كان "ابن داﭬيد" و"يعقوب نوفيخ" صديقين مُجدين في الدراسة بـ"بيت مدراش هاربيم[1]"، وكانا رفيقين مخلصين منذ تعرفهما على بعضهما البعض، ولم يكن فرق بينهما، وكلاهما يساعد صديقه في وقت الشدة، وإن كانا متساويين في كل شيء بالمعرفة والموهبة، غير أنهما مختلفان في الأهواء، كلاهما يحب الإحسان ويبغي الخير، لكن "ابن داﭬيد" يفعل الخير من أجل الخير ذاته، لأنه شيء جميل وجدير أن نفعله، أما "يعقوب نوفيخ فينشد من وراء فعل الخير مصلحته أيضاً، "ابن داﭬيد" لا يبتغي لنفسه مجداً، هو متواضع، والناس جميعاً متساوون في نظره، سواء أغنياء أو فقراء، ويعقوب نوفيخ يتطلع ليكون بمصاف العظماء، يهوى التزلف إلى الأغنياء، ويدعي أنه منهم، وإذا كان كلاهما مختلف عن الآخر في الطباع، إلا أنهما ترافقا سوياً، وكانا صديقين متحابين، حتى بعد تخرجهما من "بيت هادمدراش" وأصبحا مُدرسيْن في مدارس "هاملخوت"، "ابن داﭬيد" في "كسلون"، و"يعقوب نوفيخ" في مدينة أخرى بعيدة عن "كسلون"، إلا أن المسافة البعيدة لم تُفرق بينهما، فكانا يراسلان بعضهما البعض عبر الخطابات، وها قد جاء "يعقوب" ليتحدث لـ"ابن داﭬيد" وجهاً لوجه، مرت أيام العيد وجاءت أيام العمل، ولم يذهب "يعقوب" بعد لمكان عمله، وذات مساء جلس مع "ابن داﭬيد" في حجرته، وكلٌ أمامه قدح من الشاي وغليون بفمه، يتجاذبان أطراف الحديث.
قال" نوفيخ" - وهو ينقر بأطراف أصابعه على جبهته -: حقاً يا صديقي، لن أعود إلى مكان عملي ثانية، سوف أتوجه للدراسة في الجامعة، هكذا قررت.
أجابه "ابن داﭬيد" – ومن فمه تتصاعد سحب الدخان دوائر دوائر-: أقول لكَ هذه المرة أيضاً إن نهجك غير معقول، من فضلك تذكر يا "يعقوب" أنكَ كنت فتى فقيرا بائسا، مثلي ومثل كثير من رفاقنا أيضاً، والتقطك "بيت مدراش هاربانيم"، ورباك كأبٍ لكَ وأعالكَ، وكل حاجاياتك هي من فقراء شعبنا؛ الذين قدموا من كدهم وعملهم من أجل هذا فقط، من أجل أن تتعلم الحكمة والمعرفة، وتُعلم أبناءهم بعد ذلك، لماذا الآن تُدير لهم ظهرك وتتبطر على نعمهم وما قدموه لكَ؟ ألأنكَ تبغي لنفسك مجداً؛ لتكون طبيباً أو محامياً، لتحقيق ثراء وحياة رغدة؟ ..
أجاب "نوفيخ": حسناً ما تقول، لكن بلا مبرر، إن نهجك نهج الفلاسفة منذ صباك، من خلال نفسك ورؤية قلبك ترى هذا العالم، وهذا الأمر الذي بيننا تراه كما يخطر في بالك وتفكر فيه كما ينبغي أن يكون، وليس كما هو في الحقيقة، هل شعبنا يحتاج حقاً لهاتين المدرستين، ولتلك المدارس الصغيرة لدينا وللمدرسين؟ إنهم لم يؤسسوا تلك المدراس، ولا هم أصحابها، يقولون لهم: أعطوا أموالاً؛ فيعطون، والوظيفة هي للأجنبي، ليحكمهم ويفعل ما يحلو له، يتكبر على شعب إسرائيل، وفي نظره المدرسون العبرانيون هم لا شيء، لقد زال المجد عن مدراسنا، لم تعد بها روح الشعب أو كيانه.
