يقول الناقد الراحل محمد البنكي إن الكلمة (التي كانت صورة في بدايات مرحلة الكتابة) تعتبر خديناً أبدياً لمختلف صنوف الإبداع البصري، وقد ارتبطت الكلمة بالصورة على امتداد تاريخ الفنون. والحركة بينهما سلكت طريقاً مزدوجاً طالما ذرعته الآثار الفنية جيئة وذهاباً». فماذا عن الثقاقة البصرية بشكل عام؟ وإلى أي حد هي فاعلة في السرد الروائي؟!
يؤكد الروائي رسول درويش أن الرواية المبدعة قادرة على نسج فضاءاتها من خلال التزاوج الدائم مع الصور الفوتوغرافية وأرشيفات الذاكرة وكذلك الخيال الممتد، وتكون بذلك اللغة المكتوبة متداخلة مع اللغة المرئية وتصبح قادرة على كتابة المكان وبسطه بين يدي القارئ. أما على الجانب الذاتي، فإنني كنت أحبذ أن يقوم النقاد بتمييز جانب الثقافة البصرية في روايتي «خطيئة السرداب»، ولكن لا بأس أن نذكر أنّ الصور كانت حاضرة في هيئة مدن مختلفة حيث دارت أحداث الرواية وتنقلت بين بغداد، بانكوك، مانيلا وصولاً للصورة المتخيَلة على سطح القمر.
خبرات العين
ويضيف درويش: تعتبر الثقافة البصرية عنصراً فعالاً ومؤثراً في عملية كتابة المتن والسرد الروائي، ولتوضيح ذلك لابدّ من وضع تعريف محدد الأوجه لكل من الثقافة البصرية والمتن الروائي ثم البحث عن العلاقة بينهما مستشهدين بأدلة حية توضح الدور البارز والجلي لهذا النوع من الثقافة على الأدب الروائي، موضحاً أن الثقافة البصرية تعرف على أنها خبرات العين القائمة على استعارة أدوات الرسام وكاميرا المصور وتقطيعات المونتير واللوحة التشكيلية سواء في لقطة متحركة أو ثابتة ومن ثم عملية إنتاجها في هيكل شعري (قصيدة) أو سردي يعرف بالمتن الذي يحافظ بدوره على الجنس الروائي، وهي عملية تزاوجية بين الفنون تجعل الأديب على مقربة من الفنون الأخرى، ويعرف المتن الروائي بأنه عملية تأويل سردي يزيح التراكمات المعرفية بالحياة من مصادرها الحقيقية وينقشها بحرفية على لوحة تعرف بالرواية، ويتناول فيها السرد المبدع تأويل القصص الحياتية المعاشة في تكثيف لغوي، ونتيجة لذلك، أصبح من المألوف أن تُنقل المعرفة من جنس أدبي يحمل خصائص محددة إلى جنس أدبي آخر يحمل خصائص مختلفة في تعريف يسمى بالأدب المتوازي (paraliterature) حتى أصبح للصورة البصرية دور بارع في تشكيل تقنيات اللغة في إطار عملية إزاحة فنية تثير خيال الكاتب وتثريه.
وتابع درويش: كما أنجز الشاعر الشهير أدونيس معرضاً لرسوماته، فإن هناك روايات عديدة أدخلت بمهارة فائقة الثقافة البصرية في بناء سردها الروائي كما فعل ذلك صنع الله إبراهيم في رواية «بيروت بيروت» التي رسم فيها بكلماته الحرب الأهلية اللبنانية، وكذلك فعل حسن داود حين رسم لوحة آخر العمر في كلمات تمثل رواية «أيام زائدة» يظهر فيها عملية استثمــار ممكنــات الصورة.
صديقة لطيفة
من جانبه، يجد الروائي أحمد المؤذن، في الثقافة البصرية صديقة لطيفة «آنس بها حينما تكون مكتنزة بالمضامين الإنسانية التي تحمل قيم الخير والحب والعدالة، وأنفر منها كلما ازداد تهتكها وعبثيتها، سواء كانت شاشة التلفاز أو السينما».
