عندما وقع اختياري على قصيدة انا يوسف ياابي ، لم اكن اعرف الاسرار الخفية التي جعلتني اتيه في شعر احترم كاتبه كثيرا، مازاد من اندهاشي هو القصيدة نفسها عكس باقي القصائد الاخرى. بعد الصدمة الاولى، اخرجتني من ضيقي ، اهلتني ان اقول مع نفسي: قد اطلع على بعض الكتابات حول القصيدة عينها، فرحت اتجول في رحبة فضاء غوغل الذي اسعفني ببعض المقاربات، طبعا سأحترمها لانها خرجت من المجهول نحو المكتوب، فأصبح لها موقعا في بوابة التاريخ، الا انه من عادتي لابد ان اختلف واتمير ببصمتي الخاصة، عليه وجدت نفسي امام اول سؤال وجب التركيز عليه : ما سر علاقة الشاعر بيوسف في قصيدة استنجد فيها الباث بالاب لينتقد الاخوة، ؟ ثم لماذا الشاعر مثله مثل يوسف خرج من واقع الحياة العادية ليعتنقا دوامة عالم النجوم والكواكب واحدى عشر كوكبا، عبر بوابة الحلم او الرؤية ليخرجا معا من العادي ويصبحان موضوعا في تصور الاخوة ، مما جعل الشاعر يجد نفسه في مأزق لايحسد عليه؟ واخيرا ماذا يعني يوسف في مساءلة البوح الشعري من زاوية نظر اختراق الوجود العادي والعلو في تجليات حياة اخرى تعني الكثير لشاعر قلق من واقع معيشي اوجعه كثيرا؟ ...تلك اول عتبات ولوجي وقاحة حياة تتأسس في مساحة ضيقة عمقها التأكيد والنفي بين صورتين احيانا متقاربتين، ومرات اخرى ممزقتين ، في متاهة البعد بين الحقلين عطاء ونفيا، او موتا وحياة، ربما بصبغة ادق، تجلي بقيمة التحقق وابتعاد بصيغة الرفض، في ساحة التلاعبات تبنى لعب كتابة مستفزة بحركية جد متشاكلة عمقها يحكمه التعمق والتطور .
يستهل الشاعر بوحه كاشفا عن صفة الذات ، محددا ماهياتها، بقوله (انا يوسف ياابي)، هو تأكيد بتجلي جد محدد عمقه هوية جد واضحة،هي صورة يحضر فيها ثلاث عناصر محورية، لايمكن تغييب احدهما عن الاخر:
الاول _____ الشاعر. / المتكلم.
الثاني_____ الاب / المخاطب.
الثالث _______الموضوع / يوسف.
فتصبح الصورة بتلازم تحكمه مستوبات بنيوية جد قوية، لان الباث يحدد صفته بتأكيد (الانا )في الذات، مبرزا ضمير الانية منعزلا / مبتدأ، ثم يزيد من تأكيد الذات بتحديد موضوعها (يوسف)، كما ان المخاطب يكون ملزما ان يصبح جزءا يخدم الذات لانه اساس ارسال الخطاب، فيأتي اخيرا ليخبر عن اسباب ارسال الخطاب بتجليات انماطه باشكال متنوعة ، لان المهم من كل محتويات الارسالية هو الموضوع الذي يعني الذات في خطاب البنية .
كلها عوامل ستجعلنا امام اشكال محوري يعني: ماذا يعني الشاعر عندما يخاطب الاب بأنه يوسف في رسالة توكيدية بامتياز،؟ هو عامل سيجعله خطابا مواليا للاول ، جاء نافيا:
ياابي اخوتي لايحبونني...
