أدب السجون محمد عبد الحميد مصطفى - السجون المغربية.. الإنسان أرخص من أعقاب السجائر

تقريــــر 6 أبريــــل
سجن بولمهارز نموذجا "
من انجاز مجموعة التسعة ، مجموعة المعتقلين السياسيين الصحراويين:

بسجن بولمهارز بمراكش
بوتزيل رشيد، 97287
الرجعا عالي، 97387
صيكا إبراهيم، 97288
الطوير فضلي، 97286
الناجي شرابارا، 98068
تجبيرت رشيد، 97291
الشين إبراهيم، 97292
الشويعر إبراهيم ، 97293
بقاس إسماعيل، 97290
سجن بولمهارز بتاريخ 6 أبريل 2009



تقديـــــــــــــــــــم

عرفت المؤسسات العقابية ( السجون )، عبر العالم تطورات و تحولات جذرية عميقة، جعلتها ترقى من مؤسسات تسهر على تنفيذ العقوبات و عزل المجرمين عن العالم الخارجي. إلى مؤسسات للتربية و التأهيـل
و إعادة الإدماج للتكيف مع مناخ الحياة الاجتماعية و كذا الحفاظ على القيم و المعايير السائدة داخل المجتمع، خصوصا بعد انطلاق النداءات عبر العالم من طرف الجمعيات الحقوقية و المنظمات المهتمة بمجال حقوق الإنسان، إضافة إلى ظهور العديد من التيارات الفكرية التي تهتم بدراسة السلوك الإنساني عموما و السلوك الإجرامي على الخصوص في محاولة لعلاجه أو الحد منه، و المغرب باعتباره أحد الموقعين على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و كذا معاهدات دولية، و استجابة للضغوطات التي تقوم بها المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان. يتحدث هو الأخر عن إصلاح المنظومة أو المؤسسات السجنية لكي ترقى للمهمة المصونة بها، من هنا نطرح السؤال: ما موقع هذا الحديث من الواقع؟ هل يمكن الحديث فعلا و بمصداقية و فاعلية عن التربية
و التأهيل و التقويم الاجتماعي من داخل سجون المغرب؟

تعيش السجون المغربية أوضاعا أقل ما يمكن القول عنها أنها مأساوية و حاطه بالكرامة الإنسانية و أبعد ما تكون عن إقرار مبادئ حقوق الإنسان لما تعرفه من اختلالات و خروقات تمس جوهر القيم الإنسانية بدءا من ممارسة العنف و التعذيب على السجناء، ثم الاكتظاظ و الانتشار الكبير للأمراض و الجراثيم و المخدرات
و الاستغلال الجنسي و صولا إلى استتباب الرشوة و الزبونية و المحسوبية … هذا المعطى المخجل و الذي يشكل وسمة عار على النظام السياسي القائم بالمغرب أكدته مجموعة من الجهات و الجمعيات و الهيئات المهتمة بحقوق الإنسان، كما أكده السجناء أنفسهم، واليوم جاء الدور علينا نحن المعتقلون السياسيون الصحراويون المجموعة التسعة من وراء قضبان سجن بولمهارز الرهيب، رصد هذا الواقع الأليم و فضح التجاوزات في سياسة الجلاد المعتمدة على القمع و التشريد المرفق بالزخرفة و التلميع، أمام الرأي العام الدولي و المحلي . ليبقى السجين وسط صفيح ساخن لا ينتج إلا المجرمين المحترفين تم تصديرهم (إلى السجن الأكبر) الذي لا يزال هو الأخر في انتظار ممل لتطبيق مبادئ حقوق الإنسان.

هذا الواقع المزري للسجون المغربية يستمر، و يستمر معه هدر الإنسان، مادامت البيئة الأصلية التي أنتجته على حالها، فالسجن هو انعكاس لواقع سياسي و اجتماعي و ثقافي سائد في المجتمع المغربي، ما هو إلا صورة مصغرة عن صراع محتدم بين طبقات اجتماعية و تقسيمات غير عادلة، و إفراز لعلاقات غير متكافئة إضافة إلى فهم خاطئ لطبيعة العلاقة بين الحاكم و المحكوم و لحقوق و واجبات كل منهما.

المبحث الأول: واقع السجون المغربية

وراء صخور القهر و النهب، و أحجار السجون و المعتقلات المغربية، يوجد عالـــــــــم عنوانه الضياع و الحرمان و الغوص في متاهات العنف و الألم و الاستغلال و القهر، عالم الكل مدعو فيه لاختبار القوة من أجل تأكيد وجوده و تحصين ذاته و الحفاظ على رأس ماله المادي و الرمزي، شعب هذا العالم بينهم من أوخذ بجريمة أفعاله الإجرامية، و منهم من قادته لحظة طيش أو تهور وكثير منهم من اقتيد ظلما باسم العدالة و بتأييــــــــد من الفانون، في دولة ( الحق و القانون )، القانون الذي أشبه ما يكون بعش العنكبوت لا تعلـــــق بـــه إلا الحشــرات الصغيرة، أما الخنازير و الثيران أصحاب الأجسام الضخمة فإنهم لا يعلقون ولا يبالون بتاتا بهذا العش الأهون المعمول أساسا، لاصطياد الحشرات الضعيفة و تطويعها و تعليب وعيها، لشعب هذا العالم عاداته و غرائــــــزه و آدابه و أسواقه و تكتلاته و لوبياته بل و أشرافه و أنذاله. يحكم هذا العالم مستحضر للتلميع و التجميل يسمى قانون 23/98 وهو خطاب أجوف لا علاقة له بالممارسة على أرض الواقع، كان مجرد استجابة لضغوطات المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان. لهذا فالذاكرة الجمعية تنحث له هذا المثل السائر: (( الداخل إليه مفقود و الخارج منه مولود)) .

المحور الأول: الاختلالات العميقة التي تعانيها السجون المغربية

إن ما يعتمد داخل السجون المغربية كارثي و حاط بالكرامة الإنسانية و أبعد ما يكون عن إقرار حقوق الإنسان، فالخرقات مختلفة و متنوعة و التجاوزات مكشوفة بدءا من الاكتظاظ المهول، و انعدام الوسائــــــــــل الضرورية في التطبيب تم الضعف الكبير للنظام الغذائي، و انتشار الأمراض المعدية مرورا بالزبونيـــــــــــــــة و المحسوبية و تنامي ظاهرة الرشوة وصولا إلى الترويج الكبير للمخدرات و الأقراص الهلوسة، ناهيك عــــــن مظاهر التسيب التي يمارسها بعض الموظفين في حق النزلاء من أبناء الشعب المغربي الشقيق ضحايا الصراع الطبقي بين مالكي وسائل الإنتاج تم الإكراه ، و الكدح المهمشين.