لذا قال "ابن داﭬيد" بتأثر: علينا نحن طلائع "الهسكالاه" أن نتشبث بالدين، أن نوقظ شعبنا ونتحدث إليه بكل حين، حان الوقت لننصح أبناءهم، لتنشأتهم روحياً وبروح العصر الحديث والجيل الجديد، ولتكن عيونهم مفتوحة علىهذه المدراس الدينية، عُد يا "يعقوب" يا صديقي إلى عملك ولا تترك مكانك.
وحينما أنهى "ابن داﭬيد" حديثه، سمع حينئذ صوت مسيرة، ودخل في تلك اللحظة "يوناتان" ساخط الوجه.
فقال "ابن داﭬيد" بمودة: أرى يا عزيزي أنكَ قلق، أخبرني ماذا حدث لا تُخفي عني من فضلك.
أجاب "يوناتان" مرتبكاً ومندهشاً: لم يعد "شمعون" موجوداً! لقد هرب!
كيف حدث ذلك؟
لقد جاء الشر من شباب "اليشيفا"[2]، قيل أن منهم من هجروا التوراة، ويلعبون الدومينو والورق في مصلى السيدات بالمعهد؛ الذي في بيت الرب، وبتحري الأمر، وُجد أنهم جماعة من الخونة، لم يعد في قلوبهم إيمان، لا يؤمنون بالمعجزات والعجائب، ويدنسون مقدسات شعب إسرائيل وسبوتاته، وأضلوا كثيرا من الشباب من أبناء المكان، وأبعدوهم عن الطريق المستقيم، لذا فالمدينة غاضبة، والسخط عارم، يتهم "الحسيديم[3]" "الليطائيم[4]" بأنهم ضِعاف الإيمان، لا يؤمنون بالمقدسين، وتعلم عنهم الفتيان نهجهم السيء، ويدين معلموا المكان معلمي "ليطا"؛ لأنهم لم يعلموا تلاميذهم التوراة، علموهم التواراة مع التفسير واللغة والبلاغة، وكثير مما لاطائل له، مما لايُرجى منه فائدة لأرواحهم، أو يُشعرهم بمخافة الله، سمع "أفرايم" صرخة الشعب، لأن الآباء مستاءون من أبنائهم -أبناء جاحدون- وحمَّل ابنه "شمعون" ذنوبه، وعاقبه بتوبيخ عنيف؛ فهرب "شمعون" من وجهه.
صاح ابن داﭬيد بغضب: حقاً أخطأ الأبناء، ولكن المتهمين هم آباؤهم الذين لم يمنحوا لقلوبهم تعليماً توراتياً، وسلوكاً حسناً، ولم يغرسوا الحكمة والتوارة في قلوبهم منذ نعومة أظافرهم، عندما ينمون ويشتْمون من بعيد رائحة شجرة المعرفة، التي وضع الآباء "السرافيم"[5] حولها، كذلك نيران جهنم وزمرة ملائكة الشر، وإذ بهم يفقدون سلامتهم الروحية ولم يعودوا مؤمنين، الآباء يُخطئون في حق أبنائهم ويلوون لهم طريقهم، وتسخط عليهم قلوبهم، يُغمض الآباء أعينهم عن رؤية ما يدور في العصر، ويسيرون ضد التيار، ويعاني أبناؤهم بسببهم.
قال "نوفيخ" – شاداً على يد رفيقه-: ويتهمون آخرين! دعكَ منهم، وتعالى نذهب للجامعة ونتعلم أقوال الحكمة من حكماء الأرض لتطيب لنا الأيام.
قال "ابن داﭬيد" –وهو ينهض من مكانه-: لا يا صديقي، لن أذهب وأنهل المعرفة من حقول آخرين، في الوقت الذي يرجو شعبي أن أساعد أبناءهم، هذا الجحود بعينه، أنا ثابت في مكاني، وسأتحدث لشعبي وأحدثه قائلاً: لقد حان الوقت من أجل بناء مدارس عبرية! انهضوا وابنوا مدارسكم، لتسكنها روح المعرفة ومخافة الرب، والمسئولية ستكون على عاتقكم، وحينئذ يصبح كل أبنائكم هم أبناء شعبكم مدرسو توراة المعرفة، والسلام يسود بينكم، وإن رفضتم وتمردتم، تكون عاقبتكم مريرة في النهاية، ولات حين مناص.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] بيت مدراش: مدرسة دينية يهودية. الكلمة مكونة من مقطعين:الأول بمعنى بيت، والمقطع الثاني ينطق مدراش ويعني دراسة.
