الجنس في الثقافة العربية جورج سلوم - شبيك .. لبيك

كان مولعاً بمشاهدة صور النساء ، خصوصاً الخليعة منها ..ينتقيهنّ من مواقعَ إباحية جمّة ..ويختارهنّ وفقَ مواصفاتٍ يحدّدها في جدولٍ للخَيارات يؤشّر عليه كنقاط مطلوبة ..

فيجيبه محرّك البحث ملبّياً طلباته على الفور ..ويرسل إليه صورهنّ مبتسمات ..داعياتٍ له أن تعالَ إلى أحضاننا ..نحن على أحرّ من الجمر لنلبّي طلباتك ..فاتحاتٍ له قلوبهن وصدورهن مجاناً على طبق ذهبي من الإلكترونات الافتراضية ..منفرجاتٍ عن كلّ ما يمكن الإفراج عنه ..فيتفرّج عليهن وتنفرج أساريره ..

شبّيك لبّيك عبدُك بين يديك ..

قال لي :

-كانوا يأخذون المرء في الزمن الماضي إلى مكتبةٍ شاملة فيها كل عناوين الكتب العالمية ..فيتجوّل بين رفوفها ويختار كتاباً يجالسه كخير جليس .. ومن كتابه المُختار يعرفون نفسيّته ..

أما اليوم فيكتب المرء خياراته على محرّك البحث ..فيعطيك خيارَك فوراً كالمارد الذي خرج من قمقمه ..

شبّيك لبّيك

هذه صورنا ومقاطعنا المسجّلة وفق ما طلبت يا سيّدي

وهذا رقم هاتفنا إن أردتَ اتصالاً مثيراً يؤجّج لواعجك المكبوتة ..وباللغة التي تريدها

أكثر انفتاحاً وشفافية من حوريّات الجنة ..

أصلاً فكرة حواري الجنة التي تقضّ مضجعك نحن سنجسّدها لك ..

تلك الحوريات اللواتي وُعِدْتَ بهنّ ..يقولبهنّ لك رب العالمين لإرضاء شهواتك ، فيخلق لك نسخة من المرأة التي كنت لا تطالها في حياتك الأرضية .. يجسّدها لك لتستمتعَ بها في جنان الخلد ..تلك الفكرة نطبّقها لك على أرضك الفانية نحن الحوريّات الأرضيّات في جنّاتنا الافتراضية.

وهكذا يختارون لمواقعهم عناويناً كالفردوس أو الجنة !

وهكذا فملكة جمال الكون التي سيُخلَق منها ملايين النسخ في الفردوس ، ويتوازعها المحظوظون والمحظيّون من نزلاء الجنة ..يتم هنا استنساخها في مواقعنا الإباحية ..وتتوزّع صور نجمة الإثارة التي يعشقها العربان الرقميّون على هواتفهم الذكيّة جداً ..تزورهم في حلّهم وترحالهم ..وفي غرف نومهم وعزلتهم وصوامعهم وسجونهم ومخيّلاتهم العطشى لتغدق عليهم الحبّ الذي يعشقون ..حلالاً زلالاً ..فيغرفون فيها حبّاً سرّياً ، وتعاف أنفسُهُم أمّ البنين التي تبقى للإنجاب والتفريخ والتفقيس فقط .

ما أجملكِ يا امرأة الانترنت !

شقراء ناهدة ملساء حليقة ..دعجة ..مكتنزة على رقة ..رقيقة على طراوة ..غضّة وبضّة .. وبيضاء كقطعة من ثلج ..بعيدة مهوى القرط ..وتعضّ على العنّاب بالبرد ..و بارق ثغرها متبسّمٌ أبداً ..وتنجلي صفحة خدّها كالصّفاح المجليّة فتقوّم منك الرماح اليمانية والسيوف الدمشقية.. وتصطلي الأسنّة العربية ..ويثور غبار السنابك الأبجرية ..ويختلط الصهيل بالأنين والفحيح .. ويضربها بالسيف على عاتقها ويخرج لامعاً من علائقها .. ويتخبّط الفارس المقدام بنطافه المتقاذفة كالنوافير ..يقدحها ويذمّها ويتفاخر بها كالمتنبي ويهجوها كجريرٍ الفرزدقيّ ..ويناجيها كحمامة أبي فراس الحمدانيّ ..وتنقلب معك كيفما قلبتَها وتبقى راغبة بالمزيد ..هذه هي التي نريدها نأتيها أنّى شئنا ومتى شئنا ..وبكل الأوزان الفراهيدية والمقامات الأصمعية .. والوضعيات الجنسية الجاحظية