في ظل هذه الشروط و غيرها التي تعرفها السجون المغربية و التي تجعل الإنسان أرخص من أعقاب السجائر تلوح في الأفق أسئلة فادحة، تطرح نفسها بقوة. أي حديت في إعادة التربية و التأهيل و التقويم الاجتماعي يمكن أن يكون له مصداقية أو فاعلية في هذه الحالة ؟ أوَ ليس الأمر مجرد مسكن وهمي و حديت خرافة؟ ما هي الغاية من مثل هذه المؤسسات المشوهة؟
هل ترنو إلى الحد من الجنوح و الإجرام، و الحفاظ على المعايير و القيم التي ينتجها العقل الجمعي لضمان استمرارية مشروع المجتمع و تكريس حضوره في النسق العام كما هو في المنظور الدوركايمي؟ أو على العكس من ذلك، تغدو المؤسسات مجرد مساهم في الجنوح و تحويل الانحراف إلى احتراف؟

إن سبر أغوار عالم القيد و الاحتجاز و الخوض في بحوره المظلمة ليؤكد أن الشعارات المرفوعــــــــة بخصوص الوضعية العامة للسجون المغربية، ما يعكس الصورة الحقيقية و الواقع المعاش المزري، فما تتداوله الألسنة الرسمية المحنطة، لا يعدو مقولات فارغة من المحتوى، و إذا ما حاولنا أن نطابق بين محتوى القانون
(( مستحضر التجميل )) المنظم للسجون وما يطبق خلف الأسوار فنلاحظ الهوى الواسعة جدا خصوصا إذا ما وقفنا على ما يروج داخل هذه المؤسسة من مخدرات و غيرها من الممنوعات و بشكل كبير، يمكن القول أن عدم قدرة المسئولين على تحويل السجن إلى فضاء للتهذيب و الإصلاح و الإدماج، عوض بالمخدرات التي تعتبر بمثابة أجنحة للتحليق الواهم في عالم الحرية و الانعثاق و الكرامة الإنسانية، هذا التحليق الذي يقي شر الإصلاح و الاجتهاد، فالمشاكل التي يعرفها السجن المغربي كثيرة جدا وهي ذات ارتباط وثيق بما يُعتمل قي النسق الاجتماعي لأن الواقع المزري الذي يعيشه السجن ما هو إلا انعكاس لواقع مجتمعي أزرا، وبذلك و بحكم الترابط الوظيفي بين كافة الحقول والبنيات المجتمعية، فالسجن حقل مجتمعي يعكس ما يتفاعل داخل الحقول الأخرى، وما يتحرك فيه من ظواهر اجتماعية ما هي إلا صورة مختزلة للصراعات و الرهانات التي تؤطر المجتمع المغربي، من هنا يمكن القول بأن هذه الاختلالات تصب في مسألة السياسة الجنائية و الموارد البشرية ثم البنيات التحتية.

1. السياسة الجنائية: إن السياسة الجنائية وبرميها إلى الحد من الإجرام و الجريمة عن طريق العقاب، فإنها باعتماد ما من الحرية كعقاب تصبح مساهمة في إنتاج الجنوح و توسيع مجال انتشاره في المجتمع ، بذلك يمكن القول بأن العقوبات السالبة للحرية و الاكتفاء بها لا يحل المشكل ، لذا بات من المحتم الحديث عن عقوبات بديلة وبات التفكير في التخلي عن الاعتقال الاحتياطي ضرورة أساسية . وذلك طبعا حسب نوع و خطورة الجريمة و خصوصا وان معظم النزلاء الاحتياطيين متهمون بتهم لا تستوجب سلب الحريـــة و غالبيتهم من الأحداث.
2. الموارد البشرية: للحديث عن الموارد البشرية فان مديرية السجون تتوفر الآن على 60 سجنا، تستوعب ما يزيد عن 80000 سجين، علما أن الرقم مرشح للارتفاع أما عدد الموظفين فيمكن القول أنه ضعيف جدا بالمقارنة بعدد السجناء، هؤلاء الموظفين اقل ما يمكن القول في حقهم أنهم يعيشون كفافا تأطيريا كبيرا و تدني لمستوياتهم التعليمية و تدهور المناعة الأخلاقية و الضمير المهني، هذا إضافة إلى عدم دراية نسبة كبيرة منهم لمبادئ أولية في علم الإجرام و علم الاجتماع و علم النفس، هذا إضافة إلى عدم التشبع بمبادئ حقوق الإنسان، في وقت ينص فيه القانون المنظم للسجون بالمغرب على أن يكون الموظف ملما بمبادئ علم الإجرام، علم النفس، علم الاجتماع و ملما أيضا بقواعد المسطرة الجنائية و أن يكون مشبعا بمبادئ حقوق الإنسان، فلا ينبغي أن يميز في المعاملة بين المعتقلين بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو الجنسية أو الدين أو الرأي أو المركز الاجتماعي، وأن لا يستعمل العنف ضد المعتقلين و أن لا يخاطبهم خطابا بذيئا و مهينا، كما يجب في هذا الموقع أن يهتم بالعناية الروحية و الفكرية للنزيل.
3. البنيــة التحتيــة: إن البنيات التحتية بمجموع السجون المغربية و البالغ عددها 60 سجنا، هشة و مفتقرة لأدنى شروط الكرامة ويستعصى عليها بلورة مفهوم ( دولة الحق و القانون) لاسيما أنها بعيدة عن المواصفات التقنية و الإنسانية و الصحية، فأغلب السجون تستوجب الإغلاق (بدءا من سجن بولمهارز الرهيب ) أو الإصلاح و الترميم لكي تستطيع تقليص مساحة الجنوح الذي يلاحظ أنه وفي خضم هذه المعايير التي تؤطر المؤسسات السجنية بالمغرب يزداد و بدرجات متقدمة ، فالمرور بالسجن في المغرب غير مأمون لأنه يجعل من الجانح قنبلة موقوتة في استعداد للانفجار على المجتمع في أية لحظة ، و ذلك بالنضر لما يتعلمه الجانح في هذه المؤسسة من دروس في الإجرام و العنف، خصوصا أن حق القوة هو المؤطر لهذا العالم الذي لا يعرف قيم التسامح و السلم، ليبقى هذا العالم مؤشرا على الفقر و الخســــــارة و القتل، هذا العالم المادي و الرمزي الرهيب التي تهدر فيه الإنسانية و تقتل، الشيء الذي لا يؤدي إلا لإعادة إنتاج الجنـــــــــــــوح.

المحور الثاني: السجون المغربية و إعادة إنتاج الجنوح

إن مسلسل الجنوح و العودة في استمرار و بحلقات أخطر في مغرب لم يستطع أن يبلور مفهوم التنمية البشرية على ارض الواقع خصوصا و أنه يراهن على ضبط التوازنات الظرفية على حساب المواطنين ليبقى المجتمع معاقا و مشوها تشوها خطيرا تتقلص فيه إمكانية العدل و الحق و تكافؤ الفرص و تقوى فيه بالمقابل كل آليات التفقير و التباين الطبقي، لاسيما في ضوء الهاجس الأمني الذي يسود في التعاطي مع شؤون المواطن، هذا مع إقصاء لمطالب الكدح و المحرومين كلها عوامل ساهمة في خلق مغرب القمع و التشريد يحتضن كل مظاهر الانحراف و الاختلال. مغربا لا يحمل هما للمواطن إلا بشكل مناسباتي كما هو الشأن للانتخابات التي يتصارع فيها المرشحون حول من سيدخل أكبر كمية من الأكباش للحظيرة، من أجل التأهل لدخول حظيرة من نوع آخر تنبعث منها رائحة عرق و دماء المحرومين الذين يعيشون في انتظار ممل لا يؤدي حتما إلا للسرقة و النهب
و الاغتصاب و القتل و إدمان المخدرات و المتاجرة فيها و غير ذلك من أنواع الإجرام هذا الواقع لا يساهم إلا في إعادة إنتاج الجنوح و تفريغ الجانحين و إعلان إفلاس وظيفة السجن المتمثلة في الإصلاح و التهذيب و تقويم الاعوجاج الاجتماعي، رغم العقاب و العنف الذي يبصم نفسه على نفسية السجين و عقليته و على جســـــــده(وشم، جروح، اعتداءات جنسية...) من هنا نتساءل ما هي شروط إعادة إنتاج هذا الجنوح؟

