يعاني العرب من ظاهرة التأزم السياسي، و هي الظاهرة التي تطرق إليها المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري في بحوثه ، و وصفها بالحالة المزمنة ، و لذلك وجب دراستها بعناية تامة و تفهم طبيعة القاعدة المجتمعية ( السوسيولوجية) في حديثه عن الصراعات التي تشهدها الساحة السياسية العربية، و تشابك المصطلحات بين القومية العربية و الوحدة العربية، إذ يفضل المفكر محمد جابر الأنصاري استخدام مصطلح الظاهرة العربية كبديل عن مصطلحي القومية العربية والوحدة العربية التي تم تداولها عبر عصور التاريخ في السياسة و الثقافة و في الفنون و الآداب و في العلوم، كونها ظلت محافظة على شريانها الحي المتصل بالقرآن الكريم[/B]
يرى الأنصاري أنه لا ينبعي استخدام الوحدة العربية كدعوة عاطفية انفعالية كما يصورها خصومها أو بعض دعاتها ، لكنه يرى أنه لا جدال في أن العاطفة السامية كوجدان أصيل تعد جزءًا من مكونات الأمّة، إلا أنه ينبغي أن تستند إلى أسس موضوعية من التواصل، يقول الأنصاري أن العرب اليوم أمة موحدة الوجدان مفرقة الكيان، و لذا يرى أنه لا مستقبل لعروبة بقيادة مستبدين و متسلطين يقودونها نحو الكوارث، و لا قيام للعروبة مجددا، إلا بقبول التعايش و التسامح داخل تعددياتها ( القبلية...المناطقية...المذهبية ..الخ)، و لا مستقبل للعروبة إلا بالإنفتاح على العصر و تياراته و مستجداته أسوة بالأمم الأخرى، بعد التخلص من الرواسب الإنحطاطية التي نعيشها إلى اليوم مجتمعيا و ذهنيا، فانفتاح الكيانات الوطنية العربية - كما يرى هو- من شأنها أن تصبح لبنات صالحات في اللحظة التاريخية المناسبة لبناء وطن عربي أكبر.
و لدعم فكرته يقدم الأنصاري تجربة اليمن في طرحها لمشروع اتحاد الدول العربية على صعيد الجامعة العربية، و تجربة السعودية في توحيد الجزيئات المبعثرة في صحاري و واحات الجزيرة العربية، ثم تجربة ليبيا و سوريا و لبنان قبل الربيع العربي، و الكويت التي مثلت الوحدة بين من كانوا داخل السور و من هم خارجه، و كذلك البحرين، في حين يتساءل الجابري بالقول: أليس حريّ بالعراق أن تأتي دولة قطرية عراقية جديدة توحد الجزيئات العراقية التي هي اليوم مبعثرة؟ في الوقت الذي نرى الإتحاد الأوروبي يتأسس على وحداته الأصغر بعدما كانت امبراطوريات تحاربت فيما بينها إلى العظمن وهنا يتحدث المفكر محمد جابر الأنصاري عن إشكالية المثقف و السلطة، و دور كل واحد منهم في رفع شعار "الوحدة العربية" و قال أن العلاقة بينهما متوجسة و مشوبة بالتوتر، و قلما كان هناك لقاء فعلي بين المثقف و السلطة، و يصف الجابري هذه العلاقة على أنها مغامرة مفتوحة لمختلف الإحتمالات.