فنصبح امام جملة المفي تشرح جملة التوكيد الاولى، فتتأسس الحركية بلازمة يحكمها التوكيد الذي اجاب عنه النفي. هي مرفقات تحكمنا ان نطرح السؤال التالي:
لماذا الاب مخاطبا اولا ، في في جملة التوكيد والاخوة سرا من اسرار لعبة النفي في تلقي اولي يعني الاب بالدرجة الاولى؟ ..فنصبح امام لعبة تيماتيكية يحكمها الاقتراب الذي يتحكم فيه الابتعاد والجزم، الذي يشغل الاخراج والابعاد الكلي ، سنراه في الخطاطة التالية:
العلاقة التيماتيكية بين مستويات الخطاب يحكمها التقاطع في تيمة العائلة على اساس ان الباث والاب والاخوة تجمعهم صلة القرابة العائلية، لكن رغم ذلك نجد الحياة فيها مسار تطورها عبارة عن صراع تفرقها بنية النفي اللغوية الجلية على مستوى سطح الخطاب اولا/ لا النافية ، ثم تؤكدها علاقات متضاربة في محتوى الجملة المعجمية ( لايحبونني)، فنصبح امام مفارقة تنفي تيمة التنامي العائلي، مما يؤهلنا ان نبحث في صلة العمق بين يوسف الشاعر ويوسف النبي ، فيوسف النبي ، في بنية اللعبة الدينية والتاريخية ، تفرقه بالاخوة اسرار التقارب من الاب والحسد النفسي الذي دفع بالانتقام اسلوبا لانهاء المهزلة ، ثم تحكمها عمق البنية الدينية، لان تصور انجاز الحياة من خلال صورة يوسف هي محكمة ربانيا لتنتج يوسف النبي ، ليصبح قصة من قصص حياة الانبياء والرسل كعبر ووعض منها يرى الاخرون الدنيا عموديا ، اما يوسف الثانيز فحقيقة علاقته بالاب والاخوة هي علاقة متخيلة، لان الشاعر سينزاح عن الوجود بالبحث عن قرائن منها يرى الحياة وبها يراه الاخرون ، في العمق ليس نبيا ولا رسولا ، بل اختار قصة نبي ليذهب بها في منحى لاعلاقة له بتطور الحياة وفق الصيغة التاريخية التي تكلم فيها التاريخ عن نبي الله يوسف. الا ان التلازم والتلاقي يحكمه خيانة الاخوة اولا، سواء اخوة في العائلة/ يوسف النبي؛ او الاخوة في النسب والمذهب والمرجعية القبيلية كما ذهب الى ذلك ابن خلدون ، هي كلها دوامات تؤسس طبيعة السلطة في هرم مجتمعي مرتبك.
ج2.
لعبة بناء الخطاب في قصيدة انا يوسف يا ابي تتحكم فيها مجموعة من الازدواجيات الاثنانية التي تخلق دينامية قوية ، منها يتطور الحكي ، وفيها تتوالد الدلالات ، يبدأ الكلام بالاثبات/ انا يوسف ياابي، بعدها مباشرة تتطور خصائص المعنى في خصوبة النفي والرفض والابعاد، يأتي الشاعر بعد التأكيد ليغني رحم الخطاب بالرفض والاقصاء بايحالات جد مؤثرة قائلا:
اخوتي لايحبونني..
لايريدونني بينهم ..
وهو نفي تام ومباشر ، ومن النفي ايضا ماهو ضمني:
يعتدون علي..
يرمونني بالحصى والكلام..
لنفهم من وراء ذلك ان صورة الاقصاء تامة وعميقة في خطاب متكامل العناصر ومحصور زمنيا ومكانيا في واقع سوسيوثقافي تام ، بعد هذه التركيبة التوالدية يتغير المعمار في القصديدة على الشكل التالي :
انا الشاعرة......الانا
المخاطب القوي...... الاب ..
الرسالة / الموضوع... يوسف.
تتطور هذه تركيبة في الاثبات / انا؛ التي تنفى في عمق نفسي مرتبك، بحضور قوي للاخوة الذين يشكلون اساس اللعبة البنائية للرسالة ككل، فيصبح الاب مجرد شفرة تحضر كشاهد اولا وكمرجع له ومنه ترسل الرسالة ، في حين المعادل الموضوعي الذي يشكل العامل الاساس هم الاخوة الذين فيهم ومنهم تبنى الحكاية ككل. هي مؤشرات نصية تحلينا على معطى موضوعي نراه الزاميا في عملية تداخل بين ذاتين متباعدين: ذات الشاعر / يوسف ، وذات يوسف المرجع التاريخي المستحظر كايحاء على عمق تشابهي بين نسقين متباعدين: نسق شعري فيه الباث يحظر باستهلال مباشر(انا يوسف ياابي)، وذات اخرى حقيقية في تاريخ ديني حقيقي(يوسف النبي)، مما يجعلنا نتساءل عن هوية اخوة يوسف الشاعر واخوة يوسف النبي، تساؤل سيجعلنا نقف عند طبيعة الاب المخاطب في النسقين، سنجد ان الاب التاريخي طلب من ابنه بعدم البوح برؤياه لاخوته لكي لايكدون له كيدا ، اما الاب الثاني فلم يلفظ باية جملة ليترك الابن في محنته يحكي وجعه من الم اخوته الذين جعلوه في وضع سماه (والذئب ارحم من اخوتي يابي)، فنصبح امام قصيدة تتكلم عن المكر والغدر والكراهية ، سواء المكر النفسي(اخوة يوسف)، او الكيد الوجودي من الانسان القريب من شاعر يتوجع ضررا( العربي اولا والفلسطيني ثانيا)، عندما استحضر الشاعر يوسف ليلبس قميصه ، فقط للاحساس القريب من قوة الظلم الذي عانى منه تاريخيا رجل في مسار تاريخي معين من طرف اخوة حقيقيين، والاب ابراهيم كان على وعي تام بان الاخوة سيكيدون لاخيهم كيدا ، فجاء الشاعر الفلسطيني بنفس الاب ليكون شاهدا، باعتباره واعيا وقادرا على فهم شكل العلاقات وتحليل طبيعة الخيانات التي ساهم فيها اخوة رمزيين يعيشون قرب شاعر يرى ان ظلم اخوته تعدى الحدود:
والذئب ارحم من اخوتي ياابي
مستنكرا ورافضا بشكل قطعي ما تلقاه من طعونات خفية عندما قال: . فماذا صنعت لهم ياابي...
