أنطون تشيخوف - الآنسة والكبش.. مشهد من حياة السادة المحترمين

(1)

كانت سحنة السيد المحترم الشبعانة اللامعة تنطق بالملل القاتل كان قد غادر لتوه أحضان مورفيوس* بعد الظهر ولا يدري

ماذا يفعل لم تكن له رغبة في التفكير أو التثاؤب أما القراءة فملها منذ زمن سحيق وكان الوقت لايزال مبكرا للذهاب الى

المسرح ومنعه الكسل من الذهاب الى التزحلق فما العمل؟ بما يسلي نفسه؟

وأبغله الخادم يجور:
هناك أنسة ما جأت تسأل عنكم-
أنسة؟ هم ترى من هي؟ على العموم سيان ادعها-
.........

ودخلت غرفة المكتب بهدوء فتاة وسيمة سوداء الشعر ترتدي ملابس بسيطة بل وبسيطة جداً وعندما دخلت حيت بانحناءة

وأخذت تقول بصوت مرتعش:- ارجو المعذرة... انا.....قالو لى أن حضرتكم............ أنه من الممكن أن أجدكم في الساعة السادسة فقط.....أنا....أنا.....أبنة مستشار القصر** بالتسيف....
تشرفنا تفضلي اجلسي اية خدمة؟ اجلسي لا تخجلي-
-لقد جئتكم في طلب.......- مضت الأنسة تقول وهي تجلس في أرتباك وتعبث بازرارها بيدين مرتعشتين - لقد جئت.. لكي أطلب منكم بطاقة سفر مجانية الى موطني سمعت أنكم تعطون وأنا أريد ان أسافر وليس معي..... أنا لست غنية...

بطاقة من بطرسبرج الى كورسك
هم....هكذا....ولماذا تريدين السفر الى كورسك؟ ألا يعجبك الحال هنا-
لا هنا يعجبني ولكن...أهلي اريد ان اسافر الى اهلي لم ارهم منذ مدة طويلة كتبو لي ان ماما مريضة-
هم....وانت موظفة ام طالبة-
واخبرته الأنسة بالمكان الذي تعمل فيه وعند من وكم كانت تتقاضى وبحجم العمل الذي كانت تؤديه
هكذا...... كنت تعملين..... لا يمكن القول ان مرتبك كان كبيرا.....لايمكن القول-
....ليس من الأنسانية ألا أن تصرف لك بطاقة مجانية......هم.......اذن فانت مسافرة الى أهلك حسنا وربما كان لديك في كورسك حبيب هه؟
حبوب؟هىء هىء هىء...........خطيب؟ أه تخجلين؟ أه لا داعي هذا شيء محمود.....فلتسافري ..... حان الوقت لكي تتزوجي..ومن هو موظف شيء محمود سافري الى كورسك يقال انه على بعد مائة فرسخ من كورسك تنتشر رائحة حساء الكرنب وتزحف الصراصير.....هىء هىءهىء لا بد ان الحياة مملة في كورسك هذه؟ لا تخجلي انزعي القبعة
يا يحور هات الشاي-
لم تكن الأنسة تتوقع مثل هذا الأستقبال الرقيق فشع وجهها بالسرور ووصفت للسيد المحترم كل ما في كورسك من الوان التسلية.......واخبرته ان لديها أخا موظفاوعمها مدرس وأبناء أخيها تلاميذ... وقدم يجور الشاي وتناولت الأنسة الكوب بوجل وراحت ترتشفه دون صوت وهي تخشى ان تصدرعنها مصمصةوكان السيد المحترم يتطلع أليها وهو يضحك بسخرية.... لقد بدأ يشعر بالملل
هل خطيبك وسيم؟ وكيف تعرفت عليه؟ وأجابت الأنسة بخجل على هذين السؤالين واقتربت بمجلسها من السيد المحترم في ثقة وروت له وهي تبتسم كيف تقدم الخطاب هنا في بطرسبرج لخطبتها فرفضتهم ...... تحدثت طويلاً
وانهت حديثها بأن أخرجت من جيبها رسالة من والديها وقرأتها على السيد المحترم. ودقت الساعة الثامنة
-والدك خطه لا بأس به ....... بأية زخارف ينمق الحروف هىء هىء.. حسنا لقد حان وقت أنصرافي ...لابد ان المسرح بدأ عرضه ......وداعا يا ماريا يفيموفنا
فسألت الأنسة وهي تنهض
-أذن أستطيع أن أمل
-بماذا؟
-بأن تعطوني بطاقة مجانية......
-بطاقة؟ هم....... ليس لدي بطاقات يبدو انك اخطأت يا سيدتي..هىءهىءهىءهىء اخطأت العنوان دخلت غير المدخل ...بالقرب مني يسكن حقا أحد العاملين في السكك الحديدية اما أنا فأعمل في البنك يا يجور أمرهم ان يعدوا العربة
وداعا يا أنسة ماريا سيميونوفنا سعيد جدا ....سعيد جدا

أرتدت الأنسة معطفها وخرجت .....وعند مدخل الباب الأخر قيل لها أنه سافر الى موسكو في السابعة والنصف.


كتبت هذه القصة عام 1883





أنطون تشيخوف

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...