مولود بن زادي - حاورته: فطيمة تامن/ باحثة دكتوراه أدب مقارن

"عدم تكافؤ الفرص دفعني إلى الانسحاب من المشهد الأدبي الجزائري!
أدعو أحلام مستغانمي والكبار مجدداً إلى الحياد تجاه الأقلام الجديدة!"

[SIZE=6]مولود بن زادي[/SIZE] مولود في الجزائر ومقيم في الجزر البريطانية، وحامل الجنسية البريطانية.. هو روائي ومحرر مقالات وكاتب أقوال وحكم باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية، وناقد وباحث في اللغة والأدب ومترجم ورسام..
هو عضو سابق في اتحاد الكتاب الجزائريين، وعضو في رابطة الأدباء العرب .. تخرج من معهد الترجمة في الجزائر في شهر يونيو عام 1991. بعدها رحل إلى بريطانيا حيث استقر في مدينة لندن، فنشر فيها أول كتاب وهو عبارة عن قصة أطفال بعنوان (الغزالة المغرورة). موضحة بصور رسمها الكاتب. ونشر كتاب (الأفعال المركبة الإنجليزية باللغة العربية) وهو قاموس إنجليزي – عربي يختص في هذا النوع من الأفعال.
وفي سنة 2011، أصدر روايته الأولى "عَبَرَاتٌ وعِبَر" صدرت في مدينة غرداية بجنوب الجزائر نفدت نسخها خلال أشهر قليلة.
وفي شهر تشرين الأول 2013 نشر معجم الزّاد للمترادفات والمتجانسات العربية، نفدت منه طبعتان وبيع منه أكثر من 3000 نسخة. في تشرين الأول 2014 أصدر روايته الثانية (رياحُ القدر). وفي 2017 أصدر روايته الجديدة "ما وراء الأفق الأزرق".


> سبق وأن أعلنتم مقاطعتكم للصالون الدولي للكتاب بالجزائر. هل هذه المقاطعة أبدية أم أنها وليدة ظرف وستلغى بمجرد زوال الظرف؟
>> ستكون بلا أدنى شك أبدية إن لم تتوفر الشروط اللازمة للمشاركة مثل المساواة في المعاملة والحصول على دعوات رسمية من الهيئات المنظمة مثلما زملاء آخرين في المشهد الجزائري، فأنا لا أرى نفسي أقل من أحد.
الأدب بالنسبة لي ليس مجرد كتابة وأفكار وأسلوب جميل.. الأدب أيضا مواقف شجاعة صادقة. وإني أعلنت مقاطعتي قبل سنوات، وها أنا وفي لموقفي سنة بعد سنة. ما أكثر ما نشاهد أدباء يثيرون ضجة في وسائل الإعلام ومنابر التواصل الاجتماعي بإعلانهم مقاطعة المعرض، وبعد ذلك نراهم يتجولون في أنحائه أو مشغلين بالبيع بالتوقيع، ما يؤثر في مصداقية أي مثقف. المقاطعة في نظري، تعني عدم الحضور وموقفي ثابت وصادق منذ سنوات ويتمثل تماماً في عدم الحضور.