و بالرجوع إلى التراث السياسي نجد كما يقول الأنصاري الثقافة و الحضارة تقفان في جانب و السياسة في جانب آخر، و هذه من أسباب الأزمة، و لتجاوز هذه الأزمة وجب أن يتثقف السياسي و أن يتسيس الثقافي إلى حدٍّ بضوابط و منهج معين، لأنه للإنتقال إلى طور جديد من أطوار الحضارة سواء في السياسة أو في الثقافة، وجب أن يكون حوار بين المثقف والسياسي، يقدم الأنصاري وصفا للسياسي إذ يقول: إن السياسي القدير هو السياسي الذي عنده جانب فكري و جانب ثقافي، لكن كلما تقدمت السياسة و تقدمت الثقافة فإن النموذج الإيجابي هو الذي يتقدم أيضا، و في هذا يدعو الأنصاري إلى نبذ "القطيعة" في التاريخ و مع التاريخ لأنها مضرة بالجانبين، و من هذا المنطلق يولي الأنصاري أهمية للنشر و الإبداع الذي يلعب دورا في تثقيف السياسي، على أن يعتمد المثقف المصارحة الفكرية، طالما الوضع الثقافي العربي لم يعد يحتمل المجاملة و مسايرات الصالونات الأدبية، خاصة بين أهل القلم.
و السؤال الذي يمكن أن يطرح هنا هو: لماذا رسم الأنصاري صورة سوداء للمثقفين العرب؟ و هو يتحدث عن الظاهرة ألإنتحارية في كتابه بعنوان : "انتحار المثقفين العرب" في ظل الهزيمة القومية الكبرى و لا ستحدث الأنصاري في هذا الكتاب كما يقول الدكتور منصور محمد سرحان عن الإنتحار الإنساني و العالمي، و إنما عن الإنتحار الأدبي لبي حيان التوحيدي، و الإنتحار الفكري للفيلسوف الوجودي جون بول سارتر، و قدم الشاعر اللبناني خليل حاوي نموذجا عندما بدأ الجيش افسرائيلي يزحف نحو بيروت، و توصل الأنصاري أن الثقافة العربية هي ثقافة غيديولوجية أكثر مما هي ثقافة معرفية و ثقافة حضارة.
و المفكر محمد جابر الأنصاري من مواليد مدينة المحرق البحرين عام 1939 ، حفظ القرآن مبكرا و سنه لا يتجاوز 07 سنوات، فتح عينيه عن النضال و المعركة ضد الإستعمار الإنجليزي بعد تأميم قناة السويس و العدوان الثلاثي، انتمى إلى مدرسة الهداية الخليفية، التي مثلت الإتجاه القومي و الثقافي، يقول: ما إن نضج وعيي الوطني و العروبي نتيجة تلك التفاعلات حتى أدركت أن البحرين بكل مناطقها و مكوناتها بلد واجحد منن بلدان العروبة السمحة، تابع دراسته ببيروت قبل ان يشارك بمسابقة مصرية و نجح فيها بامتياز، فدرس بالأزهر، و منه حصل على بعثة علمية في الجامعة الأميركية ببيروت، فكانت أهم محطات حياته، حيث قضى فيها 12 سنة نا خلالها على شهادات عليا ، آخرها الدكتوراه، و قد دخل الأنصاري الحياة المهنية بتنقلات من بلد إلى آخر ارتبطت كلها بالعمل الأكاديمي و الثقافي و الفكري، فكانت إحدى محطاته السفر إلى باريس، و فتحت له باريس البواي للكتابة في الصحف ، ارتقى الأنصاري إلى منصب مستشار لدى الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد.
و يعتبر محمد جابر الأنصاري من المفكرين الباحثين عن الحقيقة، تميز اسلوبه بنقد الفكر العربي، و أصدر كتبا عديدة في هذا المجال، من أهم مؤلفاته كتابه الموسوعي بعنوان : "الفكر العربي و صراع الأضداد"، و كتب أخرى بعنوان: " تكوين العرب السياسي" و التأزم السياسي عند العرب" و " العرب و السياسة أين الخلل؟"، كل هذه البحوث من اجل الوصول إلى الحقيق، كما كان الأنصاري يميل إلى "الواقعية" في تصنيفه لواقع العقل العربيو من هنا انطلق مشروعه في التعامل مع المنطق و الواقع و عدم الهروب من المأزق الذي تعانيه الدول العربية، و نادى بأهمية دراسة الإخفاقات العربية و الهزائم التي شهدتها الأمة العربية، وتأتي هذه الدعوة كنتاج اهتمامه بالفكر العربي، حيث كرّس ابحاثه حول العقل العربي، و أجرى دراسة بعنوان: "مساءلة العزيمة" تحدث فيها و الكيان العربيعن هزيمة يونيو 1967 و آثارها العميقة على الوجدان.