ويضيف المؤذن أن الثقافة البصرية تعضد من مجهود الكاتب وتشحنه بالطاقة، كلنا أحببنا أفلاماً سينمائية مقتبسة من أعمال روائية مشهورة مثل شيفرة دافنشي للكاتب الأمريكي دان براون، هناك علاقة تبادلية إيجابية جميلة منتجة كما أعتقد، على ذكر هذا الموضوع يحضرني الآن حديث أحد الأصدقاء من كتاب التلفزيون (حسن ناجي - الأردن) حيث أبدى استعداده لكتابة سيناريو (وقت للخراب القادم) من أجل تقديمه كمسلسل تليفزيوني، لكن العقبة الوحيدة وجود المنتج الفني المستعد لقبول فكرة الرواية وتبنيها لتتحول لثقافة بصرية نوجهها لوعي المشاهد العربي.
تتغذى على الأدب
وترى الروائية فتحية ناصر أن لكل شيء امتيازه الخاص وأيضاً جمهوره، والثقافة البصرية في أساسها شكل من أشكال الرواية، كما إنها عاشت لزمن طويل تتغذى على الأدب، وماتزال حتى يومنا تقتبس منه، مردفة: لكني لم أسمع - على الأقل حتى الآن - بأن فيلماً سينمائياً أو عملاً تلفزيونياً قد تحول إلى رواية !! .
لغة العصر
ويعتبر الروائي خليفة العريفي، الحياة البصرية لغة العصر، «نحن نعيش عصر وثقافة الصورة كما يقول د. عبدالله الغذامي؛ صارت الصورة هي التي تحرك أمواج القصيدة، والرواية إن لم تكن مليئة بالصور، فلن يتابعها القارئ، الصورة شاهد على عصرنا فلا يمكن أن نغفل أمرها في كل مناحي العمل الأدبي، وروايتي «جمرة الروح» هي مجموعة من الصور انتقيتها من حياتي وصورتها في رواية، لأني بت أعتقد أن الرواية العربية الآن هي : لسان العرب. بدلاً من الشعر.
يؤكد الروائي رسول درويش أن الرواية المبدعة قادرة على نسج فضاءاتها من خلال التزاوج الدائم مع الصور الفوتوغرافية وأرشيفات الذاكرة وكذلك الخيال الممتد، وتكون بذلك اللغة المكتوبة متداخلة مع اللغة المرئية وتصبح قادرة على كتابة المكان وبسطه بين يدي القارئ. أما على الجانب الذاتي، فإنني كنت أحبذ أن يقوم النقاد بتمييز جانب الثقافة البصرية في روايتي «خطيئة السرداب»، ولكن لا بأس أن نذكر أنّ الصور كانت حاضرة في هيئة مدن مختلفة حيث دارت أحداث الرواية وتنقلت بين بغداد، بانكوك، مانيلا وصولاً للصورة المتخيَلة على سطح القمر.