هناك عوامل كثيرة تساهم في إنتاج الجنوح و هي تتصل بداية بالعالم السجني، فالجانح بعد خروجه من السجن و بعد تلقيه مبادئ في ((علم الإجرام)) في جو ألا إصلاح و الاختلال المفعم في العنف و الظلم الذي يلازمه نبذ من المجتمع و نضرة سلبية حادة له باعتباره مجرما خطيرا. لا يبقى أمام الفرد إلا الغوص في مستنقع الجريمة و احترافها كأن الأمر يتعلق بحقد دفين و محاولة للانتقام و رد الاعتبار و الكرامة المسروقة أو المشروخة. ففي كل حقل أو مجال بوجه صراع، و يجب في كل مرة البحث عن أشكاله النوعية بين الوافد الجديد الذي يحاول إقحام حواجز و شروط الدخول و بين المسيطر الذي يحكم الرباط على احتكاراته و القضاء على منافسيه. و وفقا لهذا الطرح يكون السجن كمساحة للصراع و احتدام المنافسة بين مالك وسائل الإنتاج و الإكراه
و غيرهم ممن لا يملكون فالصراع كما يقول : " بيير بورديو" هو بعد مستمر من أبعاد الممارسات الاجتماعية فالصراع مرتبط ارتباطا وثيقا بمختلف حقول النشاط، انه يحدد انطلاقا من أوضاع و ممتلكات معينة ووفق أنماط و عمل، إن تاريخ كل حقل هو تاريخ الصراع لكن الصراعات داخل الفضاء السجني تتخذ أبعادا أخرى أكثر عتامة و ذلك لتأثرها بجدليات خاصة تنهل من ثقافة الجنوح و الإجرام التي تتسم بالعنف، و العنف المضاد، ولان الأمر يتمحور حول ثقافة فرعية و ضمن الثقافات الأخرى التي تتوزع بين حقول المجتمع الأخرى و كأن السجن هو شعب داخل شعب كما يرى ميشيل فوكو .

من هنا يمكن القول بأن المؤسسة العقابية لها ثقافاتها الخاصة و التي تؤسسها و تدعمها عبر أنماط التواصل وقيم العنف ووسائل الإنتاج و إعادة الإنتاج و بما أنها تكون مزيجا ولونا مجتمعيا يحتكم إلى عقل جمعي و تحكمه مبادئ و معايير، فان السجين أولا و أخيرا مطالب بالرضوخ لهذه القيم و مسايرة الواقع و التكيف معه.
و بما أن مفعول الإصلاح لا يستهدف تغيير مقومات و أسس هذه الثقافة السجنية فإنها تحقق الاستمرارية و الثبات ليستمر السجن في طريق معاكس لأهدافه التي يسطرها في ديباجته المطولة، و لكن و إن كانت ظاهرة العود ترتبط بعالم السجن، فإنها ذات ارتباط أخر بعوالم أخرى خارج السجن ، فصعوبة الحصول على العمل و المراقبة البوليسية و النبذ الاجتماعي تقف في طريق كل من عاش داخل السجن حيث يبقى متهم حتى تثبت وفاته و يبقى مرفوضا تزدريه النظرات في مجتمع تغيب فيه إمكانية الاندماج و تسهيل الانخراط في المجتمع مما يساهم في إعادة إنتاج الجنوح. كما أن الحكم بالمنع من الحرية تم العقاب يقود عائلات السجناء و بصورة غير مباشرة للانحراف و التشرد و التسول لتحقيق ما عجت المؤسسة السجنية عن توفيره لتبقى المؤسسات العقابية مساهمة في توسع مدى الجنوح و إعادة الجنوح الذي لا يحل على الواقع لاستعمال العقاب ما دامت البيئات الأصلية التي أنتجته على حالها و لهذا لا يمكن أن يصلح حال جانح عاش في ضل الفقر و التهميش ، أن ينصلح بواسطة السجن و هو الذي سيعود مجددا إلى نفس البيئة التي هيأت لديه استعدادات الجنوح، فظاهرة العود تتدخل في إنتاجها عوامل تتراوح ما بين السجن الأصغر و السجن الأكبر الذي يتأسس على التفقير و الإقصاء و التهميش و لان السجن لا يستهدف جذور و أصول الجنوح، فان ظاهرة العود في ارتفاع و بشكل فضيع، فعندما لا يجد القادم من السجن أي تغيير على أرض الواقع فانه يرجع إلى عاداته القديمة، مبرمجا فشل السجن في مهامه الإصلاحية و فشل باقي مؤسسات المجتمع و أفراده في تغيير ظروف إنتاج الجنوح وتهيئ ظروف للاندماج لتبقى هذه المؤسسات السجنية بمثابة أوكار لإنتاج المجرمين و مقابر للكدح و المحرومين الذين يرزخون تحت نير الأكاذيب و أطنان التظليلات التي تسوقها سلطات مغرب العهد الجديد مغرب القمع و التشريد.

من هنا و بثقـل الظلـم و الحيف الجاثـم على شعب السجون الكادح و للإخراج شمس الصباح القادم مـن مخبئها، حملنا على عاتقنا نحن المعتقلون السياسيون الصحراويـون التسعة من وراء أســوار سجن بولمهارز الرهـيب بمراكش فضح التجاوزات و الخرقات لإبداء و إظهار ما كان في الظلام لأنه و في هذه اللحظات يبقى القلم هو القيمة الوحيدة الممكنة و الناجحة أمام عدو يحاول سلبنا كل شيء .
المبحث الثاني: سجن بولمهارز نموذج حي لواقع السجون المغربية

بولمهارز ابن شرعي للاستعمار الفرنسي، كان مختص في تقويم أظافر رجالات المقاومة المغربيـــــــة و كسر أجنحتها بغية حماية مصالح المستعمر و تأكيد قوته ، أما الآن فهو سجن محلي مخصص لإيواء المعتقلين الاحتياطيين و المحكوم عليهم بعقوبات قصيرة الأمد، يتربع هذا السجن وسط أحد الأحياء الراقية (حي كيليز) بمدينة الحمراء، عنوانه الحرمان و الضياع، أسواره عالية و جدرانه تتخللها لوحات تشكيلية و رسوم فنية و مقولات مأثورة و آيات قرءا نية خطت بعناية و أحاديث نبوية تحث على الصبر و الأمل و التوبة و الإيمان بقضاء الله و قدره في محاولة لرفع الصراع الدائر على الأرض إلى السماء و هو انطباع أولي زائف سرعان ما يتبخر لأنه عالم وكما يقول معظم السجناء " عالم ظاهره فيه الرحمة و باطنه من قبله العذاب" .