علجية عيش
يرى الأنصاري أنه لا ينبعي استخدام الوحدة العربية كدعوة عاطفية انفعالية كما يصورها خصومها أو بعض دعاتها ، لكنه يرى أنه لا جدال في أن العاطفة السامية كوجدان أصيل تعد جزءًا من مكونات الأمّة، إلا أنه ينبغي أن تستند إلى أسس موضوعية من التواصل، يقول الأنصاري أن العرب اليوم أمة موحدة الوجدان مفرقة الكيان، و لذا يرى أنه لا مستقبل لعروبة بقيادة مستبدين و متسلطين يقودونها نحو الكوارث، و لا قيام للعروبة مجددا، إلا بقبول التعايش و التسامح داخل تعددياتها ( القبلية...المناطقية...المذهبية ..الخ)، و لا مستقبل للعروبة إلا بالإنفتاح على العصر و تياراته و مستجداته أسوة بالأمم الأخرى، بعد التخلص من الرواسب الإنحطاطية التي نعيشها إلى اليوم مجتمعيا و ذهنيا، فانفتاح الكيانات الوطنية العربية - كما يرى هو- من شأنها أن تصبح لبنات صالحات في اللحظة التاريخية المناسبة لبناء وطن عربي أكبر.
و لدعم فكرته يقدم الأنصاري تجربة اليمن في طرحها لمشروع اتحاد الدول العربية على صعيد الجامعة العربية، و تجربة السعودية في توحيد الجزيئات المبعثرة في صحاري و واحات الجزيرة العربية، ثم تجربة ليبيا و سوريا و لبنان قبل الربيع العربي، و الكويت التي مثلت الوحدة بين من كانوا داخل السور و من هم خارجه، و كذلك البحرين، في حين يتساءل الجابري بالقول: أليس حريّ بالعراق أن تأتي دولة قطرية عراقية جديدة توحد الجزيئات العراقية التي هي اليوم مبعثرة؟ في الوقت الذي نرى الإتحاد الأوروبي يتأسس على وحداته الأصغر بعدما كانت امبراطوريات تحاربت فيما بينها إلى العظمن وهنا يتحدث المفكر محمد جابر الأنصاري عن إشكالية المثقف و السلطة، و دور كل واحد منهم في رفع شعار "الوحدة العربية" و قال أن العلاقة بينهما متوجسة و مشوبة بالتوتر، و قلما كان هناك لقاء فعلي بين المثقف و السلطة، و يصف الجابري هذه العلاقة على أنها مغامرة مفتوحة لمختلف الإحتمالات.
و بالرجوع إلى التراث السياسي نجد كما يقول الأنصاري الثقافة و الحضارة تقفان في جانب و السياسة في جانب آخر، و هذه من أسباب الأزمة، و لتجاوز هذه الأزمة وجب أن يتثقف السياسي و أن يتسيس الثقافي إلى حدٍّ بضوابط و منهج معين، لأنه للإنتقال إلى طور جديد من أطوار الحضارة سواء في السياسة أو في الثقافة، وجب أن يكون حوار بين المثقف والسياسي، يقدم الأنصاري وصفا للسياسي إذ يقول: إن السياسي القدير هو السياسي الذي عنده جانب فكري و جانب ثقافي، لكن كلما تقدمت السياسة و تقدمت الثقافة فإن النموذج الإيجابي هو الذي يتقدم أيضا، و في هذا يدعو الأنصاري إلى نبذ "القطيعة" في التاريخ و مع التاريخ لأنها مضرة بالجانبين، و من هذا المنطلق يولي الأنصاري أهمية للنشر و الإبداع الذي يلعب دورا في تثقيف السياسي، على أن يعتمد المثقف المصارحة الفكرية، طالما الوضع الثقافي العربي لم يعد يحتمل المجاملة و مسايرات الصالونات الأدبية، خاصة بين أهل القلم.