[2] يشيفا بالعبرية: יְשִיבָה تعني جلوس، وتلفظ بالعبرية: يِشيڤاه وهي مدرسة يهودية دينية حيث يتم تعليم مصادر الشريعة اليهودية، وكذلك طرقات الإفتاء في الديانة اليهودية.
[3] الحسيديم: أتباع حركة الحسيدية اليهودية، وهي حركة دينية روحانية نشأت في القرن السابع عشر.
[4] نسبة إلى ليتوانيا.
[5] سرافيم أو سيرافيم وردت في سفر إشعياء بالعهد القديم لتصف ملائكة مجنحين، لكن الكلمة تأتي أحيانا بمعناها اللغوي في العبرية وهو محرقة، من الفعل العبري שרף بمعنى حرق.
* عن مدونة
[SIZE=6]محمد عبد الدايم
ولد في مدينة صغيرة اسمها كابولي في إقليم مينسك في روسيا البيضاء.
بدأ في الكتابة في مرحلة الهسكالاه، وكانت كتاباته الصحفية عبارة عن كتابات شعبية، وبدأ يكتب منتقدا حياة اليهود وتعليمهم وثقافتهم.
ترجم عن الألمانية ثلاثة أجزاء من كتاب "التاريخ الطبيعي" للمؤلف الألماني ليبنتس. وحتى عام 1872 كان نشاطه الأدبي قاصرا على المقال والترجمة.
كانت بداية إنتاجه القصصي باللغة الييدشية، ولم يعد للكتابة بالعبرية إلا عام 1886، وهنا تغيرت شخصيته وتحول من الأديب المسكيل الذي يحاول إصلاح المجتمع اليهودي، وإنما بدأ في كتابة أعمال هجائية لاذعة نحو اليهود، وبعدها تنوعت موضوعاته الأدبية، وكانت تتسم بالواقعية الاجتماعية، وعمل على إبراز التناقض بين حياة اليهود وحياة العالم من حولهم.
اتسم أسلوبه بالتنوع والتطور، ففي البداية كتب الييديشية، ثم تحول إلى العبرية وحافظ في كتاباته على اللغة العبرية التراثية والشعبية، ودمجها بتركيبات لغوية مستمدة من اللغات الأوربية، وانتشر أسلوبه اللغوي بين الكتاب اليهود المعاصرين، وتوسع استخدامه بين الكتاب والأدباء من بعده، مثل إحاد هاعام وبياليك، وفتحت لغته آفاقا جديدة للقصة العبرية، حيث حرص على توسيع لغة السرد القصصي، بتطعيم أسلوبه بلغة المشنا والمدراش والشعر الديني، وسعى لتخليص الأدب العبري من أسلوب الزخرفة اللفظية، وأدخل وحدة الأسلوب إلى الأدب العبري.
[/SIZE]
قال" نوفيخ" - وهو ينقر بأطراف أصابعه على جبهته -: حقاً يا صديقي، لن أعود إلى مكان عملي ثانية، سوف أتوجه للدراسة في الجامعة، هكذا قررت.
أجابه "ابن داﭬيد" – ومن فمه تتصاعد سحب الدخان دوائر دوائر-: أقول لكَ هذه المرة أيضاً إن نهجك غير معقول، من فضلك تذكر يا "يعقوب" أنكَ كنت فتى فقيرا بائسا، مثلي ومثل كثير من رفاقنا أيضاً، والتقطك "بيت مدراش هاربانيم"، ورباك كأبٍ لكَ وأعالكَ، وكل حاجاياتك هي من فقراء شعبنا؛ الذين قدموا من كدهم وعملهم من أجل هذا فقط، من أجل أن تتعلم الحكمة والمعرفة، وتُعلم أبناءهم بعد ذلك، لماذا الآن تُدير لهم ظهرك وتتبطر على نعمهم وما قدموه لكَ؟ ألأنكَ تبغي لنفسك مجداً؛ لتكون طبيباً أو محامياً، لتحقيق ثراء وحياة رغدة؟ ..