> هل يرى الكاتب أن الإعلام في الجزائري محتكر من طرف أقدم الأقلام المبدعة وأنه غير منفتح أمام المبدعين الجدد؟
>> سأجيب على سؤالك بسؤال في الموضوع: لو أنّ كاتبا قديماً وكاتبا مبتدئا رغبا في نشر مقال ما في صحيفة ما، فمن يملك حظا أوفر في هذا المشهد؟ المكرس أم المبتدئ؟ ومن ذا الذي ينشر في الصحف الكبيرة عادة؟ الكبير أم الصغير؟ قد يقول قائل إنّ المكرس أكبر كفاءة وخبرة وتجربة وإني أشاطره الرأي لأني لا أتحدث عن كل المبتدئين وإنما عن هذه الأقلام الجديدة التي أثبتت أن لها قدرة على الكتابة والتأثير وإني لا أشك في قدرتي على أن أكون من هؤلاء، وكيف لا ومقالاتي تنشر في مختلف الصحف العربية خارج الوطن؟ وكيف لا ومقالاتي وهي ثمرة أبحاث ودراسات متعددة المراجع.. وهذه المقالات تعدّ اليوم مراجع تفيد الدارس والمدرس والباحث؟ مثال بسيط يثبت عدم مصداقية الإعلام عندنا: صحيفة "الفكر" الإلكترونية، التي اعتبرتها أكثر تفهما وتقبلا للمبتدئين في الجزائر، نشرت لي مقالات وحوارات عندما لم أكن معروفا واستمر ذلك لسنوات طويلة وأضافت إدارتها اسمي إلى قائمة الكتاب ولقيت مقالاتي فيها متابعة وقراءة واسعة إلى أن قررت إدارتها فجأة منع كتاباتي. اتصلت بالإدارة أكثر من مرة لكنها اختارت عدم الرد وامتنعت عن نشر مقالات مفيدة تُنشر اليوم في أكبر الصحف في الوطن العربي! هذا بالتأكيد شيء من الإقصاء والتهميش. فمثل هذا الإعلام لا يمنحني فرصا متكافئة للوصول إلى الجماهير مثل بقية الكتاب المشاركين فيها.

> هل تقرّ أن المبدع الناشئ يواجه عراقيل جمة أي ناهيك عن عدم دعمه فإنه يتعرض للإقصاء؟
>> المبتدئ المبدع عادة ما يشق طريقه وحده وليس له خيار آخر غير ذلك. كنت شخصيا اتمنى مشاهدة مشهدا تتابع بيه الهيئات الثقافية البراعم الجديدة التي تملك حقا قدرات على إحداث إبداع حقيقي والتأثير والمساهمة في خدمة الأدب والثقافة والدفاع عن الحضارة والإنسانية، بدلا من مشاهدة غاب أفضل أن أطلق عليه اسم "حظيرة جوراسيك للديناصورات" لا حياة فيه للصغير بين كائنات عملاقة عجيبة لا معنى للتعايش في عالمها الرهيب. فالكبير ليس مستعدا للتعامل مع الصغير والتعاون معه، بل ويتجاهله كما لو لم يكن موجودا بجانبه وهو يشاهده يبدع أمامه. لا نرى ذلك للأسف إلا في مشهدنا، وخير مثال على ذلك التفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي حيث قلما نرى كاتبا كبيرا يبارك إصدار رواية جديدة لكاتب مبتدئ حتى إذا أشرك اسمه فيها، مع أنّ ذلك لا يكلفه شيء، وأكثر من ذلك يدل على تواضعه وانفتاحه على الآخرين وتقبلهم.. إنه غرور الكاتب عندنا أقولها بغير تردد لأن كبار الكتاب العرب يتفاعلون معنا ويردون على أسئلتنا ويتفاعلون مع تعليقات القراء في المنشورات التي تخصهم. نرى ذلك جليا في صفحة "الرواية الجزائرية" التي أشرف عليها في الفايسبوك..
يضاف إلى ذلك صعوبة النشر. فالمؤسسات الكبرى لا تنشر لي معاجم بيع منها آلاف النسخ ونفد منها أكثر من طبعة وأثبتت انها من الكتب الأكثر مبيعا! وهل تتعامل معنا مؤسسة نشر مثل "منشورات الاختلاف" وهي لم ترد حتى على اتصالنا؟!
يضاف إلى ذلك صعوبة الاستفادة من الإعلام، مثلما ذكرت وعدم تكافؤ الفرص عندما يتعلق الأمر بالمشاركة في مسابقات الجوائز الأدبية فالكبير يستطيع أن يشارك سنة بعد سنة ما يضعف حظوظه في الفوز والمبتدئ قد لا يجد فرصة واحدة. وهذا ما يجعلنا نتساءل إذا كانت الكتب الفائزة هي حقا أفضل ما كتب في السنة في غياب مشاركة الصغار. التهميش لا يقتصر على هذا إذ نراه أيضا في توزيع دعوات حضور الصالون الدولي للكتاب والمشاركة في الندوات والمهرجانات الأدبية داخل الوطن وخارجه.
عدم تكافؤ الفرص للأسف يساهم في تكريسه الكبار بالخروج أمام الإعلام واقتراح أقلام جديدة يختارونها دون أخرى ولا يوجد قلم كبير قرأ لنا جميعا. فهل من العدل أن يصدر كاتب كبير حكما من شأنه التأثير في القراء، بل من شأنه أن يخلق نجما جديدا اعتمادا على ذوق الكاتب وليس من خلال دراسات نقدية موضوعية عادلة، ولم يقرأ هذا الكاتب الكبير إلا لبعض الأقلام؟! مثال بسيط: خروج أحلام مستغانمي يوم 6 تشرين الثاني بالمنشور التالي على صفحتها الرسمية في الفايسبوك حيث قالت: (بمناسبة فعاليات معرض الكتاب الدولي في الجزائر، ارتأيت أن أقدّم لكم أحبتي بعض الأقلام الجزائرية الواعدة..." ثم قدمت اسم احد الزملاء الكرام بين مئات الأقلام وهو بطبيعة الحال ما يمكنه التأثير في القارئ. وإني أتساءل إذا كان القلم الكبير سيقترح قلما صغيرا نقد أعماله أو خالفه الرأي! لو تعلق الأمر بإبداء رأي أثناء حوار مثلا لكان الأمر عاديا لأنه من حق الكبير التعبير عن وجهات نظره لكن أن ينشر تصريحا يقترح فيه قلما على أنه واعد فهذا غير مقبول وغير عادل ولن ترضى على ذلك الأجيال القادمة لأنه يستطيع أن يؤثر ويقلب الموازين، فيخدم قلما يسير في فلك قلم مكرس على حساب أقلام أخرى لا تقل شأنا. أدعوهم إلى العدل وترك الأمور تسير سيرها الطبيعي وترك الجماهير تختار ما تشاء. لا نرى أدباء كبار في بريطانيا والأمم الغربية يفعلون ذلك. فمثل هذه التصرفات يساهم حتماً في خلق عدم تكافؤ الفرص. وإني أؤكد أنّ عدم تكافؤ الفرص هو ما دفعني إلى الانسحاب من المشهد الأدبي والثقافي لبلادي.