سجن بولمهارز يتكون من أجنحة بالية و هشة مقسمة على الشكل التالي :
جناح الابتدائية: يتوفر على ثمان غرف، كل غرفة تأوي متوسط 70 نزيل في حين أن قدرتها الاستيعابية 25 نزيل، هذا إضافة إلى خمس زنازين انفرادية ((الكاشو)) ويمثل الإيداع في هذه الزنازين أحد الإجراءات المستعملة للردع/القمع و الملاحظ أنه في سجن بولمهارز يتم تفريق أيام انفرادية بالمجان ( دون محاكمة عادلة لأنه يفترض في إصدار الحكم مثول المتهم أمام هيئة تأديبية تتشكل من مدير المؤسسة، رئيس المعقل، موظفين يعينهم المدير، وبوسع السجين المتهم أن يستعين بمؤازرة احد السجناء للدفاع عنه أمام الهيئة كما يمكن الاستماع لشهادة الشهود و بعد تلاوة صك الاتهام يكون من حق السجين أن يقدم دفعاته و يدافع عن نفسه قبل أن تختلي اللجنة إلى نفسها و تتخذ قرارا بالتصويت .
جناح الجنائيات : يتوفر على أربع غرف ، كل غرفة تأوي كمتوسط 70 نزيلا في حين قدرتها الاستيعابية محددة في 25 نزيلا هذا دون احتساب غرف من الحجم المتوسط و الصغير (( سيلولات )) الذي يصل إجمال عددها 6 غرف بهذا الجناح .
جناح الجدد و المكرهين: يتوفر على أربع غرف من الحجم الكبير تأوي كمتوسط 120 نزيلا في حين قدرتها الاستيعابية 40 نزيلا هذا بالإضافة إلى غرفة واحدة من الحجم المتوسط (( سيلول )) و خمس غرف من الحجم الصغير تحمل اسم المكرهين و هي في الأصل مخصصة للمعتقلين السياسيين الذين هم اليوم مكدسون مع سجناء الحق العام داخل هذه المقابر الجماعية.
جناح الأحداث : و هو جناح مخصص لأصحاب الطفولة المسروقة أو المشروحة تتراوح أعمارهم ما بين 12 و 20 سنة ، يتوفر هذا الجناح على 8 غرف تأوي كمتوسط لكل غرفة 110 نزيلا في حين قدرتها الاستيعابية لا تتجاوز 36 نزيلا .
جناح النساء : يتكون من غرفة واحدة تأوي كمتوسط 50 نزيلة في حين قدرتها الاستيعابية 15 نزيلا ، إضافة إلى غرفتين صغيرتين (( سيلول )) .
أما الشيوخ فيتواجدون في غرفة واحدة و هي في الأصل مجرد مخبزة للسجن، تأوي هذه المخبزة حوالي 30 نزيلا تتجاوز أعمارهم 60 سنة ويبلغ عمر أكبرهم 92 سنة محكوم بـ 30 سنة سجن نافد.

يتوفر سجن أبو الغريب بمراكش على 3 ساحات الأولى مخصصة لجناح الأحداث و هي خالية من المقاعد و المساحات الخضراء و هي أشبه ما تكون بحلبة للعراك و المصارعة و هو مشهد يعتاد النزلاء عليه بصفة دائمة ، هذه الساحة لا تتوفر لأبسط الأساسيات ، فلا صنابير و لا مراحيض و لا ملاعب و لا هم يحزنون . أما الساحة الثانية، فهي مخصصة لجناحي الجنائية و الابتدائية شكلها اقرب إلى المثلث ، حجمها صغير بالمقارنة مع عدد النزلاء تفتقر هي الأخرى لأبسط الضروريات، لا تتوفر إلا على مقاعد إسمنتية مهشمة لا تصلح للجلوس و هي خالية من الأشجار و المناطق الخضراء، و يتربع وسط هذه الساحة ملعب لكرة القدم المصغرة أرضيته محفرة غير صالحة لمزاولة أي نشاط رياضي ، ما عدا استغلال "عارضات المرمى" لنشر غسيل النزلاء و نشر الأغطية و الأفرشة على الأرضية و الاتكاء عليها طلبا للراحة و النوم الذي لا ينعم به النزلاء في الغرف بسبب الاكتظاظ . كما تتوفر هذه الساحة " على سقاية" بها خمس صنابير واحد منها يتم استغلاله أما البقية فهي معطلة، أما المراحيض فهي غائبة تعوض بجنبات الجدران المتآكلة. أما الساحة الثالثة فهي مخصصة لجناح الجدد و المكرهين و هي صغيرة الحجم بها سبعة أشجار زيتون و أربعة ليمون، و بها سقاية صغيرة يتم استغلالها للوضوء، لان الساحة تستعمل لإقامة صلاة الجمعة و الأعياد، و هذه الساحة يمر عبرها السجناء لمصلحة السجن.
المصحة الخاصة بالسجن يمكن القول عموما إن جل مشرفيها من النزلاء و لا تتوفر على ابسط المعدات الضرورية للإسعاف باستثناء محررا و ميزان و مقص غير معقم ، أما الطبيب المشرف بالسجن فهو دائم الغياب عن السجـن ليبقـى السجناء في شكـوى دائـمة من المرض و غياب الأدويـة، فالصيدلية مغلقـة طـوال الـوقت و لا تتوفر إلا بعض أقراص " أسبرين" و الأقراص "المنومة" التي توصف لعلاج كل الأمراض. تتوفر مصحة هـذا السجن على غرفتين للمرضى تنبعث منها الروائح الكـريهة حـيث الأسرة البالية و المملـوءة بالقمـل و الجراثيـــم و جدير بالذكر أن الحقنة تستعمل أكثر من مرة لحقن السجناء و هو الأمر الذي يؤدي إلى تفشي الأمراض المعدية و الخطيرة كالسيدا مثلا .... و تتوفر المؤسسة على مصحة لأمراض الفم و الأسنان لكنها مغلقة طيلة أيام الأسبوع، و إن افتتحت أبوابها فإنها توجب فتح جيوب السجناء الفارغة أصلا.
أما المدرسة و باعتبارها فضاء من الفضاءات التي من المفروض أن تساعد على إعـادة تأهـيل و إدمـاج الشباب من النزلاء و تلقين الدروس و القيم و الأخـلاق، و فضاء لنبد الجريمة بـأنواعها فهي مغلقة طـول الـــوقت ولا تتوفر إلا على قاعتين جل مقاعدها هشة و بالية، صالحة لكل شيء ما عدا الدروس و التحصيل و فيما يخص المدرس فحاضر كل الوقت في الورق أما الواقع فلا يحضر إلا مـرة في الشهر، يظهـر فيـها و يغـيـــب .
أما الخزانة فهـي غرفة لا يتجاوز طولها 3 أمتار و عرضها متران و نصف جــل كتبها مختصرة فــــي سطور على جدران السجن إضافة إلــى احتـوائها علــى كتب تتحدث عـن سيرة الحسن الثانـي و الأسرة العلوية و كفاح محمد الخامس و ثورة الشعب.
أما المطبخ فهو جحر للجرذان و الصراصير التي تعيش على ما يتساقط من الصهاريج المستعملة للطهي و على الخضر المتعفنة في زوايا المطبخ، التي تنبعث منها روائح كريهة تجعل النزلاء يعافون ما يطبخ لهم مــن وجبات.
بخصوص الحمام: فسجن بولمهارز لا يتوفر على حمام واحد أو بالأحرى غرفة ضيقة لا يتجاوز طولها 5 أمتار أما عرضها فلا يتجاوز 3 أمتار ليبقى النزلاء يعيشون في ظل عدم النظافة ، فعدد السجناء الذي يتجاوز 1600 سجين مدعو لهذه المساحة الضيقة للاستحمام بالماء البارد و الممزوج بالبنزين ، هذا الحمام كبقية المرافق مغلق أكثر مما هو مفتوح مما يجعل النزلاء يعيشون في جحيم متسخ و كريه .
الوافـد الجديد لعالـم بولمهارز يخوض خطواته الأولى بتوجيهه نحـو مكتب الضبط القضائـــي حيث تعد سجلات الاعتقال الخاصة به و التي تتضمن معلومات شخصية دقيقة كالاسم و النسب و مكان الازدياد و تاريخه و المهنة و اسم الأب و الأم و السوابق العدلية.... بعد ذلك تؤخذ له صورة شخصية مـن كـل الجوانب و الجـهات و أخد الصورة أصبح ضرورة أساسية بعدما شهد السجن حالة فرار في الشهور الأخيرة لأحد السجناء بعدما أخد معلومات شخصية لسجين أُخـر كان على عتبة الحرية و تقديمها للموظفين ليطلق صارحه تاركا للإدارة خفــــــي حنين و تاركا للسجين وجبة من التنكيل و التعذيب الهمجــي ، أما الخطوة الثانية فيخطوها الوافد الجديد إلـــى احد الأجنحة أو الأحياء ليزج به في أحد الزنازن المخصصة للسجناء الاحتياطيين هذا دون أن يخضع للفحص الطبي و دون أن يفتـح له ملف طبـي يبين ما إذا كان يعاني مـن اضطراب نفسـي أو مـرض يوجب عزله، أو إخضاعـه لمتابعة طبية داخل مصحة السجن ليترك في مواجهة واقع مأساوي حاط بالكرامة الإنسانية و لا يضمن ابسط حقوقه ، فمعانات السجين تأخذ وجوها متعددة و أبعادا كثيرة نأخذ منها على سبيل المثال لا الحصـر ما يــلي : الاكتظاظ ، سـوء التغذيـة ، النظافـة، الصحة ، الاستغـلال الجنســــــي ، ترويـج المخــدرات ، استفحـال الرشـوة و المحسوبية...