3-
قصيدة انا يوسف ياابي / محمود درويش.
انا يوسف ياابي
ياابي اخوتي لاَ يُحِبُّونَني , لاَ يُرِدُونَني بَيْنَهُم يَا أَبِي .
يَعْتَدُونَ عَلَيَّ وَيَرْمُونَني بِل حَصَى وَالكَلاَمِ .
يُرِدُونَني أَنْ أَمُوت لِكَيْ يمْدَحُونِي .
وَهُمْ أَوْصَدُوا بَاب َبَيْتِكَ دُونِي .
وَهُمْ طَرَدُونِي مِنَ الَحَقْلِ.
هُمْ سَمَّمُوا عِنَبِي يَا أَبِي .
وَهُمْ حَطَّمُوا لُعَبِي يَا أَبِي .
حَينَ مَرَّ النَّسيِمُ وَلاَعَبَ شَعْرِيَ غَارُوا وَثَارُوا عَلَيَّ وَثَارُوا عَلَيْكَ .
فَمَاذَا صَنَعْتُ لَهُمْ يَا أَبِي .
الفَرَاشَاتُ حَطَّتْ عَلَى كَتْفَيَّ , وَمَالَتْ عَلَيَّ السَّنَابِلُ , وَ الطَّيْرُ حَطَّتْ على راحتيَّ .
فَمَاذَا فَعَلْتُ أَنَا يَا أَبِي .
وَلِمَاذَا أَنَا ؟
أَنْتْ سَمَّيْتَِني يُوسُفاً , وَهُوُ أَوْقَعُونِيَ فِي الجُبِّ , وَاتَّهَمُوا الذِّئْبَ ؛ وَ الذِّئْبُ أَرْحَمُ مِنْ إِخْوَتِي ...
أَبَتِ !
هَلْ جَنَيْتُ عَلَى أَحَدٍ عِنْدَمَا قُلْتُ إِنِّي :
رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً , والشَّمْس والقَمَرَ ,
رَأّيْتُهُم لِي سَاجِدِينْ ؟؟
* (من ديوان "ورد أقل" 1986)
يستهل الشاعر بوحه كاشفا عن صفة الذات ، محددا ماهياتها، بقوله (انا يوسف ياابي)، هو تأكيد بتجلي جد محدد عمقه هوية جد واضحة،هي صورة يحضر فيها ثلاث عناصر محورية، لايمكن تغييب احدهما عن الاخر:
الاول _____ الشاعر. / المتكلم.
الثاني_____ الاب / المخاطب.
الثالث _______الموضوع / يوسف.
فتصبح الصورة بتلازم تحكمه مستوبات بنيوية جد قوية، لان الباث يحدد صفته بتأكيد (الانا )في الذات، مبرزا ضمير الانية منعزلا / مبتدأ، ثم يزيد من تأكيد الذات بتحديد موضوعها (يوسف)، كما ان المخاطب يكون ملزما ان يصبح جزءا يخدم الذات لانه اساس ارسال الخطاب، فيأتي اخيرا ليخبر عن اسباب ارسال الخطاب بتجليات انماطه باشكال متنوعة ، لان المهم من كل محتويات الارسالية هو الموضوع الذي يعني الذات في خطاب البنية .