> أنت الآن مقيم في بريطانيا كيف ترى وتقيم المشهد الثقافي الأدبي في الجزائر مقارنة بالبيئة التي تعيش فيها هناك.؟
>> الاختلاف الثقافي بين المجتمع البريطاني والمجتمعات العربية بشكل عام شاسع. البريطاني معروف باهتمامه بالقراءة حيث يشجع البريطاني أبناءه على قراءة ما يناهز 50 كتابا في السنة بينما المجتمع الجزائري، مثل بقية المجتمعات العربية، معروف بعزوفه الكبير عن القراءة. الجزائري يزور الصالون الدولي للكتاب بكثرة ليس لشراء الكتب بل للقاء أقلام معروفة سمع عنها ولم يقرأ لها.. ويزور الصالون لأخذ صور ينشرها في مواقع التواصل.. ويزور المعرض لأنه فرصة للقاء الأصدقاء والراحة والاستجمام.. فلا عجب الكتب الأكثر مبيعا كتب الدين والمدرسة والطبخ والميتافيزيقيا. المشهد الثقافي في الجزائر يميزه الصراعات بين مختلف الاتجاهات. لا نرى مثل ذلك في المجتمع البريطاني. وربما مثال بسيط يعينك على فهم الاختلاف في طريقة التفكير: برنامج "موعد مع الرواية" المثير للجدل فُتح لفئة قليلة من الأدباء استقبلوا أكثر من مرة وحرم من ذلك المبتدئ ما جعلني أفتح النار عليه، ما ساهم في فشله. في المقابل في بريطانيا يوجد برنامج مماثل مستمر منذ سنوات على قناة (البي بي سي) يدعى "لقاء مع كاتب" يستقبل كل مرة كاتبا جديدا في مجتمع لا يميز بين القديم والجديد. هذا مثال بسيط عن الفرق الثقافي بين المجتمعين. وفي تصوري يستطيع مجتمعنا الاستفادة من التجربة الأدبية والثقافية البريطانية لأنها عادلة وناجحة.
نعود لروايتك "ما وراء الأفق الأزرق" والتي سبق وأن قلت فيها إنها تثور على بنية الزمان والمكان الكلاسيكيين وأتيت فيها ببنية سردية جديدة من حيث السرد والحبكة، ناهيك عن كل هذا فقد جعلت البطل فيها رجلا وامرأة أي أنك قسمت البطولة بعدالة إلى حد ما، ولكنك في الأخير تتخلى عن البطلة ويكمل فيها البطل المشوار وحيدا ، الا ترى ان هنا نزعة ذكوريّة محظة، وأنك في هذا تنحى نفس منحى الأدباء الرجال وتجعل من الأنثى "المفعول به في الرواية"!
مثلما ذكرتِ، "ما وراء الأفق الأزرق" ثورة على البنية المكانية بل وحتى على العمران الروائي نفسه. فهذه ربما أول رواية في تاريخ الأدب العربي يقع تقريبا كل أحداثها في فضاء مكاني جديد يتمثل في مواقع التواصل الاجتماعي. لكن، ليس ثمة تمييز جنسي، فكل ما في الأمر أن البطلان اتفقا على لعب أدوار في هذه الرواية وتعاهدا على مواصلة المشوار إلى النهاية لكن بطلة القصة اختارت في نهاية الأمر الانسحاب. الرواية مقتبسة من قصة واقعية يقوم الكاتب فيها بوصف ما يحصل دون التدخل فيه. فالكتاب لم يحكم عليها بالموت بل هي التي حكمت على نفسها بالخروج بناء على قصة حقيقية قمت بسرد أحداثها. أنا أحيا في المجتمع البريطاني وأقدر حقوق المرأة وحريتها. وإنك إذا عدت إلى بداية الرواية وجدت أن الكاتب عندما عرض على بطلة القصة لعب هذا الدور أكد لها أنه يحق لها الانسحاب في أي وقت، وهذا قطعا دليل على احترامه حقوقها.

