أحمد رجب شلتوت: اكتب ما تحب ولا تنتظر شيئًا.. حوار أجراه : شريف صالح

[SIZE=5]بداية[/SIZE]



الجمعة 29 يونيو 2018

لكل منا بداية.. وما أجمل البدايات.. محبة أول كتاب قرأناه.. وفرحة أول جائزة.. كُتاب تركوا فينا بصمة لا تمحى.. وكلمة شجعتنا على مواصلة الطريق.. أصدقاء وأفراد من الأسرة احتفوا بنا وآخرون تمنوا لنا الفشل.. وعبر رحلة الكتابة تولد طقوسنا ومزاجنا الخاص. النهار تحتفي هنا بتجارب المبدعين وبداياتهم.. وفيما يلي دردشة مع الكاتب أحمد رجب شلتوت:
هل تذكر أول كتاب وقع في يدك؟
لعله كان بساط الريح لكامل كيلاني، ولك أن تدرك أي تأثير يتركه بساط الريح في نفس طفل معاق مربوط بالأرض، كان الكتاب نفسه بساط ريح لي شدني لعوالم الكتب منذ طفولتي.
جائزة.. أو كلمة.. شجعتك على مواصلة الطريق؟
أول كلمة تشجيع تلقيتها وأنا طالب في الصف السادس الإبتدائي، كانت حرب أكتوبر قد انتهت لكن أبي لم يعد بعد، مدرس اللغة العربية كلفنا بكتابة موضوع تعبير عبارة عن رسالة أوجهها لجندي شارك في الحرب، وجهت الرسالة ، وتلقيت كلماته المشجعة بالبكاء. أما أول جائزة فكانت من جريدة الشعب، عام 1989، علمت بالمسابقة في يومها الأخير، وبالصدفة، فشاركت بقصتين، إحداهما فازت بالمركز الأول، ومازال صدى نبأ فوزي بالجائزة محتفظا ببهجته للآن.
كاتب ترك بصمة مهمة عليك؟
يحيى حقي، قرأت أقصوصته الشاعر بصير قبل أن أقرأ كتابا كاملا له، تلك الأقصوصة علمتني فن الكتابة، أوجز فيها المعلم الكبير ما بسطه في أنشودة البساطة.
متى وكيف نشرت أول نص لك؟
اكتشفت مجلة القصة وأنا طالب في جامعة القاهرة، أرسلت لهم قصة، فنشرها الكاتب نبيل عبدالحميد، ضمن باب البريد، كانت قصيرة جدا فنشرها كاملة، وعقب بسطرين مشجعين، كان ذلك في يناير 1983. وأنا طالب في سنة ثانية تجارة.
كيف تفهمت الأسرة رغبتك أن تصبح كاتباً؟
باختصار رحبت أسرتي وتلقت الأمر بأريحية، فما دمت أفعل ما يعجبني ويسليني في وحدتي فأنا حر. أنا أكبر إخوتي، ولدت في بيت عائلة كبيرة لكن بعدما نزح أغلب أبنائها إلى القاهرة، لم يكن بالبيت إلا أربعة سواى، جدي لأمي (رجل خمسيني أنهكه الربو، جعل من إحدى الغرف دكانا) وجدتي لأمي، أمي (كانت طفلة ولدتني يوم عيد ميلادها الـ 15) وأبي ابن عمها (كان جنديا في غزة قبل 67، وفي السويس بعدها فلم أكن أراه إلا أياما كل عدة أسابيع)، أنجبت تباعا أربعة سواى فانشغلت بهم، جدتي ملأت فراغ البيت بالطيور، وكنت طفلا مقعدا إن أبقوني بالبيت أنشغل بمراقبة الطيور، وإن أخرجني جدي للدكان، يضعني فوق البنك فأنشغل بكلامه وكلام من يرافقونه، نشأت صموتا، خجولا. أبي كان يمنحني إجازاته، يحضر لي من باب الحديد كتبا لتعليم المطالعة وكراسات وأقلام رصاص، تلك هداياه في كل الإجازات، يقضي إجازاته في تعليمي القراءة، فأجدتها قبل أن أدخل المدرسة، ولم أكن أغادر القرية إلا لمستشفي غمرة العسكري حيث أجروا لساقي جراحات عديدة قومت اعوجاجا، وأطلقت أحلاما سرعان ما أجهضت، وحرمتني كثيرا من سماع حكايات جلساء جدي. لم يكن إلا الكتاب أنيسا، قصص اشتراها أبي لي ( كتب كامل كيلاني وأولها بساط الريح) أو لنفسه ( أرسين لوبين وشرلوك