المحور الأول: الاكتظاظ

يعاني سجن بولمهارز الرهيب من اكتظاظ خانق، فالزنازن ضيقة و أشبه ما تكون بمستنقع تُذاب فيــــه كرامة و إنسانية حقوق الإنسان فابسط حقوق السجين و هو الحق في النوم المريح مهضوم و يستهلك كل يـوم ، فالنوم أو بالأحرى العذاب له ألوان و أنواع في هذا الجحيم القاسي.
يصطف السجناء فـي زنازين بولمهارز ملتصقيـن بعضهم ببعض كأسماك السـرديـن المعلبة ، فــي رقعة إسمنتية تسمى " لاكار" طولها متران و نصف و عرضها مترين ينام/ يعذب فيها 28 نزيلا و أكثر، يفترشون أغطية بالية و متسخة و يلتحفون سقف الغرفة المليء بالحشرات و يتوسدون أرجل بعضهم البعض و يشرف على هذه العملية (( كارد شومبر أو شاف شومبر )) و هو شخص تمكن الإجرام من قلبه و عقله ، إذ لا يعرف من القيم إلا العنف ، نزلاء هذه الرقعة الضيقة يضطرون لقضاء أزيد من عشر ساعات جالسين كالقرفساء ، ينظفون ملابسهم من القمل هو مشهد أشبه بقراءة الجرائد و ما أكثر أخبار الجرائد في سجن بولمهارز.
أما البعض الأخر من المساجين فيضطر لقضاء لياليه في المراحيض محاطا بألوان من الفضلات البشرية و الروائح الكريهة، و تتم هذه العملية بوضع باب أو قطعة من الخشب فوق كرسي المرحاض ثم تنشر الأغطية البالية المتسخة، و الزنزانة في سجن بولمهارز تحتوي على مرحاضين يبلغ طول كل منهما متر و نصف أما العرض فلا يتجاوز المتر الواحد، و في هذه المساحة ينام/يعذب 5 سجناء أصابتهم لعنة السماء أو الأرض على الأصح .
و هناك فئة أخرى من السجناء تنام تحت الأسرة ، مكدسة كجراء الكلاب، و يتطلب النوم في هذا المكان مبلغا من المال يقدر ب 250 درهم ، أما النوم فوق "الدسيسة" و هو المكان المخصص لوضع الأمتعة يتطلب مبلغا ماليا يقدر ب 350 درهم، نزلاء هذا المكان ليسوا أكثر حظ من سابقيهم لان النوم فوق "الدسيسة" غير مأمون لأنه مكان معلق بين الأرض و السماء لا يقي شر السقوط الخطير و التزحلق فوق السردين المعلب جسدا و وعيا .
أما النزلاء المحضوضين فإنهم ينامون فوق الأسرة و هي أسرة لا يتجاوز عرضها 60 سنتمترا ملتصقة فيما بينها لا تترك أي مساحة فارغة، و يصل ثمن النوم فوق هذه الأسرة إلى 700 درهم و يزيد حسب الطلب و العرض في هذا السوق المشوه.

هذا الغلاء المرفوق بانخفاض القدرة الشرائية لمعظم السجناء من أبناء الطبقة الكادحة، يحتم على كل نزيلين شراء سرير واحد و النوم فوقه على جنب في انتظار دق مطرقة المحكمة و البث في الملف الذي لن يكون إلا انتظارا طويلا ممزوجا بالمعاناة و الماسات .
هذه الإشكالية وما يترتب عنها من مظاهر حاطه بالكرامة الإنسانية، تأخذ أبعادا صحية خطيرة حيث انتشار الجراثيم و الحشرات، لهو تغير صارخ عن اتساع الهوى بينما يعتمل به داخل السجن و ما هو مسطر على الورق، فالاكتظاظ صارخ و رهيب ، فالزنازن ضيقة و يصل عدد نزلائها إلى 70 نزيلا بل و أكثر في حين أن طاقتها الاستيعابية لا تتجاوز 25 نزيلا ، و السجن عموما يفوق عدد نزلائه 1600 نزيلا في وقت لا تتجاوز طاقته الاستيعابية 400 نزيل ، في هذا الجو من الاكتظاظ و الاستغلال الكل مدعو لاختبار القوة و العنف لاسيما و أن الغرفة تشكل مكانا للنوم و الطهي و الأكل...