> رواياتك يغلب عليها الطابع الواقعي، هل هو اختيار أم محض صدفة؟ وهل لك أن تكتب الرواية التاريخية أو الخيالية مثلا؟
>> هو ميل ورغبة وتأثر بالواقع أكثر من شيء آخر. تأثرت بوفاة والدتي التي رحلت وأنا في ديار الغربة. شعرت بالذنب وشعرت أني لم أنفق معها كثيرا من الوقت. فكتبت عنها لتصوير صراعها وصراع الأسرة كلها معها في الواقع. فهي في نظري تجسد صورة المرأة البطلة بصراعها وصبرها وتضحيتها. وفي روايتي الثانية "رِيَاحُ القَدَر" حاولت الجمع بين الرومانسية والواقعية في هذه الرواية المقتبسة أيضا من قصة حقيقية. في روايتي أصور أشخاصاً يحيون في الواقع وليسوا من نسج الخيال... واحاول أن أكون شاهدا على العصر بعرض وصف صادق وتفاصيل دقيقة في حقبة زمنية معينة. وإني أعتبر نفسي جزء من المدرسة الواقعية ومن الذين أعادوا بعثها إلى الحيا من خلال أعمال واقعية متتالية.
الرواية التاريخية حاضرة في أعمالي تمتزج مع الرواية الواقعية. عبرات وعبر مثلا شاهد على العصر تصور الجزائر في عهد الاستعمار وتذكر أحداثا من حرب التحرير واستقلال الجزائر بناء على شهادات أشخاص عاشوا هذه الفترة منهم والدي نفسه رحمه الله..
الرواية الخيالية بدأت أفكر فيها وإني أعدك وأعد الجماهير أني سأفاجئهم بسعة خيالي.