و السؤال الذي يمكن أن يطرح هنا هو: لماذا رسم الأنصاري صورة سوداء للمثقفين العرب؟ و هو يتحدث عن الظاهرة ألإنتحارية في كتابه بعنوان : "انتحار المثقفين العرب" في ظل الهزيمة القومية الكبرى و لا ستحدث الأنصاري في هذا الكتاب كما يقول الدكتور منصور محمد سرحان عن الإنتحار الإنساني و العالمي، و إنما عن الإنتحار الأدبي لبي حيان التوحيدي، و الإنتحار الفكري للفيلسوف الوجودي جون بول سارتر، و قدم الشاعر اللبناني خليل حاوي نموذجا عندما بدأ الجيش افسرائيلي يزحف نحو بيروت، و توصل الأنصاري أن الثقافة العربية هي ثقافة غيديولوجية أكثر مما هي ثقافة معرفية و ثقافة حضارة.
و المفكر محمد جابر الأنصاري من مواليد مدينة المحرق البحرين عام 1939 ، حفظ القرآن مبكرا و سنه لا يتجاوز 07 سنوات، فتح عينيه عن النضال و المعركة ضد الإستعمار الإنجليزي بعد تأميم قناة السويس و العدوان الثلاثي، انتمى إلى مدرسة الهداية الخليفية، التي مثلت الإتجاه القومي و الثقافي، يقول: ما إن نضج وعيي الوطني و العروبي نتيجة تلك التفاعلات حتى أدركت أن البحرين بكل مناطقها و مكوناتها بلد واجحد منن بلدان العروبة السمحة، تابع دراسته ببيروت قبل ان يشارك بمسابقة مصرية و نجح فيها بامتياز، فدرس بالأزهر، و منه حصل على بعثة علمية في الجامعة الأميركية ببيروت، فكانت أهم محطات حياته، حيث قضى فيها 12 سنة نا خلالها على شهادات عليا ، آخرها الدكتوراه، و قد دخل الأنصاري الحياة المهنية بتنقلات من بلد إلى آخر ارتبطت كلها بالعمل الأكاديمي و الثقافي و الفكري، فكانت إحدى محطاته السفر إلى باريس، و فتحت له باريس البواي للكتابة في الصحف ، ارتقى الأنصاري إلى منصب مستشار لدى الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد.
و يعتبر محمد جابر الأنصاري من المفكرين الباحثين عن الحقيقة، تميز اسلوبه بنقد الفكر العربي، و أصدر كتبا عديدة في هذا المجال، من أهم مؤلفاته كتابه الموسوعي بعنوان : "الفكر العربي و صراع الأضداد"، و كتب أخرى بعنوان: " تكوين العرب السياسي" و التأزم السياسي عند العرب" و " العرب و السياسة أين الخلل؟"، كل هذه البحوث من اجل الوصول إلى الحقيق، كما كان الأنصاري يميل إلى "الواقعية" في تصنيفه لواقع العقل العربيو من هنا انطلق مشروعه في التعامل مع المنطق و الواقع و عدم الهروب من المأزق الذي تعانيه الدول العربية، و نادى بأهمية دراسة الإخفاقات العربية و الهزائم التي شهدتها الأمة العربية، وتأتي هذه الدعوة كنتاج اهتمامه بالفكر العربي، حيث كرّس ابحاثه حول العقل العربي، و أجرى دراسة بعنوان: "مساءلة العزيمة" تحدث فيها و الكيان العربيعن هزيمة يونيو 1967 و آثارها العميقة على الوجدان.
علجية عيش