أدب السجون محسن أمين - الاعتقال السياسي..

لا أحد يشك ولن يشك بان الاستغلال والاضمحلال الطبقيين هو ما يميز هاته المرحلة التي تتسم بالهجوم الكاسح على ما حققه الشعب المغربي من مكتسبات من تعليم وصحة، بل الاكثر من ذلك على القوت اليومي للمواطن، كل ذلك بفعل السيطرة الكاملة للإمبريالية وفرض مخططاتها التخريبية/التجويعية في المنطقة وما يعني ذلك من تكثيف استنزاف خيرات الشعوب بالكامل وعرق العمال والفلاحين.
إن التصعيد التي تعرفه المنطقة من طرف الامبريالية والرجعية بالوكالة لهجومها لوقف زحف الشعوب نحو التحرر، وباعتبار النظام القائم بالمغرب نظاما رجعيا عميلا خادما امينا/مطيعا لمصالح الامبريالية
لم يتوانى عن الإذعان لإملاءاتها ومخططاتها من أجل الابقاء على سيطرته الطبقية في مواجهة المد الجماهيري وخدمة لمصلحتها الاستراتيجية ، فبعد المساهمة في تصفية القضية الفلسطينية (من المشاركة في كامب ديفيد الى حدود كتابة هاته الاسطر)،استضافة منتديات/مؤتمرات عالمية خدمة للإمبريالية ومراكش شاهدة بقوة في هذا الاتجاه ، التدخل في قمع حركات التحرر وخصوصا في إفريقيا ، المساهمة بتهجير وقتل وتدمير الشعوب سواء المساهمة ماديا ولوجيستكيا في تدمير سوريا واحتضانه لمؤتمر الخونة/العملاء الجدد السوريون في مراكش ، او المشاركة بالمباشر على الحرب في اليمن الشقيق وقتل أطفاله الابرياء.
وفي محاولة منه لتلميع وجهه الدموي أقدم النظام على التلويح بشعارات جوفاء من قبيل طي صفحة الماضي بضمه مجموعة من الانتهازيين، الانصاف والمصالحة من أجل خلق إجماع موهوم حول مخططاته قانون الشغل، الاضراب، الاحزاب
كل هذه الخطوات الفارغة من محتواها وكل هاته الشعارات الجوفاء وهاته السياسة الرجعية لم تصمد أمام صخرة الواقع
اذ سرعان ما أبان النظام عن وجهه الدموي عند أول تحرك جماهيري فاستمر في اغتيالاته واعتقالاته كالسابق ، إذ زج بمناضلي ٢٠ فبراير ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ومناضلي الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات بالمغرب ومناضلي الحراك بما فيهم حراك جرادة والريف في السجون وحوكموا وتقاسموا قرون من السجن لا لشيء إلا لمطالبهم البسيطة والمشروعة ، كذلك تم الهجوم على المدرسة العمومية وعلى قطاع الصحة وعلى العمال والفلاحين بطرد ألاف العمال لانتماءاتهم النقابية أو لمحاولتهم قيادة معارك على أرضية ملفات مطلبية ولم يستثنى أي قطاع فكان نصيب عمال المناجم هو الطرد الجماعي سواء عمال إميني ، جبل عوام ، كماسة الدرع الصفر ، طاطا ، سامين ، بوازار ، إمين تانوت ، او القطاع الصناعي بما فيها عاملات/عمال سيكوميك للنسيج بمكناس ، الحي الصناعي بطنجة وآخرها وليس أخرها عمال ديلفي بكل من القنيطرة مكناس وطنجة و....
