بِالدَّارِ ﭐلْبَيْضَاءِ، بِشَارِعِ عَنْتَرَةَ الْعَبْسِيِّ، بِمَقْهَى النَّهْضَةِ، فِي الزَّاوِيَةِ الْيُمْنَى مِنْ هَذَا الشَّارِعِ، كَانَ الشَّاعِرُ رُؤْبَةُ يَشْرَبُ قَهْوَتَهُ، وَهْيَ مُبَلَّلَةٌ بِاللَّبَنِ الطَّازَجِ. كَانَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى تُمْسِكُ جُرْنَالاً مَكْتُوباً بِلِسَانِ الضَّادِ، وَعَيْنَاهُ عَلَى الْكَلِمَاتِ الْمُسْهِمَةِ الْمَلأَى بِسَرَادِيبَ مُدَجَّجَةٍ بِخُطُوطٍ دَبَّجَهَا وَسَّاطُ بِحِبْرٍ أَسْوَدَ. لَمْ يَنْجَحْ رُؤْبَةُ فِي فَكِّ طَلاَسِمِهَا. بُوزْفُورٌ يَطْلُعُ مِنْ بَيْنِ الْكَلِمَاتِ، وَيَهْمِسُ بِالأَجْوِبَةِ الْمَسْكُونَةِ فِي جَوْفِ عُبَيْدِ الْقَادِرِ. رُؤْبَةُ سُـــرَّ بِهَذَا. أَنْشَدَ أُرْجُوزَتَهُ الْمَشْهُورَةَ فِي الْكَلِمَاتِ الْمُسْهِمَةِ الْمَسْكُوبَةِ مِنْ إِبْرِيقِ الأَقْمَارِ السَّبْعَةِ. دَاعَتْ أُرْجُوزَتُهُ بَيْنَ الأَشْجَارِ .تَكَاثَرَ مِثْلَ ﭐلْفَجْرِ النَّاسُ عَلَى الْكَلِمَاتِ، ﭐنْتَشَرَتْ فِي الْبَلَدِ الأَقْسَى الْفَرْحَةُ. رُؤْبَةُ غَادَرَ هَذِي الْمَقْهَى. سَقَطَتْ عَيْنَاهُ عَلَى وَرَّاقَةِ حَيِّ النَّهْضَةِ. أَعْطَاهُ الْبَائِعُ سِفْراً يُنْجِدُ طُلاَّبَ مَدَارِسِنَا فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ. رَاحَ يُقَلِّبُ أَوْرَاقَ السِّفْرِ لِيَكْتُبَ أُطْرُوحَتَهُ عَنْ ظَاهِرَةِ الْكَلِمَاتِ اللُّغْزِ فَمَنْ يَتَوَلَّى الإِشْرَافَ عَلَيْهِ؟ مَنْ؟ مَنْ؟.
مطار محمد الخامس : 23 يونيو 2013
مطار محمد الخامس : 23 يونيو 2013