كلها عوامل ستجعلنا امام اشكال محوري يعني: ماذا يعني الشاعر عندما يخاطب الاب بأنه يوسف في رسالة توكيدية بامتياز،؟ هو عامل سيجعله خطابا مواليا للاول ، جاء نافيا:
ياابي اخوتي لايحبونني...
فنصبح امام جملة المفي تشرح جملة التوكيد الاولى، فتتأسس الحركية بلازمة يحكمها التوكيد الذي اجاب عنه النفي. هي مرفقات تحكمنا ان نطرح السؤال التالي:
لماذا الاب مخاطبا اولا ، في في جملة التوكيد والاخوة سرا من اسرار لعبة النفي في تلقي اولي يعني الاب بالدرجة الاولى؟ ..فنصبح امام لعبة تيماتيكية يحكمها الاقتراب الذي يتحكم فيه الابتعاد والجزم، الذي يشغل الاخراج والابعاد الكلي ، سنراه في الخطاطة التالية:
العلاقة التيماتيكية بين مستويات الخطاب يحكمها التقاطع في تيمة العائلة على اساس ان الباث والاب والاخوة تجمعهم صلة القرابة العائلية، لكن رغم ذلك نجد الحياة فيها مسار تطورها عبارة عن صراع تفرقها بنية النفي اللغوية الجلية على مستوى سطح الخطاب اولا/ لا النافية ، ثم تؤكدها علاقات متضاربة في محتوى الجملة المعجمية ( لايحبونني)، فنصبح امام مفارقة تنفي تيمة التنامي العائلي، مما يؤهلنا ان نبحث في صلة العمق بين يوسف الشاعر ويوسف النبي ، فيوسف النبي ، في بنية اللعبة الدينية والتاريخية ، تفرقه بالاخوة اسرار التقارب من الاب والحسد النفسي الذي دفع بالانتقام اسلوبا لانهاء المهزلة ، ثم تحكمها عمق البنية الدينية، لان تصور انجاز الحياة من خلال صورة يوسف هي محكمة ربانيا لتنتج يوسف النبي ، ليصبح قصة من قصص حياة الانبياء والرسل كعبر ووعض منها يرى الاخرون الدنيا عموديا ، اما يوسف الثانيز فحقيقة علاقته بالاب والاخوة هي علاقة متخيلة، لان الشاعر سينزاح عن الوجود بالبحث عن قرائن منها يرى الحياة وبها يراه الاخرون ، في العمق ليس نبيا ولا رسولا ، بل اختار قصة نبي ليذهب بها في منحى لاعلاقة له بتطور الحياة وفق الصيغة التاريخية التي تكلم فيها التاريخ عن نبي الله يوسف. الا ان التلازم والتلاقي يحكمه خيانة الاخوة اولا، سواء اخوة في العائلة/ يوسف النبي؛ او الاخوة في النسب والمذهب والمرجعية القبيلية كما ذهب الى ذلك ابن خلدون ، هي كلها دوامات تؤسس طبيعة السلطة في هرم مجتمعي مرتبك.
ج2.
لعبة بناء الخطاب في قصيدة انا يوسف يا ابي تتحكم فيها مجموعة من الازدواجيات الاثنانية التي تخلق دينامية قوية ، منها يتطور الحكي ، وفيها تتوالد الدلالات ، يبدأ الكلام بالاثبات/ انا يوسف ياابي، بعدها مباشرة تتطور خصائص المعنى في خصوبة النفي والرفض والابعاد، يأتي الشاعر بعد التأكيد ليغني رحم الخطاب بالرفض والاقصاء بايحالات جد مؤثرة قائلا:
اخوتي لايحبونني..
لايريدونني بينهم ..
وهو نفي تام ومباشر ، ومن النفي ايضا ماهو ضمني:
يعتدون علي..
يرمونني بالحصى والكلام..
لنفهم من وراء ذلك ان صورة الاقصاء تامة وعميقة في خطاب متكامل العناصر ومحصور زمنيا ومكانيا في واقع سوسيوثقافي تام ، بعد هذه التركيبة التوالدية يتغير المعمار في القصديدة على الشكل التالي :
انا الشاعرة......الانا
المخاطب القوي...... الاب ..
الرسالة / الموضوع... يوسف.