أجاب "نوفيخ": حسناً ما تقول، لكن بلا مبرر، إن نهجك نهج الفلاسفة منذ صباك، من خلال نفسك ورؤية قلبك ترى هذا العالم، وهذا الأمر الذي بيننا تراه كما يخطر في بالك وتفكر فيه كما ينبغي أن يكون، وليس كما هو في الحقيقة، هل شعبنا يحتاج حقاً لهاتين المدرستين، ولتلك المدارس الصغيرة لدينا وللمدرسين؟ إنهم لم يؤسسوا تلك المدراس، ولا هم أصحابها، يقولون لهم: أعطوا أموالاً؛ فيعطون، والوظيفة هي للأجنبي، ليحكمهم ويفعل ما يحلو له، يتكبر على شعب إسرائيل، وفي نظره المدرسون العبرانيون هم لا شيء، لقد زال المجد عن مدراسنا، لم تعد بها روح الشعب أو كيانه.
لذا قال "ابن داﭬيد" بتأثر: علينا نحن طلائع "الهسكالاه" أن نتشبث بالدين، أن نوقظ شعبنا ونتحدث إليه بكل حين، حان الوقت لننصح أبناءهم، لتنشأتهم روحياً وبروح العصر الحديث والجيل الجديد، ولتكن عيونهم مفتوحة علىهذه المدراس الدينية، عُد يا "يعقوب" يا صديقي إلى عملك ولا تترك مكانك.
وحينما أنهى "ابن داﭬيد" حديثه، سمع حينئذ صوت مسيرة، ودخل في تلك اللحظة "يوناتان" ساخط الوجه.
فقال "ابن داﭬيد" بمودة: أرى يا عزيزي أنكَ قلق، أخبرني ماذا حدث لا تُخفي عني من فضلك.
أجاب "يوناتان" مرتبكاً ومندهشاً: لم يعد "شمعون" موجوداً! لقد هرب!
كيف حدث ذلك؟
لقد جاء الشر من شباب "اليشيفا"[2]، قيل أن منهم من هجروا التوراة، ويلعبون الدومينو والورق في مصلى السيدات بالمعهد؛ الذي في بيت الرب، وبتحري الأمر، وُجد أنهم جماعة من الخونة، لم يعد في قلوبهم إيمان، لا يؤمنون بالمعجزات والعجائب، ويدنسون مقدسات شعب إسرائيل وسبوتاته، وأضلوا كثيرا من الشباب من أبناء المكان، وأبعدوهم عن الطريق المستقيم، لذا فالمدينة غاضبة، والسخط عارم، يتهم "الحسيديم[3]" "الليطائيم[4]" بأنهم ضِعاف الإيمان، لا يؤمنون بالمقدسين، وتعلم عنهم الفتيان نهجهم السيء، ويدين معلموا المكان معلمي "ليطا"؛ لأنهم لم يعلموا تلاميذهم التوراة، علموهم التواراة مع التفسير واللغة والبلاغة، وكثير مما لاطائل له، مما لايُرجى منه فائدة لأرواحهم، أو يُشعرهم بمخافة الله، سمع "أفرايم" صرخة الشعب، لأن الآباء مستاءون من أبنائهم -أبناء جاحدون- وحمَّل ابنه "شمعون" ذنوبه، وعاقبه بتوبيخ عنيف؛ فهرب "شمعون" من وجهه.
صاح ابن داﭬيد بغضب: حقاً أخطأ الأبناء، ولكن المتهمين هم آباؤهم الذين لم يمنحوا لقلوبهم تعليماً توراتياً، وسلوكاً حسناً، ولم يغرسوا الحكمة والتوارة في قلوبهم منذ نعومة أظافرهم، عندما ينمون ويشتْمون من بعيد رائحة شجرة المعرفة، التي وضع الآباء "السرافيم"[5] حولها، كذلك نيران جهنم وزمرة ملائكة الشر، وإذ بهم يفقدون سلامتهم الروحية ولم يعودوا مؤمنين، الآباء يُخطئون في حق أبنائهم ويلوون لهم طريقهم، وتسخط عليهم قلوبهم، يُغمض الآباء أعينهم عن رؤية ما يدور في العصر، ويسيرون ضد التيار، ويعاني أبناؤهم بسببهم.
