تَتَبَّعَتْ رَائِحَةَ الْوَلِيمَةِ الَّتِي أَقَمْنَاهَا بِمُنَاسَبَةِ تَرْقِيَةِ زَمِيلٍ لَنَا. بِخُطًى حَثِيثَةٍ، قَفَزَتْ نَحْوَ النَّافِذَةِ مُحَاطَةً بِحَاشِيَتِهَا مِنَ الصِّغَارِ عَلَى أَمَلِ اِقْتِحَامِ الْمَكَانِ عُنْوَةً، مُحْدِثِينَ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ ضَجَّةً مِنَ الْمُوَاءِ صَمَّتْ مَسَامِعَنَا. عِنْدَمَا أَنْهَيْنَا وَجْبَتَـنَا الدَّسَمَةَ، فَرَشْنَا بَـقَايَا الطَّعَامِ فَوْقَ بُقْعَةٍ اِسْمَنْتِيَّةٍ مُرَبَّعَةِ الشَّكْلِ بَالْقُرْبِ مِنْ مَوْقِعِنَا اِعْتَادَتِ الْمُرُورَ بِهَا.بَالرَّغْمِ مِنْ جُوْعِهَا الشَّدِيدِ إِلَّا أَنَّهَا فَضَّلَتِ الْانْتِظَارَ وَالْمُرَاقَبَةَ بِصَبْرٍ رَيْثَمَا يَمْلَاُ صِغَارُهَا بُطُونَهُمْ أَوَّلًا، ثُمَّ جَاءَ دَوْرُهَا بَعْدَ أَنْ تَـنَحُّوا جَانِبًا مُسْتَـلْقِينَ فَوْقَ ظُهُورِهِمْ شِبْعًا، لَكِنَّهَا لَمْ تَجَدْ مَا يَسْتَحِقُّ الْأَكْلَ، طَأْطَأَتْ رَأْسَهَا مُقْتَرِبَةً مِنْهُمْ،لَاحِسَةً وُجُوهَهُمْ وَاحِدًا تِلْوَ الْآخَرِ.. بَعْدَ بُرْهَةٍ قَصِيرَةٍ جَاءَ زَمِيلٌ آخَرُ وَرَمَى بِفُتَاتِ الطَّعَامِ فِي الْمَكَانِ عَيْنِهِ فَسَارَعَ الصِّغَارُ لِلْاسْتِحْوَاذِ عَلَيْهِ، عِنْدَهَا كَشَّرَتْ لَهُمْ عَنْ أَنْيَابِهَا مُنْذِرَةً إِيَّاهُمْ مِنَ الْاقْتِرَابِ، إِنَّهَا وَلِيمَتُهَا الْخَاصَّةُ بِهَا هَذِهِ الْمَرَّةُ وَلَنْ تُـفَرِّطَ بِهَا.. فَهِمُوا الرِّسَالَةَ وَأَخْلُوا لَهَا الْجَوَّ بِكُلِّ خُضُوعٍ لِتَتَـنَاوَلَ وَجْبَتَهَا بِأَرْيَحِيَّةٍ تَامَّةٍ دُونَ مُنَغِّصَاتٍ.