هولمز)، فلما عدت إلى الدكان انتبهت لربطات كتب ومجلات قديمة يشتريها جدي ليصنع منها قراطيس أو لفافات لما يبيع، يفك جدي الربطات أمامي، أقضي وقتا في التقليب فيها، أحتفظ بما يروق لي فاصحبه معي إلى المنزل وتشكلت عشوائيا مكتبتي الأولى، كانت الكتب كلام الآخرين لي، فكان لابد أن أكتب ليكتمل الحوار، أقصوصتي الأولى _ أو ما ظننته كذلك _ كتبتها عقب امتحان الإعدادية، بدأت الأجازة بدخول المستشفى لإجراء جراحة (هذه المرة معهد شلل الأطفال بإمبابة)، كان يوم خميس، كانت ساقي ملفوفة بالجبس، ممدا فوق سرير لصق الحائط، عيناي مرميتان في الشارع، وفجأة تظلم الدنيا، غابت الكهرباء لأكثر من ساعة، ولما عادت أكتشف نزلاء الطابق الذي يعلوني أن أطفالا في الحضانات قد ماتوا بسبب انقطاع التيار وتزويغ الكهربائي الذي لم يشغل المولد، المهم، تصادف مرور موكب عرس فى الشارع، فاختلطت الزغاريد بالصراخ، وكانت الشرارة التى نتج عنها نصي الأول المفرط في السذاجة.
المهم توالت نصوصي موزعة بين ما أسميته قصة وما أسميته قصيدة، وأسرتي تلقت الأمر بأريحية، فما دمت أفعل ما يعجبني ويسليني في وحدتي فأنا حر.
هل هناك أصدقاء شجعوك؟
لا، الأصدقاء القليلون رأوا فيما أفعل من قراءة أو كتابة مضيعة للوقت.
ما طقوسك مع الكتابة؟
ليس ثمة طقوس، فقط أحتاج للوحدة والهدوء.
تجربة أول كتاب نشرته؟
تقدمت بأكثر من مجموعة للسلاسل في هيئة الكتاب أو قصور الثقافة، ولأن سذاجتي المفرطة جعلتني أكتفي بمجرد تقديم العمل، فلم ينشروا لي، كانت الأيام مرت وتخرجت في الجامعة والتحقت سريعا بوظيفة وفكرت في الزواج، فلم أحزن كثيرا لقتل أكثر من مجموعة، تأخر زواجي كثيرا، كما تأخر كتابي الأول، تزوجت صيف 1995 وعمرى 33، أصدقائي اعتبروني بائرا، فاتني القطار، الغريب أنني بعد الزواج فكرت في أنني سأكون كاتبا بائرا إن لم أنشر، فكونت مجموعة قليلة الصفحات من سبع قصص لتكون تكلفتها على قدر استطاعتي ونشرت فى شتاء 1996 مجموعة العائد إلى فرحانة.
ماذا تعني لك الجوائز؟
حصلت على جوائز مصرية عديدة باختصار كانت تعني الاعتراف، تكرار الفشل في تجارب النشر أحبطني، الأهل والأصدقاء زادت قناعتهم بأنني فقط أضيع وقتا زائدا أتاحته لي الظروف الصحية، جائزة جريدة الشعب - كنت الأول وكانت قيمتها المالية 30 جنيها - كانت أول جائزة فردت في الروح، بعدها جائزة نادي القصة وكنت أيضا الأول، لها مزايا عدة: أولها توقيع نجيب محفوظ على شهادة التقدير منحني سعادة فائقة، أيضا نشر القصة الفائزة في الأهرام دفع الأهل والأصدقاء للتسليم بكوني كاتبا.
كتاب كنت تتمنى لو أنت كاتبه؟
أكثر من رواية، أتذكر الآن سالباتيرا أو السنة المفقودة للأرجنتيني بيدرو مايرال.
عمل تخطط لإصداره قريبًا؟
لدي أكثر من مجموعة قصصية وعدد من النوفيلات أخشى أن تموت مختنقة داخل أدراجي، لعل إحداها تفلت وترى النور.
حكمتك التي لا تنساها ككاتب؟
اكتب فقط ما تريد وكما تحب، ولا تنتظر شيئا .


جريدة النهار :: ثقافة :: أحمد رجب شلتوت: اكتب ما تحب ولا تنتظر شيئًا :: شريف صالح :: 29/06/2018
التفاعلات: الأمين الإدريسي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...