خبرات العين
ويضيف درويش: تعتبر الثقافة البصرية عنصراً فعالاً ومؤثراً في عملية كتابة المتن والسرد الروائي، ولتوضيح ذلك لابدّ من وضع تعريف محدد الأوجه لكل من الثقافة البصرية والمتن الروائي ثم البحث عن العلاقة بينهما مستشهدين بأدلة حية توضح الدور البارز والجلي لهذا النوع من الثقافة على الأدب الروائي، موضحاً أن الثقافة البصرية تعرف على أنها خبرات العين القائمة على استعارة أدوات الرسام وكاميرا المصور وتقطيعات المونتير واللوحة التشكيلية سواء في لقطة متحركة أو ثابتة ومن ثم عملية إنتاجها في هيكل شعري (قصيدة) أو سردي يعرف بالمتن الذي يحافظ بدوره على الجنس الروائي، وهي عملية تزاوجية بين الفنون تجعل الأديب على مقربة من الفنون الأخرى، ويعرف المتن الروائي بأنه عملية تأويل سردي يزيح التراكمات المعرفية بالحياة من مصادرها الحقيقية وينقشها بحرفية على لوحة تعرف بالرواية، ويتناول فيها السرد المبدع تأويل القصص الحياتية المعاشة في تكثيف لغوي، ونتيجة لذلك، أصبح من المألوف أن تُنقل المعرفة من جنس أدبي يحمل خصائص محددة إلى جنس أدبي آخر يحمل خصائص مختلفة في تعريف يسمى بالأدب المتوازي (paraliterature) حتى أصبح للصورة البصرية دور بارع في تشكيل تقنيات اللغة في إطار عملية إزاحة فنية تثير خيال الكاتب وتثريه.
وتابع درويش: كما أنجز الشاعر الشهير أدونيس معرضاً لرسوماته، فإن هناك روايات عديدة أدخلت بمهارة فائقة الثقافة البصرية في بناء سردها الروائي كما فعل ذلك صنع الله إبراهيم في رواية «بيروت بيروت» التي رسم فيها بكلماته الحرب الأهلية اللبنانية، وكذلك فعل حسن داود حين رسم لوحة آخر العمر في كلمات تمثل رواية «أيام زائدة» يظهر فيها عملية استثمــار ممكنــات الصورة.
صديقة لطيفة
من جانبه، يجد الروائي أحمد المؤذن، في الثقافة البصرية صديقة لطيفة «آنس بها حينما تكون مكتنزة بالمضامين الإنسانية التي تحمل قيم الخير والحب والعدالة، وأنفر منها كلما ازداد تهتكها وعبثيتها، سواء كانت شاشة التلفاز أو السينما».
ويضيف المؤذن أن الثقافة البصرية تعضد من مجهود الكاتب وتشحنه بالطاقة، كلنا أحببنا أفلاماً سينمائية مقتبسة من أعمال روائية مشهورة مثل شيفرة دافنشي للكاتب الأمريكي دان براون، هناك علاقة تبادلية إيجابية جميلة منتجة كما أعتقد، على ذكر هذا الموضوع يحضرني الآن حديث أحد الأصدقاء من كتاب التلفزيون (حسن ناجي - الأردن) حيث أبدى استعداده لكتابة سيناريو (وقت للخراب القادم) من أجل تقديمه كمسلسل تليفزيوني، لكن العقبة الوحيدة وجود المنتج الفني المستعد لقبول فكرة الرواية وتبنيها لتتحول لثقافة بصرية نوجهها لوعي المشاهد العربي.
تتغذى على الأدب
وترى الروائية فتحية ناصر أن لكل شيء امتيازه الخاص وأيضاً جمهوره، والثقافة البصرية في أساسها شكل من أشكال الرواية، كما إنها عاشت لزمن طويل تتغذى على الأدب، وماتزال حتى يومنا تقتبس منه، مردفة: لكني لم أسمع - على الأقل حتى الآن - بأن فيلماً سينمائياً أو عملاً تلفزيونياً قد تحول إلى رواية !! .
لغة العصر
ويعتبر الروائي خليفة العريفي، الحياة البصرية لغة العصر، «نحن نعيش عصر وثقافة الصورة كما يقول د. عبدالله الغذامي؛ صارت الصورة هي التي تحرك أمواج القصيدة، والرواية إن لم تكن مليئة بالصور، فلن يتابعها القارئ، الصورة شاهد على عصرنا فلا يمكن أن نغفل أمرها في كل مناحي العمل الأدبي، وروايتي «جمرة الروح» هي مجموعة من الصور انتقيتها من حياتي وصورتها في رواية، لأني بت أعتقد أن الرواية العربية الآن هي : لسان العرب. بدلاً من الشعر.