السلام عليك ورحمة الله تعالى وبعد،
إذا جاءك كتابي هذا فمُر الحُراسَ أن يأتوك بسجين الرجز، ثم قم بمناظرته في علم العَروض واعملْ على كشف غوايته وفضح عمايته، فإنه رأس من رؤوس الضلالة ووجهٌ من وجوه الجهالة، يجادل في العَروض بالباطل، ويدعو إلى الفرقة بين شعراء الأمة، ويحثّ النحاةَ على العصيان، ويَدفع الرجّازَ إلى الخروج على السلطان.
واعلم أنه يَرُوغ كما يروغ الثعلب، ويصور الباطلَ في صورة الحق والحقَّ في صورة الباطل، وأنه قد يجادلك فيطيل جدالك. فإذا مرّ شطر من الليل ولم يَرْعَوِ عما هو فيه، فاضربه مائة سوط، ثم ضعه بعد ذلك في زنزانة مظلمة، وإياك أن تدرأ عنه الحد بالشبهات. فوالله لأنْ أندم على عقوبته خير من أندم على العفو عنه. وإياك، أيها الوالي، ومخالفة أوامري، فأنت تعلم أني إذا هممْتُ ألقيتُ عزمي بين عينَيّ، ونكَّبْتُ عن ذكْر العواقب، وأني لا أستشير في رأيي غيرَ نفسي، ولا أميل للحلم في ساعة الغضب، ولا أجنح للرفق في أوان الحزم، بل أعُدُّ العقابَ تأدية لحق الله تعالى. خصوصاً وأن سجين الرجز لم يكتف بالجهر بمذهبه المخالف لإجماع الأمة، فيما يتصل ببحر الرجز، ولكنه حملَ نفسه على أمر عظيم، حين أنكرَ أن يَكون المنسرح هو البحر الرسمي للدولة، وزعم أن هذا البحر لا يعدو أن يكون رجزاً. بل إنه خالفَ رأي عبد الله الطيب - مستشارنا في العَروض- وادعى أن لكل تفعيلة نسباً، إلا ( مفعولات ) التي في المنسرح، فهي لقيطة لا نسب لها. كما صار يردد في المحافل أن المنسرح بحر مضطرب، قريب من النثر لا ليونة فيه ولا رقة.
وقد بقيَ ينشر هذه الأباطيل بين الشعراء، فترة من الزمن، حتى مال بعضهم إلى موافقته. وهو ما جعلني أتخذ قراري - بتأييد من الله تعالى - بتسييره، في القريب العاجل، من سجن الكثيب إلى جزيرة دهلك. وهي جزيرة في بحر اليمن، كان الخليفة سليمان بن عبدالملك قد نفى إليها الشاعرَ الأحوص، مع أنّ لهذا الشاعر قصيدة جميلة على المنسرح، يقول فيها:
الله بيني و بين قَيّمِها = يفرُّ مني بها و أتَّبعُ
وهناك، في تلك الجزيرة النائية، سيكون على هذا السجين الأخرق أن يحفظ أجمل أشعار العرب على البحر المذكور، إن هو رغبَ في العودة إلى بلده. فمن ذلك قصيدة العَرْجي، التي يقول فيها:
و قولها و الركاب سائرةٌ = تتركني هكذا وتنطلقُ
وقصيدة الجميح:
سائلْ مَعَدّاً منِ الفوارسُ لا = أوفوا بجيرانهم ولا غنموا
وفائية قيس بن الخطيم:
ردَّ الخليطُ الجمالَ فانصرفوا = ماذا عليهمْ لوْ أنهمْ وقفوا
إضافة إلى ألف قصيدة أخرى سيختارها له وزير الشعر في حكومة نجدان. فإذا هو رفض أن يحفظها فسيقضي بقية عمره في دهلك، شأن أمثاله من الغاوين.
إذا جاءك كتابي هذا فمُر الحُراسَ أن يأتوك بسجين الرجز، ثم قم بمناظرته في علم العَروض واعملْ على كشف غوايته وفضح عمايته، فإنه رأس من رؤوس الضلالة ووجهٌ من وجوه الجهالة، يجادل في العَروض بالباطل، ويدعو إلى الفرقة بين شعراء الأمة، ويحثّ النحاةَ على العصيان، ويَدفع الرجّازَ إلى الخروج على السلطان.
واعلم أنه يَرُوغ كما يروغ الثعلب، ويصور الباطلَ في صورة الحق والحقَّ في صورة الباطل، وأنه قد يجادلك فيطيل جدالك. فإذا مرّ شطر من الليل ولم يَرْعَوِ عما هو فيه، فاضربه مائة سوط، ثم ضعه بعد ذلك في زنزانة مظلمة، وإياك أن تدرأ عنه الحد بالشبهات. فوالله لأنْ أندم على عقوبته خير من أندم على العفو عنه. وإياك، أيها الوالي، ومخالفة أوامري، فأنت تعلم أني إذا هممْتُ ألقيتُ عزمي بين عينَيّ، ونكَّبْتُ عن ذكْر العواقب، وأني لا أستشير في رأيي غيرَ نفسي، ولا أميل للحلم في ساعة الغضب، ولا أجنح للرفق في أوان الحزم، بل أعُدُّ العقابَ تأدية لحق الله تعالى. خصوصاً وأن سجين الرجز لم يكتف بالجهر بمذهبه المخالف لإجماع الأمة، فيما يتصل ببحر الرجز، ولكنه حملَ نفسه على أمر عظيم، حين أنكرَ أن يَكون المنسرح هو البحر الرسمي للدولة، وزعم أن هذا البحر لا يعدو أن يكون رجزاً. بل إنه خالفَ رأي عبد الله الطيب - مستشارنا في العَروض- وادعى أن لكل تفعيلة نسباً، إلا ( مفعولات ) التي في المنسرح، فهي لقيطة لا نسب لها. كما صار يردد في المحافل أن المنسرح بحر مضطرب، قريب من النثر لا ليونة فيه ولا رقة.
وقد بقيَ ينشر هذه الأباطيل بين الشعراء، فترة من الزمن، حتى مال بعضهم إلى موافقته. وهو ما جعلني أتخذ قراري - بتأييد من الله تعالى - بتسييره، في القريب العاجل، من سجن الكثيب إلى جزيرة دهلك. وهي جزيرة في بحر اليمن، كان الخليفة سليمان بن عبدالملك قد نفى إليها الشاعرَ الأحوص، مع أنّ لهذا الشاعر قصيدة جميلة على المنسرح، يقول فيها:
الله بيني و بين قَيّمِها = يفرُّ مني بها و أتَّبعُ
وهناك، في تلك الجزيرة النائية، سيكون على هذا السجين الأخرق أن يحفظ أجمل أشعار العرب على البحر المذكور، إن هو رغبَ في العودة إلى بلده. فمن ذلك قصيدة العَرْجي، التي يقول فيها:
و قولها و الركاب سائرةٌ = تتركني هكذا وتنطلقُ
وقصيدة الجميح:
سائلْ مَعَدّاً منِ الفوارسُ لا = أوفوا بجيرانهم ولا غنموا
وفائية قيس بن الخطيم:
ردَّ الخليطُ الجمالَ فانصرفوا = ماذا عليهمْ لوْ أنهمْ وقفوا
إضافة إلى ألف قصيدة أخرى سيختارها له وزير الشعر في حكومة نجدان. فإذا هو رفض أن يحفظها فسيقضي بقية عمره في دهلك، شأن أمثاله من الغاوين.