المحور الثاني: سوء التغذية

الوجبات يتم إعدادها في أجواء تنعدم فيها أبسط شروط النظافة و الجودة، و تتم العملية تحت إشراف الموظفين التابعين لمديرية إدارة السجون، يكتفون بالمراقبة و توجيه السجناء المكلفين بالطهي و الذين لا يخضعون لفحص دوري كل ذلك تضاف إليه أجواء الفوضى و الأوساخ، الشيء الذي يجعل السجناء يتقززون من تناولها أو يعيدون طهيها ، و منهم من يعتمد أساسا على ما تجلبه العائلات في كل زيارة خاطفة ، لان هذه الوجبات لا ترضى بها حتى الجرذان ، مع العلم أن المادة 20 من القواعد النموذجية لمعاملة السجناء تنص على توفير الإدارة لكل سجين بالساعات المعتادة ووجبات طعام ذات قيمة غذائية للحفاظ على صحته و قواه، جيدة النوعية و حسنة التقديم ، إلا أن ترجمة هذه المادة تبقى بعيدة المنال إلـى حد كبير جدا و الأمر يبعث علـى الاستغراب خاصة في ظل الاكتظاظ المشار إليه سلفا . و الوجبات المقدمة يوميا هي ثلاث: في الصباح يقدم الشاي أو القهوة أو الحساء و تفرق في ساحة السجن أو أمام الزنازن لأن السجناء في الصباح يخرجون من الزنازن للاستراحة أو على الأصح النوم الذي لم يجدوا له طريق بفعل الازدحام في الغرف، أما في الغداء فيتم تقديم وجبة من القطاني "عدس، لوبيا، حمص..." في غالب الأيام، ويخصص يوم في الأسبوع تقدم فيه وجبة من الخضر تتكون من البطاطس و الجزر تسمى عند السجناء "سبع خضاري" ويقدم يوم الجمعة كسكس مغرب السجون "يحتوي على نوعين من الخضر و بدون لحم" أما العشاء فيكون عبارة عن حساء الأرز أو"البيصرة"
و القاسم المشترك بين هذه الوجبات الثلاث هو كسرة خبز باردة في حين أن الفواكه تأتي و تغيب مع غياب القريب الزائر.
و تتكفل الأسرة التي تنتمي أغلبها إلى الفئات المعوزة بتحمل الجانب الأكبر من تغذية أبنائها أو أقربائها داخل السجون، بطلب من السجناء أنفسهم، لأن ما يقدم لهم من وجبات يعني بالحد الأدنى من الغداء للحفاظ على صحتهم، وما يجلب في قفة الزيارة يكون في استقباله زبانية الزنازن "الشافات" تحت ذريعة واجب النظافــــــــة و الأمن و تسمى "الشيفون" و تسجل هذه المعونات العائلية كممون رئيسي للسجناء مما يكشف ضعف الميزانيات المرصودة و التي علاوة على عدم كفايتها تتسلل إليها الأيادي قبل و صولها إلى المؤسسة، و داخلها أيضا لتعمل على تقزيمها و خصم أقساط مهمة منها و توجيهها وجهات أخرى... لتتكفل الأسرة المغلوب على أمرها بتأمين التغذية لأبنائها مما يفتح الباب على مشاكل اجتماعية يقود إليها هذا الحرمان، كالدعارة و السرقة و العنف التي تقاد إليها قسرا العائلات حتى تستطيع مسايرة إيقاع السجن في وقت يتم الاتجار بحقوقهم المسروقــــــــــــــــــــة و المهضومة، و هذه السرقة و التلاعبات لطالما تم رصدها بوقوف عليها و سمع المسئولون نداءات حولها، ولكن لا حياة لمن تنادي.
أما النقاش داخل الزنازن حول الواقع المزري المعاش فان كل من يخوضه يتعرض للتنكيل و التعذيب و الرمي في الزنازن الانفرادية "الكاشو" ليبقى الواقع على حاله ولا يجد السجين أمامه من حل غير التحليق الواهم بأجنحة المخدرات.


المحور الثالث: ترويج المخدرات

يتم إدخال المخدرات بجميع أصنافها انطلاقا من مخدر الشيرا مرورا بالقرقوبي تم النفحة و الكالة، المعجون و اللائحة طويلة، بمساعدة من موظفي إدارة السجن و بعلم أعلى هيئة مراقبة. هذه الأخيرة صنفت من طرف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على أنها من أكثر المؤسسات الحكومية المغربية المستهلكة للمخدرات بجميع أشكالها.
ويسهر على ترويج هذه الكمية الكبيرة من المخدرات شبكة مافيا محكمة التنظيم و التسيير و تعمل بشكل هرمي، إذ يعتبر الهرم الممول الرئيسي و يسمى عند السجناء "الكرو" و يليه في الترتيب "المتعلم" و غالبا ما ينحصر عددهم في ثلاث أشخاص الأول مكلف بجناح الأحداث و الثاني بجناحي الجدد و المكرهين والثالث بجناحي الجنائية و الابتدائية، ويلي المتعلمين "الموزعين" وهم زعماء الزنازن "الشافات"، هذا الأخير يتكلف بتوزيع المخدرات داخل زنزانته مستغلا نفوذه و سلطته الواسعة وكدا دهشة النزيل عند دخوله لأول مرة خاصة إن لم تكن له تجربة أو دراية بهذا العالم الجديد.
ويعتبر مخدر الشيرا من أكثر الأنواع رواجا و طلبا من داخل سجن بولمهارز، حيث يتم استهلاك ما يقرب 30 كلغ في الشهر بمعدل كيلو واحد في اليوم و أثمنتها تتراوح في الأوقات العادية ما بين 1500 درهم الى 2000 درهم لكل 100 غرام، أما في أوقات الدروة فيصل الى 3000 درهم، في حين الأتمنة في المدينة الحمراء تتراوح ما بين 800 و 1000 درهم و يستهلك هذا المخدر مرفقا بورق التلفيف "النيبرو" إذ يصل ثمن العلبة "المكونة من 75 ورقة" الى 50 درهم في حين يبلغ ثمنه في محلات بيع التبغ أربعة دراهم، و إذا بيع للورقة الواحدة يصل ثمنه إلى 75 درهما بمعدل درهم واحد للورقة. و في المرتبة الثانية يأتي مخدر "السلسيون" و هو عبارة عن لصقة تخصص لرقع اطارات السيارات و الدراجات، وتباع بأعداد كبيرة في جناح الأحداث "الأطفال" وثمنها يصل الى 40 درهم فحين لا يتجاوز تمنها خارج أسوار السجن أربع دراهم، أما المشروبات الكحولية فهي تنحصر على "أسياد المال" سجناء 5 نجوم المكونين من أباطرة المافيا و مروجي المخدرات، و المتورطين في قضايا النصب و الاحتيال و الذين غالبا ما ينعزلون في غرف خاصة بخدمات راقية و يسهر الموظف بالزي الرسمي على احضار هذه المشروبات حسب الطلب على النوع و الكم بأثمنة يضاعفها الحامل تصل الى خمس مرات عن ثمنها الأصلي في محلات الخمور.
كما هو ملاحظ مما سبق أن فارق الثمن بين خارج و داخل السجن، الذي يصل في بعض الأحيان إلى 10 مرات، لهو أكبر حافز يعزي إدارة المؤسسة السجنية على التواطؤ مع مافيا هذا الميدان المصابة بطاعون الطمع و المخدرات و غيرها من الممنوعات،تقي شر الاجتهاد و التغيير على مستوى المؤسسة السجنية التي عجزت عن تحويل السجـن لفضاء للتهذيـب و الإصلاح ذلك أنها تجعـل النزيل بغوص في بحور الحرية و الانعثاق و الكرامة الإنسانية التي يفتقدها في فظاء مفعم بالعنف و الكراهية و الاستغلال.