> صرحت في الرواية نفسها على لسان البطل ما يعانيه الأديب الناشئ من إقصاء تصل إلى حد المحاربة احيانا، والآن وأنت الباحث اللغوي والروائي الذي تستضيفه القنوات الفضائية وتكتب عنه المجلات الأدبية، كيف ستعامل أديبا ناشئا ترى فيه قلما متميزا؟ وهل يمكن أن تقدم له الدعم ؟
>> ثمة نوعان من الكتاب المبتدئين. نوع يملك الموهبة والقدرة على الإبداع. وهو بذلك كالبذرة الجيدة التي إن سقيتها ورعيتها منحتك ثمارا جيدة. وهناك نوع يحاول أن يظهر وهو لا يملك القدرة على الكتابة. وهو بذلك كالبذرة الرديئة التي حتى إن اعتنيت بها فإنك لن تجني منها ثماراً، وستذبل وتتلاشى . يتصل بي هؤلاء بكثرة. فمنهم من يرغب في كتابة رواية و لا يدري كيف يبدأها.. ومنهم من بدأها وتوقف بعد كتابة فصلين أو ثلاثة منها.. ومنهم من يدعوني إلى مشاركته في الكتابة.. ومنهم من يريدني أن أعلمه كيف يكتب رواية. وهؤلاء يشتركون جميعا في الرغبة في الظهور في عالم الرواية والشهرة وإن كانوا لا يستطيعون الكتابة!
في تصوري، النوع الاول أولى بالرعاية. والقلم المميز سيفرض وجوده مهما كانت العقبات.. الكتابة نضال.. والكتابة، مثلما أشاهدها، تشبه سباق الماراثون، البقاء فيه لمن يملك القوة والطاقة والنفس الطويل ويحسن تسيير قدراته والاحتفاظ بطاقاته إلى الأمتار الأخيرة. صارعت بمفردي ولم ألق سندا من أحد وما زلت ماضيا في السباق ولا استعطف أحدا. مع ذلك استطيع أعين المبتدئ من خلال نصائح وإرشادات. في تقديري من أراد أن يدخل عالم الكتابة عليه أن يجتهد ليفرض نفسه بالعمل الجيد والشخصية القوية.

> ماذا تعني لك هذه الأسماء: محمد ديب، زهور ونيسي، الطاهر وطار، واسيني الأعرج، أمين الزاوي، أحلام مستغانمي؟
- محمد ديب: بدايات الأدب الواقعي الجزائري. تجمعني به الواقعية.
- زهور ونيسي: يظل اسمها في ذهني مرتبطا بالوزارة والدولة.
- الطاهر وطار: الدفاع عن الهوية الجزائرية العربية الأمازيغية المتحررة من مخلفات الاحتلال الفرنسي.
- واسيني الأعرج: في مقدمة الكتاب الجزائريين باللغة العربية.
- أمين الزاوي: كاتب شجاع يدرك جيدا ما يريد ويجتهد لتحقيقه.
- أحلام مستغانمي: المرأة التي استطاعت الصعود إلى القمة بقفزة واحدة ورواية واحدة.. "ذاكرة الجسد".

> الكاتب والباحث مولود بن زادي، كلمة ختامية
>> لقد أعلنت قبل أشهر قليلة انسحابي من المشهد الأدبي الجزائري الذي صارعت من قبل لأجل الوجود فيه ورواية "ما وراء الأفق الأزرق" تسجل في احد فصولها شيئا من هذا الصراع الذي دعوته "حرب الرواية الجزائرية"، وفيه حركت أسطولي من المحيط الأطلسي إلى البحر المتوسط وكنت سأخوض معارك... لكني في نهاية الأمر فكرت في النتائج والآثار، فوجدت أن الأمر لا يستحق كل ذلك. فاخترت في النهاية الانسحاب والتماس التعاون مع النشطاء في هذا المشهد من خارج الديار. تجمعني ببعضهم أفكار ومواقف، وبالتأكيد نستطيع التعاون. أدعوهم إلى التقارب والتعاون. والكرة الآن عندهم.
شعوري يقول لي إني لن أعود. لكني لست مستاء لأني أشعر أني استطيع أن أنشط في البيئة الجديدة، المهجر التي أعرف عنها أكثر ما أعرفه عن الأوطان. ومن خلال هذه البيئة أستطيع أن أخدم الحضارة والإنسانية بعيدا عن أي جدل مع بشر من لحمي ودمي. وإني في الختام أجدد دعوتي الكبار إلى الكف عن اقتراح أقلام دون أخرى لأجل العدل وحفاظا على توازن المشهد.. كما أدعوهم مرة أخرى إلى التقارب والتعاون.. فنحن نملك معا تجارب مختلفة وقدرات مختلفة على خدمة الإنسانية والحضارة.. والمشهد الأدبي واسع كالسماء التي تسع ملايين النجوم تشترك في إنارة كوكبنا هذا.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...