بعدما عفي عنهم الرئيس السادات بعد نهاية الحرب ، ظهرت أمارات الكرب في " الأسدية " فوقف فوزى ابن منسية وجماعته من الشباب الذين يرتدون سراويل قصيرة وجلابيب بيضاء موقف الرافضين قائلين ..:
إن ما يجرى فى المولد بدعة من بدع أهل الضلال ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار ، ولابد من القضاء على هذا الفسق والخرافات التى لا تمت للدين بصلة ، وضرورة اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهدم مقام الشيخ ، وحمل سلاح الجهاد ومواجهة ما أصاب العباد من جهل وضلال .
إلا إن العمدة استشعر الخطر علي المقام وأبلغ الشرطة التى عينت قوة حراسة تتناوب عليه ليلا ونهارا حتى لا يقع المحظور - لا قدر الله - الذى نخشاه جميعا، وينذر بالخراب ... ..
وفي يوم السبت حصل كل شئ ، خرج جدي من عزلته ، وجلس بين حواريه ، يروي لهم عن أحوال القرية الفائتة ويُنبئهم عن أحوال العباد ، وما أنتشر من بدع وفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ، وراح يقص عليهم من أنباء الغيب ، وما منحه الله من فيوضات ونبوءات ، واستقر في حضرة المقام وهو يروي عليهم خير الكلام قائلا:
كفي لمن عفا اليوم نستكمل غدا ..
وبدت علامات الإرهاق والتعب عليه حتي تثاءب وداعب النوم جفنيه فنام ... ..
البلد
مصر
المتابِعون
هذا الموقع يعتمد على ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماته، الاستمرار في تصفح الموقع يعني موافقتك على استخدام هذه الملفات.