تتطور هذه تركيبة في الاثبات / انا؛ التي تنفى في عمق نفسي مرتبك، بحضور قوي للاخوة الذين يشكلون اساس اللعبة البنائية للرسالة ككل، فيصبح الاب مجرد شفرة تحضر كشاهد اولا وكمرجع له ومنه ترسل الرسالة ، في حين المعادل الموضوعي الذي يشكل العامل الاساس هم الاخوة الذين فيهم ومنهم تبنى الحكاية ككل. هي مؤشرات نصية تحلينا على معطى موضوعي نراه الزاميا في عملية تداخل بين ذاتين متباعدين: ذات الشاعر / يوسف ، وذات يوسف المرجع التاريخي المستحظر كايحاء على عمق تشابهي بين نسقين متباعدين: نسق شعري فيه الباث يحظر باستهلال مباشر(انا يوسف ياابي)، وذات اخرى حقيقية في تاريخ ديني حقيقي(يوسف النبي)، مما يجعلنا نتساءل عن هوية اخوة يوسف الشاعر واخوة يوسف النبي، تساؤل سيجعلنا نقف عند طبيعة الاب المخاطب في النسقين، سنجد ان الاب التاريخي طلب من ابنه بعدم البوح برؤياه لاخوته لكي لايكدون له كيدا ، اما الاب الثاني فلم يلفظ باية جملة ليترك الابن في محنته يحكي وجعه من الم اخوته الذين جعلوه في وضع سماه (والذئب ارحم من اخوتي يابي)، فنصبح امام قصيدة تتكلم عن المكر والغدر والكراهية ، سواء المكر النفسي(اخوة يوسف)، او الكيد الوجودي من الانسان القريب من شاعر يتوجع ضررا( العربي اولا والفلسطيني ثانيا)، عندما استحضر الشاعر يوسف ليلبس قميصه ، فقط للاحساس القريب من قوة الظلم الذي عانى منه تاريخيا رجل في مسار تاريخي معين من طرف اخوة حقيقيين، والاب ابراهيم كان على وعي تام بان الاخوة سيكيدون لاخيهم كيدا ، فجاء الشاعر الفلسطيني بنفس الاب ليكون شاهدا، باعتباره واعيا وقادرا على فهم شكل العلاقات وتحليل طبيعة الخيانات التي ساهم فيها اخوة رمزيين يعيشون قرب شاعر يرى ان ظلم اخوته تعدى الحدود:
والذئب ارحم من اخوتي ياابي
مستنكرا ورافضا بشكل قطعي ما تلقاه من طعونات خفية عندما قال: . فماذا صنعت لهم ياابي...
3-
قصيدة انا يوسف ياابي / محمود درويش.
انا يوسف ياابي
ياابي اخوتي لاَ يُحِبُّونَني , لاَ يُرِدُونَني بَيْنَهُم يَا أَبِي .
يَعْتَدُونَ عَلَيَّ وَيَرْمُونَني بِل حَصَى وَالكَلاَمِ .
يُرِدُونَني أَنْ أَمُوت لِكَيْ يمْدَحُونِي .
وَهُمْ أَوْصَدُوا بَاب َبَيْتِكَ دُونِي .
وَهُمْ طَرَدُونِي مِنَ الَحَقْلِ.
هُمْ سَمَّمُوا عِنَبِي يَا أَبِي .
وَهُمْ حَطَّمُوا لُعَبِي يَا أَبِي .
حَينَ مَرَّ النَّسيِمُ وَلاَعَبَ شَعْرِيَ غَارُوا وَثَارُوا عَلَيَّ وَثَارُوا عَلَيْكَ .
فَمَاذَا صَنَعْتُ لَهُمْ يَا أَبِي .
الفَرَاشَاتُ حَطَّتْ عَلَى كَتْفَيَّ , وَمَالَتْ عَلَيَّ السَّنَابِلُ , وَ الطَّيْرُ حَطَّتْ على راحتيَّ .
فَمَاذَا فَعَلْتُ أَنَا يَا أَبِي .
وَلِمَاذَا أَنَا ؟
أَنْتْ سَمَّيْتَِني يُوسُفاً , وَهُوُ أَوْقَعُونِيَ فِي الجُبِّ , وَاتَّهَمُوا الذِّئْبَ ؛ وَ الذِّئْبُ أَرْحَمُ مِنْ إِخْوَتِي ...
أَبَتِ !
هَلْ جَنَيْتُ عَلَى أَحَدٍ عِنْدَمَا قُلْتُ إِنِّي :
رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً , والشَّمْس والقَمَرَ ,
رَأّيْتُهُم لِي سَاجِدِينْ ؟؟
* (من ديوان "ورد أقل" 1986)