كل هاته الأحداث أبانت عن تكالب القوى الإصلاحية والانتهازية على مصالح الجماهير وذلك باحتواء نضالاتها وفق الخطوط الحمراء المسطرة مع النظام بتشويه وتمويه الصراع وافراز اشكال مشبوهة على مستوى الحركة (كتكوين لجن او.)، كذلك يتم طرد واعتقال العمال بتواطؤ مكشوف مع القيادات البيروقراطية للنقابات
هكذا إذن تعود كما تعودنا قضية الاعتقال السياسي للواجهة من بابه الواسع
إن الاعتقال السياسي (كعنف سياسي) ليس كما يدعي البعض شطط في استعمال السلطة او ظاهرة مرتبطة بنظام سياسي معين او بأشخاص بل هو قضية طبقية يرتبط استمراره بوجود الطبقات ، إلا انه يجب التمييز بين العنف الثوري الذي تتبناه وتمارسه الطبقات الثورية من اجل أو في سبيل تعبيد الطريق أمام تقدم البشرية بقمع قوى الثورة المضادة من اجل التحرر من الطبقات الرجعية ، وبين العنف الرجعي الذي تمارسه الأنظمة الرجعية وضمنه يندرج العنف الذي يمارسه النظام القائم بالمغرب والذي يهدف بالأساس الى توطيد سيطرته الطبقية والقائمة على ابقاء واستفراد الأقلية بالسلطة واستنزاف خيرات البلاد في مقابل الاغلبية المفقرة والمضطهدة وهذا يعني بشكل آخر محاصرة أو قمع مساعي الاغلبية في الاستفادة من خيرات البلاد والوصول الى مجتمع يستفيد فيه الكل.
.كما ان هذا القمع الرجعي يتخذ اشكالا وصورا عدة ، منها التدخل الوحشي المباشر لقمع أي تحرك جماهيري عند غياب اية امكانية للاحتواء كما وقع في عدة محطات نضالية كاوطاط الحاج او كجرادة أو الريف او...سواء من قبيل اديولجية النظام ، او التدخل المباشر للقوى الاصلاحية او الانتهازية بفرض اشكال ببيروقراطية تحد من أفق الحركة أو باعتقال مناضلي الحركة والعناصر النشيطة داخلها والزج بهم وراء القضبان للنيل من قناعاتهم ولحرمان الحركة من موجهيها
وللنظام الرجعي القائم في البلد تجارب عدة في هذا الميدان لا يمكن احصاءها
لقد دشن النظام العميل مساره هذا باجتثاث جيش التحرير الوطني في ١٩٥٨ وانتفاضة الريف في السنة الموالية والقمع والمجازر التي ارتكبت وجوبهت بها الانتفاضات الشعبية (٦٥ـ٨١ـ٨٤ـ٩٠ـ محطة ٢٠ فبراير ـ جرادة ـ الريف وبالإضافة إلى حملات الاعتقال الي تطال يوميا أبناء الشعب المغربي.
وفي هذا السياق يجب التذكير وفقط بان من يراهن وراهن على نجاح مسيرة الاحد ٠٨/٠٧/١٨ مسيرة المطالبة بأطلاق سراح المعتقلين السياسيين، فنقول لهم بان المسيرة نجحت ب ١٠٠٠% لكن ماذا بعد،
ينبغي ان لا ننسى ويجب ألا ننسى ان النضال ضد الحكومة في سبيل مطالب جزئية والكفاح من أجل انتزاع تنازلات جزئية، ما هي منازلات صغيرة ـ مناوشات جد صغيرة مع العدو في المواقع الامامية، اما المعركة الحاسمة فلا تزال امامنا، إن قوة العدو تنتصب امامنا بكل قوتها وهي تمطرنا بحمم من القنابل والرصاص تخطف أفضل محاربينا فيجب علينا ان نستولي على هذه القلعة (المهمات الملحة لحركتنا ـ المجلد الرابع
ان معركة الاعتقال السياسي هي معركة طويلة النفس هي معركة طبقية بامتياز يخوضها شرفاء ـ مناضلي هذا الوطن ضمن مشروع مجتمعي تحرري هدفه تحرير الانسان من الاستغلال والاضمحلال الطبقيين.
إن خير ما يمكن استشفافه مما سبق هو أن لا القمع الدموي ولا الاعتقالات بالجملة ولا الارهاب النفسي ولا الاغتيالات قادرة على اقاف زحف حركة الجماهير والنيل من قناعات المناضلين والمعتقلين.
ًً تستطيعون قطف كل الزهور لكنكم لن تستطيعوا وقف زحف الربيع ًً.



محسن أمين - الاعتقال السياسي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...