لا داع بعد الآن لاقتناء كتاب نواضر الأيك في معرفة النيك للإمام السيوطي .. ولا غيره من عيون الأدب لبلوغ الأرب

آه ..ولا رائحة تنبعث من صورها ..ولكننا نتخيل العطر الفوّاح من الجسد المرمريّ ..مضمّخٌ بالطيب والبخوّر

آهٍ ..والجمال يحيط بها في الشقق الفارهة والأسرّة الفسيحة ..التي تستعمل للحب فقط ..

لا نقيق ..ولا شخير ..ولا طلبات مالية لتأكل وتلبس وتطعم بنيها

هي حبٌّ وحبٌّ فقط ..حبٌّ ولا ينتهي في مهْمَهِ المزيد بلا حساب ..وتعاد المشاهد المحفوظة كلما طاب لك الأمر ..هذه هي الجنة الإفتراضية موجودة في موقعٍ إباحيٍّ رخيص ..والهيفاء ترسل لك صورها ويسيل منها نهر العسل وحولها نهرٌ من زجاجات الخمر ..لقد اكتملت عناصر الجنة التي تحلم بها في صفحة رقمية

-المشكلة هي أنت

وتابعَ صديقي:

-في الجنة الحقيقية يمنحك الخالق قوة ألف رجل ..فأين أنت منها في أرضك الحقيرة ؟..أرض الفقر والعجز والهموم

لا بأس ..

ويضعون لك دعاية للحبوب الزرقاء كعلامة تجارية ..لتشتريها

جرّبها ..فيستطيل باهك للطول الذي تهواه ..وتنصب به عموداً لخيمتك .

ويتعاظم ويستفحل للحجم الذي يجعلك مقنعاً إزاءهن

جرّب أن تتصل بهنّ باللغة التي تريدها ..فتسمع تأوهاتهن المثيرة ..وتقول لك يا حبيبي قبل أن تلقي عليها السلام

ويا قلبي ويا عيني ويا عمري

شبيك لبيك

ولا تقول لك تبّاً أبا زيد ..لم لا تنزل وتأتينا بالخبز لأولادك ؟

شبيك لبيك

وماذا تريدني أن أفعل لك أمام آلة التصوير ؟

وكيف تريد أن تأتيني ؟

أدخله في أذني اليسرى لو شئت ..وسأفتح لك أذني اليمنى بعدها

لا تحزن فليس الاستمناء في الأذن كفراً ..ولم يقل ذلك أحدٌ من شيوخك..

أرني صورتك ..وما أجمل سحنتك العربية التي تذكرنا بالجواد العربي الأصيل الذي لا مثيل له في مضامير الحب

أرني سيفك العربي المثنيّ ..سأقوّمه لك ليغدو طاعنا وطعّاناً كسيوف الفرنجة

اكشف لي عن بؤسك ..وسأفرّج همومك

وأفرّغ طاقاتك الخلاقة الدفينة

وامتصّ نسغك المحتقن الحزين من أعماق أعماق صلبك

وبعد أن تغرق في نشوتك ..فلتنم قرير العين إذ فرّغت لذائذ شهوتك الفائرة من مناجمها ..

بلادك غنية بالكنوز الدفينة ..دعنا نمتصّها من آبارها ..نستثمرها لك

وأنتَ ستبقى كنزَنا الأسمى ..دعنا نمتصّ شهدَك وجهدَك ..جاهد معنا وفينا جهادك المقدس ..وأعلن النفير على أفخاذنا البيضاء البراقة

شبيك لبيك

عربيٌّ أنتَ ولا تخجلْ ..قل لنا ذلك الشعر الذي كنا نخافه سابقاً ..اقرضه أمامنا بطريقة الإلقاء الجهوري ..ونحن سنمسك لك المنجل ..واعتزل معنا أيها المقاوِم الأعزل ..هنا بين أفخاذنا لك ماضٍ وحاضر ومستقبل ..

شبيك لبيك ..نحن طوع أمرك وبين يديك .

هه هه ..ووسائل الدفاع التي تتقنها حكوماتك أن تجعل مواقعنا محظورة عليك ..هه هه ..خخخ ..ولكننا نعرف كيف نصل إليك .

***************
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...