المحور الرابع: الاستغلال الجنسي

للمخدرات ارتباطات وثيقة بمجموعة من التجاوزات المرصودة داخل المؤسسة السجنية، كاستعمالها لأغراض جنسية محضة في كثير من الأحيان بغرض الإغراء و استدراج نزلاء من دوي البشرة البيضاء و القامة الممتلئة و الوسامة المثيرة قصد ممارسة الجنس عليهم، و جعلهم أنيسا يدفئ أسرة أباطرة المخدرات، و أسياد المال دون أن يجدوا من يدافع عنهم أو يحقق لهم شيء من أبسط حقوقهم التي تكفلها لهم العهود و المواثيق
و المقررات الأممية.
قصة هؤلاء الضحايا تبدأ مند تجاوز أول باب نحو غياهب سجن بولمهارز الرهيب، إذ يستقبلهم موظفون بالزي الرسمي مهمتهم الظاهرة هي عد السجناء و كأنهم بهائم يلجون مذبحا عموميا، ومهمتهم الباطنة هي اختيار الوجوه الشبابية التي سوف تؤنس وحدة ملوك الزنازن وسجناء 5 نجوم و يشترط هؤلاء أن يكون الأنيس شاب وسيم مقبول الشكل فتي العظم و أن يكون جاهل بخبايا السجن أي "بوجادي أو باجدي" وعندما يقع الاختيار عل ضحية معينة يدق ناقوس البورصة بين الملوك للظفر باللحمة الطرية و الحكم دائما في هذا المزاد هو موظف بالزي الرسمي الذي يعلم جيدا مدا أهمية هذه الفرصة الثمينة، فالطلب كبير و العرض قليل و للإشارة فقط فان هذه المضاربات تمر بسرية تامة و بدون إزعاج و ما أن يربح أحدهم المزاد حتى يسرع بالوافد الجديد إلى عش المضارب وهو لا يدري ما يدور حوله فتتغير المعاملة معه و يحضا بكل ما طاب و لذ من المأكولات ومن الضروريات وحتى الكماليات و تستعمل المخدرات في الإغراء و كسب الثقة و الود، ويبقى الحال على ما هو عليه مدة يومين أو ثلاث بعدها يتحول المضارب إلى شخـص أخر يكشر عن أنيابه و يزيـل القنـاع و تبدأ عملية التحرش الجنسـي، وعندما يكون النزيـل بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن يطيـع أوامـر مضيفه أو يقذف به إلـى خارج النعيم المغشوش و ينضم إلى زملائه ليصارع النتانة و الأوساخ و انعدام النظافة و العراك جراء الاكتظاظ و الاقتيات مـن فضلات المطبخ التي لا تقبلها حتـى الجرذان خصوصا إن كان محروما من الزيارات التي تعتـبر كما ذكر مسبقا الممون الرئيسي للسجناء ليجبر في الأخير على الامتثال لمصيره المحتوم الذي رسمه له موظفو السجن.
وهناك حالات أخرى تصب في نفس الموضوع و تتجه في نفس المسار و السيد فيها هو الموظف بالزي الرسمي، المرشد و المخطط و الموجه و المتحكم في كل التعاملات التي تذر مالا . ففي سجن بولمهارز توجد غرفة من الحجم المتوسط "سيلول" في جناح الجنائيات يسكنها حوالي 20 شاذا يشكلون بدورهم دجاجة تبيض بيضا من ذهب بالنسبة للقناصة من دوي الزي الرسمي، فيدخلون كوسطاء بين من يستطيعون التأثير عليه من الشواذ في مساومات و إغراءات قصد الهدف نفسه، و بين ملوك الزنازن و أباطرة المال و المخدرات في هذا السجن، وما أن يحل الظلام حتى يفتح باب غرفة الشواذ و يخرج المعني بالأمر إلى وجهة لا يعلمها سوى صاحب الزي الرسمي.
هذه بعض صور الاستغلال المشين للإنسان و عبر الإنسان و الانتهاكات المتعمدة لحقوق الإنســـــــــان و التجاوزات المفضوحة لقيم و أخلاق الانسان التي يقشعر لها البدن و يشمئز منها الدين و المجتمع و يحرمها لما لها من تأثيرات على العقل و الجسد و لما تخلفه من أمرض تهدد استمرار المجتمع.

المحور الخامس: تفشي الأمراض و انتشار الجراثيم


يعيش نزلاء سجن بولمهارز في وسط غني بالأمراض المعدية و الجراثيم الخطيرة و الحشــــــــــــــرات و الروائح الكريهة، المنبعثة من مبخرة قوامها غياب النظافة و الرعاية الصحية و شروط السلامة. إن لائحــــــة الأمراض بهذا السجن تتصدرها الأمراض الجلدية و الجرب الناتج عن قلة الاستحمام، إضافة إلى الاكتظاظ الخانق الذي يجعل من الزنزانة حظيرة خنازير لا تنظف ولا تغسل لها أغطية، هذا أفضل عن عدم إخضاع الوافدين الجدد للفحص الطبي، كل هذا تضاف إليه تأثيرات سوء التغذية، فالوجبات تعد في أجواء تنعدم فيها أبسط شروط الجودة و النظافة ذلك أنها مزيج من الحشرات و الجراثيم ثم المواد الغذائية المتعفنة.
أما الحديث عن الحشرات و الجراثيم فيمكن القول أن القمل و بق الخريف و الصراصير و الجرذان قد وجدت لها مرتعا في سجن و أجساد نزلاء بولمهارز الرهيب في غياب النظافة و الاهتمام بفضاءات المؤسسة و بنياتها التحتية الهشة ( كقنوات الصرف الصحي مثلا ). كل هذه المعانات تأتي في غياب الرعاية الصحية للسجناء من جراء النقص في الأطر و غياب الضمير المهني لديها، و مصحة السجن تعاني من قلة الأسرة الخاصة بالمرضى إذ يبلغ عدد الأسرة 17 سريرا بمعدل سرير واحد لأكثر من 89 سجين ، هذا إضافتا إلى عدم وجود خطط علمية تطبق على أرض الواقع لعلاج المرضى المصابين بالأمراض الجلدية كالجرب و الحكة ....الخ ، التي لا يستطيع في ظلها المصابين حتى على نزع ملابسهم و يظهرون كالمخلوقات الغريبة لا تشبه الكثير بقذرما تشبه ممثلي أفلام الرعب.
التجاوزات الطبية في هذا السجن لا تعد و لا تحصى و قد تم رصد مجموعة منها تساعد على نشر العدوى و الأمراض المعدية كالسل و داء فقدان المناعة المكتسبة sida من قبيل استعمال إبرة حقن واحدة لعدد كبير من السجناء و هذا أمر بعيد كل البعد عن أخلاقيات المهنة و ما أمر به ديننا الإسلامي الحنيف، كل هذا تضاف إليه الأيادي المتسللة للأدوية و التلاعبات الحاصلة في الخدمات الصحية.
هذا المسلسل من التجاوزات و المعانات يستمر حتى مع فئة اجتماعية هي في أمس الحاجة للرعاية الطبية و المراقبة المستمرة لتحسين حالتها الصحية و العقلية، هذه الفئة هي فئة دوي الإعاقات الذهنية أو الاضطرابات النفسية، هؤلاء في سجن بولمهارز يُرمون كالخرفان في غرفة صغيرة في جناح الجنائيات بعيدا عن المصحة، هذه الغرفة قوامها غياب النظافة و حضور الجراثيم و الأمراض و الحشرات و التعامل معهم يكــون بالــــرفـس و الركل "الفلقة" تم أن الأدوية المقدمة من طرف أحد السجناء و الذي يساعد الإدارة في هذه المهمة هـــي عبارة عن أدوية منومة تقدم لهم عند حلول الظلام بعدها لا يسمع لهم صوت إلا بعد منتصف اليوم التالي لتكون أمامهم فسحة لا تتجاوز 10 دقائق.
كل هذا يحدث في أحد سجون مغــرب العهد الجديد، مغرب الإنصاف و المصالحة، مغرب الحــــــــــق و القانون، القانون الذي يبقى مسطر على الورق و لا يجد له طريق على الواقع، هذا الأخير يبصمه الاستغـــلال و الخضوع لمبدأ الرشوة و الزبونية و المحسوبية.