قال "نوفيخ" – شاداً على يد رفيقه-: ويتهمون آخرين! دعكَ منهم، وتعالى نذهب للجامعة ونتعلم أقوال الحكمة من حكماء الأرض لتطيب لنا الأيام.
قال "ابن داﭬيد" –وهو ينهض من مكانه-: لا يا صديقي، لن أذهب وأنهل المعرفة من حقول آخرين، في الوقت الذي يرجو شعبي أن أساعد أبناءهم، هذا الجحود بعينه، أنا ثابت في مكاني، وسأتحدث لشعبي وأحدثه قائلاً: لقد حان الوقت من أجل بناء مدارس عبرية! انهضوا وابنوا مدارسكم، لتسكنها روح المعرفة ومخافة الرب، والمسئولية ستكون على عاتقكم، وحينئذ يصبح كل أبنائكم هم أبناء شعبكم مدرسو توراة المعرفة، والسلام يسود بينكم، وإن رفضتم وتمردتم، تكون عاقبتكم مريرة في النهاية، ولات حين مناص.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] بيت مدراش: مدرسة دينية يهودية. الكلمة مكونة من مقطعين:الأول بمعنى بيت، والمقطع الثاني ينطق مدراش ويعني دراسة.
[2] يشيفا بالعبرية: יְשִיבָה تعني جلوس، وتلفظ بالعبرية: يِشيڤاه وهي مدرسة يهودية دينية حيث يتم تعليم مصادر الشريعة اليهودية، وكذلك طرقات الإفتاء في الديانة اليهودية.
[3] الحسيديم: أتباع حركة الحسيدية اليهودية، وهي حركة دينية روحانية نشأت في القرن السابع عشر.
[4] نسبة إلى ليتوانيا.
[5] سرافيم أو سيرافيم وردت في سفر إشعياء بالعهد القديم لتصف ملائكة مجنحين، لكن الكلمة تأتي أحيانا بمعناها اللغوي في العبرية وهو محرقة، من الفعل العبري שרף بمعنى حرق.
* عن مدونة
[SIZE=6]محمد عبد الدايم
ولد في مدينة صغيرة اسمها كابولي في إقليم مينسك في روسيا البيضاء.
بدأ في الكتابة في مرحلة الهسكالاه، وكانت كتاباته الصحفية عبارة عن كتابات شعبية، وبدأ يكتب منتقدا حياة اليهود وتعليمهم وثقافتهم.
ترجم عن الألمانية ثلاثة أجزاء من كتاب "التاريخ الطبيعي" للمؤلف الألماني ليبنتس. وحتى عام 1872 كان نشاطه الأدبي قاصرا على المقال والترجمة.
كانت بداية إنتاجه القصصي باللغة الييدشية، ولم يعد للكتابة بالعبرية إلا عام 1886، وهنا تغيرت شخصيته وتحول من الأديب المسكيل الذي يحاول إصلاح المجتمع اليهودي، وإنما بدأ في كتابة أعمال هجائية لاذعة نحو اليهود، وبعدها تنوعت موضوعاته الأدبية، وكانت تتسم بالواقعية الاجتماعية، وعمل على إبراز التناقض بين حياة اليهود وحياة العالم من حولهم.
اتسم أسلوبه بالتنوع والتطور، ففي البداية كتب الييديشية، ثم تحول إلى العبرية وحافظ في كتاباته على اللغة العبرية التراثية والشعبية، ودمجها بتركيبات لغوية مستمدة من اللغات الأوربية، وانتشر أسلوبه اللغوي بين الكتاب اليهود المعاصرين، وتوسع استخدامه بين الكتاب والأدباء من بعده، مثل إحاد هاعام وبياليك، وفتحت لغته آفاقا جديدة للقصة العبرية، حيث حرص على توسيع لغة السرد القصصي، بتطعيم أسلوبه بلغة المشنا والمدراش والشعر الديني، وسعى لتخليص الأدب العبري من أسلوب الزخرفة اللفظية، وأدخل وحدة الأسلوب إلى الأدب العبري.
[/SIZE]