المحور السادس: الرشوة

تعتبر الرشوة من الظواهر الاجتماعية المتفشية في النسيج المجتمعي المغربي على مستوى جميع مؤسساته الحكومية بما فيها السجون أو على الأصح المحلبات . فجميع المصالح و الحاجات لا تقضى إلا بعد أخد الرشوة و كأن السجين بقرة حلوب. يتم استغلاله مند أول خطوة يخطوها في هذا العالم الذي لا تحكمه إلا المصالح بدءا من مكان النوم تم التغذية تم التطبيب وتم إدخال بعض الأدوات الممنوعة وصولا إلى ادن بيع المخدرات، و لكل شيء ثمن في هذا المزاد العلني.
للحصول على سرير أو أي مكان أخر للنوم يجب على السجين أن يدفع الثمن و الذي يتراوح ما بين 350 و 2000 درهم، هذه الدراهم تتقاسمها جيوب الموظفين و أعوانهم من دوي السوابق الذين يشرفون على تنظيم هذا المزاد و جمع الإتاوات. بعد الحلب الأول تأتي مرحلة أخرى من الحلب للحصول على المواد الغذائية التي تسرق وتنهب من المطبخ، كالخضر واللحوم والحليب...
أما إذا داهم النزيل مرض ما فلابد أن يجرب مفعول "دهن السير يسير" لتفادي الازدحام الذي تعرفه المصحة والحصول على بعض الأدوية وذلك مقابل علبة سجائر أو أوراق نقدية حسب الخدمة ونوع المرض.من جهة أخرى يتوسط بعض الموظفين لإدخال بعض الأجهزة الممنوعة كالطاهي الكهربائي"الريشو" والهاتف والفيسيدي والديفيدي... أو أكواب زجاجية آو سكاكين ، فإدخال الهاتف يشترط ألا يكون متوفر على آلة التصوير يتطلب 200درهم على الأقل،أما الطاهي فيتطلب 100 درهم أما الفيسيدي فيصل إلى 150 درهم ويتجاوزها إذا كان مرفوقا بأفلام الرعب " أفلام الخلاعة الجنسية" هذا في حين تبقى أعلى مدا خيل الرشوة تعد بغض الطرف عن المخدرات والمشرف الرئيسي هو المدير بواسطة رئيس المعقل وتحدد الإتاوات على ممول السجن فيما بين 2000 و2500 درهم للأسبوع وعلى شاف شومبر في 600 درهم للأسبوع.
كل هذا تنضاف إليه الكوليات المتكررة لبعض الموظفين من السجناء بإحضار مجموعة من المواد الغذائية التي تتميز بإنتاجها المدن التي ينتمي إليها النزلاء، فمثلا يطلب من أبناء" القلعة" إحضار زيت المائدة على اعتبار أنها تنتج هذه المادة بكميات كبيرة ذات جودة عالية، وذلك مقابل التوسط لهم لذا شاف شومبر من اجل معاملته معاملة حسنة"اطاكي عليه السعرة". وتستمر آلة الحلب هاته، وتستمر المعاناة ويستمر هدر الإنسان والألسنة الرسمية محنطة على خطاب واحد أجوف وهو الحداثة والديمقراطية.



خلاصــــة:
إن واقع السجون المغربية، سجون العهد الجديد، عهد دولة الحق و القانون، عهد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، لواقع مخيف و مأساوي يسرق ميثاق حقوق الإنسان هذا الميثاق الذي وضع مند ما ينيف على نصف قرن و الذي وقعته جل دول المعمور و كأنه ميثاق وضع ليخترق أو أن السجين في المغرب لا يتوفر على صفة إنسان، واقع يتفنن في التجاوزات و الخرقات و الاعتداءات و يزيد من ثقلها على أجساد المضطهدين و المحرومين الاكتظاظ خانق تغذية سيئة لا تقبلها حتى الجرذان و الاستغلال الجنسي مرابط و مداوم الأمراض منتشرة و بخطورة و العنف و التعذيب و التنكيل يكسح الأجساد النحيلة للسجناء و المخدرات تخلق في عالم واهم من الحرية و الانعتاق و الرشوة و الزبونية و المحسوبية مفتاح سحري لقضاء كل حاجة كلها أمور تهدر كيان الإنسان/ السجين ذاته ماديا و نفسيا لتتركه في حالة من العجز الجسدي و التصدع النفسي، يخرجانه إلى سجن أكبر و هو لا يستطيع الاندماج و المشاركة و الإنتاج خصوصا و أن كل من دخل غمار تجربة السجن يخرج و يبقى متهما و مجرما حتى تتبث وفاته و هو يحمل صدمات لا يمكنه استيعابها بدون مساعدة طبية/نفسية/اجتماعية لاحقة و هو الشيء الذي يغيب في المجتمع المغربي ليبقى السجين يعيش حالتا من التيه و الاغتراب تقوده لاحتراف الجريمة و الغوص في مستنقعاتها التي لا تزال على حالها و لم تتغير إلا في خطاب الألسنة المحنطة.
يعيش شعب السجون في المغرب في ظل عمليات التعمية و التغطية ، أشد حالات الهذر فتكا و كارثية أنها قعر انحطاط قيمة الإنسان ، الذي يحاصر من جميع الجوانب و على مختلف الأصعدة الشيء الذي يدفع إلى احتجاجات تتزايد و تتنوع و بوثيرة كبيرة بدءا من الاضطرابات عن الطعام و تخييط الأفواه و شق البطون و بلع المسامير و الزجاج و شـرب السكابيول(دواء قاتل لعلاج الجـربة ) وصولا إلى قطع الأجهزة التناسلية ( كما وقـع مؤخرا بسجن بولمهارز) احتجاجات تحاول رفع القهر و الهذر و مجابهة هذا الواقع الغيـر القابل للاحتمال الـذي يصبح معه الموت أهون و أكرم للسجين في سجن اللا إصلاح و اللا تقويم، الذي يخلق من المشاكل و الاختلالات أثر مما يحل و يعجل بالكفر بذل الإيمان بالوطن، فكيف يمكن الزعم في انجاز تنمية أو تقدم في هكذا واقع أسن ؟ و أي ديمقراطية هذه، التي ترفع شعاراتها في هكذا شرط إنساني و مجتمعي ؟ ألا يعدو الأمر أن يكون مجرد عمليات تجميـل و حديث في الفراغ ؟

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=172208

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...